فيلم "Ticket to Paradise".. كوميديا جذابة وحبكة ضعيفة أنقذها أداء جوليا روبرتس وجورج كلوني!
لا تزال ضحكة "جوليا روبرتس" التلقائية تمنح شاشة السينما حالة من البهجة والحيوية، هى ضحكة لا تذبل ولا تقهرها تجاعيد الشيخوخة، وفي فيلمها الأخير Ticket to Paradise "تذكرة للجنة" يُشاركها "جورج كلوني" صناعة كوميديا رومانسية تحمل عبق كوميديا التسعينيات، وقد ساعد التفاهم الفني والكيمياء المشتركة بين النجمين في منح الفيلم حالة كوميدية ناعمة، وقد نجحا في رسم علاقة ثُنائي يحمل كثير من التناقضات والاختلافات رغم الود الكامن داخلهما لبعضهما البعض، ورغم قدرتهما الإستثنائية على التفاهم لو رغبا في ذلك، ولكن أزمة حدوتة الفيلم أنهما لا يرغبان في ذلك، ويُفضلان الموت على الجلوس معاً في مكان واحد.
جنة الزواج وجحيمه!
عشرون عاماً مرت على طلاق ديفيد "جورج كلوني" وجورجيا "جوليا روبرتس"، وكانت ثمرة زواجهما الذي دام خمس سنوات فقط إنجاب ابنتهما ليلي "كاتلين ديفر"، وهى طفلة جميلة عاشت في حضانة أمها، وكانت تلتقي بوالدها في ايام العطلات؛ وهذا جعلها أقرب لوالدها المُحب المرح الذي يُدللها، وأكثر صداماً مع أمها التي تتحمل تبعات التربية والتوجيه، بما في ذلك من أوامر وتدخل في تفاصيل حياة الفتاة اليومية، وتبدأ الأحداث في الفيلم وقد كبرت الطفلة، وتخرجت من الجامعة وبدأت تستعد لبداية حياتها العملية، وقبل هذه الخطوة قررت مكافأة نفسها برحلة بصحبة صديقتها المقربة إلى جزيرة بالي الساحرة في أندونيسيا، وهناك تلتقي بشاب من أهل البلد تجد فيه فارس أحلامها، ويجد فيها أميرة أحلامه، ويقررا الزواج.
حكاية رومانسية تقليدية عن ابنة المدينة التي تنبهر بشاب من قرية نائية في بلد مُختلف ثقافياً.
علاقة والدي ليلي متنافرة تماماً، وقائمة على الكراهية والتربص والسخرية الدائمة، ورغم حرصهما على تمثيل دور الوالدين المتفاهمين أمام ابنتهما، لكن التفاهم المزيف يتحول إلى شجار صاخب كلما التقيا، وهى شجار تصل حدته درجة العناد الطفولي، وهذا يخلق العديد من المواقف الكوميدية منذ بداية الأحداث التي يؤسس فيها السيناريو إلى أن ديفيد وجورجيا كالماء والنار لا يُمكن أن يتفقا أو يتحدا أبداً.
كيف تُفسد زواج ابنتك؟!
يأتي التحول الدرامي في مسار علاقتة ديفيد وجورجيا حينما يتفقا على أمر واحد وهو إفشال زواج إبنتهما المفاجىء؛ فهى حسب رأيهما تسرعت في إتخاذ قرار الزواج من شخص لا تعرفه جيداً، وهناك إشارات إلى إختلاف ثقافة الزوج وعائلته القروية عن ثقافة ابنة المدينة المُدللة، والأمر الأهم في حجة الوالدين أن على ابنتهما الإهتمام بتأسيس حياة عملية ناجحة قبل التفكير في الزواج والعيش في بلد غريب ذهبت إلية كسائحة، ولكن الدافع الخفي الذي يقف خلف حماسهما لإفشال الزيجة هو أنهما لا يؤمنان بفكرة الزواج، ولديهما زواجهما الفاشل نموذجاً؛ فهو لم يصمد رغم أنه بدأ بعلاقة حب قوية.
تتخذ خطط ديفيد وجورجيا شكل المواقف المُلفقة الضاحكة؛ بداية من تمثيل دوري الوالدين المؤيدين لإبنتهما، ولكن خلف دعمهما الظاهري يُحيكا المؤمرات التي تهدف لإقناع الابنة وخطيبها بالتريث أو التراجع عن فكرة الزواج، ويصل الامر مثلاً إلى سرقة خاتمي الزواج، ولكن الحبكة لا تنجرف كثيراً نحو بناء مؤمرات مُضحكة ناجحة؛ فذكاء الابنة وخطيبها يُفسد مؤامرات الوالدين دائماً.
مشاكل وأزمات الحبكة!
على جانب أخر تُضيف الأدوار الهامشية قدر من الشد والجذب في الكوميديا؛ منها شخصية الطيار الشاب الذي يرغب في الإرتباط بجورجيا؛ خاصة أن وجوده في نفس المكان مع الزوج السابق أمراً مستفزاً، ورغم أن شخصيته الضعيفة كانت شىء ملائم لشخصية جورجيا التي لا تقبل الندية لكن وجود ديفيد جعلها بلا وعى تُقارن بينه وبين خطيبها المُرتقب.
عائلة الشاب تبدو متسامحة وداعمة تماماً لاختيار الابن، وطقوس الزواج الفولكلورية تُضفي على الزيجة قدر من رومانسية الحواديت؛ وهذا يضع ديفيد وجورجيا في موقف ضعيف دائماً؛ فهما يدركان في لحظة أنهما يقومان بدور شرير، ويُدركان في لحظة تالية أن هناك أشياء مُلتبسة في علاقتهما السيئة؛ فدرجة التفاهم بينهما كبيرة، وقدرة كل منهما على قراءة الأخر غير عادية، ونقمة كل منهما على الأخر غير مُبررة؛ فكلاهما يحمل في داخله أمور جيدة وأخرى سيئة.
مسار حبكة الفيلم في نصفه الأول كان يتجه نحو خلق كثير من المواقف التي تصب في صالح تحقيق هدفهما الأول، وهو إنقاذ الابنة من الزواج، وخلق السيناريو العديد من المواقف الكوميدية غير المتوقعة، ولكنه ترهلت المواقف في الجزء الأخير من الفيلم؛ حيث فقدت حالة المرح، وأصبح مسار الأحداث متوقعاً، والأسوأ أن الكوميديا أصبحت نمطية ومُبررات التحول في شخصيات ديفيد وجورجيا لم يكن مُقنعاً، وكانت الكتابة تحتاج بعض المجهود لتبرير هذه التحولات الجذرية التي تاتي بعد 20 عاماً على طلاقهما.
مخرج الفيلم "أول باركر" شارك في كتابة قصة الفيلم، وهى تتشابه بعض الشيء مع قصة فيلم Mamma Mia! الذي يبدو أنه تأثر به (حكاية زواج شابين في جزيرة ساحرة وعلاقة الأباء والامهات بالحدث)، وقد كتب "باركر" وأخرج الجزء الثاني Mamma Mia! Here We Go Again "ماما ميا! هانحن نعود مرة أخرى"، وهو عن الأحداث التي تلي الجزء الأول بخمس سنوات.
قصة الفيلم تحمل تطورات درامية غير منطقية، وتذبذب في مسار الأحداث، لكنه لا يخلو من جاذبية ومرح وأجواء المكان الساحرة (كوينزلاند بأستراليا لكن الأحداث حسب السيناريو تدور في بالي أندونيسيا)، وبإستثناء تلك الملاحظات فالفيلم عمل كوميدي خفيف يصلح لقضاء وقت مُمتع في قاعة العرض بصحبة "جوليا روبرتس" و"جورج كلوني".
الصور من صفحة الفيلم على انستجرام والتريلر المرفق