"سيدريك شـاربي" الرئيس التنفيذي لدار BALENCIAGA: هوية الدار تقوم على تحدّي المعايير الحالية وإعادة تحديد مفهومَي الفخامة والجمال
حوار: MAI BADR
بدأت رحلة الفرنسي "سيدريك شاربي" CÉDRIC CHARBIT في عالم الأعمال وهو في سن صغيرة، حين انضمّ إلى شركته العائلية، واكتسب مهارات كان لها دور أساسي في صياغة الفصول اللاحقة من حكايته. شغفه بالإبداع وعالم الأزياء تحديدا قاده إلى تولّي مناصب مرموقة لدى شركات فاخرة مختلفة في هذا القطاع، وفي خريف ٢٠١٦، أعلنت مجموعة "كيرينغ" KERING تعيينه رئيسا تنفيذيا لدار "بالنسياغا" BALENCIAGA، بعد مرور سنة على تعيين المبدع الجريء "ديمنا" مديرا إبداعيا لها. معا، شكّل الرجلان ثنائيا قويا ومؤثرا جدا في عالم الموضة، ونجحا في التوفيق بين إرث مؤسسها "كريستوبال بالنسياغا" والاتّجاه المشوق الجديد الذي تسير فيه الدار، والمبني حول الابتكار الشجاع والإبداع الرؤيوي.
شهدت "بالنسياغا" بقيادة "شاربي" نموّا هائلا، وصارت إحدى العلامات الأعلى أداء ضمن مجموعة "كيرينغ". ورسّخت مكانتها من جديد بين أهم القوى الإبداعية الريادية في عالم الموضة. وقد وسعت شبكة متاجرها حول العالم، بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط، حيث افتتحت الدار عدة عناوين جديدة، مثل أكبر متاجرها الإقليمية في "مول الإمارات" بمدينة دبي، حيث اجتمعتُ بالرئيس التنفيذي "سيدريك شاربي" وسألتُه عن العمل إلى جانب مبدع مثل "ديمنا"، وعودة الدار إلى الأزياء الراقية، وصمودها في وجه ردود الفعل السلبية التي لاقتها نتيجة حملتها الإعلانية الشهيرة، والتغييرات الهائلة التي شهدتها بإشرافه، ومفاجآتها التالية.
تولّيت مناصب ومهام مختلفة في صناعة الأزياء. كيف أعدّتك كل تلك الخبرات المهنية لقيادة دار "بالنسياغا"؟
أعتقد أنني لطالما أردت أن أعمل في مجال الموضة وإلى جانب قياديين مبدعين. يستهويني الإبداع، ويجذبني الفن، ويلفتني كل من يفكّر بطريقة ريادية ويرغب في تحطيم القيود، وأكن احتراما كبيرا للأشخاص الذين يخرجون بأفكار يجمعونها وينفّذونها بطريقة فنّية. ومن هنا، كان أحد أهدافي منذ وقت بعيد أن أتولّى الرئاسة التنفيذية لدار "هوت كوتور" أو دار فاخرة مبنية على إرث عريق ومتّجهة في الوقت نفسه نحو المستقبل.
وحين وصلت إلى "بالنسياغا"، كنت أعلم أن هذه الدار تحتلّ مكانة محددة جدا في قطاعها، لأن مؤسسها أحدث قبل أكثر من قرن ثورته الخاصة في عالم الموضة والأزياء الراقية، وغيّر طريقة لبسنا وطريقة فهمنا للهوت كوتور. كان رائدا، وقائدا، ومتمردا، فصحيح أننا نرى الفساتين الموجودة في صور أرشيف الدار جميلة اليوم، لكن من شاهدها وقت إطلاقها وجدها غريبة ومفاجئة ومعقدة وحتى قبيحة. عرفتُ من قبل أن "بالنسياغا" دار في غاية الجمال، لكنني لم أتوقع أن يصدمني بهذا الشكل إرثها القائم على الجمال طبعا، وتحدّي مفاهيم الجمال ومعاييره.
وحين تعرّفت إلى "ديمنا "، شدّتني رؤيته الفنية وإطلالته المختـــلــفـــة تــمـــامــــا عــــن إطـــلالـــــــة مـــؤســـــس الـــــدار الـــــراحـــــــل "كريستوبال بالنسياغا"، الذي كان في صوره دائما مرتديا بذلة رسمية. أزياؤهما الشخصية مختلفة، لكنهما متشابهان جدا.
في مقاربة التصميم احترام للتقاليد مع رغبة في تحدّي مفاهيم الجمال والوضع الراهن. اعتقد الكثيرون أننا نكسر القواعد أو نتعارض مع رموز الدار، لكنني أرى أن ركائز هوية "بالنسياغا" تقوم على تحدّي المعايير الحالية وإعادة تحديد مفهومَي الفخامة والجمال.
انضمّ المدير الإبداعي "ديمنا" إلى الدار قبلك بسنة واحدة. كيف تتذكر تلك الفترة التي كانت تشهد فيها الدار بداية تحولات جذرية؟
وصلتُ، وكانت مجموعته الأولى تصل إلى الأسواق. كانت مجموعة رائعة، كتبت الصحفية الأمريكية "كاثي هورين" بعد مشاهدة عرضها: "وبهذه البساطة، "بالنسياغا" قد عادت". كانت أشبه بعودة إلى نقطة البداية، لأن التصاميم والجماليات كانت جديدة وغير مسبوقة وعصرية للغاية، لكن من يعرف العلامة عن كثب يعرف أن شكل الشرنقة ووقفات العارضات وغيرها من العناصر راسخة في هوية "بالنسياغا" على الرغم من أنها تظهر الآن في إطار حديث. إذا، وصل "ديمنا"، ووصلت مجموعته إلى المتاجر، ووصلتُ أنا.. هكذا بدأنا، وقد دعمتنا مجموعة "كيرينغ" لنغيّر معا كل شيء.
مرّت الدار بتغييرات كبيرة ونمو هائل، مع توسّع طال التجارة الإلكترونية وبوتيكاتكم الواقعية حول العالم. ما الذي دفع كل هذه التغييرات؟
من النادر أن تظهر في حكاية دار أزياء راقية لحظة يكون فيها فريق الإدارة والمدير الإبداعي في حالة انسجام، ويكون فيها الإبداع قويا إلى درجة أننا نخال أن لا حدود أمامنا. شعرنا مع "ديمنا" بأن الحدود غير موجودة، وأن الدار امتلكت إمكانيات أكبر بكثير مما كانت عليه، فقررنا أن نطوّرها. على سبيل المثال، كان هناك فرق كبير بين الوعي حول علامة "بالنسياغا" في مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية من جهة، وحضورها التجاري التجزئي على أرض الواقع من جهة أخرى.
شكل وصول "ديمنا" ووصول مجموعته إلى المتاجر، جنبا إلى جنب مع وصولي، بداية تعاوننا.
ويجب أن أقول إن افتتاح المتاجر الجديدة، وتطوير حضورنا الرقمي، وإعادة إطلاق قسم الأزياء الرجالية، كانت كلّها نتيجة التناغم الموجود ضمن "بالنسياغا". لدى وصوله، كان "ديمنا" الرجل الصحيح في الوقت الصحيح والمكان الصحيح، وأنا انضممت إليه لأدعم، وأعزز، وأشرف على تنفيذ الرؤية. إيماني برؤية "ديمنا" كان كبيرا، وكما ذكرت سابقا، إنني من أشد المؤمنين بالمديرين الإبداعيين وقدراتهم على تغيير عالم الموضة؛ فبدلا من المواجهة والمحاربة، عملنا بتوافق، ووظّفنا أفضل المواهب في القطاع، ووضعنا استراتيجية إبداعية وفق ما يريده "ديمنا"، وآمنّا بما يمكن للمستقبل أن يحمله من ناحية استعادة الدار لمكانتها. هذا هو ما حاولنا تحقيقه، في ظل الابتكار الذي ميّزنا عن الجميع، والإيمان بأنفسنا وبإمكانيات العلامة، والسعي إلى التعبير عن الأناقة والفخامة بمفرداتنا الخاصة.
هل يمكنك أن تخبرنا قليلا عن التواصل بينك وبين "ديمنا"، لأن تحقيق التوازن بين الرؤية الإبداعية القوية والناحية التجارية ليس سهلا أبدا؟
مع "ديمنا"، الأمر مختلف. له مجاله الخاص، وهو الإبداع والمجموعات والتصاميم والعروض، ولدي مجالي الخاص، وهو الاهتمام بالجوانب التجارية. لكن في الواقع، يتحدث هو إلي عن النواحي التجارية، وأتحدث أنا إليه عن الإبداع. أردت منذ البداية أن نعمل معا بانسجام وتوافق، وبنينا مع الوقت الاحترام والثقة المتبادلين والمهمّين جدا. "ديمنا" مبدع قوي، وأعني بذلك أنه يتحلّى بوجهة نظر قوية ولا يقبل المساومة. مهمّتي ليست الوصول إلى مساومة، بل التأكد من أننا نفهم بعضنا البعض.
أدعم، وأثق، وأحترم رؤية "ديمنا". في الوقت نفسه أعرف أنني كرئيس تنفيذي يجب أن أتحدث بالنيابة عن الزبون. أنا فخور جدا بهذا الإنسان الرائع والقائد الإبداعي المدهش الذي أتواصل معه باستمرار من خلال اتصال هاتفي أسبوعي ومراسلات دائمة. وهذا التواصل ضروري لأنني كرئيس تنفيذي قد أشعر بالانعزال، وقد يكون هو في فقاعته الإبداعية. التواصل يربط عالمينا، ويحرص على عمل الشركة بانسجام، وأعتقد أن حداثة العلامة التجارية تنبع من التناغم بين جهتي الإدارة والإبداع.
في الوقت نفسه، تعلّمت أنه بقدر ما علي تمكين "ديمنا" وفريقه، يجب أن أضع حدودا واضحة. في عام 2022، واجهنا تحديا كبيرا بسبب حملة إعلانية كانت خطأ، وتحملنا مسؤوليتها واعتذرنا عنها، وأدركنا أن الإبداع أحيانا بحاجة إلى إشراف أكبر. ولذلك نعمل الآن على التحقق من المحتوى داخليا من خلال عمليات فعالة، وأيضا خارجيا من خلال التعاون مع وكالات متخصصة تقيّم محتوانا. هكذا تكون لدينا وجهات نظر أكثر حول ما نفعله، لأننا نكون في بعض الأحيان غارقين في نظامنا الخاص، ولا نعي كيف قد يفهم الناس الرسالة التي نبعثها.
بالحديث عن تلك الحملة الإعلانية التي لاقت ردود فعل سلبية كثيرة في أنحاء العالم، كيف استطعتم النهوض منها والعودة؟ وما أهم الخطوات التي قمتم بها لذلك؟
بقينا صامتين لبعض الوقت، لأننا كنا في حالة صدمة، وكان علينا أن نفهم ونستوعب ما حصل. لا يكفي أن نقول إننا لم نقصد ما فهمه الناس، بل كان علينا أن نتخذ خطوة إضافية ونفهم كيف يمكننا التصحيح. كما قلت، وضعنا معايير وتدابير ستساعدنا في عدم الوقوع في هذا الخطأ مرة أخرى. وكان علينا التعلّم من اختصاصيين في حماية الأطفال، حتى نفهم ما فعلناه وما لم نستطع رؤيته. شرحوا لنا بوضوح الأخطاء التي ارتُكبت، وكان من المهم بالنسبة إلينا أن نعتذر، ونصغي، ونتعلم. لطالما أردنا فعل الأشياء الصحيحة، وكانت نيتنا صادقة وجيدة، فنحن في بالنسياغا نلتزم بفعل الصواب. تعلّمنا من أخطائنا، وأنا ممتن لأننا وجدنا فرصة لنشر الوعي حول قضايا حماية الأطفال، واستطعنا التعاون مع منظمة تحميهم، فحوّلنا الخطأ إلى فرصة للخير والعطاء.
ماذا عن سوق الشرق الأوسط، ومشاريعكم المستقبلية للمنطقة، وأهميتها بالنسبة إلى "بالنسياغا"؟
أنا هنا اليوم لأننا نوسّع وجودنا، ونفتح أبواب أكبر متجر لنا في المنطقة، في مول الإمارات، سوق ذو أهمية كبيرة بالنسبة لنا. وفي الواقع، وجدتُ منذ انضمامي إلى الدار أن أول من يحتضنون تصاميم "ديمنا" الأكثر ابتكارا ورقيا هم عملاؤنا الشرق أوسطيون. أعتقد أن ما يجذبهم هو الرقي والراحة وكون التصميم غير مسبوق. يريدون ما هو جديد، لكن ليس لمجرد أنه جديد بل لأنه رائد. والعميل الشرق أوسطي وفيّ جدا، يفتح ذراعيه للتغيير، ولكن يبقى مخلصا دائما. لدينا اليوم عملاء شرق أوسطيون صاروا بمنزلة عائلة أو أصدقاء لنا، وأتواصل معهم باستمرار. وهنا، أريد أن أشكر المجتمع العربي على انفتاحه، ووفائه، وتقبله لتصاميمنا وأوجه اختلافنا.
من ناحية ثانية، هناك أيضا شركاؤنا التجاريون في المنطقة. نعمل هنا بنموذج المشروع المشترك مع عدة شركاء، وأقول بكل صدق إنني أشعر بفخر وامتنان للعمل مع مجموعة كبيرة من المحترفين الموهوبين الذين ينفذون وينظمون كل شيء بشكل ممتاز. ولا أنسى فرقنا التي تعمل في متاجرنا الإقليمية، والتي أعتز أيضا بمواهبها وتفانيها. العمل في تجارة التجزئة للسلع الفاخرة في الشرق الأوسط يتطلب مهارات كثيرة، وأرى في بوتيكاتنا في الإمارات والسعودية وقطر والكويت وغيرها أشخاصا شغوفين ومتفوقين يجيدون بناء أفضل العلاقات مع العملاء، وجذب العملاء الجدد، لأن ذلك بالنسبة إليهم هو بناء صداقات حقيقية.
لذلك، إنني سعيد بتوسعنا في هذه المنطقة، وواثق بأن عملنا سينمو ويتطور بأفضل طريقة.
أعدتم إطلاق أزياء "بالنسياغا" الراقية في عام 2021، بعد غياب استمر 50 سنة. كيف يتوافق الكوتور مع توجّهات العلامة اليوم؟
في أول لقاء لي مع "ديمنا"، سألته عن سبب غياب الأزياء الراقية على الرغم من أن "بالنسياغا" هي في الأساس دار أزياء راقية. لم يردّ على سؤالي، ولكن في وقت لاحق ذكر أهمية إعادة إحياء الكوتور المتجذر في تاريخ الدار، وحتى في توجّهاتها الحاضرة، لأن الارتقاء بملابس الشارع وأزياء النهار هو في الواقع شكل من أشكال الكوتور، مثل الحذاء الرياضي الضخم الذي يعكس موهبة استثنائية في التصميم، ويتحدى المعايير التقليدية والشائعة. لكن في الأزياء الراقية، وجد الناس مساحة لفهم حقيقة ما يقدمه "ديمنا" مع الملابس الجاهزة، من حيث دفع الحدود وإعطاء الأولوية للإبداع والحرفية.
أتذكر يوم قال لي "ديمنا" إنه جاهز لتصميم الأزياء الراقية، وكم كنت سعيدا، لأنني شعرت بأن نمو العلامة ونجاحها مهمان طبعا، لكن إعادة شرعيتها في عالم الكوتور هي في غاية الأهمية بالنسبة إلي. فحين ندير شركة مثل "بالنسياغا"، علينا أن نفهم ماهيتها وقيمتها الحقيقية.
كنت مقتنعا بأن "ديمنا" سيكون مصمما رائعا للأزياء الراقية، لكنه نجح في إبهاري حين أطلعني على عشر إطلالات من مجموعة الهوت كوتور الأولى. لم أكن أعرف أن في ذهنه كل هذا الإبداع القادر على تقديم أعلى مستويات الخياطة الراقية، وتقديم الأزياء الراقية في باريس ليس سهلا أبدا.
ولم يكن من السهل أن نعيد إحياء هذا القسم، لأن الدار كانت وقتها أصغر بكثير مما هي عليه اليوم، والخياطة الراقية استثمار ضخم وطموح كبير. كان علينا بناء مشغل، وتوظيف خبراء، وترميم صالونات الكوتور. لكننا نجحنا في جذب كبار العملاء من حول العالم وجمهور واسع إلى أزيائنا الراقية. وقد فتحنا أبواب متجر للكوتور في مبنى 10 "أفينو جورج 5"، حيث بدأ "كريستوبال بالنسياغا" رحلته الباريسية في عام 1937. في هذا المكان، يمكن للزبون أن يطلب ما يريده، ولا حدود فيه للخدمة والطلب والحلم.. وأعدنا ترسيخ موقعنا في "أفينو جورج 5" مع المباني 10 و12 و7 التي صارت مكرسة بشكل شبه تام لدار "بالنسياغا" ومركزها الإبداعي ومشاغلها. هناك بدأنا، ومن هناك سنمضي قدما.
مع الأزياء الراقية، هل من الأسهل إيجاد الإلهام في تراث الدار وإظهار حمضها النووي، مقارنة بالملابس الجاهزة؟
نعم. والفرق واضح في ذهن "ديمنا". أحيانا، أسأله عن فكرة تصميم معيّن، وهناك دائما قصة جميلة عن الجمال، الجسم والأنماط.. من أكثر ما أحبّه أن لكل تصميم من تصاميمه قصة، مثل فستان "هوت كوتور" ارتدته "دانييل سلافيك" التي كانت تعرض الأزياء للراحل "كريستوبال بالنسياغا" نفسه، وكان إعادة تصور لفستان من ذكريات "دانييل".
وتكريما لإرثنا، أعدنا أيضا افتتاح صالونات الكوتور، كما كانت تماما حين قدّم فيها السيد "بالنسياغا" مجموعاته. رممنا كل شيء، ومنحناه لمسة معتّقة، حتى من خلال عطر خاص ابتكره "ديمنا" لهذا المكان، كي تبدو المساحة وكأنها أُقفلت لخمسين سنة، وفُتحت من جديد لنجدها في هذه الحالة. أتحمس لكل عرض كوتور، لأنه يعكس حرفيتنا وإرثنا ويحترمهما ويكرّمهما.
في مجموعة صيف 24 ، قدّمت "بالنسياغا" جلدا نباتي المصدر وبعض القطع المعاد تدويرها. هل في ذلك تمهيد لخوضكم مجال الأزياء الصديقة للبيئة؟
العمل في عالم الموضة والتحدث عن الاستدامة هو تحدٍّ حقيقي، لأن هذه الصناعة مضرة بالبيئة وما زالت بحاجة إلى تغييرات كثيرة.
الاستدامة تهم مجموعة "كيرينغ" ودار "بالنسياغا". نريد تقليل انبعاثاتنا، ونحن واعون جدا للمواد الكيميائية التي نستعملها وأوضاع الحيوانات وحقوق الناس ومعاملتهم. في الوقت نفسه، لا أؤمن بالاستدامة التي ليست مغروسة في جوهر الشركة، وجوهر هذه الشركة هو الإبداع. الجيد أن فريقنا الإبداعي مهتم جدا بها، ويستخدم الكثير من الأقمشة المستدامة، ويبحث عن الابتكار، لأن "كريستوبال" كان مبتكرا أراد إنشاء جمالياته الخاصة وابتكر قماشا خاصا بفساتينه.
المعطف الجلدي النباتي الذي قدّمناه كان نتيجة تعاون مع الشركة التي اخترعت مادة "لونافورم"، وقد حصل على جائزة "أفضل منتج فاخر لعام 2023" من منظمة "بيتا". وإعادة التدوير هي أيضا جزء من تصاميم "ديمنا"، وفي عرض مجموعة صيف24 قدّمنا أربع أو خمس إطلالات معاد تدويرها للأفضل. في النهاية، إن الاستدامة قضية مهمة للحاضر والمستقبل، وكلنا نواجه المشاكل التي تهدد كوكبنا، و"بالنسياغا" منصة يراها الملايين ويجب أن توصل رسائل مهمة إلى المستهلك.
قلت في إحدى مقابلاتك السابقة إنك تعتبر نفسك رائد أعمال، وبدأت العمل في شركتك العائلية وأنت في سن صغيرة جدا. ما النصيحة الأهم التي أخذتها من عائلتك؟ وما نصيحتك إلى رواد الأعمال الشباب في منطقة الشرق الأوسط اليوم؟
أكثر من مجرد نصائح، أمي هي أكثر من ألهمني. أهم ما تعلّمته هو الإيمان بنفسي، وما أعطاني الثقة الكبرى لأحقق الكثير في حياتي كان وجود أشخاص مهمّين حولي آمنوا بي وشجّعوني. العمل والانضباط DISCIPLINE أمور أساسية أيضا. أنا أؤمن بالانضباط.
أقول للجيل الجديد: اعرفوا وجهة نظركم، فمن المهم ألا تؤمنوا فقط بأنفسكم، بل أن تحددوا أيضا وجهات نظركم وتؤمنوا بها. ثانيا، ثقّفوا أنفسكم، لأن الحياة رحلة والاستمرار في النمو والتعلم ضروري. أنا في سن الـ47 وما زلت أتعلم كل يوم. إذا، آمنوا بأنفسكم وحددوا وجهات نظركم وتعلّموا. وعلى فكرة، إذا ثقفتم أنفسكم، فستكوّنون وجهات نظر أفضل!
إنه الوقت الملائم لرواد الأعمال الشرق أوسطيين كي يظهروا ويتألقوا، لأن العالم اليوم منفتح أكثر أمام وجهات النظر المختلفة. ومن أجمل ما في عالمنا اليوم، أن مواهبه تأتي من كل مناطقه. كل شيء ممكن، وكل صوت يمكن أن يكون مسموعا.
ما التطورات التالية التي يمكننا توقعها من "بالنسياغا"؟
رؤيتنا طويلة الأمد. "فرانشيسكا بيليتيني" المسؤولة عن تطوير العلامات الفاخرة لدى "كيرينغ"، والسيد "بينو" رئيس المجموعة، يتحدّياننا باستمرار أن نفكر للمدى البعيد. لذلك، توقّعوا منا الكثير في المستقبل. العودة إلى الكوتور كانت الفرصة المثالية للاتصال من جديد بجذورنا وإرثنا، وسترون المزيد من ذلك في المستقبل. ومن ناحية الإبداع، يجب دائما أن نتوقع ما هو غير متوقع، فانتظروا الكثير من المفاجآت. والنقطة الأخيرة هي الفرص الكثيرة المتاحة في قسمي الجمال والعطور لدى "بالنسياغا"، واللذين سنستكشفهما أكثر.