ماذا تعرفون عن الفارق العمري الأفضل بين الأزواج؟
الفارق العمري بين الأزواج من بين أكثر المسائل التي أثارت وما زالت تثير الجدل في مختلف المجتمعات ومنذ قرون خلت حتى اليوم. فهناك مثلاً بعض المجتمعات التي ترى أن فارق العمر بين الرجل والمرأة يجب أن يكون كبيرًا لصالح الأول بينما ترى مجتمعات أخرى أن التوازن بحد ذاته واقتراب الأعمار يحقق الزواج الأفضل.
ويرى الكثيرون أن الفارق المثالي بين الزوجين يجب أن يتراوح بين 7 و10 أعوام لصالح الرجل، بينما يميل آخرون لتقليل الفارق إلى حدود 3 أعوام، ولكن ما يثير الغرابة أنه في حال كانت الزوجة أكبر سنا، فيكون الزواج غير مقبول بالنسبة لهؤلاء، مما يدفع ببعض الأزواج إلى إخفاء العمر الحقيقي تجنباً للإحراج.
ولكن هذه المعتقدات المجتمعية بدأت تتغير رويداً رويداً خصوصا في العقود الأخيرة لناحية تقبل فكرة أن يكون الفارق العمري بين الزوجين 5 أعوام على الأكثر لصالح المرأة، والسبب الأكثر رواجاً عند الكثيرين هو أن أعراض الشيخوخة تصيب المرأة قبل الرجل.
ولكن بين هذه المجتمعات وتلك ماذا يقول العلم بشأن الفارق العمري المثالي للزوجين لإنجاح العلاقة؟ الغريب أن العلم لم يحسم هذه المسألة بشكل نهائي ولم يضع منهجاً يمكن الاستلهام او السير عليه بشكل عام ولكن لم يخلُ الأمر من بعض الدراسات التي حاولت أن تجيب على هذه المسألة التي تُعتبر إشكالية في المجتمع.
دراسة أميركية عن الفارق العمري الأفضل للأزواج
دراسة أميركية بحثت فارق العمر الأفضل للأزواج وحاولت أن تجيب عن أسئلة مثل هل الفارق الافضل هو خمس سنوات أم عشر سنوات أم أكثر؟ وما هو الفارق العمري الضار في العلاقة؟ وهل يؤثر هذا الأمر على العلاقة الزوجية واستمرارها؟
أجرى الدراسة باحثون في جامعة إيموري في أتلانتا وشملت 3000 مشارك، وأظهرت نتائجها بوضوح مدى تأثير فارق السن على طول العلاقة وأي الأزواج لديهم أفضل فرصة لعلاقة سعيدة ودائمة، بحسب ما نشرت مجلة "بريغيته Brigitte" الألمانية.
الدراسة أكدت أن خطر الانفصال يرتفع عندما يكون هناك فارق كبير في العمر مقارنة بالأزواج من نفس العمر.
فنسبة خطر الانفصال تصل 3% فقط لدى وجود فارق عمر من سنة واحدة، وتصل إلى نسبة 18% لدى وجود فارق عمر بمعدل خمس سنوات، ويُصبح هذا الخطر 39% عندما يصل الفارق العمري بين الزوجين إلى 10 سنوات، أما بالنسبة للأزواج الذين يصل فارق العمر عندهم إلى 20 عاما أو أكثر تزيد نسبة خطر الانفصال بمعدل 95 بالمائة.
وخلُصت الدراسة إلى أنه كلما زاد فارق السن، كلما قلت فرصة وجود علاقة طويلة وسعيدة. وكلما كان التقارب العمري أكبر ارتفعت احتمالية أن يعيشا سعيدين معاً على المدى الطويل لأن القيم المشتركة بين الثنائي تكون أكبر مما تجعل الشراكة بينهما مستقرة. وقدم الباحثون أمثلة على تلك القيم المشتركة مثل اختيار الأفلام والموسيقى وطريقة تنظيم أوقات الفراغ وأنماط الحياة المختلفة لدائرة الأصدقاء والتوقعات المتعلقة بالجنس وقالوا إن كل ذلك تلعب دورا كبيرا في العلاقة.
ماذا يقول علم النفس بشأن فارق العمر؟
نأى علماء النفس بأنفسهم جانباً عن تحديد عمر معين أو فارق سني مفضلاً بين الزوجين مع الإشارة باستمرار إلى أن تأثير فارق العمر بين الزوجين يقل مع تقدمهما في العمر ونضوجهما. لذلك يصبح الفارق أمراً أقل أهمية عند زواج كبار السن فزواجهما لا ينبع من الرغبة في الانجاب، بل من الود والنضج والتوافق الفكري والرغبة في المشاركة الحياتية لذلك فإن زواج فتاة في العشرين من عمرها من رجل في الأربعين يختلف عن زواج امرأة في الأربعين من رجل في الستين على الرغم من أن الفارق العمري واحد، ولكن التقدم في السن هو من يزيل تأثير هذه الفروقات العمرية.
وحاول عالم النفس بريان كولسيون الباحث في جامعة أزوسا باسيفيك دراسة التمييز المجتمعي للعلاقات ذات الفوارق العمرية، وفنّد فيها الأسباب الكامنة وراء التحيز الاجتماعي للفجوة العمرية بين الأزواج.
أجرى كولسيون 16 تحليلا للعلاقة بين الرجل والمرأة، ووضع استبيانا اجتماعيا عبر موقع متخصص بالاستبيانات المخصصة للدراسات الاجتماعية، تم تضمين 4 سيناريوهات رئيسة في الاستبيان:
عجوز وشابة
شاب وامرأة أكبر سنا
شاب وشابة
رجل عجوز وامرأة عجوز
وقام المشاركون في الدراسة بتقييم علاقة الشاب والشابة والعجوز والعجوزة بصورة إيجابية، بينما نظروا بازدراء للعلاقتين اللتين تضمنتا فارقا عمريا كبيرا سواء كان لصالح الرجل أو المرأة.
واللافت في نتيجة الدراسة أن الرفض لشكلي العلاقتين الأخيرتين كان على قدم المساواة، والأكثر مفاجأة في النتيجة أن التقييم لعلاقة الرجل الأكبر سنا وفتاة أصغر، كان سلبيا بدرجة أكبر من تقييم علاقة امرأة أكبر سنا من الزوج.
برر كولسيون هذه النتيجة بأنها تنبع من الجانب الخيري، الذي يقوم على حماية المرأة في ظل رجل قوي، أما الرجل الأكبر سنا هو في كل الأحوال مستغل للفتاة الصغيرة، ويستغل سلطاته وأمواله في السيطرة عليها، وفق الدراسة.
ما توصل إليه كولسيون في دراسته بشأن السلبية الأكبر في التقييم لعلاقة الرجل الأكبر سنا وفتاة أصغر، اتفقت معه أيضا دراسة أجراها باحثون في جامعة أوكلاند عام 2018 إذ أكدت الدراسة أن الناس ينظرون تلقائيا بشيء من الريبة للعلاقات التي يكون أحد طرفيها أكبر من الآخر، وخاصة إذا كان ذلك الطرف هو الرجل.
الانتماء لنفس الجيل مهم
على الرغم من الاختلافات في المجتمعات وفي نتائج الدراسات بشأن الفارق العمري الأفضل للزواج إلا أن الجميع شبه أجمعوا على أنه من الضروري أو الأفضل أن ينتمي الزوجان لنفس الجيل أي أن لا يزيد الفارق العمري بينهما على 15 عاما. وعلى الرغم من ذلك تبقى هناك بعض الاستثناءات في العلاقات الإنسانية إذ استطاعت بعض العلاقات الزوجية أن تنجح برغم الفارق العمري الكبير بين الشركاء في حين فشلت زيجات أخرى برغم التقارب العمري بينهما.