تقاليد الحناء في البلاد العربية للعروس
تغيّرت تقاليد الأعراس بين الأمس واليوم، ومع ذلك ما زالت ليلة الحناء تستحوذ على الأهمية الكبرى بين كل طقوس الزواج في البلاد العربية كونها تربط الجيل الحاضر والعروس العصرية بشيء من روح الماضي وبالعادات والتقاليد المتوارثة.
تقوم العادة على رسم الحنة على يدي العروس كرمز لجلب الحظ والخصوبة. ورغم اختلاف طريقة الاحتفال بليلة الحناء بين بلد وحضارة بحسب التقاليد والعادات، إلا أن الأكيد أن هذه الليلة التي تودع فيها العروس أيام العزوبية قبل دخولها القفص الذهبي تحمل معها صدى ذكريات جميلة تبقى محفورة داخلها لمدى الحياة. تعالي معنا إلى جولة على أبرز تقاليد الحناء في البلاد العربية للعروس، والتي لا تزال تمارس أحياناً إلى يومنا هذا.
ما هو الحناء؟
الحناء هو نبات شجيري أخضر يتحول لونه إلى البني عند النضج ويستخدم في أمور عديدة كصباغة الشعر وتكثيفه وتطويله وإطالة الأظافر وتخفيض ضغط الدم.
كما تستعمل أوراق الحناء لأغراض جمالية وذلك من خلال تجفيفها وخلطها بماء الورد والمسك والمواد العطرية لتكون عجينة سهلة تشكل صباغاً غامق اللون عندما تُستخدم للرسم على الجلد بأشكال ورسومات هندسية أو بأشكال ورود وفراشات أو الأحرف الأولى للأسماء.
ما هي أصول استخدام الحناء؟
يعود أصل الحناء للفراعنة، حيث كانت تُستخدم كطلاء لأيدي المومياء قبل دفنها، وكان في معتقدهم أن وضع الحناء على الأيدي والأقدام يحفظها ويقيها من الشر. كما عرف المصريون الحنة من خلال الأسطورة التاريخية ايزيس واوزوريس فعندما قُتل الأخير قامت زوجته بجمع أشلائه وامتلأت يدها بدمائه مما صبغها باللون الأحمر.
وبالتالي أصبح هذا الصباغ بمثابة وفاء كل زوجة لزوجها، ومن ثم انتقل الأمر تدريجياً إلى استخدام النساء للحنة من أجل الزينة. كما تشير الدراسات الحديثة إلى استخدام كليوبترا نقش الحنة على جسمها بغرض الزينة. انتقل استخدام الحنة بعد ذلك إلى بلاد الهند للدلالة على البركة والخير، وإلى الأراضي التركية في أيام الدولة العثمانية بالإضافة إلى دول شرق المتوسط والخليج والمغرب العربي.
الفوائد الصحية للحناء
قد يظن البعض أن الحناء لون فقط ثم يكتشفون بعد ذلك أن لها فوائد صحية لا حصر لها، ففيها علاج للكثير من الأمراض، فالحناء تصنع من أوراق شجرة الحناء وهي نبات طبيعي، في بعض الأحيان تقوم مصممات الحناء أو من يقمن بعمل نقشات الحناء بإضافة بعض المواد الكيميائية لتثبيت اللون أو لعمل ألوان مختلفة في هذه الحالة قد تسبب بعض المشاكل الجلدية.
نقوش الحناء تصاميم وزخارف متنوعة
يعتمد نقش الحناء على تزيين كامل اليدين والقدمين بزخارف وتصاميم جميلة للأزهار والرسومات الهندسية تجمع بين خطوط رفيعة أنيقة وأخرى بارزة تحدد معالم التصميم. وتختلف أنماط النقوش من بلد لآخر بحيث يأتي نقش الحناء العربي على شكل أعمال فنية لرسومات أزهار رفيعة وناعمة لا سيما في دول الخليج.
أما في المغرب فإن نقوش حناء العروس تتخذ شكل زخارف هندسية أنيقة مبتكرة بإبداع فريد ومهارة فنية فائقة. وتشتهر حناء عروس السودان بجمال نقوشها البارزة ولونها الاسود الداكن.
ومع كل هذا التنوع في نقوش الحناء فإن العرائس العربية يجدن أنفسهن أمام خيارات متنوعة حيث أن بعضهن يفضل النقش الخليجي والبعض الآخر يختار النقش السوداني الاسود، وهناك من العرائس من تختار نقش الحناء المغربي لاسيما وأنه يأتي مصحوباً بطقوس ملكية خاصة ليوم حناء العروس.
ما رأيك أن نتعرف على طقوس هذه الليلة في الدول المختلفة؟
تقاليد الحناء في الإمارات العربية المتحدة
ما زالت ليلة الحناء ثابتة في تقاليد الزواج الإماراتي وإحيائها ليلتي الاربعاء والخميس رغم تبدل طرق الاحتفال بها مع مرور السنوات. فبعد أن كانت العروس قديماً تُحجب عن العيون صارت اليوم الحاضر الأبرز في الاحتفال إلى جانب عائلتها والصديقات ويتم احياء الليلة على وقع الموسيقى وتنظيم عشاء خاص بالمناسبة. تبدأ احتفالات الزفاف باحتفالات الحناء والتي تستمر من يومين لثلاثة أيام وتشهد تزين العروس وصديقاتها بالحناء بالاستعانة بفنانة محترفة في رسم الحناء، والاستمتاع بالموسيقى والرقص الطعام الشهي وتقديم صديقات العروس وأقاربها النساء الهدايا للعروس وعادة ما تتضمن المجوهرات والفساتين باهظة الثمن والمال والعطور الفخمة.
تقاليد الحناء في المملكة العربية السعودية
تسمى هذه الليلة بليلة الغمرة وهي الخطوة الاخيرة التي تسبق الاحتفال بليلة الزفاف. وفي هذه الليلة تحتفل العروس في منزلها مع صديقاتها والقريبات بليلة الحناء. ترتدي العروس عادةً زيا مميزا من أزياء تراث المنطقة نفسها، وتقوم العروس بتغطية وجهها بالبرقع المزين بحبات اللؤلؤ أو المشغولات الذهبية على الرأس والعنق حتى لا يُرى وجهها إلا يوم حفل الزفاف، ويسمح لها أن تكشف يديها وأرجلها لنقش الحناء، كما ترتدي أساور الذهب في كلتا يديها، وعادة ما تكون هذه المشغولات الذهبية هدية من العريس. كانت العرائس في السابق يطلبن رسوماً بسيطة على الأيدي والأرجل، أما الآن فأصبحن يطلبن رسومات فنية عصرية تشمل الورود والمنحنيات وبعض الأشكال. وفي هذه الليلة، يقدّم الضيوف هدايا قيمة وثمينة للعروس تشمل الذهب والعطور الراقية لعرضها أمام الجميع، ثم تزف العروس برفقة والدتها، وأخواتها، وخالاتها، وتستمر الموسيقى والرقص، طوال الليل.
تقاليد الحناء في العراق
تُقام حفلة الحناء قبل حفل الزفاف بيوم واحد، ويتم دعوة الأقارب والأصدقاء لهذا الحفل، وتقوم والدة العروس وخالاتها بعجن الحناء أو شرائها جاهزًا، ثم يقمن بتزيين الحناء بنبات الآس، وبعض الشموع، ثم تقوم السيدات بنقش الحناء على أيدي العروس. وترتدي العروس في هذه الليلة عدّة فساتين وجلابيات بألوان مختلفة، ويوضع أمامها صينية كبيرة فيها الشموع والعطور والحناء والورود.
تقاليد الحناء في المغرب
نقش الحناء من مستلزمات حفل الزفاف المغربي. ولكن قد تختلف العادات والتقاليد من منطقة إلى أخرى في المغرب. يخصص اليوم الأول لحمام العروس، حيث ترافقها صديقاتها ونساء العائلة ويتم حجز الحمام العمومي خصيصاً لذلك اليوم، فينظف قبل حضور العروس ويعطر بمختلف أنواع البخور. ويتم خلاله حمل الشموع داخل الحمام وتقوم العروس بحمامها من مكونات الورد والحناء والغسول وماء الورد والصابون المغربي. أما نقش الحناء في اليوم الثاني فيتمّ من خلال إحضار "النقاشة" حنة العروس ويعهد إليها تزيين يدي العروس ورجليها بنقوش جميلة وأشكال هندسية وسط الأغاني والزغاريد، وأحياناً قد تتواجد فرقة غنائية تحيي تلك الليلة الخاصة بالحناء. وترتدي العروس القفطان المغربي، الذي يكون عادةً لونه أخضر، وتضع مكياجاً بسيطاً. وفي الوقت نفسه، ترمي النساء قطع نقدية على صحون الحناء التي تكون عادة بجانب قوالب السكر والبيض، وهي مواد ترمز إلى البياض وتدل على التفاؤل بحياة سعيدة بين الزوجين.
تقاليد الحناء في السودان
تختلف ليلة الحنة في السودان عن سائر العادات، فتقوم العروس بالاستعداد لزفافها قبل ليلة الزفاف بأربعين يوماً، وفي ليلة الحنة ترتدي ثوبها الجديد، وتأتي الحنة على صينية مليئة بالشموع، وتبخر العروس بالصندل والمسك وعطور سودانية لترقيتها وتحصينها من الحسد والسحر.
تقاليد الحناء في مصر
تعد ليلة الحناء من أهم تقاليد الأفراح المصرية، إذ تقوم أخوات العروس، وقريباتها، وصديقاتها من النساء بزيارة منزلها في هذه الليلة التي تسبق الزفاف، من أجل قضاء ساعات في الغناء والرقص والاحتفال بالزفاف القادم. يتم فيها حمل الحناء داخل مجسم معدني يشبه الهرم، وتوضع في وعاء مزين بالشموع، وتصاحبها أغانٍ شعبية موروثة، أشهرها "يا حنة يا قطر الندى"، ويتم تخضيب أيدي وأقدام العروسة باللون البرتقالي.
تقاليد الحناء في الكويت
تعرف ليلة الحنة تقليدياً باسم (الجلوة) وهو الاحتفال الذي يحدث تحضيراً للزفاف وتكون فيه العروس مغطاة الوجه وجالسة على كرسي محاط بالورد والشموع وتغطيها قريباتها بغطاء مزركش مع إطلاق الأغاني والتهاليل وفي هذه الأثناء تتولى النقاشة رسم الحنة التي تغطى وتترك على جسدها لتصبح بنية اللون يوم الزفاف.