المجسمات الفنية في المملكة .. تنمية الذوق الفني والاستمتاع الجمالي
تتميز المجسمات الجمالية الفنية بأهميتها من حيث أنها إحدى وسائل تنمية التذوق الفني والاستمتاع الجمالي لدى أفراد المجتمع، ولطالما كان لهذه المجسمات الجمالية دور بارز في تجميل المدن وخاصة الميادين والشوارع الكبيرة مما يجعل بعض المدن والمناطق تتميز وتعرف أحياناً بشكل أو بإسم المجسم الجمالي، وتأتي المجسمات والمنحوتات الفنية بما يتسق مع الطفرات والتنامي الثقافي والفني الذي تشهده المملكة، سعيا لبناء مستقبل فريد وبناء مجتمع حيوي وجودة الحياة كأولوية استراتيجية وتحسين نمط الحياة للفرد اتساقاً مع رؤية 2030 .. وفي إطار ذلك سنلقي نظرة على أبرز المجسمات والمنحوتات الفنية في المملكة وارتباطها بأهم المواسم في المملكة، مرورا بـ "طويق للنحت" الحدث السنوي الرائد في مشهد الفن العالمي، وصولا إلى نظرة على المستقبل من خلال أبرز برامج مشروع "الرياض آرت".
أبرز المجسمات والمنحوتات الفنية في المملكة
عندما نتحدث عن أبرز المجسمات الفنية في المملكة فلا بد أن نذكر متحف جدة المفتوح للمجسمات، والذي يعد أول متحف مفتوح في جدة، ويعد واحدًا من أكبر مجموعات المجسمات والنماذج على مستوى العالم، وواحدة من أكثر مقتنيات الفن العام في العالم وأكثرها تنوعاً ،حيث يمتد نطاق الأعمال من التصميمات العربية التقليدية إلى الفن التجريدي والنصب التذكارية، ويتوسط المتحف في منطقة بالغة الجمال في الكورنيش الجديد ومليئة بخيارات التنزه، ويتوزع على مساحة 7 كلم2 ، ويضم المتحف 20 مجسماً فنياً من أعمال كبار الفنانين التشكيليين العالميين، ومن أبرزهم: الفنان البريطاني الشهير هنري مور، والفرنسيان فيكتور فاساريلي Victor Vasarely وسيزار بالداشيني César Baldaccini، والفنان الأسباني خوان ميرو، والفنان الأمريكي أليكساندر كالدر، والفنان الألماني جان أرب Jean Arp، والفنان المصري مصطفى سنبل، والفنان السوري ربيع الأخرس.
وكذلك يأتي "دوار الدراجة" من أشهر وأقدم معالم جدة وسمي بهذا الإسم لوجود مجسم عملاق الدراجة أو "السيكل" والتي دخلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر دراجة في العالم، والذي يعد موقعاً سياحياً يجذب الكثير من زوار جدة لمشاهدتها والتقاط الصور بجانبها.
ومن جانب آخر ارتبطت المجسمات الفنية الجمالية بأبرز المواسم في المملكة، فضمن فعاليات موسم جدة احتضنت منطقة "جده آرت بروميناد" مجموعة من المجسمات الفنية التي شكلت أبعاداً ثقافية وبيئية وحضارية أخذت بجمالها الزائر في رحلة بصرية مشوقة من تصميم الفنانين العالميين، عبرت عما بداخل الفنانين من إبداعات منقطعة النظير تحاكي جمالية المنطقة وهويتها البحرية الأصيلة، وكذلك احتوت منطقة "أوايسس" إحدى وجهات موسم الرياض، ثلاثة مجسمات لخيول أصيلة صُممت بطريقة إبداعية ثلاثية الأبعاد، حملت أسماء قادة ورموز المملكة، في مشهد فني وثق أسماء "عبدالعزيز، سلمان، محمد"، بأشكال هندسية تروي قصة مجد المملكة، وارتباطها بالخيول منذ القِدم، حيث شكلت مجسمات الخيول التي نُصبت وسط الكثبان الرملية لمنطقة "أوايسس" رمزًا لقيادات المملكة، إذ تحمل أسماء: الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – رعاه الله، وأضافت الإضاءات الجمالية الليلية على المجسمات رونقًا بديعًا في الموقع المتصل بمضمار مخصص للخيول الأصيلة، بهدف ترفيه الزوار، وإمتاعهم بتجربة استثنائية ضمن فعاليات موسم الرياض.
"طويق للنحت" الحدث السنوي الرائد في مشهد الفن العالمي
يعد طويق للنحت حدثًا سنويا مهما في مشهد الفن العالمي حيث يلتقي في الرياض أبرز فناني النحت من المملكة العربية السعودية ومختلف دول العالم لتقديم أعمال فنية إبداعية في عرضٍ حي مباشر، لتُعرض أعمالهم بعد ذلك في معرض فني مصاحب في عاصمة الفن الرياض.
ويساهم طويق للنحت والذي يعد أحد أبرز برامج "الرياض آرت" في إيجاد منصة مجتمعية تعزز التبادل الثقافي من خلال برنامج تفاعلي يحتوي على ورش عمل، جلسات حوارية، زيارات مدرسية وجولات للنحت الحي، حيث تصبح المنحوتات النهائية لطويق للنحت جزءًا من خريطة الرياض الفنية في مواقع رئيسية من العاصمة، لإثراء الحياة اليومية لسكانها وزوارها.
ويمثل طويق للنحت منصة يلتقي فيها الفنانون المحليون والدوليون، لصناعة أعمال فنية إلهامية،حيث يُتيح لزوّاره مشاهدة الرحلة الإبداعية لإنشاء المنحوتات، والمشاركة في ورش العمل التفاعلية، والحوارات حول تاريخ ومستقبل الفن العام، مما يساهم بشكل فعال في إثراء المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية.
نظرة إلى المستقبل: أبرز برامج مشروع "الرياض آرت"
الرياض آرت أحد مشاريع الرياض الأربعة الكبرى قيد التنفيذ، للمساهمة في تحقيق أحد أهداف "رؤية السعودية 2030" برفع تصنيف مدينة الرياض بين نظيراتها من مدن العالم، والذي يعد أحد أكبر مشاريع فن الأماكن العامة على مستوى العالم، ليسهم في تحويل مدينة الرياض إلى معرض فني مفتوح يمزج بين الأصالة والمعاصرة، وإطلاق آفاق جديدة للحركة الإبداعية المحلية والعالمية في المدينة، وجذب الفنانين والمختصين والمهتمين إليها من كافة أرجاء العالم، فضلاً عن دور المشروع في تعزيز القيم المجتمعية، والتفاعل الحضاري، والتبادل المعرفي، والتعاون الإبداعي، وتحفيز الحركة السياحية والترفيهية.
ويشتمل مشروع "الرياض آرت" على تنفيذ أكثر من 1000 عمل ومعلم فني من إبداع فنانين محليين وعالميين وعرضها أمام الجمهور في مختلف أرجاء مدينة الرياض، وذلك ضمن 10 برامج تغطي الأحياء السكنية، الحدائق والمتنزهات الطبيعية، الميادين والساحات العامة، ومحطات النقل العام، وجسور الطرق وجسور المشاة، ومداخل المدينة، وكافة الوجهات السياحية في المدينة.
ومن أبرز هذه البرامج التي ستعني بالمنحوتات الفنية، المشروع الفني "متنزه الفنون" والذي يعد أيقونة حدائق المنحوتات الفنية للقرن الحادي والعشرين، ليحوي حديقةً للمنحوتات الفنية المعاصرة لتخلق تجربةً فنيّة فريدة لجميع أفراد العائلة لقضاء وقت ممتع أو للاسترخاء والتأمل، كما ويحفز المتنزه سكان مدينة الرياض على التمعن في الفن والبيئة، وخلق بيئة للفنون التفاعلية والمعاصرة خارج نطاق جدران المتاحف، حيث سيتم عرض 30 عملاً فنيّاً بصورة دائمة أو مؤقتة.
وكذلك يأتي برنامح "وادي الفن" ليخلق مسارات فنية تمتد عبر الوديان والمدينة، تتكون من المنحوتات الدائمة التي أبدعها فنانو برنامج "طويق للنحت" لتعبر عن التكامل بين برامج الرياض آرت الفنية، وسيوفر وادي الفن فرصًا لتجربة المناظر الطبيعية من جديد، واحتضان الحياة في الهواء الطلق وتشجيع الناس على التفاعل والاستكشاف، من خلال أعمال فنية تحكي تاريخ المدينة وتراثها العريق وبيئتها الفريدة، إذ يحتوي البرنامج على أكثر من 100 عمل فني موزّع على 5 مواقع تقريباً.