محادثة مع صانعي الصيحات الذين يغيّرون مشهد الموضة الفرنسية
هو موضوع شيّق تمّ تناوله مع متحدّثين رائعين في جلسة نقاش كان لي الشرف بتقديمها ضمن فعاليات "هي هَبْ" في حي جاكس بالدرعية من 8 إلى 10 ديسمبر، 2022.
في ما يلي قائمة المتحدّثين:
- سيباستيان ماير وأرنو فايان، المصمّمان الباريسيّان وراء دار كوبرني الفرنسية العصرية الجامعة بين التكنولوجيا والموضة، والتي صدمت القطاع مع إحدى اللحظات الأبرز من أسبوع الموضة في باريس لموسم ربيع وصيف 2023، حين تمّ رشّ "ذلك" الفستان على بيلا حديد مباشرةً.
- هيلينا تييدور، منسّقة الأزياء الرائدة التي قدّمت أعمالاً مذهلة في مجلات عالمية عديدة. وقد تعاونت لفترة طويلة مع دار كوبرني، وهيلموت لانغ، وكازابلانكا، وبروينزا سكولر- أي مع علامات عالمية ضخمة قدّمت فيها لمستها الأصيلة الأنيقة والحديثة بطبيعتها.
- تشارلز ليفاي وكيفين تكينيل، مؤسّسا وكالة Maybe الإبداعية التي تقع في باريس وتحدّد عصراً جديداً في مجال بناء هويات العلامات التجارية الفاخرة. عملا مع بعض من أبرز دور الأزياء، منها ذا رو، وهيرمس، ولويس فويتون، وغوتشي، وكوبرني، وقد تمّ تعيينهما مؤخّراً مديرين إبداعيّين في مجلة W.
كما ذكرتُ سابقاً، كنت محظوظة بإدارة هذه الجلسة الحوارية. متدفقاً، آسراً، صادقا، نابضاً بالطاقة، ومليئاً بوجهات النظر الفريدة، هكذا كان الحوار الصريح والمحفّز في مناقشته للموضة والانقلاب والثقافة الفرعية.
الخلفية:
ما زالت باريس راسخة كعاصمة للموضة، إلاّ أنّ مشاركة دم شبابي حديث تشير إلى وجود طاقة ولغة بصرية جديدتين في المشهد الباريسي. ويُعزى ذلك من دون شك إلى موجة جماعية من المبدعين، الذين ينعشون مشهد الموضة الفرنسية ويعيدون تشكيل رموز الأسلوب "الفرنسي"، وكيفية مساهمة الموضة في تشكيل الثقافة والعكس.
تابعي القراءة لتكتشفي الأفكار الرئيسة التي طرحتها القوى الإبداعية، من كوبرني إلى وكالة مايبي وهيلينا تييدور، بشأن قيادة نهضة الموضة الفرنسية.
حول وضع قالبٍ جديد للأسلوب الباريسي
كثرت النقاشات حول المعاجم العالمية التي تصوغ الموضة بشكل عام. إنّ ازدهار (ولاحقاً سقوط) صيحة الملابس الرياضية الفاخرة، وأسلوب الريترو، وأسلوب "بوديكون" وغيرها – والتي قادها بشكل أساسي جيل الألفية وجيل زد- تغيّر بشكل واضح مفاهيم الترف والموضة اليوم. لكن يبقى جوهر الأسلوب الباريسي دائماً راسخاً. هي فكرة متأصّلة في وعينا الجماعي، من الكليشيهات الكلاسيكية كسترة التويد من شانيل، والفستان الأسود القصير، وصور كاترين دينوف وغيرها، والتي لم يعد لديها التأثير نفسه.
قالت هيلينا تييدور: "تلك الجماليات تغيّرت بالتأكيد، فالجيل الجديد يستقي مراجعه وإلهامه من العالم كلّه؛ فهو أكثر تحرّراً في ما يرتبط به. الباليت باتت أكثر تنوّعاً".
وأضاف فايان: "أن يكون المرء باريسياً هو أسلوب أكثر منه إطلالة محدّدة، هو إحساس بالهدوء ورباطة الجأش والراحة، دون أي مبالغة في التأنّق، وبعض الجرأة التي تُعنى بثقة مَن ترتدي الأزياء وليس بالأزياء نفسها".
حول تحقيق "لحظات أزياء لا تُنسى" والإلهام الإبداعي
في مجالٍ يتطلّع دائماً إلى كل ما هو جديد، قد يتضاءل أحياناً احتمال الحفاظ على مصدر إلهام لا ينتهي، فيبحث المصممون عن طرق بديلة لتحفيز حسهم الإبداعي.
شرحت هيلينا عن بناء مصادر إلهامها وأفكارها في التنسيق قائلةً: "من المهمّ النظر خارج عالم الموضة لكي لا ينتهي بنا الأمر عالقين داخل محيط المراجع نفسها... ومن المهمّ استكشاف الفنّ والثقافة والأفلام وأسلوب ستريت ستايل. لذلك، أتجنّب زيارة موقع Pinterest...فإذا رأيت الفكرة في الموقع، هذا يعني أنّ الجميع عثر عليها، وبذلك، لستُ أضيف أي جديد."
لا نقصد الإهانة لموقع Pinterest، لكنّ استكشاف آفاق مختلفة وغير متوقّعة غالباً ما يؤدي إلى تحقيق النتائج الأكثر إثارة للاهتمام. ويصرّح سيباستيان مايير، المصمّم المهووس بالتكنولوجيا، قائلاً: " أستلهم كثيراً من الناسا والسفر في الفضاء. فعادةً ما يشكّل البحث عن أقمشة جديدة واختبار أفكار جديدة لا علاقة لها بالموضة، مصدر الإلهام الأبرز."
وبالإشارة إلى عرض كوبرني خلال جائحة كورونا (مجموعة خريف وشتاء 2021)، توسّعت هيلينا قائلةً: "بكلّ صراحة، تنبع أفضل الأفكار الإبداعية في معظم الأحيان من العوائق والقيود. فكان العالم مقفلاً والتزم الجميع منازلهم، لكننا وجدنا طريقة لإقامة عرض أزياء في حين يبقى الحضور في سياراتهم! هو حلٌّ قانوني عزّز الحس المجتمعي والشعور بالفرح... اللذين افتقدناهما جميعنا وقتها!"
حول صياغة الموضة للثقافة وقوّة السرد
لطالما اعتُبرت الثقافة الفرعية من أهم ما ينعكس على الموضة. ونظراً لسرعة الصيحات المتغلغلة في وسائل التواصل الاجتماعي والتي تظهر لدقيقة ثمّ تختفي، تبدو الثقافة الفرعية سريعة الزوال.
شرح كيفين تكينيل من وكالة Maybe قائلاً: "لطالما ألهمتنا الثقافات الفرعية التي كبرنا معها، مثل ثقافة التزلّج اللوحي. وقد أطلقناSKATISH مع فوغ الإيطالية في وقت شعرنا خلاله بوجود نهضة لهذا النمط؛ فقد جدّد الشباب اهتمامهم بهذه الثقافة، وأردنا أن نكتشفها كمسألة كاملة برمّتها."
وأضاف كيفين: "عندما نعمل مع علامات تجارية معيّنة، من المهمّ جداً بالنسبة لنا أن نسرد قصّة مميّزة وحقيقية مرتبطة بهويّة العلامة التجارية." إنّ فيديو Cheerleader لدار فيرساتشي، والذي يضمّ مشجّعات شابات وهنّ يقمن بتدريبات روتينية، يبدو في البداية عملاً غير متوقّع لعلامة تجارية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتألق المسائي المترف. وشرح تكينيل بالقول: "نظرنا إلى حملات فيرساتشي الإعلانية في أوائل ثمانينيات القرن الماضي حين كانت الدار ما زالت حديثة جداً؛ ووجدنا خفّة منعشة أعدنا إحياءها مع حملة المشجّعات. لم تبدُ الحملة غريبة بالنسبة للدار، بل كانت جزءاً من إرثها الأصيل الذي تجدّد اليوم".
حول تعزيز روح التعاون
مع الانتشار الواسع لمشاريع التعاون بين العلامات التجارية في الآونة الأخيرة، نشعر أن الكثير منها غير صادق، والنتيجة حيل تسويقية ومبيعات خالية من النزاهة الإبداعية الحقيقية. ومن جهة أخرى، في حال أقيمت أعمال التعاون بالشكل الصحيح، يمكنها أن تشكّل وسيلة دعم أساسية للمواهب الإبداعية، وتخلق الحسّ المجتمعي، وتثمر بعض الأعمال الأكثر جذباً للاهتمام.
وتجدر الإشارة إلى أنّ كوبرني ووكالة Maybe وهيلينا، هم شركاء متعاونون يعملون معاً منذ فترة بعيدة على حملات إعلانية وإنتاجات عديدة.
قالت هيلينا ضاحكةً: " جميعنا أصدقاء مقرّبون، وكأننا عائلة كبيرة! نتشاجر ونختلف في الرأي ثمّ نتّفق". وختم تشارلز ليفاي بالقول: " نقدّر أعمال الآخر، ونثق بعضنا ببعض ونستمتع بالعمل معاً!".
ومن الواضح أنّ هذا المرح يأتي بثماره!