البروتوكول الملكي الياباني أكثر صرامة من مثيله البريطاني
كثيرا ما توصف القواعد والبروتوكول الملكي الخاص بالعائلة المالكة البريطانية، بأنه الأكثر صرامة بالمقارنة البروتوكول الملكي الخاص بالعائلات الملكية الأخرى حول العالم، وفي حين أنه بالتأكيد يتضمن عدد لا نهائي من القواعد والتقاليد الملكية الصارمة إلا أنه ليس الأكثر صرامة وتعقيدا على الإطلاق، على الأقل بالمقارنة بالبروتوكول الملكي الياباني والذي كثيرا ما يوصف بأنه أكثر صرامة من مثيله البريطاني حيث يتضمن البروتوكول الملكي الياباني العديد من القواعد والتقاليد الملكية شديدة الصرامة، والتي يعود تاريخ بعضها إلى مئات السنين، وهذا ليس بالغريب حيث تأسست الأسرة الإمبراطورية اليابانية في القرن السادس الميلادي على الأقل – ويقال نسبها يمكن تتبعه إلى 660 قبل الميلاد، وهو العام الذي يعتقد أنه تولى فيه إمبراطور اليابان الأول (والذي يعتقد أنه شخصية أسطورية) جيمو Jimmu عرش اليابان.
وفقا للخبراء فإن البروتوكول الملكي الياباني يتضمن عدد هائل من القواعد والتقاليد الملكية التي تمت إضافتها على مر القرون المتعاقبة على العائلة الإمبراطورية اليابانية، وفي حين أن بعض من هذه القواعد تشبه إلى حد كبير القواعد الملكية في العديد من الممالك الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا (مثل قاعدة منع أفراد العائلة المالكة البريطانية من التصويت)، إلا أنه هناك عدد لا بأس به من القواعد الملكية الأخرى التي تنفرد بها العائلة الإمبراطورية اليابانية (مثل القيود الصارمة على زواج الأميرات اليابانيات من عامة الشعب، عدم السماح لأفراد العائلة الإمبراطورية اليابانية بشغل وظائف مقابل الحصول على أجر)، وفيما يلي مجموعة من أشهر القواعد والتقاليد الخاصة بالبروتوكول الملكي الياباني:
لا يسمح لأفراد العائلة الإمبراطورية اليابانية بشغل وظائف
في الوقت الذي يسمح فيه لأفراد العائلة المالكة البريطانية، بشغل وظائف، لتحقيق استقلالهم المالي، فإن أفراد العائلة الإمبراطورية اليابانية، لا يسمح لهم بالقيام بذلك، حيث لا يسمح لهم بشغل أي وظائف، إلا في المنظمات غير الهادفة للربح والتي تعمل من أجل الصالح العام، وحتى ذلك لا يكون إلا بعد الحصول على إذن من إمبراطور اليابان، على سبيل المثال، أمير أكيشينو وولي عهد اليابان Prince Akishino، بدأ عمله في منصب رئيس معهد ياماشينا لعلم الطيور Yamashina Institute for Ornithology دون مقابل مادي، وبعد الحصول على إذن إمبراطور اليابان، وهو نفس المكان الذي عملت فيه أيضا الأميرة السابقة نوري Princess Nori، كباحثة من عام 1992 حتى عام 2005.
قيود صارمة على زواج الأميرات اليابانيات من عامة الشعب
بمناسبة الحديث عن الأميرة السابقة نوري، والتي أصبحت تعرف حاليا اسم ساياكو كورودا Sayako Kuroda، فإن العائلة الإمبراطورية اليابانية تفرض قيود صارمة للغاية على زواج الأميرات اليابانيات من أحد أفراد عامة الشعب، فزواج الأميرة اليابانية من عامة الشعب يفقدها كافة ألقابها وامتيازاتها الملكية، بل ويتم حذف أسمائهم أيضا من سجلات أسماء الأفراد المنتمين للعائلة الإمبراطورية اليابانية، لذلك فقطت الأميرة السابقة نوري جميع امتيازاتها الملكية، وأصبحت لا تنتمي من الناحية الرسمية إلى العائلة الإمبراطورية اليابانية، عندما تزوجت في عام 2005 من يوشيكي كورودا Yoshiki Kuroda، وهو صديق مقرب لأخيها الأمير أكيشينو ولكنه لا ينتمي للطبقة الأرستقراطية اليابانية وفروع العائلة الإمبراطورية.
القيود الصارمة على زواج الأميرات اليابانيات من عامة الشعب، توصف بأنها مثال واضح على المعايير المزدوجة حيث لا توجد قيود مماثلة على زواج أمراء وورثة عرش الإمبراطورية اليابانية، ولذلك عندما تزوج أمير أكيشينو من خارج الطبقة الأرستقراطية اليابانية وفروع العائلة الإمبراطورية، من كيكو كاواشيما Kiko Kawashima، وهي ابنة أستاذ جامعي ياباني، لم يفقد أي من امتيازاته الملكية، وقبل ذلك بسنوات عديدة تزوج إمبراطور اليابان السابق أكيهيتو Akihito، من ميتشيكو شودا Michiko Shōda وهي ابنة رجل صناعي ثري، في عام 1959، وأصبحت بذلك أول امرأة تنتمي للطبقة الوسطى تتزوج من العائلة الإمبراطورية اليابانية.
لا يسمح لأفراد العائلة الإمبراطورية اليابانية بالتصويت أو الترشح لمنصب حكومي
في اليابان، يمنع الإمبراطور وأفراد عائلته بالتبعية، من التصويت أو الترشح لمنصب حكومي، وفقا لدستور البلاد، والذي ينص على أن "الإمبراطور هو رمز الدولة ووحدة الشعب، ويستمد مكانته من إرادة الشعب الذي تسكن معه السلطة السيادية"، لذلك فإن مشاركة الإمبراطور أو أي من أفراد عائلته في الانتخابات بالتصويت أو الترشح لمنصب حكومي، يتعارض مع الدستور الياباني.
هذه القاعدة مشابهة للغاية لقاعدة عدم السماح لأفراد العائلة المالكة البريطانية، بالتصويت أو الإدلاء بتصريحات سياسية، ولكن الاختلاف هنا، أنه لا يوجد قانون أو مادة في المملكة المتحدة تمنع الملك أو الملكة البريطانية الحاكمة، أو أي من أفراد العائلة المالكة البريطانية، من التصويت أو الإدلاء بتصريحات سياسية إلا أن سياسة العائلة المالكة البريطانية غير المكتوبة فيما يتعلق بخصوص ذلك الشأن، هي تجنب الانخراط في العمل السياسي والبقاء محايدين سياسيا وهو ما يتطلب عدم التصويت في الانتخابات.
سير النساء خلف الرجال
وفقا للتقاليد الملكية اليابانية فإن النساء سواء كن أميرات أو حتى يشغلن أعلى منصب لامرأة في العائلة الإمبراطورية اليابانية، وهو الإمبراطورة زوجة إمبراطور اليابان، عليهن السير خلف أزواجهن دائما لإظهار الاحترام والتقدير لأزواجهن، وفقا للخبراء فإن ذلك التقليد كان أيضا تقليد ملكي شهير في أوروبا قديما، ولكنه اختفى من أوروبا منذ سنوات عديدة، لتنافيه مع مبادئ المساواة بين الرجل والمرأة، ووفقا للبروفيسور أليس واي تسينج Alice Y. Tseng، فإن ذلك التقليد لم يعد إجباريا في العائلة الإمبراطورية اليابانية، منذ منتصف عشرينيات القرن الماضي عندما انضمت الإمبراطورة ميتشيكو إلى العائلة الإمبراطورية اليابانية، قبل ذلك كان يتوقع من الإمبراطورة أن تسير خلف زوجها إمبراطور اليابان.
العائلة الإمبراطورية اليابانية ليس لديها اسم عائلة مشترك
على العكس من العائلات الملكية الأوروبية مثل عائلة وندسور House of Windsor الملكية النبيلة التي تحكم بريطانيا، أو عائلة أورانج-ناسو House of Orange-Nassau النبيلة التي تحكم هولندا، فإنه لا يوجد اسم عائلة واحد محدد لجميع أفراد العائلة الإمبراطورية اليابانية، لذلك غالبا ما يعرفون بأسمائهم الأولى إلى جانب ألقابهم، لذلك فإن إمبراطور وإمبراطورة اليابان الحاليين يعرفان ببساطة، بالإمبراطور ناروهيتو Naruhito والإمبراطورة ماساكو Masako، وعندما ينتهي حكمهما لليابان بوفاة الإمبراطور أو تنحيه (وهو أمر نادر الحدوث)، سيشار إليهما باسميهما المجردين.
لا يسمح لامرأة بالوصول إلى عرش اليابان
وفقا للقوانين اليابانية فإنه لا يسمح سوى لورثة عرش اليابان من الرجال فقط للوصول لعرش الياباني ولذلك لا يسمح حتى الآن لوصول امرأة لمنصب إمبراطور اليابان على الإطلاق (وليس على غرار أوروبا في الماضي والتي كانت تعطي أولوية لورثة العرش من الذكور على ورثة العرش من الإناث) ولكن هذا لا يعني أن اليابان لم تشهد في الماضي وصول إمبراطورة لحكم اليابان، فعلى مدار التاريخ الياباني، كان هناك ثماني أباطرة نساء وصولوا للعرش، آخرهم، الإمبراطورة غو ساكوراماتشي Empress Go-Sakuramachi، والتي تنازلت عن العرش في عام 1771، ولكن احتمالية وصول إمبراطورة لعرش اليابان انتهت في عام 1889 مع اعتماد دستور ميجي Meiji Constitution، والذي استبعد ورثة العرش النساء تماما من حكم اليابان، وعزز ذلك القرار، القانون الإمبراطوري لعام 1947، وبالرغم من الحديث عن وجود حاجة ماسة لتعديل ذلك القانون، بسبب النقص الشديد في أعداد المواليد الذكور الذين لديهم أحقية وراثة العرش الإمبراطور الياباني (حتى ولادة الأمير هيساهيتو Prince Hisahito في عام 2006، لم يولد أي وريث ذكر في العائلة الإمبراطورية اليابانية منذ أكثر من 40 عام)، لم يتم تعديل وراثة العرش الإمبراطوري في اليابان حتى هذه اللحظة.
الهدايا غير مسموح بها
في حين أن العائلات الملكية الأوروبية تسمح بتلقي وتقديم أفرادها للهدايا وفقا لضوابط وقواعد صارمة إلا أن تلقي وتقديم الهدايا لأفراد العائلة الإمبراطورية اليابانية لا يسمح به على الإطلاق إلا إذا كانت ذات طابع شخصي فقط، ومع ذلك، يحظر القانون الياباني على أفراد العائلة الإمبراطورية اليابانية تقديم الهدايا أو تلقيها دون موافقة مسبقة حيث ينص دستور البلاد على ما يلي: "لا يجوز منح ممتلكات إلى العائلة الإمبراطورية اليابانية أو استلامها ولا يسمح بتقديمهم للهدايا إلا بعد الحصول على إذن من مجلس الدايت Diet". الدايت هو الهيئة التشريعية الرسمية في البلاد.