كارل لاغرفيلد.. أسطورة الموضة وإبداعات مع CHANEL

19 فبراير 2023

تفوق بإبداعه وفكره السباق والثوري على كل ما هو معهود، المايسترو كارل لاغرفيلد هو الأكثر تأثراً في عالم التصميم فقد حافظ على إرث دار شانيل ومنحها نفحة عصرية. ولد كارل لاغرفيلد وهو أحد أشهر مصممي الأزياء ومديري الإبداع في العالم، في مدينة هامبورغ الألمانيّة. وانتقل للعيش في العاصمة الفرنسيّة باريس عن عمر الـ14 وعاش فيها حتى وفاته تحديداً في فبراير 2019 عن عمر يناهز الـ85 عاماً. هو الذي أثر على تاريخ الموضة وطبع الإلهام في قلوب الكثيرين فكان رائداً بافكاره وابداعاته، ولم يقدر أحد أن يقلده أو أن يصل إلى مستوى تصاميمه.

عمل مصمّم الأزياء كارل لاغرفيلد مع العديد من الدور والمصممين المحترفين، لكنّه اشتهر بالقوة الإبداعية وراء الإحياء الحديث لدار شانيل، دار الأزياء الفرنسيّة الأسطوريّة التي أسّستها كوكو شانيل في أوائل القرن العشرين؛ تاركاً وراء كل عمل من أعماله مزيجاً بين الطابع الثوري والأناقة. وخلال مسيرته الفنية، استوحى لاغرفيلد من فنانين فرنسيين بالإضافة إلى بعض عارضات الأزياء أبرزهنّ كلوديا شيفر وكارا ديليفين اللواتي كن ملهمات بالنسبة له وربطته بهن صداقة وثيقة. وبعد أن فارق لاغرفيلد الحياة، تولّت فيرجيني فيارد قيادة دار شانيل واستلمت منصب المدير الإبداعي لهذه الدار، وما زالت تكمّل مسيرة كارل الفريدة خاصّة أنها كانت ترافقه في كل أعماله وحفلاته خلال السنوات الثلاثين الماضية. وسنرجع إلى عالم لاغرفيلد المهني لنستعيد أبرز أعماله ولحظاته المميزة في دار شانيل التي ما زالت محطّ أنظار الجميع حتى بعد غيابه.

كارل لاغيرفلد — كارل لاغرفيلد برفقة عارضات ازياء شانيل

أهم محطات كارل لاغرفيلد لدى شانيل

لا يمكننا أن نتكلم عن المبدع كارل لاغرفيلد من دون أن نذكر المجموعة الأولى التي قدمها لشانيل لقسم الخياطة الراقية لموسم خريف-شتاء 1983/1984. فأظهر من خلال هذه المجموعة احترامه لتقاليد مؤسِّسة الدار "غبريال شانيل"، كما أنّه أضاف عليها لمسة من العصرية الخاصة به. وصرّح أيضاً أنه عمل لأكثر من 15 ساعة يوميّاً لإنهاء هذه المجموعة في الوقت المحدد قبل يوم العرض. وعلى الرغم من بعض النقاد الذين لم يقتنعوا بطريقة تفكير لاغرفيلد التي كانت مختلفة وخارجة عن المألوف، إلا أنّه أثبت لهم وللعالم أجمع أنّ تصاميمه هي لتحف فنيّة مميّزة تعبر التاريخ.

مجموعة شانيل لربيع وصيف 1994، هي بالطبع مجموعة كان لها تأثير كبير في عالم الموضة ولم يطويها النسيان يوماً. ففي هذه المجموعة كان التويد والمزدوج، بالإضافة إلى اللؤلؤ أهم ثلاث عناصر في هذه المجموعة. وارتكز لاغرفيلد على ابتكار مجموعة بسيطة تسلّط الضوء على الأكسسوارات التي كانت توضع على الخصر أو ما تعرف بسلاسل الخصر وذلك بعيداً عن كل أنواع الزخرفة.

في عام 2014، تم تحويل غراند بالي (Grand Palais) في باريس، فرنسا، إلى سوبرماركت بعد أن قدّم كلٌّ من لاغرفيلد وعارضة الأزياء البريطانية كارا ديليفين خلال أسبوع الموضة مجموعة شانيل لخريف-شتاء 2014/2015 والتي أطلق عليها اسم "مركز تسوق شانيل". وحضر العرض العديد من النجوم كالمغنية ريانا، كيرا نايتلي، ليغ ليزارك وغيرهم... وفي نهاية العرض، استمتع الحاضرون أثناء تسوقهم للمنتوجات المتوفرة داخل هذه السوبرماركت غير الحقيقيّة. ويجدر القول أنّها لم تكن المرّة الأولى التي يتمّ فيها تحويل مركز الغراند بالي في باريس إلى مساحات جديدة خاصة بعروض شانيل تخطف الأنظار، بحيث اهتمّت الدار في أدقّ وأصغر التفاصيل المتعلّقة بالديكور لتضمن النّجاح في كافّة عروضها ليس على صعيد الازياء فقط إنما على صعيد الديكور ليكون العرض قالباً كامل متكامل.

واحدة من اللّحظات البارزة التي تركت طابعاً في حياة الملايين، وخاصّة النساء هي مجموعة ربيع وصيف 2015 التي تم تقديمها على شكل مظاهرة نسوية The manifestation of Chanel. فقام لاغرفيلد خلال أسبوع الموضة في باريس، بتحويل غراند بالي مجدّداً عام 2015 إلى شارع باريسي واسع. وكانت المفاجئة غير المتوقعة: ففي نهاية العرض، سار على هذا المدرج جيشاً من عارضات الأزياء تحملن لافتات تحمل شعارات متعلّقة بالمرأة وحقوقها وحريّتها وكان هذا العرض بقيادة عارضة الازياء البريطانية كارا ديليفين التي كانت تحمل مكبّراً للصوت هاتفةً باسم الحريّة. وكانت هذه المجموعة وبالتحديد القضيّة والصرخة النسائية خلف هذا العرض موضوعاً انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

في 2018، سار لاغرفيلد على منصة عرض شانيل Métiers d’Art 2018/2019 في متحف متروبوليتان للفنون في مدينة نيويورك برفقة فيرجيني فيارد المديرة الإبداعية في دار شانيل حاليّاً والطفل هدسون كرونيغ للمرة الأخيرة.

وكانت هذه اللحظة عبارة عن آخر ظهور له على مدرج شانيل قبل أن يخطفه الموت تاركاً وراءه مسيرة خالدة لا شبيه لها في عالم الموضة والأزياء.

"Little Black Jacket" هو كتاب قام من خلاله كلٌّ من كارل لاغرفيلد ومحررة الأزياء الفرنسية كارين رويتفيلد إعادة تفسير مفهوم سترة شانيل السوداء الصغيرة وتصميمها بطريقة مميزة. فأعاد لاغرفيلد تصميم السترة لتكون قطعة يمكن لكلا الجنسين من الأعمار كافة ارتداءها.

ويتضمن هذا الكتاب صور لمجموعة كبيرة من الممثلين والموسيقيين والمصمّمين وعارضات الأزياء والكُتّاب والمخرجين المحترفين وهم يرتدون السترة السوداء بعدة طرق مختلفة بما فيهم: كلوديا شيفر وأوما ثورمان وكانييه ويست وتيلدا سوينتون وبابتيست جيابيكوني ويوكو أونو وسارة جيسيكا باركر وغيرهم. واعتُبرت هذه السترة السوداء الخاصة بشانيل، قطعة كلاسيكية خالدة.

ومن أكثر اللحظات الملفتة في حياة لاغرفيلد هي تقديمه لمجموعات "Cruise". فالمثير أن كارل كان يقدم الـ "Cruise Collections" كل سنة في بلد مختلف من خلال اعتماد موضوع وديكور معيّن لكل مجموعة. فحاول المصمّم العظيم من خلال هذه الفكرة إحياء ذكرى كوكو شانيل لأنّها كانت تحب السفر كثيراً.