أضواء بدر موهبة فنّية متعددة الأوجه نجمة غلاف عدد يناير من مجلة "هي"
حوار: ADNAN ALKATEB
نشأت أضواء بدر على حب الفنون وتقديرها. واكتشفت ثقافات مختلفة خلال تنقلها بين الولايات المتحدة، حيث ولدت والمملكة العربية السعودية، حيث جذورها. خطّت أول أبياتها الشعرية وهي في السادسة من عمرها، وصارت في سنوات المراهقة عارضة أزياء، متعطشة إلى التعبير عما يختلج نفسها من أفكار وأحاسيس بوسيلة مختلفة. تمارس أيضا الرقص والغناء والرسم، وتدرس حاليا كتابة السيناريو، وخاضت حديثا مغامرة مع فن التمثيل، فكانت النتيجة نجاحا باهرا تكلل بجائزة عالمية واهتمام كبير من الجمهور المحلي والإقليمي.
هذه الفنانة السعودية الشابّة هي بطلة الفيلم السعودي "ناقة"، الذي عُرض للمرة الأولى عالميا خلال الدورة الأخيرة من مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، وعُرض أيضا في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، قبل إطلاقه على منصة "نتفليكس"، حيث حقق أعلى نسبة مشاهدة في السعودية لأسبوعين بقي بعدهما ضمن قائمة الأفلام العشرة الأكثر مشاهدة. لفتت "أضواء" أنظار المشاهدين المحليين والإقليميين والدوليين، واختيرت أحد "النجوم الصاعدين" لعام 2023 في مهرجان تورونتو السينمائي لأدائها الرئيس الرائع، إلى جانب حصولها على جائزة وزمالة SHARE HER JOURNEY للمواهب النسائية ضمن المهرجان نفسه، وهي أول ممثلة سعودية تحقق هذا الإنجاز.. أضواء وبعد تألقها في دور "سارة" أسرت قلوب المشاهدين الذين رافقوها في رحلة مشوّقة، وشاركوها مجموعة كبيرة من المشاعر، تسطع على غلاف عددنا الأول في هذه السنة الجديدة، التي نستقبلها بأمل وإيجابية وتفاؤل.
عن شخصية "سارة " وفيلم "ناقة" وتجربة العمل عليه، والفن والإلهام والثقافة، كان لي هذا الحوار مع "أضواء"، الفنانة الموهوبة التي تجد في أشكال فنية مختلفة متنفسا إبداعيا تعبّر من خلاله عن نفسها، نفسها "الروحانية" كما تقول..
ولدتِ في فلوريدا، وأمضيتِ أولى سنوات حياتك في ولاية تكساس، قبل الانتقال مع عائلتك للعيش في الرياض. كيف أسهم هذا المزيج الثقافي الذي اختبرته في صياغة المرأة التي أنت هي اليوم؟
ولدت وترعرعت في الولايات المتحدة، ورافقني ذلك التنقّل ذهابا وإيابا طوال حياتي، التي عشت معظمها في الخارج. نشأتُ كطفلة من أطفال "الثقافة الثالثة"، وساعدني ذلك على التواصل بشكل أسهل مع الآخرين، دون تباعد أو تفرقة. إن الفكرة الراسخة حقّا في هويتي هي أن جميعنا، نحن البشر، متشابهون.
بين عرض الأزياء والشعر والتمثيل وكتابة السيناريو التي تدرسينها حاليا.. لماذا اخترتِ الفن، وأي مجال فنّي هو أكثر وسيلة تساعدك على التعبير عن ذاتك؟
كنت شاعرة قبل أن أصبح عارضة أزياء مراهقة. كتبتُ أول أشعاري وأنا في سن السادسة فقط، وقد غرست والدتي في نفسي حبّ القراءة والكتابة والرسم والفنون عامّة. حرصت على إنشاء مكتبة منزلية ضخمة لنا، وأخذتنا لزيارة مسارح الأطفال في الولايات المتحدة، وحضور فعاليات البرامج الثقافية والعروض الحية، وقرأت معنا كتبا فنّية، وعرّفتنا إلى الموسيقى الكلاسيكية مثل أعمال "موزارت" و"شوبان". دعمني والداي في كل شكل من أشكال الفنون التي عبّرتُ من خلالها، من الكتابة إلى الرقص، مرورا بالرسم والغناء. وسأقول إن الشعر والغناء هما التخصصان الفنّيان اللذان يساعدانني في التعبير عن نفسي أكثر من غيرهما. وفي الوقت نفسه، أستمتع بالتمثيل، وأشعر معه بأنني أعبّر عن نفسي وأعكس ما في داخلي من خلال شخصية أخرى، ولا يزال ذلك بالنسبة إلي تجربة جديدة أنا في صدد استكشافها.
لماذا اتّجهتِ نحو التمثيل؟ وكيف حصلت على دورك النجومي الأول في فيلم "ناقة"؟
أنا ممتنة لأنني لم أختر التمثيل، بل هو الذي اختارني. مشروع "ناقة" كان فرصة أتيحت لي أثناء عملي على مشاريع فنّية أخرى. تصوّرني المخرج والكاتب في هذا الدور، وترددتُ في البداية لأنني أردت التركيز على دراستي. لكنني شاكرة لأنني اغتنمتُ هذه الفرصة، وفتحتُ ذراعيّ نحو التمثيل الذي أعتقد أنني لطالما أردت في أعماقي أن أجرّبه وأستكشفه، وهو ما قد يكون سبب اتّجاهي في البداية نحو عرض الأزياء الذي أراه وسيلة فنّية قريبة منه.
لماذا جذب "ناقة" برأيك كل هذا الاهتمام وحصد نسب مشاهدة عالية جدا؟ وبما أنك تدرسين كتابة السيناريو، أين ترين نقاط القوة في نصّ الفيلم؟
أعتقد أن فيلم "ناقة" لفت كل هذا الانتباه لأنه أحد الأفلام القليلة التي تدور قصّتها حول بطلة نجدية، إضافة إلى تقنيات المخرج السابقة جدا لعصرها، وقد يكون ذلك سبب إثارة الفيلم للكثير من المناقشات على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.
في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، حيث كان العرض العالمي الأول لفيلم "ناقة"، كُرّمتِ بجائزة للمواهب النسائية. أخبرينا أكثر عن هذا التكريم، وما يعنيه لك في هذه المرحلة من مسيرتك المهنية.
أنا ممتنة لكوني أحد "النجوم الصاعدين" في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي TIFF RISING STARS لعام 2023، ولتسلّمي جائزة SHARE HER JOURNEY الداعمة للمواهب النسائية. وأنا أول ممثلة سعودية تحصل على هذه الجائزة، وهو إنجاز كبير، خصوصا أنني ما زلت في بداية مسيرتي المتواضعة في مجال التمثيل.
ما الذي جذبك إلى دور "سارة" في فيلم "ناقة"، وما سمات شخصيتها التي تشبهك؟
ما يربطني بشخصية "سارة" هو المرونة والعزيمة. لطالما أردت أداء الغضب الأنثوي وتجسيده والتعبير عنه، وكان بمنزلة شفاء للكثير من جوانب ثقافتنا. على الشاشة، بشكل عام، يتم تصوير النساء على أنهن شريرات إذا غضبن؛ لكن غضب "سارة" في هذا الفيلم مبرّر.
كيف تصفين تجربة العمل على "ناقة"؟ وهل تتذكّرين أحداثا معيّنة جرت خلال التصوير وأثّرت فيك؟
المشهد الأول مع الجمال كان مهيبا، وإحدى ذكرياتي المفضلة من موقع التصوير. في لحظة تصويره، طمستُ كل صورة ذهنية عن محيطي وطاقم العمل الموجود، ولم يعد هناك سوى أنا والجمال في مكان بعيد عن كل شيء. كنت متأثرة بشدّة بعد الانتهاء من تصوير ذلك المشهد، إلى درجة أنني بكيت لأنني شعرتُ حقا بوجود الله معي.
هل من أساليب محددة تتبعينها للاستلهام والتحضير حين تستعدّين للعب دور ما؟
من الضروري أن نبحث ونتعاون مع الكاتب والمخرج وننشئ رابطا معيّنا معهما. الثقة بحدسك أوّلا قبل الثقة بالمخرج ورؤيته أمر محوري، ثم يجب أن نفعل كل ما بوسعنا حتى نقدّم ما يبحث عنه بعد أن نكون قد طلبنا منه مراجع واضحة حول ما يريده ويتصوّره. بحثتُ في الكثير من أساليب التمثيل ومقارباته؛ وإنني، على المستوى الشخصي، شخص روحاني جدا. لذلك، يهمّني أن أتواصل مع الله، وأتأمّل خلال الاستعداد لكل شيء في حياتي.
من النساء اللواتي ألهمنك في صناعة الأفلام؟
"مونيكا بيلوتشي"، و"ميريل ستريب"، و"سوزان ساراندون"، و"زيندايا"، و"أليكسا ديمي"، و"أنجيلينا جولي" في شبابها، و"وينونا رايدر".
أثناء نشأتك، هل تأثرت بأفلام معينة تركت بصمة على فنّك حتى يومنا هذا؟
أثّر فيلم "فتاة، قوطعت" GIRL, INTERRUPTED فيّ كثيرا، ولم أكن قد شاهدتُ قبله تمثيلا من هذا النوع، وهو تمثيل وجدتُه يشبه أداء "فيروزا باك" في "الحرفة" THE CRAFT.
في طفولتي، أحببت فيلم "أميرة صغيرة"A LITTLE PRINCESS (1995)، لأنه ساعدني على الإيمان بالمعجزات والتحلّي بالإيجابية، وأبكاني في كل مرة. ولا أنسى BEETLEJUICE ومعظم الأعمال الأخرى للمخرج "تيم برتون". وكان لأداء "زيندايا" الرائع في مسلسل EUPHORIA أيضا وقع كبير عليّ، خصوصا أنني لم أكن قد تعاطفتُ من قبل مع شخص يعتبره المجتمع عموما "قابلا للتخلص منه". أدّت "زيندايا" دور شخصية فيها الكثير من العيوب، وتعاني من مرض عقلي، وقد ساعدتني بذلك على فهم الأمراض العقلية على نطاق مختلف، ومن وجهة نظر نفسية.
كيف كانت مشاركتك هذه السنة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؟ وأين تكمن أهمية حدث كهذا بالنسبة إلى المواهب المحلية والإقليمية؟
كانت حدثا ممتازا، وأمضيتُ خلال المهرجان وقتا رائعا. يسعدني أن أكون جزءا من مبادرة مدهشة تسلط الضوء على مواهب محلية وعالمية، وسأكون فخورة إلى الأبد بكل التغييرات المذهلة التي تشهدها بلدي السعودية.
شهدت صناعة الأفلام العربية تطورا وتقدما هائلين في السنوات الأخيرة. ما الذي لا تزالين تتمنين رؤيته يحدث، ولا سيما حين يتعلّق الأمر بالمواهب النسائية؟
أود أن أرى في السينما تمثيلا أصيلا حقيقيا للعرب ولكل مناحي حياة المرأة في ثقافتنا. وأتمنّى أن أرى أيضا تعاونا بين المواهب العربية، وجسورا تصل بين هوليوود وصناعة الأفلام السعودية.
سرد قصص حقيقية عن منطقتنا مهم للغاية. كيف نلقي الضوء على ثقافتنا الحقيقية من خلال الأفلام؟
من الضروري أن نلقي الضوء على النجاحات التي نحققها والصراعات التي نواجهها في ثقافاتنا، لكن من المهم أيضا إنتاج أفلام تنتشلنا من الواقع، بداعي الترفيه. الأكيد أننا بحاجة في هذه اللحظة إلى رؤية قصص عربية تلهمنا وتمكّننا.
هلا أخبرتنا أكثر عن شعرك أسلوبا ومضمونا؟
يتأرجح شعري بين مناجاة النفس، والتأمّل الذاتي، واستكشاف العواطف. وتدور موضوعاته حول الوجودية والاستبطان.
هل تتخيلين نفسك يوما ما خلف الكاميرا، تخرجين فيلما روائيا طويلا؟
أود إخراج فيلم روائي طويل. الأعمال التي أخرجتها حتى الآن كانت أفلاما قصيرة لأشعاري عرضتُها بشكل خاص.
ما حلمك المهني الأكبر؟
على صعيد السينما، أتمنّى الحصول على فرصة العمل مع "غريتا غيرويغ"، و"تيم برتون"، و"يورغوس لانثيموس"، و"سام ليفنسون"، و"مارتين سكورسيزي"، و"صوفيا كوبولا"، و"كوينتن تارانتينو"، و"ويس أندرسون"، و"لوكا غوادانيينو".
بالنسبة إلى الموسيقى، أتمنّى التعاون مع "جاك أنتونوف"، و"ريك روبن"، و"جون بريون"، و"بيتس أينت فري جاي جي"، و"كانيه ويست"، و"تيمبالاند"، و"مارك رونسون"، و"روب بايزيل"، و" كيندريك لامار"، و"أندري 3000"، و"ريهانا"، و"لانا دل راي".
ما آخر كتاب قرأته؟
أقرأ حاليا أربعة كتب: "تزكية القلب" للباحث "حمزة يوسف"، و"قواعد العشق الأربعون" للكاتبة "ألف شفق"، و"كل شيء عن الحب" للكاتبة والناشطة الاجتماعية "بيل هوكس"، و"قوة الآن" للمؤلف "إيكهارت توله".
الفيلم المفضل لديك على الإطلاق؟
الأفلام المفضلة لدي كثيرة. حاليا، هي: "كثيب" (2021)، و"نساء صغيرات" (2019)، و"كفرناحوم" (2019)، و"آنا كارينينا" (2012)، و"حوض سمك" (2009)، و"الإشراقة الأبدية للعقل الطاهر" (2004)، و"المفضلة" (2018).
ما فئة الأفلام التي تفضلين مشاهدتها أكثر من غيرها؟
ما من فئة مفضلة لدي؛ أحبها كلها.
هل من قضية عزيزة على قلبك ترغبين في إلقاء الضوء عليها ودعمها ومناصرتها؟
الإنسانية قضية عزيزة على قلبي، وأتمنى حل الأزمات الإنسانية التي شهدناها في عام 2023 بشكل بنّاء، وبعقل وقلب منفتحين.