مسلسل Firefly lane ..عودة قوية لكاثرين هيجل عن معاناة النساء من السبعينيات إلى الألفية الثالثة

الظروف والسنوات تصهر وتشكل العلاقات الإنسانية حيث تتداخل عوامل كثيرة على مدار الأعوام لتصنع جوهر الشخصيات.. التحولات التي شهدها المجتمع الأمريكي عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت عاصفة وغيرت شكل المجتمع وظلت تغيره بشكل عنيف وسريع وصولا لفترة السبعينيات، التي بدورها شهدت نقطة فاصلة في تاريخ العسكرية الأمريكية بسبب حرب فيتنام.

انطلاقًا من هذه النقطة تبدأ حلقات الموسم الأول من مسلسل Firefly lane أو :طريق فايرفلاي" المعروض على نتفليكس بسرد غير خطي لقصة فتاتين على أعتاب مرحلة المراهقة ونتابع تقدمهم في العمر لما بعد الأربعين من عمريهما، أي أننا أمام دراما اجتماعية من نوعية النضج أو Coming of Age والتي نرصد من خلالها ليس فقط التغيرات الكبرى بعد منتصف القرن العشرين وحتى عام 2005، لكنها تلقى بظلال مباشرة على قضايا نسوية وجدت طريقها للانتشار والدعم والجدل حولها في العقد الثاني من الألفية الثالثة.

المسلسل يعتمد على رواية تحمل نفس العنوان، لكن أحداثها تسير بشكل متتابع من خلاله تكون العلاقة بين صديقتين هما كيت وتالي، على عكس المسلسل الذى يعتبر الزمن وسيلة جذب إضافية فمن خلال الحلقة الواحدة يمكن متابعة القصة بشكل متوازى فى خمس حقب زمنية نتعرف من خلالها على قصة الترابط بين الصديقتين على المستوى الخاص بالتفاعلات الإنسانية لكن على مستوى آخر نستطيع ملاحظة التغيرات التي طرأت على المجتمع الأمريكي خلال أكثر من 50 عامًا، بعض هذه التغيرات يحظى بفرصة متأنية فى العرض والتدقيق والبعض الآخر مر بشكل سريع، لكنه معبر بشكل قوي كما الحال مع العرض السريع لقصة حب والدي كيت، التي كسرت تقاليد المجتمع شديد المحافظة وقتها والتي لخصت علاقة الرجال بالنساء فى العنف الذى تعامل به جد كيت مع زوجته بصفعها وكأنها مسؤولة عن أخلاق ابنته التى حملت خارج علاقة الزواج وهو ما دفعه لطردها لتبدأ طريقها مع والد كيت ونرى نموذج آخر لعلاقة حب فى زمن يتحدى العادات.

الاختزال الذي وصف عصر والدي كيت عندما كانا فى مرحلة الشباب لم يتعد عدة مشاهد قصيرة، تصف عنف الأب وعدم تقبله لواقع دفاع ابنته عن حبها، التعبير عنها كان باستخدام الصورة والذى ظل المنهج المتبع طوال الـ10 حلقات، الأزمنة المختلفة ترتبط معًا من خلال تفاصيل بصرية بالنسبة للمشاهد وحسية بالنسبة للشخصيات تثير ذكرياتهم ومعها الدافع بالنسبة للمشاهد للتنقل بين هذه الأزمنة المتعددة، واعتمد على الملابس والديكور والمكياج وقصات الشعر مع تصميم الإنتاج لسهولة الفصل بين الأزمة تحديدًا ما بين الزمنين المتقاربان 2003 و2005.

لقطة من مسلسل Firefly lane

من الرواية يستمد المسلسل طابعه النسوي المميز، لكن التعامل معه بذكاء وخصوصية هو ميزة للمسلسل وكتابه وصانعته، فلا هو يحمل النزعة المتشددة فى الدفاع عن قضايا المرأة ولا يتعامل معها من منطلق مفاهيم ذكورية، هو حالة متوازنة فى التعامل مع القضايا الملحة التي كشفت عنها سنوات النضال لاكتساب الحقوق، كتسليع المرأة أو التعامل مع تقدمها المهني كصفقة فى مقابل تنازلات معينة، فى إشارة واضحة لعدد من القضايا التي أثيرت مؤخرًا وأبرزها الاتهامات التى طالت المنتج هارفي واينستين.

التناغم الواضح في اختيار أبطال المسلسل بالتأكيد واحد من عناصر تفوقه، ليس فقط فى النجوم الكبار كاثرين هيجيل التي عادت لأعمال الجماهيرية بقوة من خلال دور تالي المذيعة الناجحة التي تعاني من أزمات اجتماعية ومهنية، وسارا تشالك في دور كيت الصديقة المخلصة في المهنة والحياة، لكن أيضا في من قدمتا نفس الشخصيتين فى مرحلة المراهقة آلى سكوفباي ورونان كيرتس.. التوازي الذي عرضت به الحقب الزمنية فرض أن يكون هناك تجانس في الأداء بين الممثلين الذين يقدمون نفس الشخصية، إلى جانب المكياج ليعبر عن مرور الزمن عند أصحاب الأدوار الثانية.

مسلسل Firefly lane على نتفليكس