مديرة مركز M7 مها غانم السليطي لـ"هي": أنصح المبدعين عدم الاندماج مع التيار والبحث عن هوية وصوت خاص بهم
دبي: CYNTHIA KATTAR
خلال زيارتي الأخيرة للدوحة، استمتعت بزيارة مركز M7 الذي يُعتبر من أبرز المراكز الديناميكية للمبدعين المحترفين، كونه يوفر مساحات لمبادرات التعاون والمعارض والبرامج، وهو بمثابة مركز رئيسي للمصممين ليتواصلوا ويشعروا بالانتماء إلى مجتمعهم الفني. ويتمحور دور M7 في استعراض المواهب المحلية وتعزيز الإبداع بشكل أصيل، وتنمية وإثراء مجتمع قطر الإبداعي. وفي هذا اللقاء القيّم مع مديرة مركز M7 مها غانم السليطي، نلقي الضوء على أبرز التحديات التي تواجه المصممين الناشئين، وأهمية التكنولوجيا في مستقبل الموضة والفنون، كما تأخذنا السليطي في جولة على أبرز مبادرات وفعاليات M7 الداعمة للمواهب.
هل بإمكانكِ مشاركتنا رحلة تأسيس M7، ودور مركز قطر الإبداعي للابتكار وريادة الأعمال في مجالات الأزياء والتصميم؟
تحت قيادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، حُددت الفجوة بين المواهب الموجودة محليا، وما تحتاج إليه لتصبح ضمن محترفي صناعة الإبداع. ونتيجة لذلك، فقد أُنشئ مكان مخصص لسد هذه الفجوة، وتقديم الدعــــــم للمصممين وعرض أعمالهم على نطاق أوسع، إضافــــــــــة إلى تنمــيـــة المـــواهـــب المحلية وربـــطــهـــا بأسـمـــاء معـــروفــــــــــــة في الصناعة. إن M7 هو المكان الذي يسمح للمصممين بالازدهار مهنيا، وبناء الروابط داخل المنظومة الإبداعية. نحن نوفر للمصممين المحليين جميع الأدوات والخبرات اللازمة التي تمكنهم من تحويل أفكارهم من المفهوم إلى السوق، وتطوير أعمالهم الخاصة بنجاح. وبما أن M7 هو المركز الوحيد المخصص بالكامل للشركات الناشئة الإبداعية في مجال الأزياء والتصميم والتكنولوجيا في قطر، فإنه يضطلع أيضا بدور مهم في التعليم وخلق الوعي لدى الجميع في قطر حول التصميم والصناعة الإبداعية. ويتم ذلك من خلال استضافة المعارض الدولية والمحلية والفعاليات، وإنشاء برامج عامة مخصصة تشارك المجتمع. إضافة إلى ذلك، يوفر M7 أيضا فرصا للمهرجانات الإبداعية، مثل مهرجان "تصوير"، والذي يعزز الممارسات التصويرية المتنوعة والحوارات، ويدعم النمو الإبداعي الشخصي والمهني للمصورين في قطر وغرب آسيا وشمال إفريقيا، ومعرض "بينالي دوحة التصميم" الذي أُطلق حديثا، والذي يعرض المشهد الحالي للتصميم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتستمر برامجه حتى الـ5 من أغسطس 2024.
ماذا يعني لك تعزيز الابتكار وريادة الأعمال في صناعة الأزياء والتصميم؟
لقد كان لدي حس دائم بالتقدير للصناعة الإبداعية والتأثير الذي تملكه في حياتنا. اكتشفت حبي للفن في سن مبكرة نسبيا، وكنت دائما متحمسة لحصص الفن، وكنت شغوفة بالمشاركة فيها. في ذلك الوقت، لم يكن الفن يبدو خيارا مناسبا لي كمسار مهني، ولكن الآن، أعتقد أنه لا يوجد مكان أفضل في العالم من قطر لتبني مسار مهني في القطاع الإبداعي، وتشجيع الشباب على اتباع هذا المجال.
ما أبرز المـبادرات والبرامج الخاصة التي تقدمها M7 لدعم الشركات الناشئة والمصممين الناشئين؟
لدينا "المختارون"، وهو برنامج حاضنة للبيع بالتجزئة أنشأه M7 بشراكة استراتيجية مع "برنتان" الدوحة، ويهدف إلى تمكين وتجهيز المصممين المقيمين في قطر المتمرسين مـنــهــم والصــاعــديــــن مـن خـــــلال دعـــم عمــلــيـــــة الإبداع لديهم، مع تمكينــــهم من بدء عمل تجاري ناجــــــح. تم تقديم هذا البرنامج للمرة الأولى في قطر، ويساعد في تحديد وتنمية جيل المصممين القادمين في مجال الأزياء.
لدينا أيضا برنامج تصميم يسمى "زوارة"، وهو الآن في دورته الرابعة. وهو برنامج مرن يهدف إلى تحفيز الإبداع والتعاون على خلــفـــيــــة الــمـــشــهــــد الإبـداعي في قطر. يدعو المبدعين لاســـتـــكشـــــاف الــمـــعارض والأرشــيــفـــــات والــمـــجـــمــــوعـــــــات، ثم الاستجابة لتحدي التصميم. يعرض برنامج "زوارة" أهمية السرد والتجريب في التصميم. وركز برنامج هذا العام بشكل خاص على فن تصميم الأثاث، وسيعرض المعرض في وقت لاحق هذا العام، عملية التصميم، والنماذج الأولية، وقطع الأثاث المكتملة التي استلهمت من معرض "روائع فن تصميم الأثاث" الذي انتهى العام الماضي. نتطلع إلى عرض العمل الشاق لمشاركي هذا العام.
إضافة إلى ذلك، يُقدم M7 عدة برامج تعليمية مع إطلاق مــســاحتـــــنــــا للتـــعـــلــــم الإبــــــداعي، وهي مساحة تفاعلية تجمع أفراد المجتمع معا، وتشجع على حوارات تتعلق بالتصميم من خلال ورش العمل، والمحاضرات، والمعارض الصغيرة، والفعاليات.
لديـــــنا أيـــضا تـــــعاون مع متـــــحف "فيترا" للتــصميم في ألمانيا لإنشاء معرض "روائع فن تصميم الأثاث". تولى تقييم المتحف فنيا الدكتور "ماتيو كريس" مدير متحف "فيترا" للتصميم، ويستكشف تطور فن تصميم الأثاث على مدار مئتي عام، ويضم أكثر من 52 قطعة بديعة من قطع الأثاث الحديث من مجموعة متحف فيترا للتصميم الشهيرة، والتي يمتد تاريخ تصنيعها من القرن الثامن عشر حتى يومنا هذا. وبالتزامن مع المعرض، قدمنا معرضا صغير الحجم بعنوان "صناعة الأماكن"، يعرض باقة مختارة من قطع الأثاث صنعها سبعة مصممين قطريين ومقيمين في قطر، وهم من بين الرائدين المساهمين في تطور حركة التصميم في الدوحة. لقد تولى هؤلاء المصممون السبعة الناشئون والمتمرسون بصناعة قطع أثاث بمهارة تجمع بين الوظيفة، والجماليات، والمادة، والصلة. ترتبط جميع القطع المعروضة بسرديات عميقة وروايات شخــصـيــة، استمدّت إلهامها من الخلفية التراثية والثقافية والجغرافية التي أثرت في تصميماتها.
إضافة إلى المـــعـــــارض والــبـــرامــــج، نــظــمــنـــــا أيــضـــا أول فعالية "مــتجر مؤقت" العام الماضي. وشكلت فعالية متـــجــــر M7 المؤقت تجربة تجزئة، حيث جلبنا علامات تجارية من قطر والمنطقة لعرض وبيع منتجاتها في مساحة مصممة بشكل فريد. ونــعـــود هـــذا الــعــــام بمجموعة أوسع من المصممين المحليين والإقليميــيــــــن الــذين سيــعــــرضــــــون مــجـــمـــوعــــاتـــهـــم في مساحة مخصصة لذلك.
من خلال تجربتكِ، ما التحديات الرئيسة التي تواجهها الشــــــــركات الناشــــئــــة في قـــــطاع الأزيــــــــــــــــاء والتصمــــــــيم؟ وكيف يُعالج M7 هذه التحديات؟
يتمثل التحدي الرئيس في البحث عن التوازن المناسب بين الحفاظ على الأصالة الثقافية واعتماد الابتكار والاستدامة. نحن نعالج هذه التحديات من خلال توعية الشركات الناشئة التي نعمل معها حول التأثيرات البيئية والاجتماعية لعملهم، ومن خلال تزويدهم بالمعرفة والأدوات اللازمة لمواجهتها.
هل يمكنكِ أن تشاركينا قصص نجاحات أو إنجازات ملحوظة للشركات الناشئة أو المصممين الذين دعمهم M7؟
أحد الأمثلة على ذلك ياسمين منصور، مصممة طموحة، انضمت إلى برنامج "زوارة" في بدايات M7. خلال البرنامج طورت ياسمين تقنية فريدة لأحد أزيائها، وهو ما جعل عملها مميزا. لاحقا، استخدمت هذه التقنية نفسها لإنشاء مجموعاتها للملابس، وأصبحت أحد المرشحين النهائيين في جائزة "فاشن ترست" العربية. نرى الآن ياسمين على أغلفة مجلات رفيعة المستوى، ونشاهد المشاهير يتألّقن بتصاميمها. وتعرض بعض أعمالها الأخيرة حاليا في معرض "أناقة إمبراطورية" في متحف الفن الإسلامي في قطر حتى 22 يونيو 2024. هذه هي بعض القصص التي تحفز الفريق في M7.
كيف يتعاون M7 مع الجهات الأخرى وأصحاب المصلحة لإنشاء بيئة مزدهرة للابتكار وريادة الأعمال في قطر؟
يعمل M7 على الجمع بين رائدي الصناعة وأصحاب المصلحة لإنشاء بيئة مزدهرة من خلال الشراكات الاستراتيجية والمبادرات المشتركة والمشاركة المجتمعية. يضم مبنى M7 ستة شركاء مقيمين يتوافقون مع هدف M7 الرئيس لدعم نمو الاقتصاد الإبداعي، وهم استوديو القص، واستوديو 7، و"سكيل 7"، و"فروم"، وطوركنتون"، و"بروفايلز". يعمل M7 أيضا مع المؤسسات التعليمية مثل جامعة "فرجينيا كومنولث" في قطر والجهات الحكومية مثل وزارة التجارة والصناعة ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة.
برأيك ما أهمية التكنولوجيا في مستقبل الأزياء والتصميم؟ وكيف يضم M7 الابتكار التكنولوجي في برامجه ومبادراته؟ وكيف يمكن ربطها بالاستدامة؟
لا شكّ في أن التكنولوجيا تلعب دورا أساسيا في مستقبل الأزياء والتصميم، محدثة ثورة في جوانب مختلفة من الصناعة. ونحن ندرك في M7 أهمية هذا الدور، وقد بدأنا مؤخرا في تقديمها ودمجها في برامجنا. على سبيل المثال، قدمنا للمصممين الذين شاركوا في برنامج "زوارة.. التركيز على فالنتينو إلى الأبد"، في النسخة الثالثة من البرنامج تحفيزا لجلب جوانب من التكنولوجيا، ودمجها مع الأزياء والتصميم.
أذكر أيضا عمل I FEEL، وهو عبارة عن مساحة استديو معاد تشكيلها تجمع بين التكنولوجيا والعمارة والأزياء. إضافة إلى ذلك، كان معرض META MORPHOSIS آخر ما نتج عن برنامج "زوارة"، وقد تميّز باستخدام تقنية الواقع الافتراضي لتوثيق وتطوير ونمذجة وتصوير التصميمات المطبوعة ثلاثية الأبعاد. وقد استكشف المصممون هذا المشروع لشق آفاق جديدة في مجالات الأزياء والتصميم.
ما النصيحة التي تقدمينها للرواد الطموحين والمصممين الذين يتطلعون إلى دخول صناعة الأزياء والتصميم؟
النصيحة الأولى هي ضرورة الصمود أمام التحديات، لأن صناعة الأزياء والتصميم تشتد فيها المنافسة، والقدرة على التكيف والصمود في مواجهة التحديات هي مفتاح استمرارية النجاح. النصيحة الثانية هي البقاء أوفياء للقيم والأصالة، واعتناق منظور ثقافي فريد، فخلفية الفنان الثقافية يمكن أن تكون ميزة تنافسية له. أنصح المبدعين بعدم محاولة تقليد الآخرين، أو الاندماج مع التيار، والبحث عن هوية وصوت خاص بهم.
ما طموحاتك وأهدافك لـM7 في السنوات القادمة؟
تتمثل طموحاتنا في M7 في تعزيز مكانته كمركز للإبداع والابتكار والاستدامة في المنطقة. نسعى لتوسيع عروضنا ومبادراتنا لدعم المصممين الناشئين ورواد الأعمال والمبدعين. كما نسعى لتعزيز التزامنا بالاستدامة. في النهاية، هدفنا هو المساهمة في نمو وتطور الاقتصاد الإبداعي في قطر وتحقيق تأثير إيجابي في المجتمع والبيئة.