ليست الآثار المعنوية والوجدانية فقط .. دراسة توضح أثر عدم استقرار الزواج على صحة القلب
جعل الله عز وجل الزواج مودة ورحمة بين الزوجين وربط بينهما برباط مقدس ألا وهو عقد الزواج، ولأن العقد شريعة المتعاقدين بلغة أهل القانون، ولأن جميع الأطراف عادة ما يلتزمون بالعقود ويحترمونها، فمن الأولى أن يُحترم عقد الزواج، وأن تُحترم العشرة بين الأزواج، وأن تسود المودة والرحمة، وأن تكون الآثار الإيجابية للزواج هي الآثار الأكثر تأثيراً على القلب والوجدان والصحة النفسية والجسدية على حد سواء.
ولكن ما يحدث في نسبة كبيرة من الزيجات يخالف ما آراده الله عزو وجل بالجمع بين الرجل والمرأة في رباط مقدس، والعيش معاً في حياة واحدة، لأنه وبحسب الواقع الذي نعيشه اليوم، توجد زيجات لا تنعم بالاستقرار، وتفتقد إلى الأمان، وتعيش حالة من الفوضى، فوضى تبلد المشاعر، وفوضى عدم الاحترام، وفوضى الأنانية، وأكثر من ذلك.
الزواج وصحة القلب
لا شك أن الزواج المستقر يحقق حياة زوجية هادئة وآمنة لكل من الزوجين، حياة دافئة بعيدة عن العناد، وسوء الفهم، وسوء الظن، حياة ينعم فيها الطرفين بالشعور بالاستقرار والآمان، حياة تؤهلهم لتربية أطفال أسوياء، ينعمون هم أيضاً بالشعور بالراحة والأمان.
ومن فوائد الزواج المستقر الحفاظ على الحالة النفسية للزوجين، ومن ثم الحالة الحفاظ على صحة الجسد أيضاً، فما الأمراض التي تصيب الجسد إلا شكوى تبدأ بأنين القلوب وحزنها، وآلام الروح لأنها تترجم بعد ذلك إلى تأثيرات مادية على صحة الجسد، وخصوصاً صحة القلب.
نعم القلب، ذلك العضو الذي ينبض بالحب، العضو الرقيق رغم دوره الجبار الذي يقوم به للابقاء على حياتنا، والذي سرعان ما يتأثر بالأمور المحزنة التي تحدث لصاحبه ، فيدق تارة، ويخفق في دقاته تارة أخرى بسبب عدم استقرار العلاقة، نعم يتأثر تأثيرات سلبية لا حصر لها عند الصدمات العاطفية، والخذلان، والخيبات، ولا تقف هذه التأثيرات عند الحد المعنوي فقط، بل تمتد لتشمل أثار سلبية تستهدف صحته بالدرجة الأولى.
دراسة عن أثر عدم استقرار الزواح على صحة القلب
أكدت دراسة تم إجرائها في عام 2022، لتوضيح تأثير الزواج غير المستقر على صحة القلب، حيث ذكرت هذه الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة "ييل" الأميركية، أن الأزواج غير السعداء الذين يتشاركون تفاصيل الحياة في علاقة زوجية يغلب عليها التوتر، ويسودها انعدام التفاهم، والتشاحن المستمر، يكونوا عرضة بنسبة 50 % للإصابة بنوبة قلبية، وليس ذلك فحسب، بل أنهم يكونوا أكثر عرضة بنسبة 67 % للمعاناة من آلام في الصدر في العام الذي أعقب النوبة، مقارنة بأولئك الذين يعانون من ضغوط قليلة في حياتهم الزوجية.
وكان الهدف من الدراسة، معرفة ما إذا كانت للعلاقة طويلة الأمد غير المستقرة تأثيرات سلبية على القلوب أم لا، وهذا ما تم التوصل إليه من خلال فحص أكثر من 1500 بالغ، بمتوسط سن 47 عاماً، بعد عام واحد، وتمت المقارنة بين زيجات غير مستقرة وأخرى تنعم بالاستقرار حيث طُلب من المشاركين إكمال استبيانات حول موضوعات تشمل جودة العلاقة العاطفية والجنسية للحكم على صحة قلوبهم. وقد استخدم العلماء بعد ذلك مقياساً لتقييم صحة العينة البدنية ودرجات الألم والعافية العقلية، بالإضافة إلى التقارير الطبية لكل الأطراف لمتابعة عدد المرات التي تم فيها زيارة المستشفى بشكوى في القلب.
وبحسب ما نقلته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فقد تلخصت النتائح في أن حوالي 4 من كل 10 نساء و3 من كل 10 رجال يعانون من ضغوط زوجية حادة، وفقاً للنتائج التي تم تقديمها في الدورة العلمية لجمعية القلب الأميركية لعام 2022. كما سجل المشاركون الذين يعانون من ضغوط زوجية شديدة أداء متواضعاً في الصحة البدنية والعقلية.
ومن الدراسة السابقة يتضح مدى تأثر القلوب بطبيعة العلاقة بين الأزواج، ولذلك يجب عليهم جميعاً الانتباه جيداً إلى خطورة استمرار حالة عدم الاستقرار والتوتر التي تسيطر على العلاقة الزوجية وتشل حركة الحياة الزوجية، لكي لا تمرض قلوبهم، وهم ما زالو في ريعان شبابهم.
نصائح خبراء العلاقات الزوجية للحفاظ على صحة القلب خلال مسيرة الزواج
تقول داليا شيحة مستشارة زوجية وأسرية بدبي، أن القلوب أعضاء رقيقة للغاية تتأثر بالحالة الفعلية التي يعيشها الأزواج، ولذلك ولتحقيق حياة زوجية مستقرة والحفاظ على صحة القلوب يجب على الزوجين الالتزام بتطبيق ما يلي:
- تفهم الغرض الحقيقي من الزواج والعيش معاً في حياة واحدة.
- الصبر والسيطرة على الانفعالات.
- الهدوء والتعامل ببساطة مع الخلافات الزوجية وعدم شخصنة الأمور لأنها السبب الأول في استمرار حدوث الخلافات، وحالة التوتر المترتبة عليها.
- معرفة الواجبات والحقوق وانشغال كل من الزوجين بصدق في تلبية احتياجات الطرف الآخر والحفاظ على استقرار العلاقة بقيام كل منهما بما عليه من واجبات واحترام الحقوق.
- الحفاظ على المشاعر واحترامها وتجنب جرحها.
- الاحترام والتقدير.
- تجنب التصرفات السلبية التي تثير غضب بعضهما البعض.
- الصدق والوضوح.
- تعزيز التفاهم.
- الانصات بدقة للطرف الآخر.
- تجنب الدخول في الشجار الزوجي.
- التعامل بحب ومودة.
- تعزيز التواصل فيما بينهما وتجنب الصمت الطويل والخصام الجاف.
- الحفاظ على كل المقومات التي لها أن تجعل العلاقة الزوجية مستقرة وآمنة.
وأخيراً، وبعد كل ما سبق ذكره أعلاه يجب على الزوجين مراعاة المشاعر، واحترام بعضهما البعض، وتجنب الكلمات القاسية الجارحة التي تؤذي، والتصرفات السلبية التي تكسر القلوب وتجعلها أسيرة للحزن للأبد، والالتزام بتحقيق أهداف الزواج، والحياة معاً بسلام في مودة ورحمة، وتجنب الدخول في مشادات كلامية من الممكن أن تكون سبباً في نشوب خلاف كبير بينهما، والحرص على استقرار الحياة الزوجية بالصبر والصدق والاخلاص.
والآن .. يُسعدنا غاليتي أن تشاركينا الرأي برأيك كيف يمكن الحفاظ على صحة القلوب خلال مسيرة الزواج، وما هي أكثر الأمور التي تؤذي القلب وتكسره؟