كيف حارب توم هانكس تهديد فيروس بيولوجي قبل إصابته بكورونا؟
تأتى حالة الهلع والخوف والحيرة التى سببها وباء كورونا في زمن أصبحت الرعاية الصحية في أوجها، وصحة الإنسان ومعدل عمره أفضل عشرات المرات من نظيره الذي واجه أوبئة قاتلة وحروب في القرون الماضية، ويرى علماء الأوبئة في كل زمان أن الأوبئة التى يعجزون عن صُنع علاج لها هى وسيلة تقوم بها الطبيعة للغربلة؛ والتخلص من المرضى وأصحاب المناعة الضعيفة، والأوبئة لا تتوقف عن القتل إلا بعد الحفاظ على توازن الطبيعة، وتحقيقاً لقاعدة البقاء للأقوى، وفي الزمن المعاصر يرى بعض العلماء أن الطبيعة ستتحرك وتضرب بقوة لتقليل عدد السكان؛ من أجل الحفاظ على العدد المتناسب مع كمية الغذاء المحدودة التى تُنتجها الأرض؛ وهى كميات تتناقص مع قلة الرقعة الزراعية، ويُهددها التزايد الرهيب في عدد السكان.
وباء دان براون وجحيم دانتي
رأى عالم مجنون يُدعى "برتراند زوبريست" أن يقوم هو بمهمة نيابة عن الطبيعة، وأن ينشر وباء يهاجم كبار السن وأصحاب المناعة الضعيفة، وأن ينشر هذا الفيروس في الماء؛ ليصيب أكبر عدد ممكن من البشر في مختلف دول العالم؛ فهو يرى أن أنسب عدد للسكان لا يجب أن يتجاوز أربعة مليارات نسمة، وهذا يعني أن على الأرض التخلص من ثلاثة مليارات نسمة، وكانت مهمة "توم هانكس" قبل أربعة سنوات وقف خطة هذا العالم المجنون قبل تنفيذها. ما سبق كان جزء من حبكة فيلم Inferno "الجحيم"، الذي أخرجه "رون هاوارد"، والمأخوذ عن رواية الكاتب "دان براون" الشهيرة، والذي تم إنتاجه عام 2016، وأبطال تلك الرواية هم عالم الرموز "روبرت لانجدون-توم هانكس"، وشخصيات تابعة لمنظمة الصحة العالمية، وعالم يرغب في مصلحة البشرية، ولكن وسائله دموية للغاية؛ فهو يرى العالم أفضل حالاً لو تخلص من بضعة مليارات من البشر، وقد استلهم أجواء أوبئة العصور الوسطى، وكان يرى أن العالم أصبح أفضل بعد كل وباء، وقد نشأ ما يُعرف بعصر النهضة بعد وباء عظيم أهلك الملايين، أسماه البعض "الهلاك الأسود"، وهو طاعون قاتل اجتاح أوروبا عام 1300 تقريباً، وتسبب في موت الملايين، وأهلك ثلث السكان في بعض المناطق، ويرى هذا العالم أن التقدم الصحى عبء على طاقة الكرة الأرضية ومواردها، وزيادة عمر الإنسان وقدرته على مقاومة الأمراض ستزيد من الزحام البشري على كرة أرضية مُنهكة؛ لا تستطيع توفير الغذاء لكل هذا العدد الكبير، الذى يتضاعف بصورة لا يمكن وقفها إلا بحل دموي وعنيف.
البشر في خطر
فيلم Inferno واحد من الأفلام التي يُجسد فيها "توم هانكس" (63 عاماً) شخصية عالم الرموز "روبرت لانجدون"، والتي بدأها في فيلم "شفرة دافنشي"، ومغامرات "لانجدون" تجمع بين أجواء الحركة والمطاردات الخفيفة، ومهارته في فك غموض الرموز التى تحاول شخصيات وجمعيات سرية إخفائها، وهو في فيلم "الجحيم" يحاول فك غموض خطة عالم بيولوجي لنشر وباء عالمي، وتلك الخطة تحمل اقتباسات وإحالات لملحمة الشاعر الإيطالي "دانتى الليجري"، والتي وصف فيها تصوراته لعالم ما بعد الموت، ووصف فيها الجحيم والجنة، وهناك إحالات أخرى عن أزمنة الأوبئة القديمة، وكيف كانت ضرورة لاستمرار النسل البشري، وكيف تخلصت من الضعفاء والمرضى والعجائز، وغربلت البشر، ونجا منها الأقوياء والأكثر نفعاً لعصور النهضة، وبينما كان "لانجدون" يفك تلك الرموز والشفرات السرية لأكبر عملية قتل جماعي محتمل، كان يسافر من مكان إلى أخر، ويطارد تلاميذ "برتراند زوبريست"، الذين يعملون في صمت لتنفيذ خطته الشيطانية.
فيروسات السينما والواقع
لقد نجا "توم هانكس" وهو في ثياب عالم الرموز "لانجدون" من الموت، هو وملايين البشر في حكاية فيلم "الجحيم" الخيالية، وتمكن من وقف أكبر عملية قتل جماعي بفيروس بيولوجي مميت، ولكن "توم هانكس"، نجم هوليوود والعالم لم ينجُ من الإصابة بفيروس "كورونا" الذي تتصاعد كل يوم خطورته، ويصيب نجوم رياضة وساسة ومشاهير، ويتسبب في شل مدن ودول بأكملها، منها إيطاليا، بلد الشاعر "دانتي" الذي كتب عن الموت والجحيم والوباء، وتتوقف كل يوم أنشطة رياضية وفنية، وكل الأنشطة التي تتطلب تجمعات بشرية كثيفة، وتعاني هوليوود من موجة من الخسائر الكبيرة المحتملة؛ نتيجة تأجيل عروض الأفلام، وتوقف تصوير بعضها، وعزوف الجماهير عن دور العرض، وقد وصل الفيروس إلى "هانكس" الذي كان وزوجته "ريتا ويلسون" في زيارة إلى أستراليا، تتعلق بتصوير مشاهد من دوره في فيلم جديد، ويُجسد فيه شخصية مدير أعمال "ألفيس بريسلي"، وفي العزل الإجباري يواجه "هانكس" خطر الموت، لو تدهورت حالته؛ فهو بالإضافة إلى سنه الكبير يعاني من مرض السكري، وهى أمور ليست في صالحه، ولكنه يبدو في حالة معنوية مرتفعة، وقد أعلن بنفسه إصابته بالفيروس، على صفحته الشخصية.
قدم "توم هانكس" العديد من الأدوار التى تحمل لمسات إنسانية خاصة، وقد أصبح "محبوب أمريكا" والعالم؛ بسبب شخصيته الدمثة التي اختلطت بالشخصيات التي قدمها في العديد من أفلامه، وبينما يفزع العالم من أخبار وفيات "كورونا"، وتصاعد عدد المصابين بها، يضع العالم يده على قلبه قلقاً على نجم قدم للعالم أعمالاً فنية لافتة، جسد فيها كثير من الحكايات الإنسانية، وربما يرمز قلق الجمهور ودعواتهم له بالشفاء إلى التعاطف العام مع كل من أصابه الفيروس الغامض، وأصبح يتوقع الموت فى عُزلة الحجر الصحي الإجباري.