بعد حصول الأمير إدوارد على لقب دوق إدنبرة.. هؤلاء أشهر من حمل اللقب
خلال السنوات القليلة الماضية أثيرت الكثير من التساؤلات حول مصير لقب دوق إدنبرة النبيل والذي ظل الأمير فيليب Prince Philip زوج الملكة الراحلة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II ووالد الملك تشارلز الثالث King Charles III ملك بريطانيا، يحمله حتى وفاته في إبريل 2020 فوفقا للقوانين فإن اللقب يفترض أن ينتقل بعد وفاة صاحبه، إلى ابنه الأكبر ووريثه وهو تشارلز الثالث، على أن يعود اللقب إلى التاج البريطاني بمجرد إعلان تشارلز الثالث ملكا لبريطانيا، وهو ما حدث بالفعل بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية في قلعة بالمورال في منطقة المرتفعات الاسكتلندية في سبتمبر 2022، عن عمر يناهز 96 عام، إلا أن الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب عبرا عن رغبتهما في تسعينيات القرن الماضي، بأن يحصل اصغر أبنائهما، الأمير إدوارد Prince Edward على لقب دوق إدنبرة، ولكن بعد وفاة الملكة وصعود تشارلز الثالث إلى العرش، تحدثت الشائعات عن أن الملك تشارلز لا يخطط لتنفيذ رغبة والديه الراحلين بمنح شقيقه الأصغر الأمير إدوارد لقب دوق إدنبرة اتباعا لسياسته الخاصة بخفض أعداد الأفراد الذي يتمتعون بامتيازات ملكية ويحملون ألقاب ملكية أو نبيلة مميزة يتم توارثها، مثل لقب دوق، وتحدثت شائعات أخرى عن تخطيط الملك تشارلز الثالث بالاحتفاظ بلقب دوق إدنبرة شاغرا، حتى يمنح حفيدته الأميرة تشارلوت Princess Charlotte، ابنة الأمير وليام أمير ويلز وولي عهد بريطانيا William, Prince of Wales، لقب دوقة إدنبرة، والذي حملته الملكة الراحلة إليزابيث الثانية حتى وفاتها، في المستقبل، إلا أن الملك تشارلز خالف توقعات الكثيرين وقام بمنح لقب دوق إدنبرة للأمير إدوارد وتم الإعلان عن ذلك رسميا بالتزامن مع الاحتفال بعيد الميلاد التاسع والخمسين للأمير إدوارد والذي احتفل به في وقت سابق من هذا الشهر، ليصبح الأمير إدوارد بذلك أحدث من حصل على لقب دوق إدنبرة، ومن أجل ذلك دعونا نتعرف معا على أشهر من حصل على لقب دوق إدنبرة على مر السنوات.
دوق إدنبرة الذي كرهه والديه
أول من حصل على لقب دوق إدنبرة كان الأمير فريدريك Prince Frederick، وهو الابن الأكبر للملك جورج الثاني King George II وكارولين أميرة أنسباخ Caroline of Ansbach، والذي تحدث المؤرخون عن أن علاقته بوالديه كانت غاية في السوء، لدرجة أن والده كان بالكاد يستطيع التحدث إليه، وقيل أن والدته وصفته في إحدى المناسبات بأنه "أكبر وغد كاذب في العالم بأسره" وبأنه "وقح ووحش حقيقي"، قبل أن تتحدث عن أمنيتها بأن يكون بعيدا عن حياتها إلى الأبد"، وفي مناسبة أخرى نقل عنها أنها قالت عن ابنها الأكبر: "أتمنى أن تنشق الأرض في هذه اللحظة وتبتلع هذا الوحش وأن يذهب إلى أعمق حفرة في أعماق الجحيم"، بالرغم من الكراهية المتبادلة بينه وبين والديه إلا أن الأمير فريدريك عرف عنه أنه ذكي ومتعدد المواهب، واشتهر بحبه للفنون والموسيقى وبكتابته للشعر ومهارته في العزف على التشيلو وكان يحب أيضا الرماية والصيد وصيد الأسماك ويجيد لعب الكريكيت.
الأمير فريدريك تزوج من الأميرة أوغستا Princess Augusta في عام 1736 وأنجبا خلال زواجهما 9 أبناء، وخلال حياته كولي لعهد بريطانيا واجه الكثير من التحديات التي هددت طموحاته بأن يصبح في يوم ما ملك لبريطانيا، وجاءت من خصومه السياسيين ووالديه اللذان لم يخفيا حقيقة أنهما يفضلان ابنهما الأصغر ويليام أغسطس دوق كمبرلاند Prince William, Duke of Cumberland عن شقيقه الأكبر الأمير فريدريك، ورغبتهما في ألا يصبح الأمير فريدريك ملك لبريطانيا في يوم ما، وهي الرغبة التي تحققت بعد سنوات من وفاة وكارولين أميرة أنسباخ، وقبل سنوات من وفاة جورج الثاني والسبب هو وفاة الأمير فريدريك بإصابة في حادث كريكت وقيل أن الأمير والذي ظل طريح الفراش لبعض الوقت بعد الحادث، كانت كلماته الأخيرة قبل وفاته بدقائق هي العبارة الفرنسية "Je sens la mort" وتعني "أشم رائحة الموت"، بعد وفاة الأمير فريدريك، أصبح ابنه الأكبر جورج الثالث George III وريث العرش البريطاني، وملك بريطانيا فيما بعد.
دوق إدنبرة الذي فقد أمريكا واشترى قصر باكنغهام وأصيب بالجنون
بعد وفاة الأمير فريدريك، أصبح ابنه الأكبر جورج الثالث، يحمل لقب دوق إدنبرة إلا أنه احتفظ باللقب لتسعة سنوات فقط قبل أن يعود اللقب للتاج البريطاني، بعد إعلان جورج الثالث ملكا لبريطانيا، بوفاة جده جورج الثاني في عام 1760، على العكس من والده وجده، فلقد ولد جورج الثالث وتلقى تعلميه، في بريطانيا بدلا من ألمانيا وأظهر حبه واعتزاه الشديدين لبريطانيا في مناسبات عديدة، من بين أشهرها على الإطلاق خطبته الشهيرة أمام البرلمان البريطاني بمناسبة إعلان ملكا لبريطانيا والتي قال فيها: "إنني أفتخر باسم بريطانيا".
بالرغم من ذلك فلقد واجه جورج الثالث إخفاقات وتحديات كثيرة خلال فترة حكمه، أبرزها حقيقة أن حكمه شهد الهزيمة العسكرية الأكثر شهرة في تاريخ بريطانيا والتي جاءت في حرب الاستقلال الأمريكية بعد انتهاء الحرب بهزيمة بريطانيا واستقلال أمريكا عن التاج البريطاني، كما فشل جورج الثالث في زيارة الكثير من البلدان التابعة لمملكته مترامية الأطراف، حتى أن قدمه لم تطأ مطلقا اسكتلندا أو ويلز أو حتى مانشستر، بالرغم من أهمية كل منهم للتاج البريطاني وقتها.
بالرغم من ذلك فلقد كانت هناك العديد من المآثر الحميدة التي تذكرها بها شعبه، فجورج الثالث كان مؤسس الأكاديمية الملكية وكان من اشترى قصر باكنغهام حيث اشتراه كهدية لزوجته، كما عرف عنه ليبرالي ويميل إلى الديموقراطية حتى أنه لم يأمر بغلق أي صحف أمريكية في أوج حرب الاستقلال الأمريكية، ولم يتم حظر اجتماعات شعبية، أو إجراء بريطانيا لأي اعتقالات بدون محاكمة خلال تلك الفترة في أمريكا بدون محاكمة، جورج الثالث اشتهر أيضا بأنه كان يبغض تجارة العبيد قبل أن يصبح ملكا، وفي عام 1807، أعطى الموافقة الملكية على سن قانون يجرم تجارة العبيد.
جورج الثالث أصيب بالجنون في السنوات الأخيرة من حياته وقيل إن السبب هو حزنه الشديد لإصابة ابنته أميليا بمرض مميت، ولهذا السبب أصبح ابنه الأكبر جورج الرابع King George IV، وصيا على العرش في السنوات التسع الأخيرة من حكم جورج الثالث، قبل أن يصبح ملكا لبريطانيا.
دوق إدنبرة الذي عمل كضابط بحري ونجى من الاغتيال وتوفى حزنا على ابنه
من بين أشهر من حصل أيضا على لقب دوق إدنبرة في تاريخ بريطانيا، الأمير ألفريد Prince Alfred، وهو الابن الثاني للملكة فيكتوريا Queen Victoria، وحصل على لقب دوق إدنبرة بعد أن منحته إياه والدته، بمناسبة عيد ميلادها، في عام 1866 وكان عمره وقتها يقترب من سن العشرين، بحلول ذلك الوقت كان الأمير ألفريد قد أصبح وقتها، بالرغم من صغر سنه، ضابط مخضرم في البحرية البريطانية، بعد أن خدم في البحرية الملكية لما يقرب من ست سنوات، وكان يحظى بالكثير من الاحترام والتقدير داخل وخارج بريطانيا، حتى أنه رشح لخلافة ملك اليونان أوتو King Otto of Greece عند تنازل الأخير عن العرش عام 1862، إلا أن معارضة والدته الشديدة للأمر، جعلته يقرر ألا يصبح ملكا لليونان.
في عام 1867، أصبح الأمير ألفريد، أول فرد في العائلة المالكة البريطانية يزور أستراليا وزارها ضمن جولة خارجية دولية امتدت لمدة خمسة أشهر أبحر خلالها كقائد لسفينته الخاصة، جالاتيا، على الرغم من استقباله استقبالا حارا من قبل رعاياه المستقبليين هناك، كاد الأمير ألفريد أن يفقد حياته بعد تعرضه لمحاولة اغتيال في سيدني في مارس 1968 على يد الأيرلندي المولد هنري أوفاريل Henry O'Farrell والذي حكم وأعدم بعد إدانته في محاولة الاغتيال الفاشلة للأمير ألفريد والذي أصيب خلالها الأمير بطلق ناري في الظهر، ووفقا للمؤرخين فلقد تلقى الأمير العلاج على يد فريق من الأطباء المهرة والممرضات الذين دربتهم رائدة التمريض الحديث والممرضة البريطانية الشهيرة فلورنس نايتنجيل Florence Nightingale.
الأمير ألفريد كان متزوجا من الدوقة الكبرى ماريا ألكسندروفنا Grand Duchess Maria Alexandrovna، ابنة القيصر ألكسندر الثاني Tsar Alexander II، ووصف زواجهما بأنه كان غير سعيد على العكس من زواج والديه، إلا أنهما أنجبا خلاله 5 أبناء، أكبرهم، ابنه الذي كان يدعى أيضا ألفريد، وكان مخطوب لأميرة ألمانية إلا أن ألفريد كان يعاني من مرض الزهري والاكتئاب، وخلال احتفالات الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لزفاف والديه في عام 1899، أطلق الأمير الشاب النار على نفسه، وبالرغم من محاولات إنقاذه وتحسنه في البداية إلا أنه توفي بعد أسبوعين فقط من محاولته الانتحار، وفاة ابنه منتحرا، تسببت في معاناة الأمير ألفريد من حزن هائل، وتوفي حزنا على ابنه الراحل، بعد 18 شهر من وفاة ابنه.
دوق إدنبرة الذي وصف بأنه مصدر قوة وثبات زوجته الملكة
أشهر من حمل لقب دوق إدنبرة هو الأمير الراحل فيليب زوجة الملكة إليزابيث الثانية والذي اهتزت لوفاته بريطانيا، الأمير فيليب والذي عرف قبل ارتباطه بالملكة إليزابيث الثانية بأمير اليونان والدنمارك، حصل على لقب دوق إدنبرة، كهدية زفاف من الملك جورج السادس King George VI، والد زوجته الملكة إليزابيث الثانية، في يوم زفافهما في عام 1947.
الأمير فيليب تمتع بحياة مهنية حافلة كضابط في البحرية الملكية البريطانية وشارك مع البحرية الملكية البريطانية في معركة كريت والصراع في كيب ماتابان، وحصل على وسام الشجاعة بعد استخدامه عوامات الدخان لإلهاء الطيارين النازيين أثناء غارة قصف في الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1945، ساعد في إنقاذ جنود بريطانيين من الموت غرقا خلال معركة مع النازيين في الحرب العالمية الثانية، الأمير فيليب كان أيضا طيار محترف، وبحلول الوقت الذي توقف فيه عن الطيران في عام 1997، عن عمر يناهز 76 عام، كان قد أكمل 5986 ساعة طيران، وقاد أكثر من 59 طائرة مختلفة.
الأمير فيليب اشتهر أيضا خلال حياته بأنه كان من أكبر داعمي زوجته الملكة وقام بمشاركتها في المئات من المهمات والارتباطات الرسمية خلال حياته، إلى جانب المئات من المهمات الرسمية الأخرى المنفردة، ووصفته زوجته في كلمة لها بمناسبة احتفالات اليوبيل الذهبي لزواجهما في عام 1997، بأنه "مصدر قوتها وثباتها".
الأمير فيليب قام أيضا خلال حياته برعاية المئات من المؤسسات الخيرية وأسس أيضا مؤسسة جائزة دوق إدنبرة في عام 1956 والتي قامت بدعم أكثر من 6.7 مليون شاب وشابة في المملكة المتحدة وامتد نشاطها خلال السنوات التالية إلى دول أخرى حتى وصل عدد الدول التي تعمل فيها المؤسسة إلى أكثر من 140 دولة.
الأمير فيليب ظل يحمل لقب دوق إدنبرة لأكثر من سبعين عام، حتى وفاته في قلعة وندسور قبل شهرين فقط من احتفاله بعيد ميلاده المئة، وتسببت أزمة جائحة كورونا المستمرة وقتها في إقامة جنازة محدودة للأمير فيليب، شوهدت خلالها الملكة وهي تجلس بمفردها دامعة العينين حزنا على زوجها الراحل، في كنيسة سانت جورج حيث أقيمت الجنازة، في مشهد أحزن الملايين في بريطانيا، بعد أن منعت الإجراءات الاحترازية المفروضة وقتها للحد من جائحة كورونا، من اقتراب أي من أفراد عائلتها منها ومواساتها في داخل الجنازة.