لهذا السبب ليس جميع أقارب العائلة المالكة البريطانية من ورثة العرش
لطالما ما كان الزواج واحدة من الطرق الشائعة لإقامة التحالفات بين العائلات النبيلة في الماضي، وهي واحدة من الطرق أيضا التي استعانت بها عائلات ملكية في الماضي البعيد لإقامة تحالفات مع ممالك مجاورة أو تعزيز تحالفاتهم مع الممالك الصديقة أو القوية، ولكن بالنسبة للعائلة المالكة البريطانية، التي تحكم واحدة من أقوى الممالك التي عرفها العالم، وليست أوروبا فحسب، فإن الأمر كان يتعلق أيضا بحلم الأمير ألبرت أمير ساكس-كوبرغ وغوتا Prince Albert of Saxe-Coburg and Gotha، وزوج الملكة فيكتوريا Queen Victoria، والذي كان دائما ما يحلم بأوروبا تجمعها روابط عائلية وثيقة، وهو الحلم الذي حرصت على تحقيقه ونجحت في تحقيقه بالفعل، زوجته الملكة فيكتوريا التي أحبته كثيرا، والتي عاشت في حداد طويل، لمدة أربعين عام، بعد وفاته، وظلت ترتدي السواد حتى اليوم الأخير من حياتها، حدادا على زوجها الراحل.
الأميرة فيكتوريا حققت حلم زوجها الراحل بأوروبا تجمعها روابط عائلية وثيقة، بفضل أبنائهما ٩ (ثمانية منهم تزوجوا من عائلات ملكية أوروبية)، وأحفادهما ٤٢، والذين تزوجوا من عائلات ملكية ونبيلة من مختلف أنحاء أوروبا، مما أكسب الملكة فيكتوريا لقب "جدة أوروبا"، وقام بالمثل أيضا الملك كريستيان التاسع ملك الدنمارك King Christian IX of Denmark الراحل والذي حرص على تزويج أبنائه من أبناء عائلات ملكية أوروبية.
عدد لا نهائي من الورثة الاحتياطيين للعرش البريطاني من نسل الملكة فيكتوريا
زواج نسل الملكة فيكتوريا من عائلات ملكية أوروبية لم يحقق فقط حلم زوجها الراحل، ويعزز من صلات العائلة المالكة البريطانية بجميع العائلات الملكية الأوروبية الأخرى، وإنما جعل للعائلة المالكة البريطانية أيضا عدد لا نهائي من الورثة الاحتياطيين للعرش البريطاني من أمراء وملوك أوروبا، بسبب صلة القرابة التي تجمعهم بالعائلة المالكة البريطانية، عن طريق الملكة فيكتوريا ونسلها، ومع ذلك فإن بعض من أمراء وملوك أوروبا من أبناء نسل الملكة فيكتوريا، قد تم استبعادهم من خط ولاية العرش البريطاني، بسبب قانون بريطاني قديم، وهو استبعاد ورثة العرش البريطاني من حق وراثة العرش إذا ما كانوا من الطائفة الكاثولوكية أو تزوجوا من الطائفة الكاثولوكية.
قانون استبعاد ورثة العرش البريطاني الكاثوليك من وراثة العرش البريطاني
تم منع الكاثوليك من وراثة العرش البريطاني لعدة قرون، والبداية كانت في عام 1701، عندما أقر البرلمان الإنجليزي قانون ينص على أن ورثة العرش البريطاني من طائفة البروتستانت فقط من لديهم حق وراثة عرش إنجلترا وأيرلندا، وبفضل ذلك القانون، وصل ويليام الثالث William III وماري الثانية Mary II إلى العرش البريطاني في عام 1689 بعد ثورة أطاحت بوالدها الكاثوليكي، جيمس الثاني James II، وأجبرته على التنازل عن العرش في عام 1688، ولأن وليام وماري وشقيقتها الصغرى آن Queen Anne، لم يكن لديهم أي أبناء على قيد الحياة لوراثة العرش، كان على البرلمان التأكد من أن العرش لن ينتقل إلى أي ممن لديهم حق وراثة العرش البريطاني من طائفة الروم الكاثوليك، وتحديدا من ألد أعداء العائلة البريطانية الحاكمة وقتها، وهي عائلة ستيوارت Stuarts النبيلة، ذات الأصول البريطانية الاسكتلندية والتي حكمت اسكتلندا ثم بريطانيا منذ 1371 وحتى 1714.
لذلك تم اختيار البروتستانتية صوفيا، ناخبة هانوفر Sophia, Electoress of Hanover، لتكون وريثة آن في العرش البريطاني، وبعد وفاة آن، انتقل العرش البريطاني إلى ابن صوفيا، جورج الأول George I، واستمر تطبيق قانون استبعاد الورثة الكاثوليك والورثة الذين تزوجوا الكاثوليك من وراثة العرش البريطاني، منذ ذلك الحين، وحتى إدخال تعديلات جديدة على قانون ولاية العرش البريطاني، والتي لم تقم فقط بإلغاء قاعدة تقديم الورثة الذكور على الورثة الإناث في وراثة العرش البريطاني، وإنما قامت بإلغاء قاعدة حرمان ورثة العرش البريطاني الذين تزوجوا ممن ينتمون إلى طائفة الروم الكاثوليك من حق ولاية العرش البريطاني، ولكنه لم يقم بإلغاء قاعدة استبعاد ورثة العرش البريطاني ممن ينتمون لطائفة الروم الكاثوليك.
أبرز المستبعدون بشكل مؤقت من خط وراثة العرش البريطاني من أمراء وملوك أوروبا
الملك فيليم ألكسندر ملك هولندا King Willem-Alexander of the Netherlands، وهو بروتستانتي ، استبعد من خط وراثة العرش البريطاني في عام ٢٠٠٢، بسبب زواجه من الملكة ماكسيما Queen Máxima، وهي من طائفة الروم الكاثوليك، ولكنه عاد لخط وراثة العرش البريطاني، في عام ٢٠١٥، بعد أن دخلت التعديلات الجديدة لقانون وراثة العرش البريطاني في حيز التنفيذ في عام ٢٠١٥، وبالمثل فإن الأميرة مادلين Princess Madeleine أميرة السويد استبعدت من خط وراثة العرش البريطاني في عام ٢٠١٣ بعد زواجها من كريس أونيل Chris O’Neill لأنه من الروم الكاثوليك وأعيدت لخط ولاية العرش البريطاني في عام ٢٠١٥.
أبرز المستبعدون بشكل دائم من خط وراثة العرش البريطاني من أمراء وملوك أوروبا
أما بالنسبة للمستبعدين بشكل دائم من خط وراثة العرش البريطاني من أمراء وملوك أوروبا حتى بعد التعديلات الجديدة على قانون وراثة العرش البريطاني، فلا يزال هناك العديد منهم والسبب أن جميعهم من طائفة الروم الكاثوليك، وأبرزهم الملك فيليبي السادس King Felipe VI of Spain ملك إسبانيا والذي استبعد وورثته من خط وراثة العرش البريطاني، لأن العائلة المالكة الإسبانية جميعها تنتمي إلى طائفة الروم الكاثوليك (مثل غالبية سكان إسبانيا وأمريكا اللاتينية).
تم أيضا استبعاد الملك فيليب ملك بلجيكا King Philippe of Belgium وورثته وكذلك هنري دوق لوكسمبورغ الأكبر Henri, the Grand Duke of Luxembourg وورثته والأمير ألبرت الثاني أمير موناكو Prince Albert II of Monaco وورثته من خط ولاية العرش البريطاني، للسبب ذاته، وهو الانتماء لطائفة الروم الكاثوليك، ولكن وعلى العكس من والدتها وأشقائها وخالها أمير موناكو، وطفليه، فإن الأميرة ألكسندرا من هانوفر Princess Alexandra of Hanover، وهي ابنة الأميرة كارولين الشقيقة الكبرى لأميرموناكو، والتي أنجبتها من زوجها الثالث الأمير إرنست أوغست أمير هانوفر Prince Ernst August of Hanover، لم تكن مستبعدة من خط وراثة العرش البريطاني في البداية، والسبب، أنها كانت تنتمي إلى طائفة البروستانت مثل والدها بحكم الميلاد، إلا أن ذلك تغير في خريف عام 2018 عندما أعلنت عن تحولها إلى الطائفة الكاثوليكية، لتنضم بذلك إلى القائمة الطويلة من المستبعدين من خط وراثة العرش البريطاني.