تأثيرات سلبية للطقس البارد على بعض الحالات المرضية
تشهد معظم دول العالم حالياً، برودة في الطقس تتراوح بين المتوسطة والشديدة، بسبب فصل الشتاء المعروف بانخفاض درجات حرارته وهطول الأمطار والثلوج فيه.
ومع انخفاض درجات الحرارة، يعمد الإنسان للبحث عن كافة وسائل التدفئة من ملابس وغيرها لدرء البرد الذي يمكن أن يتسبب بمشاكل صحية وأمراض أولها وأهمها أمراض الجهاز التنفسي.
لكن الطقس البارد قد يكون أيضاً سلبياً على بعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض معينة، ليزيد من مضاعفات وأعراض هذه الأمراض. لذا نسلط الضوء في موضوعنا اليوم على بعض الحالات المرضية التي تتأثر سلباً ببرودة الطقس، والنصائح الفعالة الواجب اتباعها لتجنب هذا التأثير السلبي.
الطقس البارد شديدٌ على مرضى السكري
يعاني الكثيرون حول العالم من التجمد وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، ما يُعرَضهم لمضاعفات سلبية خاصة فيما يخص الصحة.
منها المملكة المتحدة التي تشهد حالة من التجمد في أجزاء كثيرة، ما دفع بوكالة الأمن الصحي في البلاد لإصدار تنبيه من المستوى الثالث لكافة الحالات المرضية التي يمكن أن تتأثر سلباً بهذا التجمد، مثل مرضى السكري. فيما أصدرت المؤسسة الخيرية البريطانية بعض النصائح حول كيفية تعامل الأشخاص المصابين بالسكري في الطقس البارد.
ونصح دوغلاس توينفور، رئيس قسم الرعاية بمركز مرض السكري في المملكة المتحدة مريض السكري قائلاً: "من المهم حقاً أن تبقى دافئاً، لأن البرد يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، ومرض السكري يجعل الناس أكثر عرضة لخطر هذه المضاعفات" بحسب ما أفاد موقع "سكاي نيوز عربية".
مضيفاً: "اتبع النصيحة وقم بتدفئة منزلك إلى 18 درجة مئوية على الأقل في الغرف التي تستخدمها بانتظام وأبقِ نوافذ غرفة النوم مغلقة في الليل".
ومن النصائح التي تسديها السلطات الصحية في بريطانيا لكافة مرضى السكري بهذا الخصوص:
- المواظبة على فحص مستويات السكر بالدم.
- تعديل النظام الغذائي عند الحاجة.
- تعديل جرعات الأنسولين في حال الحاجة لذلك.
- فحص القدمين للبحث عن أية مشاكل.
- مراقبة الأدوية وجودتها بشكل جيد.
نصائح مماثلة لمرضى الربو والقلب
ليس مرضى السكري هم وحدهم المُعرَضون لمخاطر الطقس البارد ويجب عليه توخي الحذر الشديد، وإنما أيضاً مرضى الربو وأمراض الرئة الأخرى. وفي هذا السياق قالت الطبيبة إيريكا رادفورد: "يمكن أن يتسبب البرد في نوبات ربو، ونوبات خطيرة لدى الأشخاص المصابين بأمراض رئوية أخرى".
مضيفة أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة، يجب عليهم تدفئة منازلهم إلى 18 درجة مئوية على الأقل في الطقس البارد، على الرغم من أن هذا الأمر قد يُشكَل تحدياً للكثيرين هذا الشتاء، ولكن من الضروري أن يظل المكان دافئاً لتجنب الطوارئ.
وأضافت: "من الأفضل ارتداء عدة طبقات من الملابس بدلاً من طبقة واحدة،وتناول الكثير من المشروبات الساخنة. نظراً لأن الالتهابات الفيروسية يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تفاقم أعراض مرض الجهاز التنفسي، فمن الأفضل تجنب الاتصال بالأشخاص المصابين بالأنفلونزا أو الزكام".
وكانت دراسة طبية حديثة، كشفت النقاب عن تأثر القلب والرئتين بالطقس البارد، لجهةارتفاع نبضات القلبوارتفاع ضغط الدم بدوره.وأكدت أخصائية أمراض القلب في معهد "كليفلاند كلينيك"، ليزلي شو، أن "رد فعل الجسم الأول تجاه الطقس البارد هو محاولة التدفئة، لذلك تنقبض الأوعية الدموية للاحتفاظ بالحرارة، وينبض القلب أيضاً بشكل أسرع، مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم."
وأضافت أن الجسم عندما يصبح عاجزاً عن إنتاج طاقة كافية للحفاظ على درجة حرارة الأعضاء الداخلية دافئة بدرجة كافية، تظهر أعراض مثل التشوش الذهني وردود الفعل البطيئة والرعشة والنعاس. محذرة الأشخاص الذين يمارسون الرياضة في الأجواء الباردة من تعرَض القلب لديهم لضغط أكبر بسبب اجتماع الطقس البارد مع النشاط الرياضية القوي، أو حتى المشي عبر الثلوج الكثيفة.
تأثير الطقس البارد على أمراض التنفس
كما أسلفنا، فإن برودة الطقس القاسية يمكن أن تُخلَف آثاراً سلبية كبيرة على الجهاز التنفسي عند الإنسان في حال لم يتخذ الإجراءات الوقائية التي تحميه مثل التدفئة وتجنب التيارات الباردة ومخالطة المرضى. وتزداد حدة الهواء البارد على التنفس بشكل خاص لدى الأشخاص الذين يعانون من مرضى رئوي مثل الربو أو الانسداد الرئوي المزمن.
وفي هذا الشأن، تؤكد أخصائية أمراض الرئة راشيل تالييرسيو أنه "بالنسبة للأفراد الذين يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن، يمكن أن يؤدي الهواء البارد لحدوث تقلصات في الرئة، وظهور أعراض مشابهة لنوبة الربو". مشيرة إلى أن الطقس البارد قد يتسبب بضيق في التنفس والسعال وألم في الصدر، ومن الضروري في هذه الحالات تدفئة الجسم بالبقاءفي مكان مغلق ودافئ. وعليه يجب ارتداء الملابس التي تؤمن تدفئة للجسم، مع ضرورة تغطية الرأس بقبعة أو وشاح، والأمر ذاته ينطبق على الفم والأنف لمنع الهواء البارد من الولوج إلى الرئتين.
هل تؤثر برودة الطقس في الشتاء على ضغط الدم
سؤال يجيب عليه فرانسيسكو لوبيز-جيمينيز، دكتور طب على موقع "مايو كلينك"، مشيراً إلى أن ضغط الدم يرتفع في الشتاء وينخفض في الصيف، بسبب انخفاض درجات الحرارة التي تؤدي لحدوث تضيق في الأوعية الدموية. ما يتسبب بارتفاع ضغط الدم بسبب الحاجة للمزيد من الضغط لدفع الدم للمرور عبر الأوعية والشرايين الضيقة.
كما يمكن أن يتأثر ضغط الدم بالتغيرات المفاجئة في أحوال الطقس، مثل الجبهات الهوائية أو العواصف. ويتجاوب الجسم والأوعية الدموية مع التغيرات المفاجئة في الرطوبة أو الضغط الجوي أو الغطاء السحابي أو الرياح بطريقة تتشابه كثيرًا مع طريقة تجاوبه مع البرودة. ويُلاحظ انتشار هذه التغيرات في ضغط الدم المرتبطة بالطقس، بدرجة أكبر بين الأشخاص الذين يبلغون 65 عامًا أو أكثر.
وغير البرودة، يمكن للأسباب التالية أن تؤدي لارتفاع ضغط الدم:
- زيادة الوزن.
- تناول الأطعمة المالحة.
- قلة النشاط البدني.
ويُنصح الأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بوجوب الاستمرار في قياس ضغط الدم عند تغير الفصول ومراجعة الطبيب المتابع للحالة الصحية، والذي قد ينصح بتغيير جرعات الدواء أو استبداله بدواء آخر. لكن لا يجب عليك عزيزتي القارئة إجراء أي تغييرات في الأدوية التي تتناولينها دون استشارة الطبيب.
تأثير الطقس البارد على مختلف أعضاء الجسم
فضلاً عن الرئتين والقلب، فإن الطقس البارد قد تكون له تأثيرات على صحة مختلف أعضاء الجسم، تتراوح بين الخفيفة والشديدة، وينبغي التعرف عليها لاتخاذ الاحتياطات والعلاجات المناسبة.
ويشير موقع "ويب طب" لهذه التأثيرات بالآتي:
- يؤثر الطقس البارد على الجلد من خلالحرمان البشرة من الرطوبة، ما يزيد من جفاف الجلد وتشققه، خاصةً الوجه واليدين والشفاه، وهو ما يسبب الحكّة والالتهابات. كمايمكن أن تتفاقم بعض الأمراض الجلدية، مثل الأكزيما والصدفية. ويمكنك الوقاية من هذه التأثيرات بالحرص على ترطيب الجلد باستخدام الكريمات وشرب الماء والسوائل بكميات كافية.
- يسهم الطقس البارد في تيبس العظام والمفاصل والشعور بالآلام عند القيام بأي حركة، ويعود السبب في ذلك لتسبب البرودة الشديدة بالالتهابات في العظام. وأكثر آلام العظام والفاصل شيوعاً في الشتاء بسبب البرد هيآلام الركبتين وأسفل الظهر والرقبة.ولتفادي هذه المشكلة، ينصح الخبراء بالحركة المستمرة وممارسة الرياضة للحفاظ على مرونة العظام والمفاصل.
- خلال فصل الشياء تزداد الحاجة للتبول بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم المصحوب بالارتجاف والتعب. ويمكن التغلب علىالبرودة الشديدة بارتداء ملابس شتوية مناسبة، وممارسة الرياضة التي تزيد من درجة حرارة الجسم.
- للطقس البارد تأثير سلبي أيضاً على الأطراف، إذ قد يصاب بعض الأشخاص بمتلازمة رينود (Raynaud syndrome) التي تنتج عن تضيق الأوعية الدموية في الأطراف، مما يؤدي إلى الشعور بالتنميل والخدر في اليدين والقدمين. ولتجنب هذه المشكلة، يُنصح بارتداء الجوارب والقفازات لتقليل برودة الأطراف وتدفئتها قدر الإمكان.
- تتسبب التغيرات المفاجئة في درجة الحرارة بحدوث الإجهاد الحراري للجسم، وهذا النوع من الإجهاد له تأثير كبير ومباشر على لزوجة الدم، مما يجعله أكثر لزوجة وعرضة للتجلط. ويمكن أن يتسبب تجلط الدم بالعديد من المشاكل الصحية، منها النوبة القلبية والسكتة الدماغية. ووسائل الوقاية من هذه المشكلات تتضمن التحرك على مدار اليوم لتعزيز تدفق الدم في مختلف أنحاء الجسم، وارتداء الملابس التي ترفع درجة حرارة الجسم.
في الختام، فصل الشتاء هو أحد الفصول الجميلة التي يعشقها الكثيرون، لكن بعض المشاكل الصحية قد تنغص عليهم الاستمتاع به. لذا لا تتواني عزيزتي في تدفئة جسمك جيداً واتخاذ كافة الاجراءات الوقائية لحمايتك من مضاعفات الطقس البارد، خاصة في حال كنت تعاني من مشاكل صحية معينة، وتواصلي مع طبيبك دوماً في هذا الخصوص.