الكاتبة نورة العضيد لـ "هي": الموهوب لا يعلم حقا من أين بدأ
حوار: "جمانة الشيخ" Joumana al-Sheikh
تصوير: علي حنيف اليامي
صدر عن دار تكوين كتاب "جسر عبور" الذي كتب من أعماق نورة العضيد، الكاتبة ذات الـ33 عاما، والتي بدأ شغفها بالكتابة منذ الطفولة، وامتلكت الموهبة بالفطرة. تخرجت من كلية الإدارة العامة في جامعة الملك فيصل، وقدمت العديد من الندوات واللقاءات في النوادي الأدبية. تتحدث لـ“هي” في حوار خاص وحصري عن تفاصيل حياتها وتفاصيل كتاب "جسر عبور".
من البيئة الزراعية الهادئة إلى ضجيج المدينة، حدثينا عن تفاصيل حياتك مرورا بهاتين المرحلتين؟
ولدت في شمال المملكة، وتحديدا في مدينة سكاكا في منطقة الجوف، ترعرعت في بيئة زراعية هادئة، أهلها بسطاء يجيدون بساطة العيش وعفوية اللقاء، وكما كانت أبوابهم مشرّعة لاستقبال الضيف، كذلك كانت صدورهم رحبة واسعة تفيض بالشعور، ويتجلى ذلك في كثير من تراثهم الشعري والوجداني.
قضيتُ العقد الأول والثاني من حياتي في مدينة سكاكا، وانضممت إلى جامعة الجوف، وتخصصت في الدراسات الإسلامية ولم أكمل سنوات دراستي، حيثُ انتقلت بعد ذلك إلى المنطقة الشرقية، تزوجتُ هناك، واخترت مجالا دراسيا آخر، وهو "الإدارة العامة" في جامعة الملك فيصل.
لكل كاتب تجربته الأدبية في الفعاليات الثقافية، حدثينا عن مشاركاتك فيها؟
قدمت الكثير من اللقاءات والندوات مع بعض النوادي الأدبية في المملكة، وشاركت في الكثير من الفعاليات الأدبية والورش الكتابية في "حكايا مسك" التابعة لمؤسسة مسك الخيرية. أما عن مشاركاتي في معارض الكتاب، فكنت أشارك متحدثة في المنصات الحوارية، لكنني شاركت في آخر معرض أقيم للكتاب في مدينة الجبيل الصناعية بتدشين كتابي "جسر عبور" الذي بزغ نوره أخيرا في سماء الأدب.
كيف كانت البداية في العالم الأدبي؟
الموهوب لا يعلم حقا من أين بدأ، يشعر بأنه ولد بموهبته، لكنني ما زلت أذكر كيف أنني ومنذ طفولتي كنت أقف طويلا على كلمات أهازيج الأعراس التي كانت نساء الجوف يتغنين بها، كنت أبحر بشعورها، وأسأل من حولي عن معانيها، أجدتُ تأمل كل الأشياء من حولي.. الطبيعة، والناس، والعادات والأفكار والسلوكيات، كنتُ أبحث عن نفسي، وأشعر بزخم المشاعر والأفكار في جوفي، كانت مكتظة وكبيرة جدا على فتاة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، فلم يكن لها متنفس للبوح والتفريغ إلا القلم. كنتُ أتنفس بالكتابة، فكتبت كل ما أشعر به، ونقدت كل ما لا أنتمي إليه. كتبت كثيرا حتى شحّت بي المفردات، فلجأت للكتب، وبدأت بالقراءة بنهم. كنت أقرأ كل ما أجده بين يدي، فزادتني تلك القراءات لغة، وأثرتني معرفة و تجارب.
وقد بدأت فكرة الكتاب بعدما عرضت أول نص أدبي على خالي الأديب الراحل مشرف المحيميس، رحمه الله، الذي كنت أستشيره بمهاراتي الكتابية، وأرجو منه تقييمها، لكنه فاجأني بعدم الرد المباشر، ونشر ما كتبته في صحيفة الجوف الإلكترونية. فكان لهذا الرد أكبر وقع في ذاكرتي، ولن أنسى ما قاله ما حييت:
"أنت لست في مرحلة تقييم، أنت في مرحلة النشر". شدّ على يدي بطريقة المعلمين وحنان الآباء، و قال: "لن أتركك حتى أقرأ كتابك". علقت تلك الفكرة في بالي، ولم تفارقني كلما أمسكت قلما، وبعدما أتممت كتابي لم يكن هناك ما ينغص فرحتي به إلا رحيل خالي مشرف الذي كان يتمنى أن أهديه أول نسخة.
ما دوافعك التي أشعلت في داخلك شغف إصدار "جسر عبور"؟
بعد مروري برحلة فكرية ووجدانية طويلة، وبحثي عن الذات بحاجة ملحّة، وبعد أن عمت في الأمثلة من حولي بتجاربهم، وتناقضاتهم وفيض شعورهم ورغبتهم في الحياة، لم ألتقِ بشخص وصل إلى نفسه. لخّصتُ كل ما مررت به ومرّ به الكثيرون بقصة وجدانية قصيرة، تحمل الكثير من المعاني الفكرية والروحانية والعاطفية. كان هدفي من “جسر عبور” وصول القارئ إلى نفسه مهما اختلف طريقه، وأينما كانت وجهته.
لمن كُتب "جسر عبور"؟
إلى كل امرأة قبّلت وجه القبيح، واعتزلت العالم بأنوثة مبتورة.. إلى كل روح هامت في الأرض بحثا عن السلام ولم تجده. إلى كل عقل اتخذ من التصنيف أسلوب حياة ورفض الاختلاف.. إلى كل شخص مجّد طقوسا وأعرافا لم تقنعه ولا تشبهه. شكرا "هي" على هذا الحوار الذي من خلاله مددتم للقارئ "جسر عبور".