
"النحافة الزائدة" صيحة المشاهير الجديدة والوسيلة... سلاح صامت يحصد الأرواح
على السجادة الحمراء، وفي الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي والمعدّلة بعناية، يظهر تحوّل لافت في معايير الجمال. نجمات عالميات وعربيات، لطالما اعتُبرن مثالًا للقوام المثالي، ظهرن مؤخرًا بأجساد أنحف من أي وقت مضى، رغم أن أوزانهن لم تكن زائدة في الأصل. ليست الحمية الغذائية ولا التمارين المكثفة وحدها وراء هذا التغيير، بل صيحة جديدة تجتاح عالم المشاهير: حقن "أوزمبيك" و"مونجارو" وغيرها من الأسماء، التي كانت في الأصل علاجًا لمرضى السكري، لكنها أصبحت الإكسسوار الجديد للنجوم، وسر فقدانهم الوزن السريع. فهل نحن أمام معيار جديد للجمال، أم مجرد موجة عابرة قد تترك آثارًا خطيرة؟ وما مدى تأثير هذه الظاهرة على الأشخاص العاديين؟
ورغم التحذيرات الصارمة من الخبراء، لا يزال استخدام حقن مرض السكري منتشرًا بشكل عشوائي، متجاوزًا الغرض الطبي الأساسي لهذه العلاجات، أما النتيحة ففشل في الأعضاء، التهاب البنكرياس وانسداد الأمعاء وصولًا إلى الوفاة، الأمر الذي دفع الأطباء حول العالم إلى دقّ ناقوس الخطر. ووفقًا لتقرير نشرته "ديلي ميل" البريطانية مؤخرًا، فقد تم الإبلاغ عن وفاة أكثر من 80 شخصًا في بريطانيا بعد استخدام هذه الحقن. ومع ذلك، يستمر الإقبال عليها دون رقابة طبية، مما يعرّض حياة المزيد من الأشخاص للخطر. فهل يستحق فقدان الوزن هذه العواقب المميتة؟

"النحافة الزائدة" هوس جديد للمشاهير
لطالما لعبت نجمات هوليوود دورًا رئيسيًا في تشكيل معايير الموضة والجمال، لكن مع ظهور العديد منهن بجسم شديد النحافة في الآونة الأخيرة، بدأ الحديث يدور حول استخدامهن لهذه الحقن. فقد أثيرت التكهنات حول بعض النجمات اللواتي فقدن الوزن بسرعة لافتة، حتى اللواتي لم يكنّ بحاجة إلى ذلك في الأصل. ومع أن بعض المشاهير ينكرون استخدامهم لهذه الحقن، إلا أن اعترافات البعض الآخر، مثل الإعلامية أوبرا وينفري والممثلة إيمي شومر، أكدت أن هذه الحقن أصبحت جزءًا من صناعة الجمال.
مؤخرًا، لفتت الأنظار إطلالات العديد من النجمات في حفلي SAG Awards والأوسكار، حيث بدت أجسادهن نحيلة للغاية، حتى أن بعضهن ظهرن وكأنهن هياكل عظمية. وأصبحت العديد من الأسماء البارزة أكثر نحافة بشكل لافت مقارنة بالماضي، مثل أريانا غراندي، ديمي مور، مايلي سايرس، وليلي روز ديب، فيما خسرت سيلينا غوميز وزنًا كبيرًا في وقت قصير.
هذا التحول الحاد في معايير الجمال أعاد إلى الواجهة مصطلح "Lollipop Lady Effect"، وهو تعبير يشير إلى ظاهرة تبدو فيها رؤوس النساء أكبر من أجسادهن النحيلة جدًا.

في عالمنا العربي، كشفت بعض النجمات عن لجوئهن إلى الحقن المنحّفة، ومن بينهنّ إلهام شاهين، التي صرّحت في مقابلات صحفية بأن نتيجة الحقن قوية وسريعة، لكنها نصحت جمهورها بعدم اللجوء إلى هذا الحل. كما اعترفت بأن استخدامها المستمر لحقن إنقاص الوزن وأدوية التخسيس لفترة طويلة تسبب لها في متاعب صحية.
أما صابرين، فقد اعترفت أيضًا باستخدامها للحقن، لكنها حذرت من أضرارها، مشددة على ضرورة استشارة الطبيب، رغم إقرارها بأنها تحقق نتائج ملحوظة.
وفي ظل تصاعد الهوس بالنحافة بين المشاهير والجمهور على حد سواء، تبرز الحاجة إلى تسليط الضوء على المخاطر الصحية لاستخدام هذه الحقن بطرق غير صحيحة. صحيح أن معايير الجمال تتغير مع الزمن، لكن هل يجب أن يكون الثمن هو صحة الناس؟
هذه الصرخة أطلقتها الممثلة المصرية هند عبد الحليم عبر حسابها على تطبيق "إنستغرام"، كاشفةً أن استخدامها للحقن لنحو شهر وأسبوع واحد، تسبب بدخولها المستشفى، وأضافت: "تعرضت لشلل مؤقت في المعدة، ولم أكن قادرة على الأكل أو الشرب. شعرت بألم رهيب، وكنت أعيش على المحاليل".
تحذير طبيّ
ما إن بدأت هذه الظاهرة في الانتشار بين المشاهير، حتى امتد تأثيرها إلى الجمهور العادي، الذي يسعى دائمًا لمحاكاة رموز الجمال في هوليوود. وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تعزيز هذا الهوس، حيث أصبحت صور الأجسام النحيفة منتشرة بكثرة، مما دفع العديد من الأشخاص للبحث عن وسائل سريعة لتحقيق النتائج نفسها، دون حتى استشارة طبية!
الدكتور أحمد عبد الكريم حسون، استشاري الغدد الصماء والسكري والتمثيل الغذائي في مستشفى فقيه الجامعي بدبي، حذّر في حديث سابق لـ"هي" أنه لا يمكن استخدام إبر التنحيف من قبل أي شخص، قبل مراجعةٍ طبية والخضوع لفحصٍ للتأكد من الحالة الصحية ووجود ضرورةٍ لديه لاستخدام مثل هذا النوع من الأدوية.
فيما يخص الآثار الجانبية؛ يشير الطبيب إلى أن النتائج السلبية تحدث، وبشكلٍ معين، في حال لم يتم استخدامها تحت إشرافٍ طبي، وكذلك في حال لم تُعطى للحالات المسموح لها باستخدامها. وعلى الطبيب المعالج إعلام الأشخاص حول إمكانية ظهور بعض الأعراض الجانبية لهذه الإبر ونسبتها، ويعتمد هذا الأمر أيضًا على الشخص وتعامله مع هذا الدواء. منها كبح الشهية، وهو أمرٌ إيجابي جراء استخدام إبر التنحيف؛ لكن يمكن أيضًا البدء بالمعاناة من الغثيان والإمساك أو الإسهال، وهي أمورٌ مؤقتة لدى البعض خاصةً إذا ما حدثت تحت إشراف الطبيب المعالج. ويؤكد د.حسون وجوب متابعة العلاج مع الطبيب مهما كانت النتائج والآثار الجانبية.

كيف تؤثر موجة النحافة الجديدة على صناعة الأزياء؟
على مرّ السنوات، شهدت صناعة الموضة بعض التبدلات في هذا المجال، حيث انتقلنا من هوس مقاسات "الصفر" إلى احتفاء أكبر بالأجسام المنحنية والممشوقة. الأمر الذي دفع مصممي الأزياء والعلامات التجارية إلى الاهتمام في إشراك عارضات أزياء من الوزن الزائد في عروضهم، فبرزت أسماء مثل آشلي غراهام، أليجرا دوهرتي وغيرهن. لكن الجهد المبذول في هذا المجال لم يكن على قدر التوقعات، إذ تشكّل عارضات الأزياء من الوزن الزائد أقل من 1% من مجموع عدد العارضات عالميًا.
ومع انتشار استخدام حقن التخسيس، يبدو أن صناعة الأزياء بدأت تتجه مرة أخرى نحو تفضيل الأجسام النحيفة جدًا إلى حدّ مرضيّ.
لم يعد تأثير النجوم مقتصرًا على اتجاهات الموضة فحسب، بل امتد إلى أسلوب الحياة، حيث أصبحت للأسف حقن التنحيف جزءًا من هذا المشهد المتغيّر. يبقى السؤال: هل نشهد تحولًا عابرًا أم تغييرًا جوهريًا في مفهوم الجمال؟ وهل يمكن للموضة أن تستمر في الترويج لمقاييس غير واقعية من دون الاهتمام بالأثر الصحي والنفسي؟