المدير الإبداعي لـ TUMI "فيكتور سانز": هدفنا كان تقديم فنّ نعيش تجربته من خلال الحركة كوننا شركة لها تاريخ طويل مع عالم السفر والتنقل
حوار: ADNAN ALKATEB
ودّعت دار "تومي" TUMI العالمية، المتخصصة في اللوازم الفاخرة المكرّسة للسفر والعمل والأداء، عام 2023 واستقبلت السنة الجديدة بفتح أبواب متجرها الرئيس الأول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وذلك ضمن منطقة أوموتيساندو المشهورة بمتاجر أزيائها الرائعة في العاصمة اليابانية طوكيو. وقد دعتني الدار لحضور حفل افتتاح المتجر الجديد واكتشاف هذه المساحة الفريدة المشبعة بالنور والمغمورة بالفن النابع من كل شكل ومادة ولون، ولا سيما من العنصر المحوري في ديكور المكان: منحوتة من تصميم الفنان الرائد "مايكل مورفي" ومستوحاة من إحدى أهم مجموعات "تومي". وقد اطّلعت أيضا في هذه الزيارة على تصاميم مجموعة ربيع 2024 المستوحاة من سنغافورة وألوانها وأجوائها، والجامعة كما في كل ما تبتكره علامة نمط العيش الفاخر "تومي" منذ عام 1975 بين الإبداع الفنّي والابتكار التقني، وبين الوظيفة والجمالية من أجل تسهيل الحياة الدائمة الحركة وتجميلها.
تكللت رحلتي بحوار مع المدير الإبداعي الأمريكي-الاسباني "فيكتور سانز" VICTOR SANZ، ذلك الرجل اللطيف، والمتواضع، والمنفتح التفكير، الذي يتدفق معه الحديث بسلاسة وسهولة فنشعر أننا نعرفه منذ وقت بعيد. ومن أجمل ما قاله لي المبدع الواقف على الأرض بقدمين ثابتتين رغم تحليق ذهنه العبقري عاليا في سماء الإبداع، إن أهم ما أدركه من أسفاره الكثيرة حول العالم وبعد لقاء أشخاص مختلفين من ثقافات متعددة، هو أننا في نهاية المطاف كلنا مصنوعون من المادة نفسها...
تفتتح "تومي" متجرها الرئيس الأول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. لماذا كانت طوكيو العنوان الملائم؟
أوّلا، يسرّني أن أرحّب بكم في متجرنا الرئيس الجديد! قصّة "تومي" مع مدينة طوكيو بدأت قبل أن أنضم إلى الشركة بقليل، أي قبل نحو عشرين عاما، حين فتحت فيها أبواب متجرها الأول في القارة الآسيوية كلها. وبالتالي، لطوكيو رمزية معينة في حكاية تطور الدار وتوسعها العالمي، وعندما حان وقت إنشاء متجر رئيس جديد يكون فريدا ومميزا وعزيزا على قلب الدار، اخترنا طوكيو الرائعة التي ما زالت أيضا مركزا مهمّا للثقافة والإلهام والموضة والموسيقى والطعام. بعد ذلك، رحنا نفكّر في المساحة الذي نريد تصميمها، وعرفنا منذ البداية أن ما نتصوّره لن يكون مجرّد متجر، بل مساحة تعكس روح منتجاتنا وتنبض بالجمال.
ندخله، ولا نشعر أبدا أننا ندخل متجرا بالمعنى التقليدي، بل مساحة تأسرنا وتلهمنا وتدفعنا إلى التأمّل. ما هي الرسالة التي تريدون إيصالها من خلال ديكور المتجر الذي تعاونتم لأجله أيضا مع الفنان "مايكل مورفي"؟
هدفنا كان تقديم فنّ نختبره ونعيش تجربته من خلال الحركة، وهي نقطة همّتنا جدا، كوننا شركة لها تاريخ طويل مع عالم السفر والتنقل. تعاونّا مع الفنان "مايكل مورفي" الذي أقدّره للغاية، وقد عمل على إيجاد طريقة جديدة وغير مستخدمة من قبل من أجل التعامل مع مادة الألومنيوم. وسنستمر في تطوير هذه المساحة التي تعكس توجّهنا الدائم نحو الأمام ونحو الفصول التالية من حكايتنا. المواد المستعملة قوية وصلبة كالمعدن لكنها تبدو سائلة كالماء، ومع غروب الشمس وإضاءة الإنارة الصناعية في المساء، يتغيّر المشهد وتبرز خفة التجهيزات وفخامة الرخام.
تعرضون الآن مجموعة ربيع 2024 من "تومي" الغنية بالألوان المشرقة. ما كان مصدر إلهامها؟
في كل موسم، نستكشف وجهة جديدة، وهذه المرة سافرنا بمخيّلتنا إلى سنغافورة بجمالها وألوان مغيبها، وهي أول مرفأ أعاد فتح ذراعيه نحو العالم بعد جائحة "كورونا". ونستمر في المضي قدما وتطوير علامة "تومي" في هذا الاتجاه، حيث لا تركّز منتجاتها فقط على الوظيفة بل أيضا على الجمال. فالجمال في النهاية مرتبط أيضا بالوظيفة، لأننا حين نثق بإطلالتنا ومظهرنا، نقدّم أداء أفضل.
فلنرجع إلى بداية رحلتك مع عالم التصميم وانضمامك إلى "تومي" ووصولك إلى حيث أنت اليوم. هلا أخبرتنا قصة "فيكتور سانز"؟
أنا أمريكي من الجيل الأول، لأن والديّ اسبانيان هاجرا إلى الولايات المتحدة. نشأت في كنف عائلة اسبانية بثقافتها وقيمها لم تتوقع منّي ومن أخي اختيار الفن. والدي كان طاهيا ووالدتي خيّاطة، وترعرعا بدون تعليم ثانوي لأنهما اضطرّا إلى العمل في الحقول لدعم عائلتيهما مادّيا. كنت أرغب دوما في أن أصبح فنّانا، أن أكون رسّاما أو نحّاتا. فدرست الفن قبل الانتقال إلى نيويورك ودخول معهد "برات" للتخصص في التصميم الصناعي بهدف العمل في مجال تصميم الفن الوظيفي. ولم يكن من السهل أن أشرح لوالديّ ما يعنيه تخصصي، لكنهما لمسا شغفي الحقيقي ولم يقفا في وجهي بل قدّما لي دعما كبيرا.
فور تخرّجي، حصلت على وظيفة تصميم الكاميرات الرقمية في شركة "كوداك"، حيث أمضيت وقتا رائعا تعلّمت خلاله أكثر عن القطاع وطوّرت موهبتي في التصميم. لكنني كنت مهتمّا بعض الــشيء بالموضة وتائقا إلى تجربة ذلك المجال التصـــــميمي إلى حد ما، ليس في سياق عروض الأزياء التقليدية بل من خلال صنع شيء يستطيع الناس ارتــداءه ويـــكــــون له في الوقت نفسه شخصية واضحة.
اكتشفت شيئا فشيئا "تومي" التي كانت علامة تقدّم منتجا يحاكي عالم الأزياء إلى حد ما، فيجمع التصميم الصناعي وتفاصيله المدروسة بتصميم الأزياء وكل ما في ذلك من ألوان ومواد وأقمشة.
انضممت إلى فريق التصميم لدى "تومي" قبل عشرين عاما، وصعدت السلّم تدريجيا إلى أن أصبحت مصمما رئيسا وبعد ذلك مدير التصميم. وفي 2016، طلبت منّي الدار أن أصبح المدير الإبداعي للعلامة وأشرف على كلّية التصميم من المتاجر إلى توجهات العلامة وتواصلها المرئي القصصي. وتشرّفت للغاية بهذه الفرصة المدهشة التي منحوني إياها، والتي أتاحت لي التطور مع العلامة والإشراف على فريق رائع من المبدعين، منهم مصمم أعمل معه منذ عشرين عاما.
ما الذي كنت تعرفه عن "تومي" قبل أن تعمل لدى الشركة، وكيف تغيّرت نظرتك إلى العلامة بعد ذلك؟
أتذكّر يوم تقديم استقالتي من "كوداك"، وكيف استدعاني رئيس قسم التصميم في الشركة للتعبير عن أسفه لرحيلي، وقد سألني عن السبب والخطوة التالية في مسيرتي. فأجبته بأن اهتمامي بالموضة دفعني للذهاب إلى علامة تجارية صغيرة اسمها "تومي". ردّ فعله كان الوقوف والسير نحوي وإخراج محفظته من جيبه الخلفي ووضعها أمامي إلى جانب حقيبة أوراقه، قبل الجلوس بقربي ومصافحتي وتهنئتي، واصفا "تومي" بالعلامة المدهشة. أفرحتني كثيرا تلك المحادثة، وأدركت وقتها أنها علامة مميزة وفريدة بالفعل، خصوصا لأن هذا الرجل الذي كان قادرا على شراء أي شيء اختارها بالتحديد.
أما حين دخلت رسميا عالم "تومي"، فتعلّمت الكثير عن جوهرها وعملت إلى جانب مؤسسها الأمريكي "تشارلي كليفورد" وسمعت منه قصّتها. كما كان علي في البداية أن أعمل أيضا داخل أحد متاجر الدار حتى أفهم أكثر كل عناصر عالمها، وفي أحد أيام عملي في متجرنا على جادة "فيفث أفنيو" النيويوركية، أتذكر رؤية النجمة "تشارليز ثيرون" بعد أن أمضت أقل من خمس دقائق لتسوّق ثماني قطع من أكبر حقائبنا، وذلك قبل السفر إلى موقع تصوير فيلمها التالي. وتلك الحادثة فتحت عينيّ أكثر على أهمية "تومي" وتفوقها وتميّزها في عيون نخبة المجتمع.
هل تنــظر إلى تــاريــــخ "تــومـــي" وأرشيـــفــــهـا حيـــن تــصــمــــــم منتجات جديدة؟
طبعا. أنا موجود هنا منذ سنين عديدة، لذلك أعرف أصول كل تصميم وكل تفصيل. أعشق حقائب السفر القديمة، ولدي في الواقع مجموعة كبيرة من أولى حقائب "تومي" على الإطلاق، وهي حقائب "فنتج" أصلية رائعة مصنوعة من الجلد قبل قرابة خمسين عاما. وأنا شغوف اليوم بالعمل على دمج الموضة بتصميم المنتجات، وتقديم النتيجة إلى الزبون الذي يأتي دائما في المركز الأول بالنسبة إلينا، إذ ننظر إلى حياته وكيف يمكننا أن نسهّلها من خلال ابتكار شيء يؤدي وظيفته بطريقة ممتازة ويبدو أيضا جميلا وعابرا للزمن. ما ذكرته للتو هو التحدّي الأكبر أمامي وسبب بقائي في "تومي" لعشرين عاما.
ما هي رسالتك إلى قارئات "هي"، لو سألنك لماذا "تومي"؟
أحد أهدافنا هو تجسيد فكرة عدم الحاجة إلى الفصل بين الوظيفة والجمال، لا بل اتّحادهما. لا ينبغي أن تضطرّي إلى التضحية بالوظيفة من أجل شيء جميل، ولا ينبغي أن تضطرّي إلى التضحية بالجميل من أجل الوظيفي أو العملي. وفيما نواصل السفر حول العالم واستكشاف كوكبنا الجميل، نبقى بحاجة إلى أفضل الأدوات لرؤيته. يجب أن نستطيع السفر بسهولة والاستمتاع بالوجهة التي نزورها دون القلق بشأن حقائب السفر والأمتعة. "تومي" تستمر في التطور كعلامة "لايفستايل" شاملة تلبّي كل حاجاتك، من لوازم أسفارك إلى عطرك وحتى نظاراتك. نحن هنا لدعم المواطنين العالميين.
ذكرت تسهيل حياة المسافرات والمسافرين. من يسافر كثيرا، يكون له عادة روتين معيّن يلتزم به على متن الطائرة. هل لديك روتين سفر خاص؟
حين أكون على متن الطائرة، أعمل في البداية قليلا، وبعد ذلك أنام لثلاث ساعات، وأمشي فور استيقاظي لمدة 15 دقيقة. ثم أكرر كل ذلك حسب مدةّ الرحلة الجوية.
أخيرا، ما الذي يعنيه لك السفر في حياتك الشخصية؟
لطالما كان السفر جزءا من حياتي لأن والديّ مهاجران، فكنّا نزور اسبانيا كل صيف. لمست منذ صغري كيف ترك والداي أهلهما من أجل السفر والاستكشاف، وقد زرع ذلك في نفسي شغفا بفعل الشيء نفسه. وساعدتني مسيرتي المهنية في تحقيق هذا الحلم، فكانت رحلتي الأولى خارج أوروبا والولايات المتحدة إلى آسيا، وتحديدا إلى طوكيو، مع شركة "كوداك". كنت وقتها في سن الـ22، ولا أزال في بداية مشواري المهني الاحترافي، ومنذ ذلك الحين، تطوّرت مسيرتي المهنية وصرت أسافر للعمل كثيرا وأستمتع باكتشاف كل أنحاء العالم.