حوار مجلة "هي" مع المديرة العامة لمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال بالإنابة شيخة سعيد المنصوري
دبي - حوار: "سينتيا قطار" Cynthia Kattar
تنسيق جلسة التصوير: "لينا نعيم" Leena Naim
تسعى المديرة العامة لمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال بالإنابة، شيخة سعيد المنصوري، لتحقيق رؤية المؤسسة في الوصول إلى مجتمع خالٍ من العنف في إمارة دبي، وذلك من خلال العمل المتكامل لفريق عمل المؤسسة من خلال الأنشطة والفعاليات والبرامج والورش والمحاضرات المجتمعية التي تقدمها بأساليب تفاعلية، وبحسب الفئات المستهدفة. اكتشفي المزيد في هذا الحوار.
ما أبرز القضايا التي تعالجها المؤسسة والتي يواجهها الأطفال في مجتمعاتنا الخليجية والعربية؟
تقدم المؤسسة خدمات جليلة لرعاية النساء والأطفال في إمارة دبي، ويحظى الأطفال في المؤسسة بقدر كبير من الاهتمام والعناية، ولعل من أبرز القضايا التي تعالجها المؤسسة سوء معاملة الأطفال والعنف والإيذاء بمختلف أشكاله الجسدية واللفظية والمعنوية والجنسية، وكذلك الإهمال، سواء في الحياة العامة، مثل التنمر المدرسي، أو في الحياة الخاصة، كالعنف الأسري الموجه لهم، إلى جانب مكافحة الاتجار بالأطفال واستغلالهم.
ما أبرز قيم وأهداف مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال؟
تهدف المؤسسة إلى المساهمة في الوقاية، للحد من أضرار الإساءة والعنف ضد النساء والأطفال، من خلال تقديم خدمات نموذجية ورائدة، بما يتفق مع القوانين والمعايير الدولية، وبتأهيل الضحايا والنجاح بدمجهم في المجتمع، وتعزيز فاعلية وكفاءة الأداء الداخلي في المؤسسة. وتكمن قيم المؤسسة في المسؤولية والمهنية، التشاركية والتكاملية، المساواة، والابتكار والتميز، والسرية والخصوصية.
ما أبرز وأحدث نشاطات المؤسسة؟
تحرص مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال على إطلاق حملات توعوية سنوية، وورش وبرامج تثقيفية ومحاضرات عامة، وبرامج تدريب المدربين، والتوعية الإعلامية بكل أنواعها وعلى مختلف المنصات. كما تشارك المؤسسة في الندوات والملتقيات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية.
وتعتبر القضايا الرئيسة الثلاث للمؤسسة المحور الأساس لهذه الحملات والبرامج. فتقدم المؤسسة سنويا "حملة الطفولة" التي ترفع الوعي بقضية سوء معاملة الأطفال، وبأهمية اتباع الأساليب التربوية الناجعة في تنشئة الأطفال وحمايتهم. وفي كل عام تقوم المؤسسة باختيار موضوع جديد في هذا المجال. وفي عام 2021 سلطت المؤسسة الضوء على مفهوم الوالدية الواعية، وأهمية إعطاء أولوية للتطور النفسي الانفعالي للطفل من خلال مراعاة الفروق الفردية، والذي يحقق تقدير الذات لديهم، وأهمية تقبل الطفل كما هو وتقديم الحب الوالدي غير المشروط.
ويعتبر برنامج "الإنسان مصان الكرامة" والمُخصص للتوعية بقضية الاتجار بالبشر من البرامج الرئيسة في المؤسسة، والذي يسلط الضوء على الزوايا المختلفة لهذه الجريمة كقضية عالمية. وفي عام 2019 حاز جائزة "شايو" لتعزيز حقوق الإنسان والمقدمة من بعثة الاتحاد الأوروبي لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك تقديرا لجهود المؤسسة وتقديمها عددا من المبادرات الداعمة للفئات الأكثر عرضة للاتجار بالبشر.
ويستهدف هذا البرنامج الفئات الأكثر عرضة للاتجار ممثلة في العمالة من الجنسين ضمن قطاعات العمالة المساندة. وضحايا الاتجار بالبشر الذين تم إيواؤهم في المؤسسة، لحمايتهم من الوقوع مرة أخرى.
كما تشارك المؤسسة سنويا باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي يصادف الـ25 من نوفمبر من كل عام، ويتخذ اسم الحملة البرتقالية عنوانا له. وتكون المشاركة باختيار موضوع محدد في هذه القضية، وعرضه بشتى الوسائل التوعوية، والتعاون مع مختلف الشركاء لعرض هذه المحتويات على مختلف المنصات. ومنها إضاءة المؤسسات والمراكز باللون البرتقالي، وتنفيذ محاضرات توعوية في المؤسسات ومناقشة المختصين والمهتمين، وتنفيذ عروض فنية بطرق مختلفة تشير للآثار السلبية لممارسة العنف ضد المرأة وطرق الوقاية والحماية. كما تقدم المؤسسة البرامج التوعوية في الجهات الأكاديمية والمؤسسات التعليمية والمجتمعية، مثل برنامج مواجهة سلوك التنمر في المدارس، وهو برنامج يقدم بشكل متكامل للطلبة والمعلمين والمشرفين الإداريين وأولياء الأمور، وقد انبثقت من هذا البرنامج عدة مبادرات، مثل مبادرة "صندوق عن بُعد”، ومبادرات مستحدثة متعلقة بالتوعية بخطر التنمر الإلكتروني.
لا شك في أن تداعيات جائحة "كوفيد-19" أسهمت في تعزيز معاناة بعض العائلات نتيجة الحجر الصحي، والذي أدى إلى ضغوط مادية ونفسية على الكثيرين. ما أبرز المشكلات التي تمكنت المؤسسة من معالجتها خلال هذه الفترة؟
قدمت المؤسسة العديد من الخدمات للأسر والأفراد بمختلف فئاتهم، على الرغم من ظروف الجائحة، ووجود صعوبات في التواصل، إلا أن المؤسسة استمرت جهودها لتقديم كل أنواع الدعم الاجتماعي والنفسي والقانوني والإيواء وغيرها من الأنشطة والبرامج التعليمية والترفيهية كالمعتاد، وأما المشكلات التي تمكنت من معالجتها خلال هذه الفترة، فهي بلاغات العنف الأسري، والعنف ضد الأطفال والاتجار بالبشر، وتقديم استشارات نفسية طارئة للأفراد والأسر، للتكيف والتعايش السلمي مع مشكلاتهم الشخصية والنفسية في ظل الجائحة.
أخبرينا عن مشروع "مبنى العزل" بالتعاون بين مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال وصندوق "لوريال" لدعم المرأة. وما أبرز أهدافه؟
باشرت المؤسسة فتح المبنى منذ بداية الجائحة كإجراء احترازي ووقائي، لحماية المتعاملين المقيمين في المؤسسة، إلى جانب العاملين من الأمراض المعدية، وعلى رأسها جائحة "كوفيد-19"، حيث يجري إيواء المتعامل المستجد الذي يحتاج إلى الإيواء في هذا المبنى فور دخوله، لضمان عدم اختلاطه مع البقية، لحين ظهور نتائج الفحوص الطبية، ولحين التأكد من خلوه من فيروس "كوفيد19-” وأي أمراض أخرى معدية. وبعد التأكد من خلو المتعامل من الإصابة، يبدأ دمجه مع بقية المتعاملين في مبنى الإيواء، ويتميز المبنى بأنه مصمم على طراز فيلا صغيرة، تحتوي على جميع المرافق والاحتياجات التي يحتاج إليها المتعامل في حياته اليومية، إضافة إلى توافر شروط الأمن والسلامة فيه، ويجري تزويد المتعاملين بجميع الخدمات، إضافة إلى احتياجاتهم اليومية من المأكل والمشرب والملبس وغيرها من أدوات العناية الشخصية، حيث يشرف على توفير تلك الخدمات طاقم مدَّرب، ومؤهل على مدار 24 ساعة / 7 أيام.
انتشار الإشاعات والتنمُّر الإلكتروني والعزلة الاجتماعية والتباهي بالممتلكات أبرز تداعيات مواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال
بحسب خبرتك، ما أبرز المشكلات التي نتجت عن استعمال مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثّف وخاطئ؟ وما أبرز الحلول؟
لا بد من الإشارة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي غيّرت الكثير من المفاهيم، وسهلت طرق التواصُل بين الناس، ووصول المعلومات إلى أكبر عدد ممكن في وقت قياسي، كما شكلت منابر للحوارات الفكرية والثقافية وهذا أمر محمود، إلا أن الأمر لا يخلو من السلبيات كأي شيء آخر في الحياة نذكر منها:
- انتشار الإشاعات: حيث يتفاعل مُستخدِمو قنوات التواصل الاجتماعي مع المحتويات المنشورة بإعادة النشر ومشاركة أخبار من دون التثبت من صحتها، وهو ما يتسبب في انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة أحيانا.
- التنمُر الإلكتروني: حيث تعدى هذا الأمر من كونه مضايقة الشخص وجها لوجه، إلى قنوات التواصل الاجتماعي، حيث سهلت مهمة المتنمرين من دون الكشف عن هويتهم الحقيقية، ويؤثر التنمُّر الإلكتروني سلبا في البعض لدرجة تصل إلى الانتحار في بعض الحالات.
- العزلة الاجتماعية: حيث إن قنوات التواصل الاجتماعي تقلل تفاعُل الأشخاص مع بعضهم البعض، وهو ما يؤدي إلى الانعزال وصرف النظر عن مُجالسة المُحيطين، كما أن استخدام هذه القنوات بشكل مُكثف يجعل المستخدمين يسعون خلف أهداف مُزيفة كتحقيق الشهرة بغض النظر عن المحتوى المقدم.
- التباهي بالممتلكات: يتفاخر البعض أمام المتابعين باستعراض ممتلكاته الثمينة، ويصبح هذا الأمر شغلهم الشاغل، وتتفشى بالتالي عدوى التقليد والمنافسة بين المستخدمين بحثا عن الصورة الزائفة، وهو ما يؤدي إلى زعزعة ثقة البعض بأنفسهم وشعورهم بالنقص وتراكم الديون.
وقد تكون حلول هذه الظواهر السلبية من خلال نشر التوعية، وتثقيف الشباب، ووضع ضوابط وقيود لاستخدام هذه القنوات.
المجال الإجتماعي والإنساني مليء بالتحديات والفرص التي بوسعها تغيير حياة الأشخاص المهنية والإجتماعية
ما نصائحك للشابات الإماراتيات الطموحات، اللاتي يسعين للعمل في الشأن الاجتماعي والإنساني؟
إن المرأة الإماراتية محظوظة بالدعم الذي تقدمه قيادتنا الرشيدة ورائدة العمل الإنساني أم الإمارات الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة العليا لمؤسسة التنمية الأسرية.
نصيحتي للشابة الإماراتية الطموحة هي أن تسعى وراء شغفها وبالعزيمة والإصرار ستصل لحلمها باذن الله. إن المجال الاجتماعي والإنساني مليء بالتحديات والفرص التي بوسعها تغيير حياة الأشخاص، وينبغي عليها ألا تدع أي شيء يثبط عزيمتها وشغفها في المساعدة وحث المحتاجين على رؤية النور المنبعث من وسط الظلام على الرغم من الصعاب والتحديات، فقيم مساعدة الآخرين وبث الأمل في النفوس تمنح الشعور بالرضا وتحقيق الذات والسلام النفسي.