فيلم Locked Down ..أن تجد نفسك محاصراً داخل منزل "آن هاثاواى" في زمن الكورونا!
بعض من شاهد فيلم Locked Down "الإغلاق" كان محبوساً في منزله مثل شخصيات الفيلم، ويحاول –مثلهم- التعايش مع أجواء الإغلاق الشامل التي تهدف إلى تخفيف عدد المصابين، ويتواصل مع الأخرين من خلال برامج "زووم" و"سكايب"، ويقضي وقته في التنقل بملل من غرفة إلى أخرى، وينتهي به الأمر بالوقوف خلف نافذته وتأمل الشوارع الخالية من المارة، ويرى -عن بعد- وجوه جيرانه خلف النوافذ تنتظر نهاية الوباء وعودة مظاهر الحياة.
السطو في زمن الكورونا
بعد دقائق من مُشاهدة الفيلم ستشعر أنك إنتقلت من مقعد المُشاهِد إلى داخل مَشَاهِد الفيلم؛ فحدوتة الفيلم وما يحدث على الشاشة من أثار وتداعيات تفشي فيروس الكورونا يتشارك فيه العالم كله، وما يعانيه بطلا الفيلم "ليندا وباكستون" من أرق وضيق هو حال كثير من البشر حول العالم، ومشاهد العمل من المنزل والإجتماعات عبر شاشات الكمبيوتر لا تختلف كثيراً عما نُمارسه الآن في الحياة اليومية في ظل الإجراءات الإحترازية، وستجد أُلفة في مُغامرات البطلين للنزول للعمل أو شراء مُستلزمات المنزل الضرورية أوالقلق من البطالة والمرض.
"الإغلاق" كوميديا سوداء كتبها "ستيفن نايت" وأخرجها "دوج ليمان"، نتابع فيها الحياة اليومية لكل من "ليندا-آن هاثاواى" و"باكستون-شيواتال إيجفور"، وهما زوجان يعيشان في لندن قررا الانفصال، لكن بسبب الإغلاق الشامل اضطرا للبقاء معاً في نفس المنزل، وبدلاً من تحول تلك الإقامة الجبرية إلى مشاجرات ولوم وعتاب قررا سرقة ماسة ثمينة من متجر "هارودز" الشهير، واقتسام ثمنها بينهما وبين هيئة الخدمات الصحية البريطانية، وهو أمر يشير إلى جزء نبيل خلف خطتهما الإجرامية.
"ليندا" و"باكستون" من عالمين مختلفين؛ وهذا التناقض من أسباب ارتباطهما في الأساس؛ فـ"باكستون" الذي يعمل سائق سيارة توصيل طلبات يحاول التخلص من عُقدة قضاء عقوبة عشرة سنوات في السجن بسبب جريمة سطو، وهذه السابقة تقف عائقاً أمام طموحه فى فرص عمل مُتميزة، وعلى عكسه "ليندا" تعمل مدير تنفيذي بشركة أزياء ويتم ترقيتها، وتوكل لها مهمتين أثناء الإغلاق، أولها فصل عدد كبير من زملائها بسبب الظروف الاقتصادية السيئة، والثانية شحن ماسة ثمينة من "هارودز" إلى مشتري مجهول يقيم بأمريكا، وبينما تبدو عملية السطو ظاهرياً محاولة للحصول على ملايين الجنيهات تبدو الماسة المسروقة كما لو كانت هدية استعادة الحب بينهما من جديد.
فتور الحب
تُسيطر حالة من السخط المتواصل على الزوجين، ولا نفهم سببها إلا قرب نهاية الفيلم، وبالتالي نفهم كيف تحابا هذا الثنائي المتناقض، ولماذا فترت علاقتهما، وكيف تحولت علاقتهما الباردة إلى مغامرة سطو ساخنة. فى أحد المشاهد يشعر "باكستون" بالضيق من البقاء الاضطراري في منزله في أحد أحياء لندن الراقية؛ ويخرج ليلاً إلى الشارع مُمسكا بهاتفه، ويبدأ في قراءة بعض أبيات الشعر بصوت مُرتفع، وتحاول زوجته إسكاته وإنهاء هذا الموقف المُحرج، لكنه يُصر على ما أسماه الترفيه عن "رُفقاء السجن"، ويحصد في النهاية تصفيق وإعجاب الجيران.
ربما يبدو تصرف "باكستون" جنونياً، ولكنه جزء من شخصيته الجامحة والغريبة؛ فهو يظهر ناقماً أغلب الوقت، ويشعر بالرثاء لنفسه، وعلى عكسه تشعر "ليندا" بالرضا عن تصاعد مسيرتها المهنية، وهنا نصل إلى التعقيد في شخصية وعلاقة الزوجين؛ فالبطلة فقدت شغفها العاطفي برفيقها الذي تحول من الشخص الجامح الذي أثار إعجابها إلى شخص مُكتئب يشعر بالرثاء لحاله، ومسيرتها العملية التى تتصاعد رغم الظروف لها ثمن باهظ هو فقدانها البوصلة الأخلاقية؛ ومع صعودها المهني تبدأ في طرد زملائها بأوامر من رؤسائها الجدد، وهم شخصيات صعدت قبلها على حساب الأخرين.
كاريزما هاثاواى وإيجفور تنقذ الفيلم
الفيلم صُنع من وحى أجواء الكورونا والإغلاق وحظر التجول والبقاء داخل المنازل، وهو يبني قصته درامياً مُستغلاً تأثير هذه الأجواء على الشخصيات. على مستوى القصة نحن أمام مسار درامي عاطفي لا يتميز بشيء خاص سوى الكاريزما بين "آن هاثاواي" و" شيواتال إيجفور"، وحتى عملية السطو التي نراها في الثلث الأخير من الفيلم تغرق في تفاصيل سطحية وتفتقد الإثارة، ولا ينقذها سوى قليل من اللمحات الكوميدية الخجلة هنا وهناك، ورغم أنه ربما أول فيلم هوليوودي تُجاري يتعامل مع أجواء الكورونا لكنه لا يُقدم رؤية جديدة ويفتقر كثير من عناصر التصاعد الدرامي في النصف الأول، ويعرض علاقة الزوجين المتوترة برتابة.
الفيلم من إنتاج HBO Max ويُشارك فيه عدد من ضيوف الشرف، منهم "بن كينجسلي" و"بن ستيلر"، ويبدو أن المخرج "دوج ليمان" حاول صناعة فيلم لا يتناول فقط قصة تحدث في زمن التباعد الإجتماعي، بل يقوم بتطبيق هذا على الفيلم نفسه، وأن يضم مثل هذه الأسماء التي تُضيف زخما للفيلم، دون الحاجة لوجودهم في الاستديو مع فريق عمل كبير، وأن يبدو حتى ظهورهم مشابها للواقع؛ فهم يظهرون على شاشات الآيباد والكمبيوتر وتتجمد صورهم فجأة حينما يحدث خلل في الإشارة، وهو يستخدم زوايا التصوير واللقطات المُقربة التي تشبه زوايا كاميرات الموبايل، ورغم أن الفيلم في مجمله لطيف لكنه يعاني من بعض الخلل في الإشارات الدرامية.