خاص "هي" - حب الذات: كيف أقوم ببناء علاقة صحية مع نفسي؟
بقلم: الدكتورة ريم محمود، دكتوراه في علم النفس (بريطانيا)، ماجستير العلوم (بريطانيا)
علم النفس الصحي، لايت هاوس أرابيا
في السنوات الماضية، تحول يوم الحب من احتفال مخصص للأزواج إلى موسم لحب الذات. أكثر من أي وقت مضى، بتنا نتحدث جميعاً عن أهمية حب الذات وكونه جزء أساسي من حياة صحية ومفتاح لصحتنا العقلية ورفاهيتنا، كما أنه يساعدنا على تعزيز العلاقات الإيجابية والهادفة. في الواقع، تصبح علاقتك بنفسك نموذجاً لجميع العلاقات الأخرى التي تبنيها. كما يقول "برين براون" الشهير: "يمكننا فقط أن نحب الآخرين بقدر ما نحب أنفسنا". إذن، كيف يبدو حب الذات حقاً؟
ما هو حب الذات؟
حب الذات هو عندما تفهم قيمتك الخاصة وتعامل نفسك بطريقة لطيفة ومحبة، كما تفعل مع أي شخص آخر تحبه وتهتم به. إنه الاحترام والتقدير الذي تتمتع به تجاه نفسك كما أنت. إن حبك لنفسك لا يعني أنه يجب أن تلزم نفسك بمعايير عالية وأن تسيء التكلم مع نفسك بكلمات مؤذية عندما لا تلبي توقعاتك العالية المؤلمة. لا ينبغي أن يكون حب نفسك مشروطاً، بمعنى أنه ليس حباً حقيقياً إذا تخليت عن نفسك عند مواجهة الصعوبات أو المعاناة أو عندما ترتكب الأخطاء. بدلاً من ذلك، الحب الحقيقي هو إدراك أنك مثل أي شخص آخر، تستحق اللطف والراحة والعناية خاصةً عند مواجهة مصاعب شخصية. ففي نهاية المطاف، من قال أنه من المفترض أن تكون مثالياً؟
حب الذات ليس هدفاً، بل إنها عملية يجب أن تستمر مدى الحياة. يعتقد الكثيرون أن حب الذات يتعلق بتقدير الجوانب الإيجابية والمحبوبة في أنفسنا. نعم، يجب أن تحتفل وتقدر هذه الجوانب ولكن أيضاً يجب أن تتعلم أن تتقبل وتفهم وتحب الأجزاء التي لا تحبها بنفسك؛ الجانب الذي تريد أن تتخلص منها. بين ولادتنا والشخص الذي نحن عليه اليوم، صدمتنا حياتنا بحفنة من الأكاذيب؛ ليس ذكي بما فيه الكفاية أو جميل بما فيه الكفاية أو موهوب بما فيه الكفاية. ومما زاد الطين بلة، أن الطلب المتزايد للمثالية على وسائل التواصل الاجتماعي لا يترك لنا مجالاً لنتصرف على طبيعتنا ونحب أنفسنا.
كيف تبدأ بتنمية حب الذات؟
لقد تعرضنا جميعاً لمجموعة متنوعة من الرسائل حول حب الذات وكيفية تعزيزها. الحقيقة هي أن الكثير من الناس يقضون الوقت في التفكير في كيفية حب أنفسهم بشكل أفضل ولا يعملون على تعزيز ذلك. قد لا يكون حب الذات شيئاً تلقائياً بالنسبة للكثير منا، خاصة بالنسبة لبعضنا ممن مروا بطفولة صعبة أو علاقات مؤلمة، قد لا يكون تعلم حب أنفسنا سهلاً كما يبدو. يمكن أن يبدو خلق مساحة أكبر لحب الذات مختلفاً بالنسبة لأشخاص مختلفين، فبالنسبة للبعض منا قد يكون مجرد قرار اختيار التوقف عن كره أنفسنا تماماً وبذل الجهد لنكون أكثر لطفاً مع أنفسنا كما نفعل مع صديق. الخبر السار هو أن حب الذات هو مهارة يمكنك تعلمها وتطويرها.
يتضمن حب الذات ثلاثة عناصر رئيسية: الاتصال الذاتي - الاهتمام بنفسك، وقبول الذات - أن تكون لطيف مع نفسك، والرعاية الذاتية - أن تحمي نفسك وتعتني بنفسك. إليك بعض النصائح من طبيب نفساني ...
خلق مساحة أكبر خاصة بك
ابدأ من خلال تخصيص وقت أكثر لتكون به مع نفسك. كما يقول "دي ميلو": " لا يمكنك أن تحب ما لا تراه ". يعيش الكثير منا في تجنب النظر إلى داخلنا خوفاً مما قد نجده. لذلك، نتخذ قراراً واعياً باللجوء إلى عالمنا الخارجي، مع عدم التعرف الى أنفسنا حقاً. لاكتساب فهم عميق لأي شيء يجب أن تستثمر بعض من الوقت والطاقة. وبالمثل، من أجل التعرف الى نفسك، ستحتاج إلى إنشاء مساحة جسدية وعاطفية لتكون مع نفسك. ابدأ بالاستماع الى صوتك الداخلي - تحديد الأشياء التي ينجذب إليها انتباهك - حتى لو كانت تتضمن أفكاراً مزعجة؛ رحّب بها واستمع بفضول، وعندها فقط ستتمكن من تعلم تطوير حوار داخلي مع نفسك ببطء. يمكن للكثيرين منا أن يقولوا إننا نفعل ذلك بالفعل، خاصةً نحن الذين نفرط في التفكير! المشكلة هي أننا نتعامل مع أنفسنا بشكل غير صحيح. نميل إلى طرح المزيد من أسئلة "لماذا"، والتي من المحتمل أن تضعنا في مكان يركز على عيوبنا ومخاوفنا. الحيلة هي طرح أسئلة "ماذا" - لذا بدلاً من " لماذا أنا حزين؟ " اسأل "ما هي المواقف التي جعلتني أشعر بالحزن؟" هذا ينقل تركيزنا إلى مساحة أكثر موضوعية وتمكيناً للعمل من خلالها.
احترم احتياجاتك
كل شخص لديه مشاعر واحتياجات. ابدأ بالاعتراف بأن احتياجاتك صحيحة ومهمة. حب الذات هو طريقة أخرى للعناية بالنفس. لممارسة الرعاية الذاتية، نحتاج غالباً إلى العودة إلى الأساسيات، بما في ذلك احترام طلبات جسمك المختلفة. هذا يعني الراحة عند التعب، والأكل عند الجوع أو التمدد عند التوتر أو التشنج؛ الاستماع إلى مشاعرك أمر حيوي أيضاً. عواطفنا هي بوصلتنا الشخصية، لذا ابدأ في النظر إليها كأدوات للمساعدة في توجيهك نحو الأمور المهمة ومجالات الحياة التي قد تحتاج إلى مزيد من الرعاية، وما لا تحتاج إليه. تعلم احترام مشاعرك واحتياجاتك. هذا يعني أنك يجب أن تستمع إلى جسدك وعواطفك عندما تشعر بالارتياح وعندما تشعر بالإحباط. عندما تحترم احتياجاتك، فإنك تنقل مستوى معيناً من التوقعات لنفسك وللآخرين بأن احتياجاتك مهمة. على سبيل المثال، عندما تقول "لا" لخطط معينة لأنك متعب، فإنك تحترم حاجتك لترتاح. سيساعدك تعلم قول "لا" على قضاء وقتك وطاقتك بطرق تفيدك حقاً.
كن متعاطفاً
التعاطف مع الذات هو معاملة نفسك كما تعامل صديقاً لك. التعاطف يعني حرفياً "أن تتألم مع"، مما يعني إدراك بأننا جميعاً نواجه المصاعب. يمكن أن تساعدنا هذه الإنسانية على أن نكون أكثر قبولاً وفهماً ولطفاً مع عيوبنا، لأنها تساعدنا على رؤية مشاعرنا بالفشل والنقص على أنها عالمية. إذا نظرنا عن كثب إلى تفاعلاتنا، فإننا أكثر تفاهماً ولطفاً مع الآخرين مما نحن عليه مع أنفسنا. ما مدى سهولة تهدئة صديق بقولك "إنك مجرد إنسان"!. ومع ذلك، عندما نعاني في كثير من الأحيان، فإننا ننغمس في مشاعرنا التي يمكن أن تضيق منظورنا إلى حد أنه يصبح وكأن باقي البشر غير موجودين حتى! لذا، اعتد أن تسأل نفسك، هل سأتحدث مع صديق بالطريقة التي أتحدث بها مع نفسي؟ ماذا أقول لهم لأريحهم؟ ثم افعل نفس الشيء مع نفسك.
خلاصة القول هي أنه مثل أي علاقة أخرى، يتطلب تعزيز الاتصال والحب والرعاية الاستثمار والجهد، والعلاقة مع نفسك ليست مختلفة. ومثل أي علاقة، سيكون لها تقلبات وكل ما عليك فعله حقاً هو اختيار تخصيص مساحة لنفسك وأن تكون لطيفاً مع نفسك.