حوار مع الفنانة التشكيلية السعودية نجلاء السليم
دبي: لمى الشثري Lama AlShethry
تصوير: محمد البعيجان Mohammed AlBaijan
نجلاء السليم فنانة تشكيلية سعودية رائدة في عالم الفنون الجميلة. بدأت رحلتها الفنية في الثمانينيات، وتعيش قمة عطائها اليوم من خلال التمكين العظيم الذي تعيشه المرأة السعودية في مختلف المجالات. جمعنا لقاء ممتع عبر صفحات "هي" مع نجلاء السليم للحديث حول تطور المشهد الفني السعودي توافقا مع رؤية 2030 ، في ظل الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة بالمملكة العربية السعودية والجهود البارزة لوزارة الثقافة.
تعيش المرأة السعودية مرحلة مفصلية في شتى المجالات وليس فقط في الفنون وما عليها إلا أن تثبت جدارتها
من دراسة الكيمياء إلى عالم الفنون.. كيف كان هذا التحول في مسيرتك؟
تحولت دراستي من الكيمياء إلى الفنون بعد ابتعاثي مع زوجي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، قررت حينها أن أضيف إلى محصولي الأكاديمي درجة بكالوريوس أخرى في الفنون من جامعة Eastern Michigan University. ولم يكن هذا المسار بعيدا عن عالمي، حيث كنت أمارس موهبة الرسم أثناء دراستي لتخصص الكيمياء معتمدة على توجيهات والدي رحمه الله محمد السليم. كنت أيضا أشارك في معارض الواعدات في أتيليه جدة للفنون الجميلة. لذا، قررت أن أصقل هذه الموهبة في أمريكا، وأعتمد على دراسة أكاديمية من خلال كلية الفنون الجميلة.
كيف تصفين تطور المشهد الفني في السعودية، وخاصة بعد تأسيس وزارة الثقافة؟
هناك فرق شاسع في المشهد الفني بين فترة ما قبل تأسيس وزارة الثقافة وما بعده، ذلك لأن الفنون كانت تابعة لوزارة الإعلام تحت اسم "وزارة الثقافة والإعلام"، وهو أمر مجحف بنظري، لأن الفنون مجال واسع وأقسامه متعددة ومتشعبة، ومن الصعب التركيز عليه أو تطويره من خلال وزارة واحدة مع الإعلام. ولكن بعد تأسيس وزارة الثقافة أصبح المسار موجها بشكل مباشر إلى المعارض الفنية والبرامج الأكاديمية التعليمية في عالم الفنون بشكل يحقق الأهداف المرجوة من الفنون. هذا الاهتمام يشجع الفنان، ويجعله في حماس مستمر لتقديم المزيد من العطاء والمشاركة في الأنشطة، كما يجعله يشعر بالفخر والتقدير الكبير لجهود وزارة الثقافة.
برأيك ما الذي تحتاج إليه المواهب الفنية التشكيلية من العنصر النسائي في منطقتنا؟
أعتقد أن مرحلة التفريق بين النساء والرجال قد انتهت في هذا المجال. الموهوب بشكل عام يحتاج إلى اهتمام ورعاية من المختصين، كما لا بد له من أن يتابع عالم الفنون بشكل جاد، وأن يصقل موهبته بالتعليم المستمر والممارسة الفنية التي ترتب أفكار الموهوب وتنقله من الهواية إلى الاحترافية. يوجد الكثير من البرامج المعدة من معهد مسك للفنون، ووزارة الثقافة وجمعية الثقافة والفنون لرعاية الموهوبين. لذا، لا بد للموهوب من البحث عن مكانه في هذا الاهتمام الواسع، ويبدأ بالتجارب الفنية لموهبته، وتنميتها لتثبت خطواته في هذا الطريق.
ما رسالتك من خلال فنونك؟
الحقيقة أن لدي أكثر من رسالة، أؤمن بأن الأعمال الفنية هي بمنزل لغة سلام وحب وجمال تنقل رسالة سامية إلى العالم كله. كما أنها إثبات وجود في ظل العولمة الخطيرة التي نعيشها اليوم. علينا أن نترك بصمتنا عبر الفنون بشكل يعكس قيمنا وهويتنا وعقيدتنا من خلال لغة عالمية يفهمها الجميع. الفنون تبرز الهوية من خلال مجسمات ولوحات وأعمال فنية قيمة، وهي أقوى رسالة يمكن التعبير عنها وإبرازها.
تعيش المرأة السعودية عصرها الذهبي ضمن القرارات الداعمة لها.. حدثينا عن هذا الأمر من خلال تجربتك؟
أنتمي إلى جيل الثمانينيات حينما بدأت المشاركة في المعارض، ولا أزال ولله الحمد مستمرة في العطاء الفني. ولذا عايشت حقبة زمنية كانت المرأة لا تجرؤ فيها على المشاركة في المعارض الفنية الدولية إلا بأعمالها فقط، هذا إذا كان لها الحظ في ذلك. أما الآن، فأصبح الموضوع مختلفا، يمكن للفنانة المشاركة في الأعمال والحضورشخصيا، والحصول على تقدير واضح ومحفز. كما أن المكانة التي تحظى بها الفنانة التشكيلية اليوم مقارنة بزملائها الرجال أصبحت أقوى، حيث تدعى إلى المحافل الفنية وتمثل وطنها بنسبة عالية في المشاركات العالمية. إنها نقلة نوعية ومرحلة مفصلية للمرأة السعودية في شتى المجالات، وليس فقط في عالم الفنون الجميلة، وهي محل تقدير كبير. لم يتبقّ على المرأة إلا أن تثبت جدارتها بهذا الاهتمام، وأن تقدّم ما يتوافق مع حجم هذا الوطن الغالي.
كيف تسهم الحركة التشكيلية في أبراز الهوية الثقافية للوطن؟
الحركة التشكيلية مهمة جدا لإبراز الهوية الثقافية، فهي تعيد تشكيل الموروث الثقافي للمنطقة. وكما هو معروف للجميع فإن المملكة العربية السعودية متعددة المناطق والثقافات. لدينا ثروة ثقافية هائلة وكنوز ثمينة تزخر بها المناطق من حول المملكة، سواء من حيث الأزياء أو الهندسة المعمارية في نجد وأبها والحجاز وغيرها. كل منطقة في المملكة تتسم بجمال يميزها عن غيرها، ولذا فإن الفن التشكيلي يمثل إحدى أقوى الوسائل لإبراز هذه الثقافات بشكل معاصر يليق بالوطن، ويواكب التسارع الذي نشهده في العالم من حولنا خاصة في مجال إثبات الهوية الوطنية. يسعى المجتمع الفني في وطننا بكل أفراده للعمل على إبراز هذه الهوية عبر الأعمال الفنية المنوعة التي توثق بصمتنا على خريطة العالم.