ما هي أضرار التدخين على الصحة النفسية.. وهكذا تنجحين بالإقلاع عنه
كثيرة هي العادات الحياتية الخاطئة التي يقترفها الإنسان بحق نفسه وصحته وصحة من يحب، وعلى رأسها التدخين الذي يُعرف بأنه أسوأ ما عرفته البشرية حتى الساعة، بجانب المشروبات الكحولية والأطعمة الجاهزة التي تحمل إسم Junk Food.
بل وقد تكون آفة التدخين هي أكثر الآفات الضارة بالإنسان على مر التاريخ، ويمكن أن تُلحق به أضراراً صحية ونفسية وحتى جمالية. فالتدخين يضر بصحة الرئتين والقلب في المقام الأول، ما يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة والتهابات الرئتين الحادة فضلاً عن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وينسحب هذا الضرر ليس فقط على المدخنين أنفسهم، بل على المحيطين بهم ضمن دائرة ما يُعرف بإسم التدخين السلبي. وهو ما يدفع بالحكومات والمؤسسات الصحية الخاصة والعامة، للتحذير دوماً من مخاطر التدخين وتداعياته على الأفراد بكافة الأعمار.
في موضوعنا اليوم، نتطرق وإياكم للحديث عن أضرار التدخين على الصحة النفسية والتي لا تقل خطورة عن أضراره على الصحة الجسدية، مع بعض النصائح التي تساعد في التخلص من هذه الآفة وتداعياتها السلبية.
أضرار التدخين على الصحة النفسية
لا شك في أن التدخين يأتي في طليعة "العادات السيئة" التي يلجأ إليها الإنسان، إما لإثبات أنه ناضج ويمكنه محاكاة الكبار، أو كرغبة دفينة في تجربة إحساس المدخنين، خصوصاً إذا ما توفرت وسائل الإغراء من قبل المحيطين.
وفي السنوات الأخيرة، لم يعد التدخين مقتصراً على السجائر العادية بل امتد للسجائر الإلكترونية، الشيشة وحالياً نجد الكثيرين ممن يدخنون Vape وهو عبارة عن سيجارة إلكترونية لا يتم فيها حرق التبغ مما يجعلها غير ضارة بالصحة كأنواع السجائر التقليدية، وهي جهاز يُسخن السائل الذي يحتويه لتكوين بخار يتم استنشاقه.
على الرغم من دراية المدخنين مسبقاً بأضرار التدخين، إلا أن التعلق به فيما يشبه الإدمان يجعل من الصعب عليها التخلي عن هذه العادة السيئة جداً، حتى وإن تعرضوا لمشاكل صحية جراء التدخين.
إذن، الإدمان هو التسمية الصحيحة لبقاء الإنسان عالقاً في خانة التدخين بالرغم من معرفته بمخاطره مسبقاً، وهو ما يحتاج لمعالجة نفسية وليس جسدية فقط لتحفيز المدخن على ترك السيجارة أو الشيشة تجنباً لأضرارها المستقبلية.
والحقيقة أن الكثيرين يعانون من انسحاب النيكوتين عند محاولتهم التوقف عن التدخين، ويدخلون في دوامة من الإكتئاب والتوتر والعصبية تجعلهم يعودون عن قرار الإقلاع بعد فترة، خاصة إذا ما توافرت المغريات من حولهم أو زادت حالات الضغط النفسي والعصبي الناجمة عن مشاكل الحياة والعمل وغيرها. لذا فإن عملية الإقلاع عن التدخين لا تتطلب فقط تحفيزاً نفسياً وإنما علاجاً دوائياً تحت إشراف طبيب مختص بجانب المعالجة النفسية.
عند سؤال البعض عن السبب وراء لجوئهم للتدخين، فإن الإجابة الأسرع تكون: للتخلص من التوتر النفسي بسبب ضغوطات الحياة. ويعمل النيكوتين الموجود في السجائر على تحسين المزاج والتخلص من التوتر فور وصوله للدماغ سريعاً جراء التدخين، وهو ما يُفسر لجوء الكثيرين للتدخين، بل والعودة سريعاً إليه بعد محاولة الإقلاع عنه.
لكن تأثير النيكوتين هذا عادة ما يكون مؤقتاً ولا يدوم لفترة طويلة، ما يعني عودة القلق والتوتر للإنسان وحاجته لإشعال سيجارة أخرى في وقت قريب. ويؤدي تعرض الجسم الدائم للنيكوتين لتغيرات كبيرة في الدماغ، بحيث يدمن الجسم عليه لتبدأ أعراض انسحاب النيكوتين بالظهور على المدخن بشكل حادة عند نقص مستويات النيكوتين في جسمه.
من هذه الأعراض، الصداع الشديد والعصبية واضطراب النوم وفتح الشهية وزيادة الوزن. وهو ما يجعل المدخن بحاجة شديدة للعودة إلى التدخين لاعتقاده بأنه يساعده في التخلص من هذه الإضطرابات وتحسين حالته النفسية.
وقد أثبتت دراسات عدة، أن لجوء الإنسان للتدخين للتخلص من الضغط النفسي والتوتر والإكتئاب ما هو إلا وسيلة عقيمة لزيادة هذا الضغط مع الوقت. وبحسب هذه الدراسات، فإن زيادة نسبة النيكوتين في الدم ووصوله إلى الدماغ، يزيد من تحفيز إنتاج الدوبامين في الجسم، والتخلص من الاكتئاب والمشاعر والأفكار السلبية. لكن مع مرور الوقت، يتسبب النيكوتين بإيقاف الآلية الطبيعية المسؤولة عن إنتاج الدوبامين في الدماغ ونقصه في الجسم ما يسمح بظهور العديد من أعراض الإكتئاب والتوتر عند ترك التدخين لبعض الوقت.
نصائح فعالة للإقلاع عن التدخين
آخذين في الإعتبار هذه المتغيرات والعواقب السلبية للتوقف المفاجئ عن التدخين، ينصح الخبراء كافة المدخنين بوجوب تحديد الوقت المناسب للتخلي عن هذه العادة، خاصة في غير أوقات الضغط والتشنج النفسي. كما يُنصح المدخنون عادة بتحديد أهدافهم لجهة الإقلاع ووضع خطة تتلاءم وحاجاتهم الصحية والنفسية للتوقف عن التدخين بموازاة التيقن من الآثار الجانبية لترك السيجارة وغيرها من أنواع التدخين الضارة.
ويتم هذا الأمر بالتوافق مع طبيب مختص لمساعدة المدخن على الإنسحاب تدريجياً من التدخين لمنع حدوث مضاعفات سلبية جراء تراكم النيكوتين في جسمه. كذلك فإن الدعم المعنوي والنفسي الذي يلقاه المدخن من محيطه العائلي والعملي ومن الأصدقاء، يسهم في تقليل الآثار السلبية للإقلاع عن التدخين وتحفيز المدخن على المضي قدماً في مسيرته للتخلص من هذه الآفة.
وبجانب العلاجات التي أثبتت فعاليتها في مساعدة المدخنين للإقلاع عن التدخين مثل الأدوية المضادة للإكتئاب ومعالجة التعويض بالنيكوتين من خلال العلكة أو لصقات النيكوتين وغيرها من العلاجات الشائعة حالياً، فإن المدخن يمكنه اللجوء لبعض العلاجات الطبيعية التي تصب تحديداً في خانة محاربة الإكتئاب والتخلص من التوتر والضغط النفسي الذي يمر به يومياً، سواء لجهة ممارسة الرياضة واللقاءات الإجتماعية، أو القيام ببعض النشاطات الفكرية والذهنية لمساعدته في هذه المسألة.
يبقى أن نشير أخيراً، إلى أن آفة التدخين ليست بالأمر السهل وتحتاج لمتابعة مع أطباء مختصين ضمن مراكز متخصصة في هذا المجال. فلا تترددي عزيزتي القارئة في طلب المساعدة من المختصين، وحاولي أن تكوني صبورة لمساعدة نفسك ومن حولك ممن يدخنون للتخلص بشكل فعال من هذه العادة السيئة مع الوقت.