
خاص لـ"هي": المصممة السعودية بسمة العبدان.. تحيك نسيج مستدام وتصاميم من كنوز الطبيعة وأصالة التراث
في زمن تتسارع فيه خطوات الموضة نحو الحداثة، تقف المصممة السعودية بسمة منصور العبدان عند مفترق الطرق، حاملة في يدها زهرة طائفية، وفي الأخرى قطعة قماش صُبغت بألوان الأرض. من خلال علامتها "BASMA ALABDAN"، تقدّم أعمالاً يدوية تتجاوز كونها مكملات أزياء، لتصبح قطعًا تحمل رسالة، وتروي تفاصيل تنبع من الأرض وتخاطب المستقبل.
تغوص "هي" في عالم"BASMA ALABDAN" الإبداعي الذي يتجاوز مفهوم الأزياء ليصبح ترجمة حسية للهوية، والبيئة، والذاكرة. نتتبع معها كيف تتحوّل الطبيعة إلى نسيج، وكيف تقاوم تيارات الصناعة السريعة بالعودة إلى الجذور، وكيف تبني عبر كل تصميم جسرًا بين الماضي والمستقبل، بين الإنسان ومحيطه. ومن خلال مجموعتها الأخيرة "سديم"، نكتشف رؤيتها لمستقبل الموضة السعودية حين تصبح الاستدامة جوهرًا لا خيارًا.

تستلهم بسمة تصاميمها من موارد المملكة الطبيعية وتراثها المتجذر، حيث ترى في كل زهرة، وكل ظل نخلة، وكل لون مستخلص من الأرض، فرصة لحكاية جديدة تُروى بالخيوط: "أرى في موارد السعودية إمكانيات هائلة غير مستثمرة بالشكل الكافي."
وتكمل الحديث قائلة: "عندما أختار الورد الطائفي أو الخزامى، فأنا لا أبحث فقط عن لون جميل أو عطر آسر، بل عن عنصر له جذور في المكان. حين أستخلص اللون من بتلات الورد وأطبعه على النسيج، أشعر بأني أدوّن تاريخًا حسيًا، حكاية سعودية مكتوبة بالخيوط لا بالكلمات."

ووسط طوفان الإنتاج السريع وتوحيد الهوية البصرية عالمياً، اختارت بسمة أن تسلك مسارًا بطيئًا، متأنيًا، يحمل في تفاصيله مقاومة ناعمة لقيم الاستهلاك. فهي تؤمن بأن العودة للطبيعة ليست مجرد حنين، بل دعوة للاستدامة. وتقول: "كل قطعة أنفّذها تمر برحلة طويلة."
وتستطرد في حديثها: "من اختيار النبات، إلى استخلاص الصبغة، ثم صبغ القماش يدويًا، وأخيرًا تحويله إلى حقيبة أو غطاء أو زيّ. هذه العملية ليست فقط إبداعية، بل عميقة، وتحمل احترامًا لكل مرحلة في التصميم."
من الذكرى تُصاغ الموضة
تأتي تصاميم بسمة العبدان في تقاطع فني بين الأزياء والإكسسوارات والحقائب، حيث لا تنتمي إلى تصنيف واحد بقدر ما تعبّر عن رؤية متكاملة. فكل قطعة تُصمَّم بعناية لتكون امتدادًا للهوية البصرية للعلامة، تحمل في تفاصيلها حسًّا تراثيًّا وأسلوبًا معاصرًا، سواء كانت فستانًا مصبوغًا يدويًا، أو حقيبة تروي حكاية مكان، أو إكسسوارًا يلتقط روح الطبيعة.

لا تُصمم بسمة قطعها لتكون مجرد إكسسوارات أو أزياء جميلة، بل تنسج فيها ملامح الأماكن والذكريات. مشاريعها تتقاطع فيها الجغرافيا مع الذاكرة، فمن حقيبة تحكي عن أزقة المدينة القديمة، إلى فستان يترجم لون زهرة نادرة، تظل العلاقة بين الذكرى والموضة هي العنصر المشترك. تقول: "كل تصميم هو محاولة لبناء جسر بين الماضي والحاضر، بين ما نشأنا عليه وما نريد أن نقدّمه للعالم."
حين تصبح الزهرة نسيجًا
وفي مجموعتها الأخيرة "سديم"، تحوّل الورد الطائفي من مجرد نبات عطري إلى بطل رئيسي في الحكاية البصرية. لم يكن الورد زينة بل مادة صباغة، لون حي ينبض داخل النسيج. عن هذه التجربة الحسية تقول: "أردت أن أعبّر من خلال سديم عن حميمية العلاقة بين الإنسان والطبيعة. عندما يلبس الشخص قطعة صُبغت بوردة حقيقية، فهو يحمل شيئًا من الأرض، من بيئتنا، من ماضينا."

نحو موضة محلية مسؤولة عالميًا
وعندما تتحدث بسمة عن المستقبل، لا تراه منفصلًا عن البيئة ولا بعيدًا عن الجذور. ترى أن الاستدامة لم تعد خيارًا، بل أصبحت ضرورة، خصوصًا في ظل الرؤية السعودية 2030 التي تحتضن هذا التوجه. تقول: "حين تصبح الاستدامة جوهر التصميم، سنخلق موضة محلية أصيلة، ومسؤولة عالميًا، تحمل بصمتنا البيئية والثقافية معًا."