أطعمة تراثية وجدت مكانًا لها على قائمة اليونسكو.. ما هي
يُعدَ التراث الشعبي ثروةً كبيرة من الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية، وهو علم يُدرَس الآن في الكثير من الجامعات والمعاهد الأجنبية والعربية، لذا فإن الاهتمام به من الأولويات الملحة.
بمفهومه البسيط، فالتراث هو خلاصة ما خلَفته (أورثته) الأجيال السابقة للأجيال الحالية. وهو ما خلَفه الكبار ليكون عبرةً من الماضي ونهجاً يستقي منه الأبناء الدروس، ليَعبُروا بها من الحاضر إلى المستقبل.
وفي تعريفه للتراث، يقول الكاتب صلاح زيادنة: "أن التراث هو ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وآداب وفنون ونحوها من جيل لآخر". ومنها التراث الخاص بالأطعمة الشعبية التي سادت لقرون وأعوام في الماضي؛ بعضها ما زال محتفظًا بزخمه ووجوده بقوة، وبعضها الآخر دخلت عليه تعديلات كثيرة، فيما البعض الآخر للأسف اندثر مع الزمن.
لكن بفضل اليونسكو، وهي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، وتتمثل رسالتها في إرساء السلام من خلال التعاون الدولي في مجال التربية والعلوم والثقافة، فإن بعضًا من هذه الأطعمة التراثية ستظل محفورةً في التاريخ والذاكرة ؛ بعدما عمدت لإدراجها ضمن قائمتها السنوية التي تشمل كذلك الفنون الشعبية.
أطعمة تراثية على القائمة الثقافية لليونسكو
تحفل القائمة السنوية لليونسكو بالعديد من أشكال التراث الثقافية للدول المختلفة، وهي تشهد تحديثًأ سنويًا. ومن الأطعمة والمشروبات التي أدرجتها اليونسكو لتكون تراثية:
- الكسكسي: عبارة عن كرات صغيرة من سميد القمح القاسي المطحون الذي يتم طهيه عادةً على البخار، ويُعدَ الكسكسي طعامًا أساسيًا في المطبخ المغربي إضافة للجزائر وتونس ومصر وموريتانيا. وقد انضمت طرق طهيه في هذه الدول إلى قائمة اليونسكو للتراث غير المادي في عام 2020.
يُطبخ الكسكسي مالحًا أو حلوًا (مع اللوز والقرفة والسكر والورد أو ماء زهر البرتقال وأحيانًا الزبيب)، فيما يتم تقديمه عادةً مع الخضروات المطبوخة في مرق أو حساء الحار، وأحيانًا مع اللحوم (مثل الدجاج أو لحم الضأن). أما في تونس، فيحصل الكسكسي على الحرارة ولونه البرتقالي المحترق من الهريسة، وغالبًا ما يتم تقديمه مع المأكولات البحرية.
- الكيمتشي: نوع من المخللات التي تُشكل جزءاً أساسيًا من المطبخ الكوري التقليدي، ومُدرج في اليونسكو مرتين. والكيمتشي هو خضارٌ مُملَح ومُخمَر، ويأتي الملفوف والفجل في طليعة أنواعه. أما التوابل التي تُضاف إليه فتختلف حسب الذوق الخاص والمنطقة التي يأتي منها، لكنها بالإجمال تتضمن رقائق الفلفل الحار والثوم والزنجبيل والمأكولات البحرية المملحة.
- الطعام الفرنسي: من منا لم يجرب الأكل الفرنسي، ولم يستمتع بمذاقه الرائع وشكله الجميل؟ وتُعد الوجبة الممتعة متعددة الأطباق عنصرًا أساسيًا في الثقافة الفرنسية، وبحسب منظمة اليونسكو يجب أن تشتمل هذه الوجبة على بعض المشروبات قبل الأكل، وأربع أطباق على الأقل كمقبلات، ثم السمك أو اللحم مع خضروات، فالجبن، وأخيرًا الحلوى.
- خبز لافاش: وهو الخبز المسطح المشهور في جنوب القوقاز وغرب آسيا؛ تم إدراجه على قائمة اليونسكو مرتين: الأولى لدوره الرئيسي في المطبخ الأرميني، والثانية كجزء من ثقافة صناعة الخبز المسطح في أذربيجان وإيران وكازاخستان وقيرغيزستان وتركيا.
يتم تحضير خبز اللافاش من عجينة مصنوعة من دقيق القمح والماء على شكل كرات، تُلف بعدها بطبقات رقيقة، وتُمدَ على وسادة مستطيلة، ثم تُخبز على جدران فرن مصنوع من الطين يشبه التندور.
وأنواع الخبز المسطح في غرب آسيا وجنوب القوقاز، نجد اليوفكا التركية المصنوع فقط من زيت الزيتون ودقيق القمح؛ وكاتاما في قيرغيزستان، وهو عبارة عن خبز مسطح مقرمش محشو بالبصل بالكراميل.
- بيتزا نابوليتان: عند ذكر الأطعمة التراثية، لم تغفل قائمة اليونسكو عن المطبخ الإيطالي العريق الذي يتضمن العديد من الأكلات الشعبية المتوارثة مثل البيتزا.
وبحسب اليونسكو، ليست البيتزا وحدها هي التراث غير المادي وإنما الأشخاص الذين يُحضَرون ويخبزون العجين في فرن يعمل بالحطب. أما ما يجعل بيتزا نابولي مميزة لهذا الحد، فإنه وبحسب منظمة بيتزا نابولي في إيطاليا، يجب أن يُصنع العجين من دقيق عالي البروتين ويُعجن باليد، ويعلوه إما قشطة مصنوعة من حليب البقر أو موزاريلا دي بوفالا مصنوعة من حليب الجاموس، أو سان مارزانو الطماطم والريحان وزيت الزيتون البكر. ويتم خبزها في فرن يعمل بالحطب على درجة 800 بحد أقصى وخلال 90 ثانية، للحصول على بيتزا ذات قشرة منتفخة ومتفحمة قليلاً.
- نسيمة: أكلةٌ مالاوية عبارة عن عصيدة مصنوعة من دقيق الذرة، ثم يتم تكثيفها حتى يمكن تشكيلها على شكل كتل صلبة. ويتم تقديم نسيمة مع كل شيء تقريبًا، سواء الحساء أو اليخنات واللحوم أو السمك المشوي والخضروات المطبوخة مثل القرع أو أوراق الخردل.
ولتناول نسيمة، ينبغي أخذ القليل من قطعة كبيرة ولفها على شكل كرة، ثم عمل فجوة صغيرة لتجميع الحساء أو الصلصة بداخلها قبل تناولها.
- هوكر: تُطلق عليها اليونسكو تسمية "مراكز الباعة المتجولين" في سنغافورة، وهي
غرف طعام مجتمعية، تحتوي عشرات وأحيانًا مئات الأكشاك التي تبيع مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأطعمة بأسعار معقولة. - واشوكو: إفطار ياباني تقليدي تمَ وضعه على قائمة اليونسكو في العام 2013، وفيه يتم استخدام المكونات الطبيعية المحلية مثل الأرز والأسماك والخضروات والنباتات البرية الصالحة للأكل في صنع هذا الطبق.
عناصر جديدة على قائمة التراث غير المادي لليونسكو
في العام الماضي وخلال الإجتماع السابع عشر للجنة المعنية بالمنظمة، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عناصر جديدة إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي من عدة دول حول العالم.
والمقصود بعبارة "التراث الثقافي غير المادي" هو الممارسات والتقاليد والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، والتي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانًا الأفراد، جزءًا من تراثهم الثقافي.
ضمت القائمة الجديدة الأطعمة والمشروبات التالية التي يمكنكم التلذذ بها عند زيارة الدول التي تنتمي إليها:
- المنسف الأردني: يحمل هذا الطبق المؤلف من اللحم والأرز والخبز العديد من المعاني الإجتماعية والثقافية؛ وهو مأدبةٌ إحتفالية يتم فيها مناقشة كافة الإهتمامات المشتركة وسرد القصص والغناء أثناء إعداده، كما يحتل مكان الصدارة في المناسبات المختلفة مثل الأعياد والأعراس وغيرها.
- الهريسة التونسية: تُصنع من الفلفل المجفف في الشمس مع زيت الزيتون والعديد من البهارات. تُقدَم الهريسة التونسية مع كافة الأطباق تقريبًا، وهي بحسب وثيقة التعريف التي نشرتها اليونسكو، "عنصر هويّة لتراث الطهي الوطني، وعاملًا من عوامل التماسك الاجتماعي، وعنصرًا موحدًا لبلد بأكمله".
- البن الخولاني من السعودية: تنمو الثمرة خلال سنتين إلى ثلاث سنوات من الزراعة، ويتم حصادها باليد وتُترك لتجفّ. ولاستخراج الحبة، توضع الثمار المُجفّفة على طاحونة حجرية كبيرة مسطحة، ويقوم حجر اسطواني بقشرها لمنع التشقّق، وفصل الحبة عن القشرة الخارجية.
تزرع قبائل الخولاني حبوب البن لأكثر من 300 عام، وقد نقلت المهارات والتقنيات إلى الأجيال الشابة. والقهوة هي رمزٌ للكرم في السعودية، ويُعد تكريم الضيوف وتقديم حبوب القهوة التي يتم حصادها من المزارع الخاصة في المملكة، علامةً على الإحترام والشرف.
- الباغيت الفرنسي: من أكثر أصناف الخبز شعبية في فرنسا، يتم تناوله على مدار العام، ويُصنع من 4 مكونات فقط هي الدقيق والماء والملح والخميرة، بعكس الأرغفة الفرنسية الأخرى.
ومن بين العناصر الأخرى التي أدرجت على قائمة التراث الثقافي غير المادي: الشاي الصيني، وتربية النحل في سلوفينيا من بين الأطعمة التراثية.