بشرى مسفر ل "هي" ريادة الأعمال تخصص يحث على التفكير بطريقة إبداعية
بشرى مبتعثة سعودية خريجة ريادة أعمال من جامعة ريدنج University of Reading
، واحدة من عشرة أقوى كليات في الأعمال والريادة في بريطانيا "Henley Business School “، شغوفة جدا في العمل الريادي ونشر الوعي حول الريادة المجتمعية، ولديها
تجربة متميزة ومليئة بالقصص والتجارب المختلفة ببلد الابتعاث المملكة المتحدة. كرمت من الملحقية الثقافية السعودية وحصلت على مكافأة التميز نظير حصولها على الامتياز في السنة التحضيرية.
حدثينا عّن تجربتك الدراسية في لندن؟ كنت واحدة من الموفقين الذين حضوا بالانضمام للابتعاث للدراسة بالخارج.
فالابتعاث تجربة ثرية جداً وفرصة للتعلم عن ثقافات الدول المختلفة وكذلك نقل ثقافتنا وتمثيل بلدنا بالشكل الصحيح. تجربتي بدأت في عام 2013 بدراسة اللغة الإنجليزية أولاً، وكانت ناجحة وممتعة وفيها بعض التحديات. فدراسة اللغة الإنجليزية تتيح لك الفرصة لتبادل المعرفة مع شعوب مختلفة جمعنا مكان واحد وهدف واحد وهو تعلم (اللسان العالمي) اللغة الإنجليزية لتكون هي نقطة التواصل وتطوير اللغة والمخزون المعرفي والثقافي معاً. وبعد تجاوز مرحلة اللغة والحصول على درجة الايتلسIELTS –
حصلت على قبول من جامعة University of Reading لدراسة السنة التحضرية وهنا بدأت التجربة تنتقل من كونها دراسة فيها الكثير من المتعة إلى تحديد المصير فمستقبل دراستي الجامعية يتحدد بعد اجتياز هذه السنة التحضيرية والحصول على درجة الامتياز حتى أستطيع دخول التخصص المطلوب وهو ريادة الأعمال Entrepreneurship and Management. وبكل أمانة كانت سنة مليئة بالمواقف والتجارب الصعبة، ولكن تم بحمد لله تجاوزها بأفضل النتائج، وتم تكريمي من الملحقية الثقافية السعودية وحصولي على مكافأة التميز نظير حصولي على الامتياز في السنة التحضيرية وبدأت رحلتي الجامعية بدراسة هذا التخصص المميز. فبفضل الله ثم الدعم من الدولة ممثلة في الملحقية الثقافية السعودية في لندن والعائلة في بريطانيا والسعودية تخرجت عام 2020 بمرتبة الشرف الثانية من واحدة من أقوى كليات في الأعمال والريادة ببريطانيا "Henley Business School “.
ما لتخصص الذي تدرسينه؟
كما ذكرت سابقاً كانت دراستي في مرحلة الابتعاث في تخصص ريادة الأعمال Entrepreneurship and Management. ولا يخفى على أحد أهمية هذا التخصص بناء على متطلبات المرحلة في المملكة العربية السعودية ومستهدفات رؤيتها الطموحة 2030 لتمكين رواد الأعمال ودعم هذا القطاع، ليكون جزء مهم من المكون الاقتصادي للمملكة، وأحد قنوات الاستثمار ودعم منظومة الابتكار في الدولة. التخصص أيضاً ممتع جداً ويشمل جميع الأمور التجارية والمجتمعية المبتكرة، فقد درست على سبيل
المثال Marketing التسويق وFinance المالية وكذلك Social Entrepreneurship الريادة المجتمعية وEthics أخلاقيات العمل. بشكل عام ريادة الأعمال تحث على التفكير بطريقة إبداعية مبتكرة وغير مكررة وتنظر للمشاريع التجارية بطريقة مختلفة، وقد بدأ هذا المصطلح في التسعينات وتم تداوله على أنه واحد من أهم أجزاء الاقتصاد، ففي عالم الريادة تم خلق وظائف جديدة وحل مشاكل تواجه المجتمع عن طريق التجارة ورفع قنوات لاقتصاد. وبدأت المدارس والجامعات تهتم وتشجع طلابها على دراسة الريادة ورفع الوعي حولها. وكما نعلم أن المملكة العربية السعودية سباقه دائما لكل ما يخدم مجتمعها واقتصادها ومن هذا المنطلق، بدأت بنشر ثقافة ريادة الأعمال وتشجيع أبنائها بمشاريعهم الريادية فنجد اليوم في السعودية عدد من حاضنات ومسرعات الأعمال، إلى جانب المراكز والمؤسسات
الحكومية والبنوك التي تدعم منظمة ريادة الأعمال والابتكار وتقدم العديد من مبادرات الدعم والاستشارات لرواد الأعمال. بل أيضاً ساهمت الجامعات السعودية في تقديم
مقررات حول ريادة الأعمال لدعم الطلبة وإلهامهم نحو هذا المسار المهم.
كيف أثرت الدراسة عليك من ناحية السفر، البعد عن الأهل، البلد، الأصدقاء. كيف تعاملت مع هذا الوضع؟
لا شك أن الغربة والبعد عن الأهل والوطن أمر صعب للغاية، ولكن هناك العديد والعديد من الإيجابيات والمميزات. التعرف على ثقافات البلدان والشعوب الأخرى يجعل منا أشخاص أكثر تقبل وانفتاح، وهي أيضاً فرصة ذهبية لتحمل المسؤولية المطلقة في كل أمور الحياة ومعرفة قدراتك وصقلها بالطريقة الصحيحة بعيداً عن حضن العائلة الأصدقاء. كذلك تقدير الوقت حيث أني كطالبة مبتعثه لدي مدة معينة لأنجز خلالها الدراسة وأي تأخير قد يصعب المهمة أو يضعها في خطر الإلغاء أو التأجيل. وجود الأصدقاء والأندية الطلابية السعودية ببلد الابتعاث أمر مهم للاجتماع مع من هم من بلدك أو من يتحدثون بنفس لغتك يساعد على التخفيف من ضغط الدراسة والغربة وبالأخص في المناسبات مثل رمضان والأعياد، وكم هو شيء جميل ورائع أن ترى المبتعثين وهم مجتمعين كالعائلة للاحتفال بهذه لمناسبات وتعظيم هذه الشعائر والتعريف بها للمجتمع البريطاني في بلد الابتعاث. الأنشطة الجانبية إلى جانب الدراسة؟
هل في مشاركات ثقافية تحبين المشاركة بها؟
الجامعات البريطانية مليئة بالجمعيات Societies بمختلف المواضيع والاهتمامات، فعلى الصعيد الشخصي كنت عضو في Entrepreneurship Society ومن أهم الأنشطة التي قمنا بها هو إقامة مؤتمر مصغر في ريادة الأعمال من تنظيم وترتيب طلبة الجامعة من مختلف المراحل، وكانت تجربة ثرية جداً وتواصلنا مع شركات ورواد أعمال بريطانيين للمشاركة معنا وكانت استجابتهم لنا وتلبية الدعوة أمر يدعونا للثقة بأنفسنا وإمكانيتنا. وعلى جانب آخر كانت لي تجربة تطوع للعمل بإحدى المدارس البريطانية لمساعدة بعض الطلبة الناطقين بغير اللغة الإنجليزية مثل اللاجئين العرب لتخطي صعوبة اللغة ومحاولات مساعدتهم لتأقلم على البيئة الجديدة. وحقيقة كانت تجربة إنسانية ممتعة وحزينة بعض الشيء. وكان لي بعض المشاركات مع الجمعية السعودية باليوم الوطني هو يوم مميز للتعريف عن بلدنا العظيم، وموروثه، ومكتسباته وإمكانيته. كذلك كانت لي بعض المشاركات مع
الجمعية العمانية الشقيقة وبعض الأعمال التطوعية مع جمعيات طلابية حول بريطانيا مثل سفراء ببريطانيا، ونكهات مبتعث. كما ذكرت بالبداية أن الجامعات البريطانية تتيح الفرصة لطلابها لإنشاء التجمعات الاجتماعية society أو المشاركة فيها وهي فرصة لتخفف الضغط على الطلبة والابتعاد قليلاً عن أجواء الدراسة وكذلك تعلم شيء أخر وصقل
المهارات والخبرات في مجال التخصص أو حتى غير التخصص في خطوة لتوسيع الآفاق والمدارك واختصار الزمن عبر هذه الممارسات اللاصفية والأنشطة التفاعلية الاثرائية.
كيف تحاولين الاستفادة من التجربة الدراسية في بلد الاغتراب؟
الابتعاث بحد ذاته فرصة ذهبية تحمل في طياتها الكثير والكثير من التجارب والدروس، فالدراسة بالخارج ليست بالأمر السهل ولكنها ليست بالمستحيلة في ذات الوقت. والاستفادة من هذه الفرصة لا تقتصر فقط في إطار الدراسة وإنما تمتد لعناصر حياتية أخرى. لهذا الناجح هو من يستفيد من تجربة الابتعاث ويحولها إلى ثقافة ممنهجة تخدم مرتكزات التنمية وتطوير المجتمعات في بلده ووطنه، ويستفيد من رحلته في معرفة أطباع الشعوب الأخرى وطريقتهم في النظر للنجاح والتنافس والإدارة. فالاختلاط مثلاً بالشعب البريطاني والتعايش معهم وأخذ منهم بعض من ثقافتهم وتوضيح الكثير من ثقافتنا السعودية والعربية المميزة أمر جميل، أتاحت الفرصة لذاتك حتى تنفتح على العالم بمختلف أطيافه يعطي الفرصة لتتأقلم والتعايش وتقبل الآخر لكن دون أن تنسى هويتك ودينك والانخراط بمجتمع الابتعاث يتيح لك الفرصة للاعتزاز بهويتك ووطنك.
تجربتك مع فايروس الكورونا، كيف تعاملت معها؟
كيف أثرت التجربة عليك؟ كيف تجدون الوضع حاليا بعد عودة الحياة إلى إيقاعها الطبيعي؟ جائحة فايروس كورونا كان لها أثر كبير على العالم بأسره فقد غيرت الكثير من ملاح الحياة التي اعتدنا عليها. بالنسبة لي وخلال بداية انتشار الفايروس كنت في المنعطف الأخير والسنة الأخيرة قبل إتمام المرحلة الجامعية وتحقيق الهدف والحصول على شهادة البكالوريوس، وفي نفس الوقت كان هناك الكثير من الطموح والتخطيط المسبق للاستمتاع باللحظات الدراسية الأخيرة داخل الحرم الجامعي وقضاء الوقت مع الأصدقاء قبل الرحيل، والبدء في ترتيب حفل التخرج (حلم يبدأ من المبتعث حتى يتحقق) ومرحلة الانتقال والعودة لأرض الوطن– لكن كابوس كوفيد-19 غير التوقعات وألقى بالتحديات. تغيرت أنماط الحياة وبدء الخوف والقلق يزداد بين أوساط الناس في معيشتهم وانتقالهم من مكان سكنهم إلى العمل أو شراء احتياجاتهم، حتى وصلنا في بريطانيا إلى مرحلة حظر التجول كما هو الحال في العديد من باقي الدول. فكنت أحاول أن أرتب أموري وأولوياتي مع عائلتي ودراستي وفق
الإجراءات والتعليمات النظامية، خصوصاً وقت الذهاب لشراء احتياجات المنزل. أيضاً محاولة رفع الحالة النفسية لي ولعائلتي بخيارات الترفيه والاسترخاء خصوصاً أني بحمد الله كنت محظوظة أن تكون شقتي لها إطلالة وشرفة على نهر كينيت Kennet فكانت متنفس مهم لي ولعائلتي. قضيت قرابة 3 أشهر على هذا الأساس مروراً بعدة أيام في رمضان. حيث عشت غربة الأهل وتجربة صيام مختلفة ومنقطعة عن العالم بمعنى الكلمة. وصلنا بعد ذلك لمرحلة المغادرة إلى أرض الوطن والإجلاء حيث تواصلت السفارة السعودية في لندن وأخبرتني بموعد رحلة الإجلاء بعد 24 ساعة، فبادرنا في إنهاء أمور الشقة في أسرع وقت ممكن ووداع غير متوقع لفترة الابتعاث بهذه الطريقة. حقيقة كانت مشاعر مختلطة لكن حرصنا على سلامتنا والعودة لأرض الوطن والأهل كان غايتنا في تلك الفترة. تعلمت من تجربة الابتعاث بشكل عام خصوصاً وقت الجائحة أشياء كثيرة لا تنسى صقلت شخصيتي ومهاراتي وسرعت من النضج الفكري ورؤية الأمور من زوايا أوسع تقدّر فيها الحياة بموازين مختلفة عن السابق.