Black Panther 2.. دراما حزينة عن فُقدان بطل خارق وإبهار بصري بهدف التسلية!

مثلت وفاة الممثل الشاب "شادويك بوسمان" قبل عامين نهاية مُفاجئة لمشروع أفلام السوبر هيرو "Black Panther" "الفهد الأسود"، وهو جزء من عالم مارفل السينمائي الذي يصور حكايات بطل خارق لمُجتمع أفريقي من السود؛ فقد حقق الجزء الأول من بطولة "شادويك بوسمان" نجاحاً اسطورياُ، على المستوى الجماهيري والفني، وجزء رئيسي من نجاح الفيلم عاد لكاريزما البطل، وجاء هذا النجاح ليتوج كفاح مُجتمع السود في هوليوود من أجل منح المزيد من الأدوار الهامة للممثلين أصحاب البشرة السوداء.

البطل يموت مرتين!

قرار شركة ديزني إنتاج جزء جديد من حكايات "الفهد الأسود" كان مُخاطرة كبيرة؛ فكيف يُمكن إستمرار الحكاية بدون البطل؛ ولهذا اقتبس مخرج وكاتب الفيلم "ريان كوجلر" أجواء أحزان هوليوود على خُسارة الممثل الشاب "شادويك بوسمان" لتكون أساس الجزء الجديد من القصة، وباقي الفيلم يسرد معاناة مجتمع واكاندا الخيالي بعد وفاة ملكه الأسطوري، ورحلة تجاوز الأحزان ومواجهة تحديات جديدة.

يبدأ الفيلم بلحظات عصيبة، ومُحاولات شوري (لاتيتا رايت) إنقاذ شقيقها الملك الشاب تشالا (تشادويك بوسمان) من الموت، وتفشل المحاولات وتفقد مملكة واكندا الأفريقية بطلها الخارق وحاكمها، وينتقل العرش إلى الأم راموندا (أنجيلا باسيت)، وتعيش أقوى دولة في العالم أسوأ أوقاتها؛ فدول العالم الأول مثل فرنسا والولايات المتحدة تسعى للحصول على معدن الفايبرينيوم؛ سر قوة واكندا.

فيلم "Black Panther 2"
فيلم "Black Panther 2" قدم مُعالجة بصرية ثرية

الفيلم يتخذ من الحزن على وفاة بطل واكندا أساساً لتلوين الدراما في الفيلم بمسحة مأساوية؛ فالملكة الأم تُحاول إدارة شؤون الدولة وسط أطماع دولية وإقليمية، وإبنتها المهووسة بالمخترعات الحديثة تجد نفسها تتورط تدريجياً في شؤون السياسة والخطط العسكرية، وهذه الخيوط الدرامية منحت صراعات الفيلم جذور أكثر إنسانية رغم مشاهد أكشن.

كثير من السرد في الفيلم يبتعد عن الأجواء النمطية لمعارك أفلام السوبر هيرو، وبإستثناء مشاهد ومعارك النهاية نجح الفيلم في رسم الملامح العاطفية للشخصية الرئيسية في الفيلم؛ وهى شخصية الأميرة شوري؛ وهى شابة ذكية تؤمن بالعلم، وتُساهم بإختراعاتها في جعل واكندا دولة قوية وعصرية، تعتمد على العلم والتكنولوجيا الحديثة، ولهذا هى في صراع دائم مع الأفكار الرجعية التي ترى أن الحفاظ على الإرث القديم وتقاليد الأسلاف أولى من تلك الإختراعات الذكية.

فيلم "Black Panther 2" حمل ملامح عاطفية
فيلم "Black Panther 2"

صداقات وعداوات!

يبرز في الفيلم دور شخصية نايمور (تينوش هورتا) كمُنافس للفهد الاسود؛ فهو يمتلك قدرات خارقة تضعه في مكانة أكثر قوة، ويقود مملكة عظيمة تعيش تحت الماء، وتمتلك أيضاً معدن الفايبرينيوم، ولديه تاريخ سيء مع اهل الأرض تجعل قراراته وسلوكياته ميالة للإنتقام؛ ولهذا رغبته في التعاون مع واكندا دافعها سحق دول العالم وإخضاعها.

جزء من جاذبية شخصية نايمور يعود إلى أنه ليس شريراً بالمعني المُطلق؛ فهو رغم قسوته لديه ذلك الماضي الحزين الذي يعكس ذكريات طفولته مع المستعمر الذي تسبب في شقاء شعبه، وهذا جزء من ثقافة تجمع واكاندا وتالوكان؛ فكل منهما دولة كانت ذات حضارة عظيمة، وكل منهما لديها ماضي سيء مع المستعمر الأبيض، والفرق الوحيد أن الفهد الأسود يرى أن السلام والتعايش مع الأبيض الأفضل للجميع، ونايمور يرى أن هذا الأبيض لن يكون صديقاً في يوم من الأيام؛ ولهذا يجب القضاء عليه أو على الأقل السيطرة عليه.

أداء الممثلة (لاتيتا رايت) كان مُلفتاً في الجزء الاول، ورغم كاريزيمية شخصيتها المتمردة على التقاليد لكن كان الرهان على أن تكون بطلة الجزء الثاني مغامرة تسويقية كبيرة، ولكنها نجحت فيها كما تشير أرقام شباك التذاكر، وبرز أيضاً أداء (أنجيلا باسيت) الوقور في دور الملكة راموندا، التي تُحاول إدارة شؤون البلاد بحكمة بعد وفاة إبنها الملك الشاب، و(لوبيتا نيونجو) في دور ناكيا، وهى جاسوسة تعمل لصالح واكندا، وحبيبة الملك الراحل تشالا.

فيلم "Black Panther 2"
فيلم "Black Panther 2"

جماليات عالم واكندا!

الفيلم يُقدم صورة بصرية جميلة للعالم الخيالي الذي تدور فيه الأحداث، سواء من خلال مشاهد الأكشن، أو رسم عالم مملكة واكندا البصري، وهو مزيج من تصميمات تستلهم الفن الأفريقي والشكل المعاصر؛ فواكندا الدولة الخيالية تتمسك بهويتها التراثية والثقافية رغم ملامح المُعاصرة والتكنولوجيا الموجودة في كل مكان، وينعكس ذلك على ملابس الشخصيات والديكورات، ونفس الشيء نراه في مملكة تالوكان التي تقع تحت الماء، وتستلهم الكثير من المظاهر البصرية لحضارة الأزتيك القديمة.

أحداث الفيلم لا قيمة لها بدون المُعالجة البصرية الثرية التي تنوعت بين تصميم عالم واكندا والأزياء والمعارك والخدع السينمائية؛ ولهذا فالفيلم المصنوع بهدف التسلية حقق أهدافه، والفيلم درامياً لم يجتهد في تطوير معاناة واكندا وشوري إلى شىء حكاية درامية أكثر عُمقاً، وذهب - بعد تطويل - إلى المعارك والمواجهات التي تتميز بالإبهار البصري ولكنها تفتقر إلى الحالة الملحمية.

تهميش عالم البيض وتصويرهم بشكل ساخر بدا مُبتذلاُ ونمطياً، ونرى ذلك في شخصية عميل المخابرات الأمريكية الذي يتعاطف ويتعاون مع واكندا "مارتن فريمان"، ويتعرض للعديد من المواقف المُهينة، وكأن الفيلم الذي يدور في عالم خلفيته من ثقافة السود الأفارقة وشعوب أمريكا اللاتينية يسخر من كل أبيض حتى لو كان مُتعاوناً.

فيلم "Black Panther 2"
فيلم "Black Panther 2"

 

الصور من الحساب الرسمي للفيلم على تويتر