نصائح نفسية مهمة للالتزام بقراراتك الصحية خلال العام الحالي
يسهل على الكثيرين التخطيط لقرارات والتزامات مختلغة التوجهات والغايات، لكن لا ينجح الجميع في تحقيق هذه الالتزامات والاستمرار بالعمل عليها حتى وإن كانت الرغبة وراء ذلك ما زالت قوية.
وقد يعود السبب في ذلك كون هذه الالتزامات جاءت أكبر وأصعب من قدرة الشخص على تحقيقها، أو أن المرء يشعر بالملل وانعدام الرغبة في المتابعة خاصة إذا ما واجه بعض الصعوبات والمشقات في طريقه. وهو ما ينعكس سلباً على الحالة النفسية للإنسان، ويجعله يعاني من الاكتئاب وقلة الثقة بالنفس وعدم التفكير مجدداً بالتخطيط لقرارات مستقبلية مهمة في حياته.
لكن خبراء الرعاية النفسية يشددون على وجوب صياغة قراراتك القادمة بحكمة، خصوصاً مع بدء العام الجديد، سواء كانت لجهة إنقاص الوزن أو اتباع نظام صحي أو التخفيف من الاضطرابات النفسية وغيرها، كي تضمني النجاح في تحقيقها.
فما هي الطرق المثالية لصوغ القرارات الجديدة التي يمكننا الالتزام بها لوقت طويل، وما الذي نحتاجه نفسياً وفكرياً لتحويل الأفكار والقرارات إلى أفعال حقيقية؟ هذا ما نتعرف عليه من خلال نصائح يقدمها أخصائي رعاية نفسية لقارئات "هي".
صياغة الأهداف قد تكون المشكلة وراء عدم تحققها
بحسب الدكتور ديفيد كريل، أخصائي الرعاية النفسية وفيزيولوجيا التمارين في مستشفى كليفلاند كلينك، فإن الكثير من الأشخاص يجدون صعوبة في الالتزام بالأهدافالتي يحددونها مع بداية كل عام جديد، وربما يعدلون عنهاقبل نهاية شهر يناير. وقد تكمن المشكلة وراء ذلك في الطريقة التي يتم بها صياغة تلك القرارات، وليس ضعف الإرادة كما يعتقد البعض، لافتاً إلى أنه لم يفت الأوان بعد للعودة إلى المسار الصحيح.
وأشار الدكتور كريلإلى أنه حتى لو تخلّى الأفراد عن قراراتهم بالفعل، يمكنهم إعادة صياغتها بطريقة تدعم تحقيق نتائج إيجابية. وأضاف: "يمكن أن تُشكَل إعادة صياغة الأهداف الموجهة نحو النتائج لتصبح أهدافاً موجهة نحو السلوك نهجاً مفيداً للغاية،فأحياناً ما يبدأ الأشخاص بهدف موجه نحو نتيجة محددة مثل الرغبة في خسارة 10 كيلوغرامات، بينما قد يكون تحديد السلوكيات التي تحتاج إلى تغيير لتحقيق هذا الهدف أكثر فعالية. على سبيل المثال، إذا كانت إحدى العقبات التي تحول دون فقدان الوزن تكمنفي الميل إلى تناول الوجبات السريعة بشكل متكرر، فيمكن إعادة صياغة الهدف أو القرار ليكون إعداد وجبة صحية متكاملة كل يوم أحد، مثلاً، ليتم تناولها طوال أيام الأسبوع."
إيجاد الحافز لتحقيق الأهداف المستقبلية
واقترح الدكتور كريل أن يتجه الأشخاص،قبل إعادة صياغة أهدافهم الحالية أو وضع أهداف جديدة،نحو إيجاد الحافز من خلال التفكير بعناية في الأسباب التي تدفعهم لإجراء التغييرات في أنماط حياتهم، وتحديد تلك الأسباب بدقةقدر الإمكان. كما ينبغي على الأفراد ضمان مستوى عالٍ من التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، والالتزام بإعطاء أولوية للرعاية الذاتيةجنباً إلى جنب مع مجالات التركيز الأخرى مثل النجاح في العمل، وذلك لتطوير ذهنية ناجحة.
تطبيق مبادئ مفهوم "سمارت"
في هذا السياق، أوصى الدكتور كريل بتطبيق مفهوم "أهداف SMART" عند وضع القرارات الصحية، والذي يشير إلى الأحرف الأولى من الكلمات الإنجليزية التالية specific أي ينبغي أن تكون الأهداف محددة وmeasurable أي ينبغي أن تكون قابلة للقياس و action-oriented أيأن تكون الأهداف قابلة للتنفيذ عملياً و realisticأي أن تكون الأهداف واقعية و time-boundأي محددة زمنياً. وقدم الدكتور كريل المثال التالي، الذي يحدد بوضوح الأهداف المرجو تحقيقها وفقاً لمبادئ مفهوم "سمارت": "سأستيقظ في السابعة صباحاً4 أيام في الأسبوع لأمشي لمدة 30 دقيقة".
وأضاف الدكتور كريل بأن تحديد إطار زمني لإعادة تقييم الأهداف مهمٌ أيضاً للغاية، خاصةً عندما يتم تقسيم الأهداف الشاملة إلى أهداف قصيرة المدى وقابلة للقياس. على سبيل المثال، يمكن مراجعة هدف المشي المذكور أعلاه في فترات محددة وتعديله إذا وجد الشخص أن عدد الخطوات لا يساعد في تحقيق الهدف المتوقع على المدى الطويل المتمثل في خفض نسبة السكر في الدم أو فقدان الوزن.
كما ولفت الدكتور كريل إلى أنه وبمجرد تحديد أهداف SMART، لا يزال هناك عدد من الخطوات التي يمكن للأفراد اتخاذها لتعزيز احتمالية التزامهم بالأهداف المحددة. وتتمثل الخطوة الأولىفي السعي للحصول على دعم خارجي بشكل يتناسب مع متطلبات واحتياجات كل شخص. وقد يكون ذلك من خلال طلب الدعم من أحد أفراد الأسرة، أو الانضمام إلى مجموعة ذات مصالح مشتركة تُحمَل الأفراد المسؤولية أو تبقيهم متحفزين؛ويجب التفكير في هذه الخطوة جيداًبحيث لا يؤدي اختيار شريك المسؤوليةإلى نتائج عكسية. على سبيل المثال، إذا كنت جديدةً في ممارسة الرياضة وقررت ممارستها مع صديق لا يستمتع بالتمارين، فقد ينتهي بكما الأمرإلى التحدث مع بعضكما البعض بدون القيام بأي نشاط.
أما الخطوة الأخرى التي قد تكون مفيدة أيضاً، بحسبالدكتور كريل، فتتمثل في اللجوء إلى منهجية مكافأة الذات؛ فبشكل عام، الدافع الداخلي أقوى من الدافع الخارجي. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالبدء بشيء جديد، فإن الاستخدام الحكيم للمكافآت يمكن أن يكون مفيداً حقاً. فالمكافأة غير الغذائية، كالتدليلك على سبيل المثال بعد أسابيع من النشاط،يمكن أن يُحفز الشخصلمواصلة العمل حتى تحقيق هدفه النهائي.
ومن الخطوات الأخرى للنجاح، الاستعداد والتدرب على مقاومة الإغراءات والتحديات. "على سبيل المثال، إذا كنت ترغبين في الالتزام بخوض حصة تدريبية كل يومين، ولكنك اكتشفت أن بعض الأيام تجعلك متعبةً جداً بحيث لا يمكنك ممارسة الرياضة، فيمكنك أن تقرري مسبقاً أنه في حال مررت بمثل هذه الأيام ستمارسين التمارين الرياضية لمدة 10 دقائق على الأقل، والتي يمكنك بسهولةالقيام بها أثناء مشاهدتكلبرنامج تلفزيوني."
وأكد الكتور كريل أن بإمكان أي شخص تحديد العقبات مثل الحالة المزاجية التي تتداخل مع النوايا الحسنة ومن ثم التفكير في الأمور التي ساعدت في التغلب على مثل هذه العقبة في الماضي؛ على سبيل المثال، قد يكون التواصل الاجتماعي حلاً للشخص الذي يشعر بالإحباط. وبالمثل، إذا كنت من الأشخاص الذين يلجأوون لتناول الطعام عندما يشعرون بالتوتر، فيمكنك الاستعداد لذلك من خلال تناول وجبة مُعدة مسبقاًوبسعرات حرارية محددة،ما يساعد على التخلص من عقلية أما "الحصول على كل شيء أو لا شيء" والتي قد تؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام.
واختتم الدكتور كريل قائلاً: "إذا كانت هناك اضطرابات مزاجية معينة تعترض طريق النجاح أو كان الشخص يعاني من صراع مستمر تجاه مسألة أو مشكلة ما مثل التحكم في الوزن، فيمكنه التفكير في طلب الدعم من طبيب نفسي متخصص في هذا المجال لمساعدته على استكشاف وإدارة المشكلة وإيجاد حلول مثالية لها".