رؤية نقدية ـ "الفلوس".. محاولة تامر حسنى الساذجة للتمسك بنجومية الشباك
الرغبة فى صناعة فيلم لا تعني بالضرورة أن ورائها فيلم جيد، نفس الحال مع النجاحات السابقة مهما بلغ حجمها، فيلم تامر حسنى "الفلوس" هو المثال الحي على ذلك، مع نجاح أفلام سابقة لتامر وتصدرها في شباك التذاكر أو تحقيقها لإيرادات مرتفعة مقارنة بالأفلام المتنافسة معها، حقق تامر قاعدة عريضة تتابع أفلامه، فقد أصبح معتادا على تقديم فيلم بشكل دوري لكن مع فيلمه الأحدث والسابق "البدلة" لم يعد تامر نفس النجم الذى كانه فى السابق، وإذا كان أكرم حسنى موجودًا فى الفيلم السابق لمنح الفيلم الدفعة التى يحتاجها فلا احد من أبطال "الفلوس" استطاع منح تامر الدفعة المطلوبة.
من المستوى الفني لأخر فيلمين لتامر نستطيع القول أننا أمام حالة استسهال، ورغبة فى التواجد فقط، وعلى الرغم من نجاح "البدلة" فى تحقيق إيرادات ومن قبله "تصبح على خير" إلا أن ضعف المستوى سيجعل شعبية المطرب/ نجم الشباك تذهب بلا رجعة، الرغبة الملحة فى التواجد أظهرت حالة التخبط، فالمساحة التي اختارها تامر فى أعمال سابقة المتركزة على الشاب العصامى أو المكافح صاحب الصوت الجميل والجاذبية التى تعد ميزته كونت شعبيته فى معظم ما قدم من أعمال، لكن تقدمه فى العمر وعدم مناسبة هذه الشخصية له صنعت فجوة كبيرة فى اختياراته، لم يعد ما يقدمه ناجح كالسابق.
فى "الفلوس"، لجأ تامر لـ"التويست" كنوع من التغيير، لم يكن الفيلم جيدًا والمنطق غائب عن معظم أحداث الفيلم، "الفلوس" اعتمد اكتر على "التويست" لدرجة أن السيناريست محمد عبد المعطى غاب عنه كالعادة فى كل اعماله أن يكتب سيناريو للفيلم، فلا أحداث ولا رسم للشخصيات ولا تفاعل بين خطوطها، وبعض الشخصيات تختفى فجاة وتظهر فجأة مثل حامد (محمد سلام) الذى تسير الأحداث بدونه لفترة ونفاجئ أنه عاد ومعه حل لمشكلة ما أو ليخلق صراع من العدم لا يستمر إلا لدقائق دون اى استغلال حقيقى، بمعنى آخر لا منطق فى الفيلم ولا خط، والشخصيات تبدو كلها على الشاشة سطحية، بالطبع مع ضعف العناصر الفنية يبدو أداء الممثلين باهتًا فلا تاريخ ولا أحداث يمكن أن يستند عليها أي منهم، المهم فقط أن يظهر تامر طوال الوقت فى اى مشاهد ليفعل أي شيء ظنًا أن الجمهور سوف يتقبل طريقته المستترة فى إلقاء النكات والإشارات الجريئة والإفيهات ثقيلة الظل التي تبادلها مع خالد الصاوي طوال الفيلم.
ولأنها موضة، الممثل غير المصرى فى الفيلم هو كميل سعد وشخصية الخواجة خريستو والذى يجعلنا وجوده فى الفيلم نتسائل عن أهميته من الأساس، ماذا فعل؟ سوى التلويح بإصبعه لخالد الصاوي مرتين منبهًا إياه ثم يموت، ولا يجد البطلين سيف (تامر حسنى) وسليم (خالد الصاوى) الأموال المكدسة فى الخزنة السرية ليكتشفوا أنه خدعهم ويضطر البطلان للدخول فى قتال حول أموال حلا (زينة) وسط حالة من التخبط حول تصرفات سيف يغطيها دائما السيناريست بتويست يمثل الحل السهل بمنتهى السذاجة وأكثر من مرة، بشكل مختصر نحن أمام فيلم بلا شخصيات أو سيناريو، يمكن اعتباره محاولة للتواجد عند كلا من تامر وخالد الصاوى وفرصة لاستعراض ملابس زينة البراقة أمام الشاشة مع عدم أهليتها بقدراتها التمثيلية المتواضعة لأداء شخصية حلا الساذجة مقارنة بالتويست الأخير فى الفيلم الذى من المفترض أن يبهر الجمهور هو أن كل شيء من تخطيطها هى وصديقتها هايلة (عائشة بن أحمد)، زينة كتامر لم تعد صالحة لأداء هذه النوعية من الأدوار والتي كانت سببا فى شهرتها سابقا، ومحاولة التفوق بالملابس اللامعة والمكياج المتقن حتى وهى تستعد للنوم جعل مظهر عائشة هو الأفضل على بساطته بشكل عام.
الفيلم ككل غير صالح للاستهلاك حتى مشاهد الحركة والمطاردات فى الفيلم بدائية ومصطنعه ويبدو واضحًا جدًا اللجوء لتسريع المشاهد لتبدو مطاردة السيارات تحدث بسرعة كبيرة، كل هذا يكشف السبب وراء التأجيلات المتكررة فصناعه يعلمون جيدًا أنه لن يصمد أمام أي منافسة، وموسم الإجازات هو المناسب له، والحقيقة أن تامر يتراجع حتى مع إيرادات "البدلة" الضخمة لكنه فنيًا يتراجع حاله كحال أحمد حلمي، على الرغم من تحقيق أفلامه لإيرادات كبيرة إلا أنه أفلس فنيًا في السينما كمحمد سعد ومحمد هنيدي وآخرين يرفضون الاعتراف بذلك، وعلى العكس وجود نجوم كأحمد السقا ومي عز الدين ومحمد سلام وقبولهم الظهور بهذا الشكل هو ضرر كبير لهم، وسلسلة المجاملات التى يتبادلها النجوم فى أفلامهم هى الضرر بعينه، تسبب فى استهلاك بيومى فؤاد ككوميديان وممثل وستفعل نفس الشيء فى نجوم شباك كبار لو استمروا فى الظهور المتكرر بهذا الشكل فى الأفلام الضعيفة فنيًا.