الأستاذة المساعدة في كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية الدكتورة رُلى شرقي لـ"هي": ابتكرت منظومة تكشف "كورونا"
في ظل حجم الكارثة العالمية التي نعيشها من انتشار جائحة فيروس كوفيد - 19، يبحث كل الأطباء وأهل الاختصاصات الأخرى في إيجاد حلول جذرية تقضي على هذا الكيان الفتاك الذي طرق أبواب منازلنا، واجتاح مجمعاتنا وهدّد حيواتنا. وفي بادرة فريدة وجديدة كان لنا هذا اللقاء مع الدكتورة رُلى شرقي، أستاذة مساعدة في كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية في جامعة هيريوت وات دبي، والتي لديها خبرة لسنوات عديدة في مجال البحوث النظرية والتطبيقية، ولا سيما في مجال الإشراف على معالجة الصورة و الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
حاصلة على درجة الماجستير في الإلكترونيات والاتصالات من جامعة النهرين في بغداد، وعلى درجة الدكتوراه في الهندسة الإلكترونية من جامعة هيريوت وات في إدنبره، المملكة المتحدة. الدكتورة رُلى تشرح عن ابتكارها لمنصة تستطيع من خلالها الكشف عن فيروس كوفيد – 19 عبر تقنية الذكاء الاصطناعي.
ابتكرتِ منصة باستخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن كوفيد - 19 ، أخبرينا عن هذه المنصة، وكيف تعمل؟
تتلخص فكرة البحث باستخدام كاميرا للمسح الحراري مرتبطة بمنظومة ذكاء اصطناعي، تتمكن من خلال الصورة الحرارية من تحديد الإصابة في الرئة الناجمة عن فيروس كوفيد – 19 ، والمهم في هذه المنظومة السرعة في إظهار النتيجة، والتي لا تتجاوز الوقت اللازم لأخذ الصورة، كما أن التكلفة لا تتجاوز دراهم معدودة، والفحص يمتاز بالدقة التامة. تتميز هذه المنظومة أيضا بإمكانية الفحص الدوري لفئة معينة من الناس، كالعمال وطلبة المدارس أو الجامعات، وتحفظ السجل الطبي لكل شخص، سواء أكان عن طريق مسح لملامح الوجه، أو عن طريق البصمة الإلكترونية. أهمية هذه المنظومة بالدرجة الأولى تحديد الإصابة فور حدوثها، من دون فتح المجال للمصاب بالاختلاط ونشر العدوى.
هل دخل هذا الابتكار في مرحلة التجارب؟
نعم، دخل النموذج الأولي ضمن المنظومة في مراحل التجارب، وكانت النتائج إيجابية جدا. كما تتولى جامعة "هيريوت وات" Heriot Watt في دبي رعاية البحث، وستتولى تسجيل براءة الاختراع فور الوصول إلى هذه المرحلة.
كيف طرأت لك الفكرة؟
جائحة كورونا دفعت الجميع إلى التفكير في كيفية التخلّص من هذه الكارثة. نحن البشر علينا جميعا الاتحاد ضد هذا الفيروس، وفي جميع المجالات والاختصاصات. وقد فاجأنا هذا الفيروس بسرعة الانتشار وقلة المعلومات عنه، سواء من الناحية العلمية أو الطبية. وكان النداء هنا في ضميري إلى إيجاد الحلول.
كم من الوقت استغرق تحضير هذا المشروع؟
استفاد البحث من المعلومات والسجلات الطبية للمرضى المصابين بهذا الفيروس، إضافة إلى المعلومات من الفحوص التي أُجريت للحالات المشتبه فيها. كمية كبيرة من هذه المعلومات في أيدي الباحثين اختصرت الوقت، وهو ما استغر بين أسبوعين إلى 4 أسابيع لتحضير هذا الابتكار.
كيف سيبدأ العمل بهذه المنظومة بعد تسجيل براءة الاختراع؟
الخطوة الثانية نجاح الجهاز، وتسجيل براءة الاختراع، أتوجه عبر جامعة "هيريوت وات" Heriot Watt في دبي إلى الجهات المختصة في التصنيع، وندعو أن تتوفر هذه الأجهزة للناس في كل المرافق المجتمعية لكشف الفيروس بين فئات الناس الذين لا يشكون في إصابتهم به، كالمدارس، والجامعات، وقطاع التشييد والبناء، وفي مراكز التسوق، أو أي مؤسسة تمتلك عددا معينا من الموظفين.
ما الصعوبات التي واجهتِها خلال الإعداد لهذا المشروع؟ ومن ساعدك في عمليات البحث والابتكار لهذه المنظومة؟
الحمد لله، العمل في المشروع لم يكن بجهد فردي، وهنا لا بد أن أشكر جميع من ساعدني وتكاتف معي، وهناك العديد من المؤسسات التي ساعدتني لأصل إلى هذه النتائج التي وصلت إليها، وأتوجه برسالة شكر خاصة إلى جامعة الشارقة، حيث عمل كادر خاص من الأطباء على مساعدتي من ناحية دراسة الأشعة والتحاليل المختبرية.
ماذا علّمتك هذه التجربة؟
هذا كان واجبي، وهي مسؤولية الجميع، وأتمنى أن يرى هذا الاختراع النور، ويجد شركات مصنعة متعاونة تتولى تصنيع الآلات على المستوى التجاري. وعلى كل من يستطيع المساعدة أن يحاول التقدم خطوة إلى الأمام في محاربة هذا الوباء، وعلينا جميعا التكاتف مهما كان اختصاصنا.
هل هناك أي مشاريع مستقبلية بعد فيروس كوفيد - 19 ؟
بالطبع، هناك مشروع ثانٍ لدراسة الآثار النفسية والاضطرابات التي سببها الفيروس بعد الأزمة. ومؤكد أن هناك شريحة كبيرة من الناس تضررت نفسيا بسبب الانغلاق وتغيّر الحياة بأكملها. وطبعا سيكون المشروع مرتبطا بالعالم التكنولوجي ويتقنية الذكاء الاصطناعي في محاولة للحد من الاضطرابات النفسية، كالاكتئاب والقلق.
هل تعتبرين أن عالم الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسيطر على المهارات البشرية؟
الذكاء الاصطناعي وتقنيات الروبوتات هو مستقبل البشرية، وهي أجهزة تعمل لخدمتنا وليس ضدنا، ولا أعتقد أن أي منزل أو شركة تخلو من أجهزة الروبوت. فالروبوت هو كل آلة بذكاء اصطناعي وقادرة على تقديم الأعمال والمساعدات، وليس فقط تلك الآلة التي تشبه البشر من حيث الشكل.
بِم تنصحين الفتيات اللواتي يلجأن للتخصص في هذه المجالات التكنولوجية؟
كثيرا ما سئلت: لماذا تخصصت في هذا المجال، إذ إنه مجال غير متعارفعلي لدى السيدات؟ لا أعتقد أنه اختيار غريب عن النساء. من ألهمني هو والدتي التي كانت مهندسة، وفي وقتها لم يكن من المتعارف عليه أن تلجأ السيدات إلى هذه الاختصاصات. والتحديات التي واجهتها في مجال التكنولوجيا والهندسة هي التحديات نفسها التي تواجهها أي سيدة في اختصاصات أخرى، ونحن نقبل التحدي.