محاور المشاهير عدنان الكاتب يحاور مصممة الأزياء الإيطالية "دوناتيالا فيرساتشي"

حوار: عدنان الكاتب Adnan AlKateb

في هذا الحوار الخاص بمجلتنا، أكدت مصممة الأزياء الإيطالية "دوناتيلا فيرساتشي" Donatella Versace أن من أكبر التحديّات التي تواجهها المرأة اليوم أنها لا تزال تكافح من أجل إسماع صوتها لتثبت جدارتها أكثر من الرجل، وأشارت إلى المرأة التي تشغل مناصب في السلطة ما زالت تواجه مشكلة في المصداقية، إذ لا تزال تعاني في إسماع آرائها للآخرين وكسب اعترافهم بالخطوات التي تتخذها. وأضافت: أقول هذا من منطلق تجربتي الخاصة، فقد كنتُ المرأة الوحيدة على رأس الشركة. تطلّب إسماع صوتي وكسب ثقة الآخرين واعترافهم بقدراتي الكثير من الوقت.

"دوناتيلا فيرساتشي" Donatella Versace : المرأة التي تشغل مناصب في السلطة ما زالت تواجه مشكلة في المصداقية

مصممة الأزياء الإيطالية "دوناتيلا فيرساتشي" Donatella Versace: فخورة بأنّنا نجحنا في جعل "ڤيرساتشي" جزءا من الحديث الثقافي اليوم

في ظلّ الجائحة، وبعد هذه الفترة التي كنّا ننشد فيها الراحة والملابس المريحة، هل تعتقدين أنّ المرأة توّاقة للعودة إلى الملابس الفاخرة والكعب العالي؟ أم أنّ الحذاء الرياضي سيلازمنا؟

طريقة لباسنا اليوم مختلفة عمّا كانت عليه قبل سنة أو أكثر. فقد تغيّرت حياتنا الاجتماعية والعملية، وانعكس ذلك على أزيائنا اليومية. لا خيار أمام الموضة سوى التكيّف مع هذه التغيّرات في ظلّ الجائحة. مع أنّنا نفتقد أيّام التأنّق، إلا أنّني على يقين بأنّ الفخامة التي تعوّدنا عليها ستعود فور تحسّن الأمور. أعتقد أننا سنعود إلى الحياة بزخم كبير! لكن هذا لا يعني أنّ المجموعات اليوم لا تستطيع التألّق بلمسة من المرح والفخامة والإبهار كما عوّدتنا صيحات الموضة.

 

بعد أكثر من عام ونصف من الاضطرابات وعدم اليقين، إلى أي مدى يهمّ إعادة تصويب البوصلة على تمكين المرأة؟

أعتقد أننا اجتزنا فكرة التمكين، فالمرأة لم تعد بحاجة إلى التمكين بعد اليوم. لقد أثبتت للعالم أنّها تملك صوتا، وأنّ صوتها مسموع. هناك مسائل كثيرة تُثير التساؤلات حاليا: منها كوفيد طبعا، إلى جانب البيئة والتكنولوجيا والتمييز والشمولية.. اليوم، لم تَعُد المسألة وحدها مهمّة، بل أيضا الخطوات المرتبطة بها التي تحوّل الكلام إلى واقع ملموس وصادق يجذب الناس واهتمامهم. الموضة، باعتبارها مرآة المجتمع، تحاول استيعاب كل التغيّرات، وأنا أبذل قصارى جهدي كي آخذ في عين الاعتبار كل هذه التغيّرات لإدارة شركتي. بعض المسائل أسهل من غيرها لأنّها لطالما شكّلت جزءا من هويّة "ڤيرساتشي"، مع العلم أنّني فضّلتُ العمل بصمت في حالات كثيرة لدعم هذه القضايا القريبة إلى قلبي.

 

ما تعريفك للقوّة؟

القوّة هي حريّة التصرّف بطبيعية.

 

بماذا تنصحين المرأة الشابة التي تصبو إلى النجاح في العالم الذي نعيش فيه حيث المنافسة محتدمة؟

لا تستسلمي أبدا!

 

ما التحدّي الأكبر الذي يواجهه عالم الموضة والأزياء في السنوات الأخيرة؟

مواقع التواصل الاجتماعي هي التغيير الجذري الأبرز في مجال الموضة برأيي، ومع نمو جيل الإنترنت، سنشهد ما يشبه الثورة في هذا المجال. هؤلاء الشباب حول العالم هم المستهلكون التوّاقون للفخامة في المستقبل. هم الذين سيحدثون التغيير في عالم الموضة ويساعدون في رسم معالم مستقبله. أراقب ما يحدث في العالم الرقمي. لا أخشى آراء الآخرين، ويلفتني كل ما هو مختلف عنّي، تحديدا طريقة تفكير الشباب. يكمن التحدّي طبعا في الحفاظ على مكانة العلامة في السوق وتطويرها. إن لم نواكب المتغيّرات، فسنصبح طيّ النسيان، فالمجتمع الذي نعيش فيه لا يرحم.

 

تصاميمنا ألهمت الناس ودعمت المجتمعات وأخذت ّ إن لم نواكب المتغيرات فسنصبح ّطي النسيان

ما أكثر إنجاز تفتخرين به خلال مسيرتك المهنية؟

أنا فخورة بأنّنا، فريقي وأنا، نجحنا في جعل "ڤيرساتشي" جزءا من الحديث الثقافي اليوم، بصورة لا تقتصر على الموضة بحدّ ذاتها. أعتقد بأنّ ذلك يعني أن تصاميمنا ألهمت الناس، ودعمت المجتمعات، وأخذت خطوات بسيطة نحو الحفاظ على كوكبنا. فقد تجرّأنا على كسر القواعد والقوانين، من دون أن نفقد مكانتنا في السوق.

 

ما القيم الثلاث الرئيسة التي تتمسّك بها "ڤيرساتشي"؟

الشمولية والشجاعة والأنوثة!

 

اقترنت الموضة الإيطالية بالحرفيّة والتفوّق في الصناعة. ما مدى أهميّة الحرفيّة بالنسبة إلى "ڤيرساتشي"؟

يهمّني جدا أنّ العلامة هي صُنع إيطاليا، وليس لأنّني وطنية فحسب، بل لأنّني أؤمن بشدّة بأنّ "صُنع في إيطاليا" قيمة من قيم البلاد، وقطاع الموضة لا بدّ أن يحافظ عليها. إنّها ليست مجرّد علامة نضعها على أزيائنا، بل باتت مرادفا لأعلى معايير الجودة، واستخدام أجود المواد والأقمشة، والبحث والابتكار بالتوازي مع أقدم التقاليد العريقة في مجال الموضة والأزياء. يضمّ فريقي خيّاطين يعملون معنا منذ عشرات السنوات، وأصبحوا اليوم يُدرّبون جيلا جديدا لإتقان فنّ تصميم الأزياء انطلاقا من صورة على الورق، إلى جانب التطريز والتلفيف وما شابه.. لا يسعني حتّى تقدير ثمن هذا الغنى، لأنّه فريد من نوعه.

 

مَن وماذا يلهمك؟

قد يأتي الإلهام من أي شيء. ينطبق ذلك على الماضي، وأكثر على العالم الذي نعيش فيه، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح لنا التواصل مع كل أنواع الناس، من مختلف الخلفيّات والثقافات.. أستمدّ الإلهام من الحياة، أو من تعليق ما، أو من صورة، أو من خلال رؤية الحياة من وجهة نظر الآخرين وبفضلهم. أخلط بينها وبين تجاربي الشخصية، فتكون النتيجة بمنزلة أحجية مؤلّفة من عناصر عديدة.

 

افتتحتم أخيرا متجرَين جديدَين في الكويت وأبوظبي. هل شاركتِ في تصميم الديكور؟ كيف يعكس ديكور المتاجر ذوق "ڤيرساتشي" وجماليّة العلامة؟

طوّرنا فكرة المتجر الجديدة بمساعدة المهندس المعماري الشهير غوينايل نيكولاس. أردتُ أن تُعبّر البوتيكات الجديدة عن هويّة "ڤيرساتشي" التي لا تشبه أحدا وعن رؤيتها للمستقبل. نجح غوينايل في تجسيد الناحية المعقّدة من تصاميم "ڤيرساتشي" وتنوّعها، وترجمتها في مختلف تفاصيل الديكور مقابل خلفيّة تتّسم بتصميم بسيط وبعيد عن المغالاة. تحيي هذه المتاجر طاقة "ڤيرساتشي" النابضة بالإبداع وذوقها المميّز والمفاجئ، وتترجمها في ديكور جديد وبهي. وأود التأكيد هنا على أن الألوان تُحيي هويّة "ڤيرساتشي" في شتّى أنحاء العالم.

 

لماذا شكّلت نقشة La Greca النقطة المركزية التي انبثقت منها مجموعة الخريف والشتاء؟

لاحظتُ أنّ جيل الألفية الجديد مبهور بموضة الماضي، فدفعني ذلك شيئا فشيئا إلى إعادة تصوّر هويّة العلامة والرجوع إلى تراث الدار من منظار الحاضر. أردتُ أن أعرّفهم إلى رموز "ڤيرساتشي" وتاريخها وأن أطرحها أمامهم بأسلوب ثقافي معاصر يروق لهم ويُشبههم. فالأجيال الجديدة تستكشف الكنوز الغابرة، وبالنسبة إليهم موضة الثمانينيات جديدة. كلنا نعلم أنّ الموضة والذوق يدوران في حلقة دائرية. لذا حاولت إعادة إحياء رموز "ڤيرساتشي" في عالم اليوم، من دون المساومة على أصالتها لكن بأسلوب مُتقن. فهناك حكاية مخفيّة بين طيّات الملابس، وأرى مَن هو مهتمّ بهذه الحكاية. وكنا أنا وجياني قد طرحنا نقشة La Greca عام 1988، وبقيت رمزا من رموز العلامة منذ حينها. ترمز إلى اللانهاية والوحدة. أعشق نقشة La Greca كثيرا وأؤمن بها! لذلك وضعتها على كل شيء، من الحقائب إلى الأزياء والأحذية والإكسسوارات.

 

ما أهمّ مزايا حقائب وأحذية المجموعة؟

حقيبة La Greca الجديدة هي الحقيبة الحديثة المثالية، حملتها المغنّية دوا ليبا في الحملة الإعلانية التي رافقت العرض. وتحتفي هذه الحقيبة المستطيلة المصمّمة من الجلد الطري بجوهر علامة "ڤيرساتشي"، فهي مصنوعة في إيطاليا من قماش القنب مع حواف من جلد العجل المرِن، وهو ما يُتيح إضفاء اللمسات الشخصية عليها، وذلك بإضافة إكسسوار أو أكثر من تشكيلة La Greca.  أما الحذاء الرياضي، فهو متين جدا، ومتعدّد المزايا، ويتألّق بكل رموز "ڤيرساتشي". أحبّ أن أعدّل تصميم حذاء Greca مع مرور المواسم. ففي هذه المجموعة أدخلتُ عليه نقشة ميدوسا المبتسمة، من وحي فنّ الغرافيتي، وذلك لإضفاء بعض المرح وروح الفكاهة مع حلول فصل الشتاء.

 

لماذا يظهر في مجموعة الحقائب اللون الأزرق؟

الأزرق لوني المفضّل، لأنّه يرمز إلى الحرية برأيي. عندما أكون في البحر، أشعر بالحرية، وعندما أكون محاطة بالطبيعة والسماء الزرقاء الصافية، يغمرني الشعور بسعادة حقيقية وتتلاشى كل هموم العالم، فيُصبح أزرق اللون.

 

استمدّت تشكيلة إكسسوارات La Medusa الوحي من ميدوسا، أحد أهمّ رموز الدار ومصادر إلهامها. كيف أصبحت ميدوسا مُلهمة "ڤيرساتشي"، وماذا تُمثّل؟

صحيح أنّ قصّة ميدوسا حزينة، إلا أنّها تدور حول الجمال والقوّة والتمكين. حتّى عندما تحوّل شعرها إلى أفاعٍ، شعّ الجمال من عينيها، بحيث يستحيل على المرء تجنّب النظر إليها. اختار شقيقي ميدوسا كشعار له، لأنّها تملك قدرة لا تقاوم على جذب الناظر وإصابة كل شخص ضعيف لا يقوى على صرف نظره عنها بالشلل. هذه القدرة على شدّ النظر أسرته عندما ابتكر شعار ميدوسا بمساعدة فريقه عام 1978.

 

أخيرا.. ماذا تأملين أنّ تُحقّق دار "ڤيرساتشي" في المستقبل؟

أن نجاري السوق، ونواصل الابتكار، بما يتناسب مع ذوق الناس. بصفتي مصمّمة، لا يسعني أن أتمنّى أي شيء أكثر من ذلك.