تعرفي على أسباب سرطان عنق الرحم.. وأفضل السبل الوقاية منه
يُعد شهر الوقاية من سرطان عنق الرحم، فرصةً ذهبية لرفع الوعي بمخاطر الإصابة به، ومساعدة النساء على الوقاية من هذا المرض، أو تقليل المخاطر للمصابات به. وبحسب موقع وزارة الصحة السعودية، فإن جميع النساء مُعرَضات لخطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، وهو يصيب عادة النساء بعمر 30 سنة فما فوق.
ويضيف الموقع السعودي أن سرطان عنق الرحم هو نموٌ غير طبيعي للخلايا التي توجد في عنق الرحم خصوصًا عـند التقاء المهبل - قناة الولادة - بالجزء العلوي من الرحم. وترتبط 99% من حالات سرطان عنق الرحم بعدوى فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو فيروس شائع جدًا، عالي الخطورة، وينتقل عن طريق الاتصال الجنسي.
يُشكَل الحصول على اللقاح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري (HPV) مبكرًا، خطوة وقائية مهمة لتجنب الإصابةبسرطان عنق الرحم؛ويُعدَ اللقاح آمنا جدًا وفعالاً، وهو متاح للفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 9 - 25 سنة، قبل تعرضهنَ للإصابة بالفيروس الذي ينتقل عبر الاتصال الجنسي.
في تقريرنا اليوم، نتعرف وإياك أكثر عزيزتي القارئة على تفاصيل سرطان عنق الرحم والفئات العُرضة للإصابة به مع تفصيل العلاجات والاجراءات الوقائية التي تساعد في حمايتك وأطفالك، خاصةً الفتيات، من هذا المرض.
أسباب ومخاطر سرطان عنق الرحم
تشير كريستينا بتلر، دكتورةأمراض نسائية في "مايو كلينك" إلى أن فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) هو السبب وراء الإصابة بمعظم أنواع سرطان عنق الرحم. وفي هذه الحالة، تُصابخلايا عنق الرحم بالسرطان، وهو الجزء السفلي من الرحم الذي يتصل بالمهبل.
وتضيف: "ما زلنا نجهل لليوم، الأسباب التي تدفع بخلايا عنق الرحم إلى تغيير تركيب الحمضالنووي الخاص بها، لكننا نستطيع التأكيد بالطبع على علاقة فيروس الورم الحليمي البشري بحدوث ذلك."
وتشمل المخاطر المرتبطة بهذا الفيروس التعرّض له بشكل مباشر والحصول على نتائج تدعو للقلق بعد إجراء مسحة عنق الرحموالتدخين والتقدّم في العمر.وتشرحالدكتورة بتلر قائلةً: "ينتشر فيروس الورم الحليمي البشري عبر ملامسة جلد المُصاب بشكل مباشر، وغالباً ما يحصل ذلك من خلال العلاقات الجنسية."
وللحدّ من مخاطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، يمكن اتخاذ تدابير للوقاية من فيروس الورم الحليمي البشري وغيره من الأمراض المنقولة جنسياً، عبر ممارسة العلاقات الجنسية بأمان مع عدالشريك فقط والحرص دوماً على استخدام الواقي الذكري.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة بسرطان عنق الرحم
نادراً ما يترافق فيروس الورم الحليمي البشري مع أيّ أعراض ملحوظة، ما يؤكّد على ضرورة إجراء الفحوصات اللازمة بشكل منتظم لضمان صحة الرحم لدى النساء، تؤكد الدكتورة بتلر؛وإجراء هذه الفحوصات يسهم في الحدّ من مخاطر الإصابة بسرطان عنق الرحم.وفي الحالات التي تكون فيها نتائج مسحة عنق الرحم مُقلقة أو الكشف عن الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري،نوصيبمتابعةالحالة الصحية بشكل منتظم وإجراء فحوصات دورية.
فحوصات تكشف عن سرطان عنق الرحم
تنصح الدكتورة بتلز النساء بإجراء فحوصات روتينية كما يوصي الأطباء، كونها تسهم في الكشف عن سرطان عنق الرحم والخلايا التي قد تتحوّل في المستقبل إلى خلايا سرطانية.
من هذه الفحوصات التالي:
- مسحة عنق الرحم: عادة ما تُنصح النساء بإجراء مسحة عنق الرحم مع مجموعة من الفحوصات الأخرى ذات الصلة. ويقوم الطبيب المختصّ من خلال فحص عنق الرحم بجمع عيّنة من خلايا عنق الرحم وإخضاعها لاختبارات متعدّدة في المختبر، بهدف الكشف عن أيّ تغيرات غير اعتيادية في تركيبتها الخاصة. ويمكن من خلال مسحة عنق الرحم الكشف عن أيخلايا تدعو للشك، بما في ذلك الخلايا السرطانية والخلايا التي يظهر فيهاتغيرات تزيد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم.وبشكل عام، يوصي الأطباء بالبدء بإجراء مسحة عنق الرحم في سن الـ 21 وتكرارها كل 3 – 5 سنوات لدى النساء اللاتي يبلغن من العمر 21 – 65 عاماً، علماً أن النساء اللاتي تزيد أعمارهنّ عن 65 عاماً يمكنهنّ كذلك الخضوع لهذا الفحص.
- اختبار الحمض النووي لفيروس الورم الحليمي البشري: يمكن للنساء اللاتي تزيد أعمارهنّ عن 30 عاماً إجراء مسحة عنق الرحم مع اختبار الحمض النووي لفيروس الورم الحليمي البشري، والذي يهدف لاختبار الخلايا التي يجري جمعها من عنق الرحم للوقوف على الإصابة بأيعدوى من أنواع فيروس الورم الحليمي البشري التي من يُرجّح أن تتسبّب بسرطان عنق الرحم. وفي بعض الحالات، يمكن إجراء اختبار الحمض النووي لفيروس الورم الحليمي البشري عوضاً من مسحة عنق الرحم.
وأنا أنصح النساء باستشارة طبيبهنّ المختصّ لإجراء الفحوصات الأنسب لحالتهنّ الصحية.
كيفية الوقاية من سرطان عنق الرحم وفائدة اللقاح في هذه الحالة
تؤكد الدكتورة بتلر على أن اللقاح الخاص بفيروس الورم الحليمي البشري، أثبت فائدته أيضاً حتى بعد الإصابة بالفيروسأوخضوع الأفراد لتشخيص يُظهر وجود خلايا قابلة للتحوّل إلى خلايا سرطانية في أجسامهم. ويبقى الوقت الأفضل للحصول على هذا اللقاح في سنمبكرة، إذ أنه يسهم في الحد من خطر الإصابة بسرطان الحلق وعنق الرحم والفرج والمهبل والقضيب والشرج.
وفي ردها على الشائعات التي تقول بأن لقاح فيروس الورم الحليمي البشري قد يضر بصحة المراهقات، قالت الدكتورة بتلر أنه لا توجد أدلة علمية كافية على مخاطر اللقاح الخاص بهذا الفيروس، علماً أن منظمة الصحة العالمية تشير لحصول الملايين عليه لغاية اليوم من دون اختبار أي آثار جانبية. وتضيف أن بعض النساء قد يشعرنبألم طفيف لفترة وجيزة في موقع إجراء الحقنة، لكن كل هذه الأعراض تبقى طفيفةً جداً مقارنةً بما قد تعانيه النساء عند خضوعهنّ لاختبارات تشخيص مرض السرطان.
وبحسب طبيبة أمراض النساء في "مايو كلينك"، فإن السن الأفضل لحصول الذكور والإناث على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري هوقبل بدء حياتهم الجنسية، أي بين عمر 9 – 11 عاماً. ويحصل صغار السن عادة على جرعتين من اللقاح، في حين يحصل البالغون على ثلاث جرعات منه.
وبجانب الفحوصات المنتظمة سنوياً للتأكد من صحة عنق الرحم والتحقق من صحة الجهاز التناسلي ككل، يسهم اعتماد نمط حياة صحي يحصل من خلاله الفرد على غذاء متوازن ويمارس فيه الرياضة بانتظام،في الوقاية من مرض السرطان. وتنصح الدكتورة بتلر الجميع بمراقبة مؤشر كتلة الجسم عن كثب للحفاظ على صحتهم بشكل عام.
ولا ننصح بالتدخين أبداً، تضيف قائلةً أنّه قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، ليسفي الرئة والبلعوم فحسب، بل أيضاً في الجهاز التناسلي.
تجدر الإشارة إلى أن الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم يضاعف فرص الشفاء منه. وتقول الدكتورة بتلر في هذا الصدد: "نحرص قدر الإمكان على الكشف عن سرطان عنق الرحم في مراحله المبكرة، إذ أن ذلك يسهم في مضاعفة فرص النجاة والحد من إصابة الفرد به من جديد."
العلاجات الجديدة تمنح الأمل في محاربة سرطان عنق الرحم
أكد خبير طبّي من مستشفى كليفلاند كلينك، أن الأبحاث المستمرة والعلاجات المناعية التي تم تطويرها لعلاج المرضى الذين يعانون من مرض سرطان عنق الرحم، خاصةً في مراحله المتقدمة، تمنح الأمل لمئات الآلاف من النساء في جميع أنحاء العالم.
وأوضح الدكتور روبرت ديبيرناردو، أخصائي التوليد وأمراض النساء، ورئيس قسم الأورام النسائية في مستشفى كليفلاند كلينيك أن الخبر الإيجابي هو أن مرض سرطان عنق الرحم يمكن الوقاية منه، ويمكن علاجه أيضاً، خاصةً عند اكتشافه مبكراً؛ كما يتم حالياً إجراء أبحاث مستمرة وتطوير علاجات مناعية جديدة يمكنها تقديم نتائج أفضل مع آثار جانبية أقل.
وقال الدكتور ديبيرناردو: "لقد نجحت أدوية مثبطات نقاط التفتيش المناعية في علاج سرطان الرئة وسرطان الجلد، لذا فهي تمثل فئةً جديدة مهمة من الأدوية التي يمكن اعتمادها لعلاج سرطان عنق الرحم، رغم أننا ما زلنا في مرحلة البحث والاكتشاف لمعرفة المزيد حول مدى فعاليتها. وفي حين أن أساليب العلاج التقليدية تعتمد على الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي لإزالة أو قتل الخلايا السرطانية، فإن العلاج المناعي يعمل على تحفيز جهاز المناعة في الجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية".
وأضاف: "بعبارات بسيطة، يمكن لجهاز المناعة في الجسم التعرف في البداية إلى الخلايا السرطانية، بالطريقة نفسها التي يحدد بها العدوى البكتيرية، ثم يقوم بمهاجمتها. ومع نمو الخلايا السرطانية وانتشارها، تعمل على تطوير آليات للاختباء من الجهاز المناعي على سبيل المثال، باستخدام بروتينات "نقطة التفتيش" التي يستخدمها الجهاز المناعي لتحديد الخلايا السليمة. وتستهدف الأدوية الجديدة القائمة على تحفيز العلاج المناعي، نقاط التفتيش هذه حتى يتمكن الجهاز المناعي من التعرف إلى الخلايا السرطانية وتدميرها ".
وتابع الدكتور ديبيرناردو: "نظراً إلى أن الأدوية الجديدة تُعزَز جهاز المناعة في الجسم، فهي جيدة التحمل بشكل عام مع آثار جانبية أقل مقارنةً بالعلاج الكيميائي أو الإشعاعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُحسَن العلاج المناعي معدلات البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، خاصةً في الحالات المتقدمة من مرض سرطان عنق الرحم".
ولفت إلى أن "نتائج هذه الأدوية يمكن أن تكون أفضل في المستقبل، ونتوقع خلال السنوات القادمة، معرفة المزيد حول كيفية تخصيص العلاجات باستخدام هذه الأدوية، على سبيل المثال، من خلال دمجها مع أدوية أخرى مناسبة لأنواع معينة من الأورام وذلك لتحسين النتائج".
في الختام، نستغل فرصة شهر التوعية من سرطان عنق الرحم لدعوتك من جديد عزيزتي المرأة، لضرورة المواظبة على الفحوصات الدورية لضمان صحة وسلامة جهازك التناسلي، ومراجعة طبيبك الخاص فيما يخص أخذ اللقاح ومنحه لأطفالك في عمر مبكر لضمان الحماية والوقاية وتفعيل عملية العلاج والشفاء حتى في حال الإصابة، لا سمح الله، بهذا المرض.