د ميلاد الحلي لـ"هي": المرض قلب كل الموازين وغير حياتي للأفضل!
كيف نتعامل مع التغيير؟ التغيير هو من سمات الحياة، ويتباين الناس بتعاملهم معالتغيير وأثاره عليهم بإيجابياته وسلبياته. من الصعب أن نتكهن أو حتا نتخيل ما
يمرأو يعاني مريض السرطان ومهما تعاطفنا لكن الواقع شيء اخر.
د. ميلاد الحلي اخصائية طب العائلة، خريجة كلية الزمالة البريطانية لطب العائلة، ماجستر بتطوير الرعاية الصحية.
تخرجت عام 2011 ومارست عملها بشكل منتظم منذ التخرج حتا عام 2016، إذ تغير العالم عند د ميلاد ولم يعد كسابق عهده.
حبها لعملها وتفانيها وكونه يمثل الأولوية في حياتها جعلها تهمل بعض الأعراض المرضية التي كانت تنتابها بين الحين والآخر .
تفاقمت الأعراض فجأة ومنها عرفت إصابتها بسرطان الغدد اللمفاوية.
أحبت أن تشارك موقع مجلة هي تجربتها مع التغيير، وكيف غيرت حياتها للأفضل وقلبت كل الموازين لديها والأهم كيف تعاملت معها بكل إيجابية كي لا يسلبها المرض حياتها، فالمرض ليس هويتك كما تصفه د. ميلاد.
2016 عام التغيير الجذري في حياتك خبرينا عن هذا العام؟
فعلا هو عام التغيير، أصبت بسرطان الغدد اللمفاوية في هذه السنة، ولازلت أذكر اليومبأدق تفاصيله. كنت أمارس عملي في المستشفى كالمعتاد
و تدهورت صحتي بشكلمفاجيء إثناء الدوام، فعمل لي زملائي الأطباء الفحوصات اللازمة ومنها بدأت قصتي مع المرض.
كيف قلب المرض كل الموازين؟ وهل غير حياتك للأفضل!
المرض جعلني أرى الحياة بصورة مختلفة تماما، أصبحت أكثر تفاؤلًا، وأكثر وعيًا وامتنانًا لكل النعم في حياتي.
المرض مهد الطريق، لأجد السلام الداخلي وأتعايش مع نفسي برضا وطمأنينة، وكلي يقين أن المرض هو محنة لا أكثر.
كيف تعاملتي مع التغيير؟
تقبل الواقع الجديد بكل إيجابياته وسلبياته، كانت أولى خطوات التغيير. ومن ثم وضعت لنفسي أهدافا صغيرة لمساعدتي على التكيف مع هذا التغيير.
على سبيل المثال، تعلمت الحياكة التي ساعدتني على تعبئة الساعات الكثيرة التي قضيتها على سرير المرض في المستشفى والبيت.
أهم الأعراض التي تنبهت إنها غير طبيعية وقد تنذر بوجود خلل ما؟
فقدان الوزن الشديد الغير مقصود، الحكة الشديدة دون طفح، تعرق ليلي وحمى مستمرة؟
خبرينا كيف كانت بدايات المرض؟
بدأت أعراضي بعد أيام من رعاية إحدى مريضاتي الحامل، أصبت بأعراض مشابهلأعراض الأنفلونزا.اعتقدت باديء الأمر أنني أخذت عدوى الإنفلونزا من مريضتي، لتشابه الأعراض من الحمى والشعور بالضعف والوهن والتعب.
فرق كبير بين التشخيص المبكر والتشخيص المتاخر؟ ودورهم بتطور الحالة ؟
خبرينا عن عواقب التشخيص المتأخر؟
بالتأكيد، فالتشخيص المبكر يعني الكشف عن المرض في مرحلة مبكرة.
ما يعني نتائج أفضل من العلاج. لذا دائما نوصي بضرورة الفحص المبكر وتجنب العواقب الوخيمة للكشف المتأخر.
أنت صغيره بالسن وفي بداية مشوارك المهني؟ أول شيء فكرت به بعد التشخيص؟
بصراحة، كل تفكيري كان منحصرًا بمقاومة المرض واسترجاع صحتي، فالمرض لايستطيع أن يسلبني حياتي.
العلاج الكيمياوي تسبب في دخولك مبكرًا مرحله سن اليأس وعدم القدره على
الانجاب؟ مالنصيحه التي تودين إعطاءها لأية إمرأه تمر بالمرض؟
للآسف الشديد تسبب الجلسات المتكررة للعلاج الكيمياوي تأثيرًا كبيرا على المبايض.
لذا تدخل المرأة في سن اليأس في وقت مبكر وتعاني من أعراضه المتعددة.
لذا أخترت أخذت العلاج بالهرمونات البديلة HRT للتعايش مع الأعراض، ونزولًا عند رغبة والدتي وبعداصرارها،
أخذت قرارًا بتجميد البويضات قبل البدء بالعلاج الكيمياوي.
كان قرارًا صعبًاجدًا، لكونه تسبب بتأخير علاجي بشهر كامل.
بدأت العلاج بالهرمونات البديلة مباشرة بعد انتهائي من عملية استئصال السرطان،ومن ثم جمدت البويضات قبل البدء بجلسات العلاج الكيمياوي .
أحمد الله على اتخاذي لهذا القرار، فلدي الفرصة اليوم للإنجاب بواسطة تقنية طفل الأنابيب.
رغم المعاناة من المرض، هنالك جانب آخر من القصة وكيف تمكن المرض من
تغيير حياتك الشخصيه والمهنية بشكل إيجابي؟ خبرينا عنه؟
أصبحت ممتنة أكثر لكل نعم الخالق وفضله عليه، أدركت كم أنا محظوظة وفي حال أفضل من غيري، محاطة بعائلة تحبني وترعاني وأعيش في بلد آمن يؤيني لا تمزقه الحروب.
كل هذا أشعرني بالامتنان والراحة النفسية، وعوضني عن ذلك الشعور المقيت بالعطف على النفس، أو أن أنظر للمرض كمحنة مؤلمة.
المرض جعلني اكتشف قوتي كامرأة، ومن هذه القوة زرع عندي الطموح لأكون نسخة أفضل من نفسي.
كذلك غير المرض من طريقة عملي كطبيبة عائلة، إذ جعلني أكثر تعاطفا مع المرضى.
لم أعد أنظر الى المريض على أنه مجرد رقم أو حالة بل أرى كل مريض كفرد وأتخيل نفسي في مكانه، وأخصص علاجًا حسب إحتياجات المريض الجسدية والنفسية.
تقولين انه لا كتاب في الكون يمكن أن يعلمك كيف يكون التعاطف؟
هل شكل هذا الشعور بداية للتوعية بالمرض؟
نعم أؤمن بهذا الكلام، فمن الممكن أن يتعلم الأنسان أية مهنة سواء أكانت مهنة الطب أوالتدريس وغيرها، إلا التعاطف.
فمن الصعب أن يتواجد عند كل شخص، فهو يأتي معالوقت والخبرة، عندما يضع الشخص نفسه في مكان الآخرين ومحاولة فهم مايواجهونه من منظارهم.
أنصتي لنفسك وأستمعي لنداء بدنك؟ Listen to your body هو أسم المدونة التي أسستها؟ مالهدف منها؟
اليوم الذي تأكدت من تشخيص مرضي، كان هو بداية هذه المدونة.
أحسست بالمسؤولية على عاتقي بضرورة توعية الآخرين بواقع المرض والتحدث عنه بكل شفافية ودون خجل.
فكلما كنا أكثر انفتاحًا وصدقًا فيما يتعلق بمرض ما.
كلما أعطينا الأمل وعززنا من شعور التضامن مع من هم في وضع مماثل وبأنهم ليسوا وحدهم في هذا الطريق.
استلهمت أسم المدونة من طبيبتي المختصة بسرطان الدم، أخبرتني ميلاد يجب أنتستمعي لنداء جسدك، لكوني لم أخذ أعراضي المرضية في البداية محمل الجد.
هل صحيح أن الجسم يعطي الإشارات بوجود خطأ ما؟
الأعراض هي إشارات، والأنسان يجب أن يستمع لجسده ويراجع طبيبه في حال استمرار الأعراض.
برأيك من القواعد الخاطئة أن يشخص الطبيب نفسه ولا يلجأ لطبيب آخر؟
بالتأكيد، أكبر خطأ، تمامًا مثل ما هو من الخطأ معالجة المقربين، فالمشاعر من الممكن أن تؤثر على صحة التشخيص.
ومن الممكن الاستخفاف بالإعراض أو المبالغة بالتشخيص.
هل من نصائح معينة توجهيها لكل صاحب داء؟
الأهم من النصيحة، أود أن أقول لكل شخص مصاب بمرض طفيف أو خبيث، أنت لستوحدك، كن متفائل وعش حياتك، المرض ليس هويتك، أنت أكبر من مرضك.
أحط نفسك بأشخاص يحبونك لأن هناك قوة نستمدها من الآخرين تدفعنا لمواجهة المرض.
ماذا تنصحين المرأة التي تمر في مثل هذا الموقف؟
المرأة أعظم كائن في الوجود، تعمل عدة أدوار في حياتها وأغلب الأوقات تعملها فيالوقت ذاته، سواء أكانت أم، إبنة، أخت، زوجة، ربة منزل، موظفة، مالكة عمل. المرأة كائنقوي، ويجب أن تستغل قوتها، والسر هو رؤية الحياة بنظرة
مشرقة.
(استمعي لنداء بدنك فالكشف المبكر، هو السبيل لعلاج أفضل).
ماذا غيرت التجربة في د. ميلاد؟
أصبحت سعيدة، واقعية، ببساطة وجدت نفسي.
الدرس أو الموعظة من خلاصة تجربة المرض؟
أن استمع لجسدي، لأن الكشف المبكر يعني فرصة لعلاج أفضل.
ممن تستمد ميلاد القوة الايجابية؟
من الله أولًا ثم أهلي وزوجي، والدتي أقوى إنسانة عرفتها، والدي أكثر إنسان
مكافح وزوجي هو مثال للرجل الشهم، يندر وجود مثله في هذا الزمن.
المستقبل .. ماذا تخطط له ميلاد؟
أن استمر بإيصال رسالتي، بالتوعية بمرض السرطان من خلال حساباتي على التواصل الاجتماعي.