المخرج إيلي السمعان لـ"هي":المنصات رفعت سقف الدراما وفيلمي المرتقب على نتفليكس يبعث على السعادة!
المخرج اللبناني إيلي السمعان من أكثر فناني جيله حبا للمغامرة، حيث أنه بالمقاييس العمرية لايزال شابا لكن في خبرته العملية تضعه في مصاف الكبار، حيث نجد أنه حقق نجومية وتميزا خلال فترة قصيرة، بالإضافة إلى تنوع الحقول التي يبرع بها، سواء كانت الكليبات الغنائية أو الدراما التليفزيونية إضافة إلى مشروعه السينمائي، وفي حواره مع "هي" يكشف لنا عن جديده وعن أقرب أعماله إلى عقله وروحه، ويبوح كذلك برؤيته لعالم منصات العرض الإلكترونية وكيف ساهمت إيجابا في تطوير المحتوى الدرامي وما هي تفضيلات المشاهد العربي برأيه، وأيضا يتحدث عن توقعه لمستقبل الإنتاجات الفنية الخليجية خلال الفترة المقبلة.
قدمت أعمال اجتماعية بها بعض لمحات الكوميديا ومؤخرا أصبحت أعمالك ذات طابع تشويقي فأيها هي اقرب إليك؟
أكتشف جزءًا من نفسي في كل نوع وفي كل عمل. كل طابع من عملي يحمل شكل وطريقة خاصة في الإعداد والتعامل كمخرج. بالنسبة لي، تعتبر الأصالة والصدق والقصص التي يتردد صداها مع الناس وتثير المشاعر أمرًا ضروريًا. عندما أشير إلى العواطف هذا لا يعني أن تكون دائمًا دموع حزن، بل يمكن أن يكون عالم من الضحك أو الحب أو الخوف أو أي عاطفة إنسانية حقيقية. وطالما أستطيع التعامل مع المشاعر الإنسانية الحقيقية، فإنني أعتبر نفسي مخرجًا ناجحًا.
لماذا بات الجمهور العربي منجذبا نحو الأعمال التي تحمل غموضا وإثارة بخاصة في الدراما التليفزيونية؟
أنا أختلف قليلا في الرأي عن الكثير من المخرجين. في ملاحظاتي، هناك طلب متزايد على ما نسميه بالأفلام أو المسلسلات حس للسعادة – دراما أو قصص "تشعرك بالسعادة"، وهي فئة يبدو أننا نفتقر إليها كثيرا. نظرا الى التحديات التي لا تعد ولا تحصى في العالم - الحروب والفيروسات والأزمات المالية وغيرها، عندما يرتاح الناس بعد يوم طويل ومجهد، فإنهم يبحثون عن شيء يسعدهم للهروب من هذا الواقع الصعب. لقد وصلت العواصف المستمرة من القضايا المربكة إلى نقطة تحول، وأشعر أن الأفراد يبحثون بنشاط عن محتوى يرفع من معنوياتهم ويجعلهم يشعرون بالرضا. إنهم يتوقون إلى شيء يوفر راحة مؤقتة من الفوضى المحيطة بنا.
ما هو أكثر عمل فني قدمته واعتبرته بمثابة نقلة بالنسبة لك
كل مشروع قمت به يحمل مكانًا فريدًا وبصمة نوعية وهامًا في قلبي. أعتقد أنه مع كل مشروع، شهدت النمو والنضج، مما دفعني إلى إدراك الأمور بشكل مختلف. ومع ذلك، إذا كنت سأختار مسلسلاً واحداً، فسيكون "شتي يا بيروت". بالإضافة الى شتي يا بيروت أعشق أيضا الفيديو الموسيقي والأبرز الذي قمت به لجورج وسوف "بيتكلم عليا".
إلى أي مدى أثرت بيروت على طريقة تفكيرك كمخرج وما الذي حرصت أن تعبر عنه في بيروت من خلال "شتي يا بيروت وبيروت 303"؟
أحد الجوانب المحورية ليكون الشخص مخرجا ماهرًا هو القدرة على استيعاب التأثيرات من المجتمع والبيئة. هذا التفرد والأصالة يميزني أنا شخصيا. لقد عرّفتني نشأتي بين كندا وبيروت على مزيج من الثقافتين. لقد اكتسبت رؤى من كل منهما، وكلاهما ساهم بشكل كبير في تشكيل وجهة نظري، وأنا أعتبر نفسي شرق أوسطيًا ذو نهج غربي. وهو فخر لي أن يكون هناك اثنتين من مسلسلاتي تحملان اسم مدينتي الحبيبة بيروت، وفيما يتعلق بأجواء كل من العملين، فـ"شتي يا بيروت" يتطرق إلى تداعيات القرارات التي اتخذها الجيل السابق. إن الاختيارات التي يتخذها آباؤنا يتردد صداها في حياتنا، سواء رحبنا بها أم لا. في مرحلةٍ ما، تجد نفسك تتوق إلى ماء أو مطر يغسل تعقيدات وجودنا، فتُطلق أغنية "شتي يا بيروت".
يتناول مسلسل "بيروت 303" قصة درامية مليئة بالغموض والإثارة، ويوضح كيف تتعامل الطبقات الاجتماعية المختلفة مع قضية مشتركة. إنه يستكشف الاستجابات المتنوعة للفقر والقمع، ويسلط الضوء على كيفية استغلال بعض الأفراد لاسم الله للتلاعب بالآخرين وتضليلهم.
إلى أي مدى في رأيك أثرت منصات العرض الإلكتروني على تطور الدراما العربية؟ وأبعد من ذلك هل تعتقد ان الذكاء الاصطناعي قد يغير اللعبة في المشهد السينمائي؟
لقد أثرت المنصات الرقمية بشكل كبير على الدراما العربية بطرق مختلفة. أولاً، أصبحت المسلسلات والأفلام العالمية في متناول الجمهور بسهولة، مما أدى إلى رفع التوقعات من الدراما العربية. لقد تم رفع المستوى، وشهدت المسلسلات العربية زيادة في قيمة الإنتاج لتلبية هذه المعايير العالية. وهناك ميزة أخرى تتمثل في الانتشار الأوسع عبر الدول العربية والعالم. ومع وصول المحتوى الآن إلى الجميع من خلال المنصات الرقمية، فإنه يصل إلى جمهور أوسع خارج محطات التلفزيون المحلية.
أما بالنسبة للذكاء الاصطناعي، فأنا أرى أنه يوسع آفاقنا ويدفع الحدود التي كانت تقيدنا في السابق. والأهم من ذلك، أنه لا يقلل من مشاركة الإنسان في صناعة الأفلام؛ بل إنه يحول ما كان يعتبر في السابق مستحيلاً إلى إنجازات يمكن تحقيقها.
ما رأيك بتطور الدراما الخليجية في ظل الدعم المتزايد لها؟ وكيف تراها في السنوات المقبلة؟
لقد لاحظت طفرة كبيرة في الدراما الخليجية، تميزت بإنتاجات عالية الجودة. أنا فخور بإكمال إخراج أول فيلم كويتي طويل لي مؤخرًا الذي سيعرض على منصة نيتفليكس وأتطلع بفارغ الصبر للانخراط في المزيد من المشاريع في هذا السوق الواعد.
وماذا عن جديدك السينمائي؟
"هذا أنا" هو فيلم قصير يتعمق في كفاح ثلاثة مراهقين لبنانيين، مما أدى إلى حصوله على جائزة أفضل فيلم قصير دولي في مهرجان مدينة نيويورك السينمائي الدولي. يحمل هذا الاعتراف أهمية خاصة حيث تنافس الفيلم مع المئات من جميع أنحاء العالم. أما فيلمي القادم على Netflix، فهو إنتاج كويتي من المقرر عرضه خلال هذا العام، وأنا متحمس جدًا لهذا المشروع ولدي توقعات كبيرة به. إنه فيلم يبعث على الشعور بالسعادة وأعتقد أن المشاهدين سيستمتعون به تمامًا!
ما هو مستقبل صناعة الأغاني المصورة برأيك وهل ما زالت قادرة على المنافسة في ظل هيمنة مواقع التواصل؟
أعتقد أنه لا يوجد شيء يمكن أن يحل محل مقاطع الفيديو الموسيقية. إن الجمع بين العناصر المرئية والموسيقى يوفر للجمهور تجربة مقنعة، ويستفيد الفنانون من عرض أنفسهم في أفضل ضوء ممكن. يضيف العنصر المرئي قيمة إلى الأغنية، مما يعزز عرضها وإمكاناتها التسويقية. على مر السنين، ظهرت اتجاهات مختلفة مثل مقاطع الفيديو التي تعرض كلمات الأغاني، والصور التي تحتوي على كلمات، ومقاطع الفيديو التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في محاولة لاستبدال مقاطع الفيديو الموسيقية. ومع ذلك، تميل هذه الاتجاهات إلى التلاشي، وتظهر اتجاهات جديدة. على الرغم من هذه التغييرات، فإن العنصر الدائم في صناعة الموسيقى هو الدور الذي لا يمكن استبداله للفيديو الموسيقي.