مسلسل " Another Self".. البحث عن الذات يصطدم بأخطاء الماضي
ثلاث نساء يعشن في مفترق طرق، قصص حب تنتهي وأخرى تولد، وضع اجتماعي مستقر يهتز بعنف، نجاحات مهنية تنهار فجأة، حيرة وارتباك ومواجهات لا تتوقف بين العاطفة والعقل، وصراع يصعد على السطح بين العلم "والروحانيات" لنكتشف في النهاية أن هذه هي معضلة دراما المسلسل التركي "ذات أخرى" الذي تبثه نتفليكس من بطولة توبا بويوكستون، ففي حين أن تيمة البحث عن الذات عن طريق القيام بمغامرات وتجارب جديدة قدمت مرارا وأشهرها في فيلم جوليا روبرتس "Eat, Pray, Love"، وأيضا تيمة الصديقات المقربات اللاتي يخضن تجارب الحب والحياة معا، وأبرزها في "Sex and the City" لسارة جيسيكا باركر، ولكن لـ"ذات أخرى ـ Another Self" خصوصية المجتمع والثقافة والجذور، حيث تظهر لمحات من هنا وهناك حول التاريخ السياسي والاجتماعي للشخصيات المنحدرة من أصول وعرقيات مختلفة.
شخصيات واقعية
حدوتة المسلسل الذي يقع في ثماني حلقات، في البداية تبدو مستلهكة ومتوقعة الأحداث، ولكن تطور الشخصيات وفقا للماضي الغامض الذي يطل تدريجيا مع كل حلقة، ويكشف عن تفاصيله بهدوء يجعل المشاهد في حالة ترقب، بعد أن ظن أن الحكاية كلها مجرد قصص حب وخيانة وقلق، فالطبيبة أدا التي تؤدي توبا بويوكستون "صاحجبة سنوات الضياع وبائعة الورد والعشق الأسود" دورها لديها دور محوري باعتبارها عمود علاقة الصداقة التي تجمعها بليلي وسيفجي، ولكن الاهتمام بتفاصيل شخصيتي الصديقتين أخذ حقه كذلك، كما أن دور ليلى الذي جسدته سيدا باكان يبدو واقعيا تماما، وقريب الشبه بكثير من النساء المعاصرات، فهي امرأة شابة أنيقة تجري وراء هوس وصيحات التريند ولكنها لا تهمل منزلها أبدا وتعرف كيف تعوض ابنها عن غياب أبيه، برغم عصبيتها الظاهرة ولكنها حنونة وقوية الشخصية ولديها إصرار على تحقيق ما تطمح إليه.
صراع العقل والروح
وتبدو شخصية سيفجي "بونجيك يلماز" التي تعاني من مرض عضال ، أكثرهم حبا للحياة وبالتمسك بالأمل، ولكنها دراميا تبدو مبتورة ولم يتم الاعتناء بتاريخها جيدا، وبالعودة للبطلة الرئيسية فهي سيدة جميلة ومحبوبة، وكعادة المسلسلات التركية يتنازع عليها رجلين، كلاهما جدير بها كل على طريقته، وهي تعيش الحيرة المتكررة التي لطالما تناولها مسلسلات شبيهة، وكانت توبا بطلة لعدد منها بالطبع، وفي "ذات أخرى" هي طبيبة ناجحة لكنها حبيبة غير محظوظة بالمرة، فمن يفضله قلبها الفنان المرهف تركها في منتصف الطريق، ومن اختارته بعقلها لتتزوج به وتعيش معها في رفاهية وتحقق أحلامها المهنية، رغم مشاعره ناحيتها ولكنه يبدو غير مقتنع بطموحها إلى حد كبير، كما أنه يصدمها كذلك بردود أفعاله.
مغامرة وجرأة
رغم بعض الأحداث غير المنطقية، والمبالعة خصوصا فيما يتعلق بالتركيز على شخصية "زمان" التي جسدها فرات تانيس وقدراته، ولكن تبدو دراما "ذات أخرى" تحمل كثير من الجرأة والتطلع، وتحاول التخلص من عيوب السرد التقليدي، كما أن تصوير المشاهد في الأماكن الحقيقية وبعيدا عن الاستديوهات المغلقة يمنح المشاهد كثير من الحيوية والطزاجة، التي كما هو معتاد ظهرت وكأنها ترويجيا مثاليا للسياحية في هذا البلد، في حين تثبت توبا كالعادة قدراتها التمثيلية اللافتة، لتحتفظ برصيدها لدى الجمهور باختياراتها المتنوعة التي تحمل جرأة واختلافا ومجازفة، ولا تسجن نفسها في نوعية واحدة من الأدوار، وأيضا تثبت ثقتها بنفسها بكممثلة تعرف كيق تتقمص شخصيتها، بظهورها كثيرا خلال المشاهد بدون مساحيق تجميل مبالغا فيها، لتحافظ على مصداقية العمل.
الصور من الحساب الرسمي للبطلات على أنستجرام والفيديو المرفق