حوار مع مواهب من السعودية.. عن روح الإبداع وحب الذات
الأداء التعبيري قوة لا يستهان بها في التعبير عن الثقافة والذات، إذ هو الفن الذي يفرض الواقع بأسلوب درامي وبمشاعر وأحاسيس قد نبالغ فيها أحيانا للتعبير عن التفاصيل الداخلية، ورسم صورة أوضح لتجاربنا. عندما نراقب الفنانین ندرك تماما أن الجهود التي يبذلونها لممارسة شغفهم، ما هي إلا انعكاس لتلك الأفكار والمشاعر التي كانت تراودهم، فيشاركونها مع العالم المحيط بطریقتھم الخاصة.
الغناء لغة الحوار مع الفنانة "أروى السعودية"
جمعت أروى السعودية الصوت والكلمة والموسيقى فيما تقدمه لجمهورها ومستمعيها، فأصبحت صوت السعودية في الكثير من المحافل، ووجدت ذاتها بالغناء. فكانت العلاقة الطردية بينها وبين الغناء صوتها الذي يصل إلى قلوب مستمعيها.
وعن ذلك تقول: "الغناء بالنسبة لي هو صوتي، وهو طريقتي في التواصل والحوار، ورحلتي في التشافي. وأجد في الغناء مساحة للتعبير عن ذاتي، كما أن علاقتي بالفن علاقة طردية، فأنا أنير نفسي، وأتجلى بالفن ليصل النور لمن حولي، فالشغف بالغناء وحبي له هو ما يجعلني أستيقظ كل صباح للسعي. فمع وجود شغف توجد الاستمرارية، وعلى الرغم من تمكني في الغناء، أستمر في تعلم شيء جديد في كل يوم".
وما زالت المواهب السعودية ملهمة للجيل الصاعد ولكثير من المواهب الشابة، فالفن بأنواعه ملجأ الفنان، ومنزل يتسع الجميع، ومساحة لا حدود لها ينشئون فيها آفاقا جديدة تتشابه وتختلف في الوقت ذاته. فكل فنان له مسار ودرب يتبعه ليجد ذاته، فمنهم من يجد الغناء ملجأ له تَسْطَع ذاتهم فيه، ومنهم من يجد ذاته في الرقص، فيكون التأثير العاطفي سيد الأداء، ومنهم من يلجأ إلى الموسيقى لتهدئة أفكاره، لتكتمل بذلك التوليفة بين الصوت والكلمة، والموسيقى والرقص.
حين تنطق الموسيقى مع عازفة البيانو السعودية "دالين خالد"
تنقل الموسيقى عازفة البيانو السعودية دالين خالد إلى عوالم أخرى، فمن دون الموسيقى لن نجد هذه التوليفة العظيمة من المواهب المختلفة، تقول دالين: "الموسيقى تهذب النفس، وهي غذاء الروح".
وعند ممارستها للعزف ترسل دالين بأدائها الروح الموسيقية لكل شعوب العالم، ولطالما كانت الموسيقى الوسيلة الأصدق لإيصال المشاعر على الرغم من اختلاف اللغات والأجيال، وتعلق على ذلك قائلة: "الموسيقى لا تعرف عمرا ولا فئة ولا زمنا". يرتكز أسلوب دالين في العزف على العصور الباروكية والكلاسيكية. وأما عن سبب إختيارها لهذا الأسلوب، فتقول: "أشعر بأنها من أكثر العصور التي تبهرني في ألحانها، سواء التي تتسم بالبهجة والفرح أو الحزن والبؤس، الموسيقى هي من أفضل المهارات للتعبير عن الذات من خلال تنوع حالتها".
في كل لحظة، تراودنا آلاف الأفكار عن أنفسنا، أما الفنان، فسرعان ما يتجه إلى الفن لمواجهة هذه الأفكار والمشاعر، لكونه وسيلة للوقوع في حب الذات وترجمة ما لا تستطيع الكلمات وصفه. وهي ملجأ دالين الخاص في كل اللحظات السعيدة والحزينة، فدائما ما تعود إلى البيانو، وعند سؤالها عن ذلك، تجيب قائلة: "عزف البيانو بالنسبة لي هو تصفية للذهن، لذلك أعتبره ملجئي، ففي كل مرة أشعر بالضياع أو التشتت والتوتر، يكون البيانو هو الحل الأفضل لي".
تعمل دالين خالد على تطوير مهارتها بالتعلم والممارسة المستمرة، وذلك تكريما لما تملكه من موهبة، ليصبح شغفها الداخلي وحب الذات المحرك الأساسي للوصول إلى الإتقان والمثالية. تطمح عازفة البيانو ومدربة الموسيقى السعودية إلى العزف في أحد أكبر المسارح في العالم أمام جمهور كبير مستمتع ومتذوق للموسيقى.
الأداء الحركي يسرد قصصا تبوح بالحرية والتوازن مع الفنان السعودي "بلال علاف"
يعبر الأدائي السعودي بلال علاف عن هويته، ويسرد قصته الخاصة، فالرقص بالنسبة له يلعب دورا كبيرا في حياته، فيشعر بالحرية عند أدائه، وهو ما يجعل هذا المجال ملهما بأنه يغرس الإيجابية لمشاهديه. يصنع بلال بأدائه لوحة فنية متحركة يوصل بها إحساسه من دون الحاجة إلى النطق بالكلمات لوصف ما يجول في داخله. ويقول: "الرقص في حياتي هو أخلص صديق، ونقطة اتصال وثيق مع نفسي ومع الآخرين. في الحزن يساعدني على تحويل المشاعر السلبية إلى طاقة إيجابية تعبيرية تخرجني من الحزن إلى الرضى والطمأنينة، وقد تكون مشهدا فنيا يلهم الآخرين. وفي الفرح أشارك من خلاله سعادتي، وأما في الضيق والألم، فيعينني على الاستعداد وتعزيز قوتي. وعند اختلال التوازن يوضح لي أسبابه، فأستعيد به توازني، وأراه صديقي الأصدق والمعلم الحكيم في كل المواقف، فهو ساحة ليس لها نهاية.. الرقص لغة أبلغ من الكلام".
يبوح بلال بما في داخله حركيا، فشغفه بالرقص جعله يختاره مهنة يمارسها بحب يتطور فيها، كما يجعله الرقص والأداء يدرك جسده وتفاصيله. وفي أغلب التعبيرات الجسدية الإبداعية يسرد بلال قصة تعتمد على التأثير العاطفي، وعند شعوره بالحزن أو اختلال التوازن العاطفي والاجتماعي يلجأ إلى الرقص. ويضيف: "وجدت نفسي في هذا المجال تدريجيا، بداية أحببت الرقص كهواية وأسلوب حياة، وكنت أمارسه مع الأصدقاء في مدارس الرقص الترفيهية في الفترة التي كنت أعيش خلالها في ألمانيا. وتطور ذلك إلى حب وساحة فضول انشرح لها صدري، ثم توقفت عن ممارسته بسبب الضغوط الاجتماعية، لأعود إليه فجأة، بحثا عن النجاة من الغرق. حينها اختلف منظوري إلى الرقص من كونه شيئا ثانويا إلى كونه من أساسيات الحياة والتطور الشخصي والاجتماعي والثقافي، واليوم هو مهنة أمارسها بحب، وأعدها أقرب التجارب الحياتية إلى قلبي وروحي، فأنت لست في مواجهة ولا سباق مع العالم، اصبر بحب، واجتهد بشغف ولو كانت التيارات تواجهك".
وعلى الرغم من أن الرحلة كانت شاقة، فإن الحب الصادق للمهنة جعل الصعب مستحيلا، والآن وبكل امتنان وفخر اختار بلال علاف الرقص مهنته الرئيسة.