خاص "هي": بين رمزية التمر والحلاوة... هل نعيد صياغة الحب أم نغلفه بهويتنا؟
مع تزايد الحضور السعودي على الساحة الإبداعية، بدأت العلامات المحلية في إعادة تشكيل مفاهيم الموضة والمنتجات الإبداعية بلمسة مستوحاة من الذكريات الجماعية، والرموز الثقافية العميقة، والتراث الذي يثري الهوية السعودية. لم تعد هذه العلامات تسعى لمجاراة الاتجاهات العالمية فحسب، بل أصبحت تقدم رؤى أصيلة تنبع من الثقافة المحلية، وتعكس فخر السعوديين بإرثهم العريق. وهنا، سأشارك وجهة نظري الشخصية حول هذا التحول في احتفالية عيد الحب، وماهو التحدي الحقيقي الذي يواجه العلامات المحلية.
التمر هو الورد الجديد في شهر الحب
في لمسة إبداعية مرحة، طرحت علامة Not Boring السعودية مجموعتها الجديدة لعيد الحب، مقدمةً مفهومًا مختلفًا يحتفي بالحب بعيدًا عن الرموز التقليدية. من بين أبرز قطع المجموعة، قميص يحمل عبارة "Dating Season"، ولكن ليس بمعناها المعتاد كـ"موسم المواعدة"، بل في إشارة ذكية إلى "موسم التمر"، حيث تعكس هذه القطعة جانبًا من كرم الضيافة السعودية من خلال تغليف خاص يحمل رسالة دافئة: "التمرة تنقسم نصفين… شارك حلاوتها مع من تحب."
وبالطبع لا شيء يستحضر الذكريات العاطفية مثل ملامح الطفولة، وهذا ما أبدعته العلامة السعودية عندما أعادت استخدام عبارة "لا دموع بعد اليوم" كمجاز للحب على قبعة عصرية، في إشارة إلى الشعور بالأمان والراحة الذي تمنحه العلاقات الصادقة. كما تضمنت المجموعة قميصًا مزينًا برسم كيكة مليئة بالكريمة، وكأنها تقول لنا: "الحب لا يجب أن يكون معقدًا أو مؤلمًا، بل بسيطًا ومريحًا… تمامًا كما كان في طفولتنا."
برأيي، هذه المجموعة ليست مجرد طرح جديد، بل هي إعادة تعريف لمفاهيم الحب المتداولة، حيث نجحت العلامة في كسر القوالب التقليدية وتقديم رموز أكثر قريبة للثقافة والهوية المحلية لكن بقالب متجدد ومبتكر، مما يجعلها خطوة إبداعية تستحق التقدير.
قرمز وحقيبة حلاوة البلك: الحب كذكرى من الطفولة
في حين استخدمت Not Boring الرموز الثقافية بطريقة مرحة تعيد تفسيرها ضمن سياق جديد، تبنّت Qormuz نهجًا مختلفًا، من خلال حقيبة حلاوة البلك، التي تحمل عبق الطفولة. من أول ما رأيتها ابتسمت فورًا، فقد كانت هذه الحلوى جزءًا من لحظات دافئة في طفولتي مثل زيارتنا لجدي رحمه الله الذي كان جيب ثوبه لا يخلو منها، أو تلك اللحظات الصغيرة في البقالة حيث كنا نشتريها بفرح طفولي.
حيث استحضرت رمز من الطفولة دون تعديل أو إعادة صياغة، بل اكتفت بتقديمها بأسلوب عصري. هذا الفرق في الأسلوب يعكس اتجاهين في توظيف التراث: الأول يعيد تخيله ويمنحه بعدًا جديدًا، والثاني يقدّمه كما هو، ليحافظ على شعوره العميق.
الحب السعودي: هوية متجددة تتجاوز الرمزية التقليدية
هذا النهج الإبداعي يعيد تشكيل مفهوم الحب، ويفتح المجال لإعادة تعريف المشاعر والذكريات بلمسة سعودية أصيلة. من خلال تبني رموز غير تقليدية مثل التمر، الحلوى، وكعكة الطفولة حيث تعكس هويتها الثقافية وتضع بصمتها على الساحة الإبداعية العالمية، بعيدًا عن القوالب النمطية.
أما التحدي الحقيقي الآن الذي يواجه العلامات المحلية، ليس فقط في الوصول إلى الأسواق العالمية، بل في أن تصبح الخيار الأول محليًا، راسخة في الوعي الجماعي، ومترسخة في الحياة اليومية. حين تصبح هذه العلامات جزءًا من المشهد الثقافي السعودي بكل فئاته، سيكون التوسع عالميًا امتدادًا طبيعيًا، وليس مجرد طموح تسويقي.
إبداع سعودي برؤية عالمية
لم تعد العلامات السعودية تقتصر على إحياء الرموز الثقافية، بل أصبحت تبتكر سرديات جديدة تمزج الحداثة بالتقاليد، والذكريات بالمستقبل. هذا التحول الاستراتيجي يمنحها فرصة لإحداث تأثير حقيقي ومستدام في المشهد العالمي.
اليوم، تحمل كل علامة سعودية هويتها الخاصة، وتقدم قصتها بأسلوب حديث يوازن بين الجذور الثقافية والتطلعات المستقبلية. ما تفعله هذه العلامات ليس مجرد احتفاء بالماضي، بل هو رسم لمستقبل يليق بالإبداع السعودي.
