رحلة دار كازابلانكا في "هي هَبْ": علامة أزياء من أصل عربي تنافس الكبار
بشرائك لإحدى القطع من تصاميم كزابلانكا الفريدة، فأنت تضع بين يديك تذكرة سفر من الدرجة الأولى. تأخذك في جولة إلى أحسن الأماكن عبر العالم وأكثرها إثارة كما توقظ فيك أجمل الأحاسيس والمشاعر. كل ذلك في قالب عنوانه الفخامة والرقي. لذلك، كان لا بد لـ"هي هَبْ" فعالية الفن والموضة والثقافة، في نسخته الثانية أن يضيء على هذه الدار حيث شارك مصمّم الأزياء الحائز على جوائز، شرف تاجر، رحلة داره كازابلانكا – من سنواته الأولى في التصميم الإبداعي إلى إطلاق علامته التجارية في عام 2018، حتى أصبحت اليوم دار أزياء باريسية رائدة في حديث مع منسق الأزياء وناقد الموضة أسامة الشابي.
كازابلانكا، اسم علامة أزياء رجالية حديثة رأت النور سنة 2018 في قلب باريس. من إبداع مصمم الأزياء والمهندس المعماري شرف تاجر، المغربي الأصل والفرنسي المولد والمنشأ. بالنسبة لتاجر، كازابلانكا ليس فقط اسما عاديا لعلامة أزياء. فهو اسم المكان الذي بدأت فيه قصته في هذا العالم. كونه ثمرة توجت قصة حب جميلة جمعت بين والديه عندما كانا يعملان في ورشة للأزياء بمدينة الدارالبيضاء، وهو الاسم العربي لكازابلانكا. كازابلانكا، ذلك الاسم الإسباني لمدينة تم استعمارها من قبل فرنسا، والمتواجدة في بلد عربي مسلم له جذور أمازيغية داخل قارة افريقيا. كل حي وزقاق فيها يحكي قصته الخاصة وسط تنوع ثقافي ومعماري كبيرين. كازابلانكا ليست استحضارا للمكان بقدر ما هو تجسيد لفكرة التنوع وروح الاستكشاف والسفر. وهو أيضا دعوة أيضا لكل الحالمين القادمين من بلدان كالمغرب وغيره ليخرجوا إلى العلن وليحكوا قصصهم الخاصة وليعرفوا بأنهم قادرون على تحقيق ما يحلمون به.
صحيح أن اسم العلامة مستوحى من المغرب، لكن "ما نصنعه ليس بالضرورة مغربيا". يقول تاجر في جلسة "هي هب". "فبالإضافة إلى أن المتعارف عليه في مجال الأزياء أننا لا نضع دائما أصولنا في الواجهة خلال العمل في هذا المجال. فإن الفكرة من وراء هذه العلامة التجارية، هو أن نكون هذه المرة من يكتشف العالم وليس العالم من يكتشفنا. فقد جرت العادة في بلد عريق مثل المغرب وفي جل بلداننا التي تنتمي إلى المنطقة العربية والإفريقية بصفة عامة، بأن نكون المستقبلين للآخر والمطالبون بعرض ثقافتنا للاستكشاف. وهو ما وضعنا داخل خانة الاستقبال وحصرنا ضمن هذا الإطار. لكن حان الوقت لنكسر هذه الصورة النمطية ونبدأ نحن باكتشاف العالم ومحاكاته بطريقتنا من خلال الأزياء. ومن هنا أتت فكرة هذه الدار لنؤكد فكرة أن لنا وجهة نظرنا الخاصة حول العالم". يؤكد تاجر.
لا تحد "كازابلانكا" طريقة واحدة لإخبار القصة. لكن الأساسي بالنسبة لشرف تاجر هو أن يكون من خلال عيون إيجابية وإيمان بجمال هذا العالم. يقول شرف: "في باريس، من السهل أن تلبس اللون الأسود وتبدو للعالم أنك عميق وحزين". في إشارة لنظرية في مجال الأزياء والفن بصفة عامة تقول بأنه لتكون فنانا يجب أن تظهر للعالم بأنك "عميق" ولتظهر بهذا الشكل يجب أن توحي بأنك حزين. غير أن هذا يتنافى مع أسلوبي وأفكاري. فشخصيا أريد مشاركة جمال العالم المحيط بنا من خلال هذه العلامة. والتأكيد بأن القيام بهذا ليس "مبتذلا" كما يحاول البعض تصويره لنا. هذا لا يعني بأننا مثاليون أو أننا لا نرى المشاكل المحيطة بنا في هذا العالم. لكن الفكرة هي تجربة السيء والجيد مع الحفاظ على النظرة الإيجابية والتركيز عليها. وإذا كان بإمكان الاستماع لقطعة موسيقية جميلة أو رؤية فيلم سينمائي جميل أن يحسن مزاجنا، فاختيار أزياء معينة بألوان وقصات جميلة من شأنه أيضا أن يغيرمزاجنا للأحسن وهكذا فهو بطريقة ما يحسن نظرتنا إلى العالم والعكس صحيح.
إلى جانب تصميم الأزياء، وبطريقة منسجمة ومتكاملة وسعت كازابلانكا مجال عملها ليشمل تصميم أشياء أخرى مكملة لبعضها بما فيها النظارات والاكسسوارات والمفروشات وغيرها بطريقة راقية تعكس هوية الدارالفريدة. ويرجع ذلك للرؤية الواضحة لكازابلانكا حسب ما يؤكد شرف: "عندما تكون لديك هوية قوية وتستطيع أن تفهم الألوان والأحجام. يمكنك آنذاك أن تفكر وتصمم أي شيء".
إذا كان التميز والفرادة هو عنوان كازابلانكا، فلا شك أن فكرة الأزياء الرياضية الفخمة هي بصمة استطاعت الدار التميز من خلالها بل وجعلتها من الأعمدة الأساسية التي تعمل عليها وتروج لاسمها من خلالها. خاصة وأن فكرة الأزياء الرياضية لطالما ارتبطت بالراحة والعملية. إلا أنه "لا يوجد ما هو أكثر نبلا من الرياضة" يقول تاجر. مستوحيا فكرته من حقبة الإغريق التي تميزت بالألعاب والمسابقات التي كان يظهرخلالها المتسابقون بأزياء راقية وأسلوب يوحي بالنبل والفخامة. ومؤكدا أن المزج بين الفخامة والراحة هو أمر منطقي ولا يمكن الاستمرار في اعتباره متعارضا.
اختار شرف تاجرعبارة باللغة الانجليزية كشعارعلى صفحة كازابلانكا على الانستغرام، تقول: "في البداية لم نستطع اللعب، لأن الملعب كان مبللا. لكن بإمكاننا ذلك الآن ". وهي رسالة شرف من خلال كازابلانكا بأن الوقت حان للجيل الجديد بأن يكسر حواجز احتكار دور الأزياء التقليدية لصناعة الأزياء وأن يقتحم ملعب هذه الصناعة بكل ثقة وأن يبدع في نسج خيوط قصته بأسلوب فريد وإطلاق العنان لمخيلته وحدسه والأهم من ذلك الإيمان بأن كل شيء ممكن.