أخصائية نفسية لـ "هي" التواصل الصريح واحترام الخصوصية أفضل الطرق لاحتواء المراهقين
تعد مرحلة المراهقة من أدق المراحل العمرية التي يمر بها أطفالنا، حيث العديد من التغيرات الهرمونية التي تطرأ عليهم بعد البلوغ، ولأنهم يشعرون بأنهم بالغون حقاً رغم كونهم أطفالاً. ولذلك تزيد حساسية هذه المرحلة بالفعل، ويصبح من الصعب عليهم التعامل مع كثير من المواقف على النحو المناسب، وذلك بسبب تأثرهم بما يحدث لهم من تغيرات، ولنفس السبب يجب على الآباء مراعاة الصبر والهدوء عند التعامل معهم، لأنهم بحاجة إلى التوجيه والإرشاد ولكن بطريقة فعالة وإيجابية وملائمة لطريقة تفكيرهم.
التعامل مع المراهقين
ولأهمية هذا الموضوع، ولايجاد طريقة فعالة ومثمرة للتعامل مع الأبناء المراهقين التقت "هي" بـ الدكتورة مارينا حكيميان أخصائية نفسية في مركز ثرايف للصحة النفسية، للاجابة على أهم الأسئلة التي تتعلق بفترة المراهقة، وطريقة التعامل المثلى مع المراهقين:
"في بيتنا مراهق" كثير من القلق والتوتر ينتاب الآباء والأمهات الذين لديهم أبناء مراهقين في مرحلة المراهقة، فهل تستحق هذه الفترة كل هذا القلق أم أن هناك مساحة من الأمان يمكن أن ينعم فيها الأبوين بالهدوء والاستقرار لتزيد قدراتهم حول استيعاب أبنائهم في هذه المرحلة؟
إنها بحق فترة حرجة على الآباء، يشهد هذا العصر تحولاً فكرياً في توقعات الأهداف المصاحبة لكل مرحلة زمنية وخاصة في الفترة الانتقالية بين مرحلة الطفولة والمراهقة. ففي الوقت الحاضر الطفل الذي يبلغ من العمر عشرة سنوات يتصرف و كأنه مراهق صغير بينما قبل عشر سنوات لم يمكن للطفل الذي يبلغ نفس السن أن يتصرف بنفس الطريقة. وهذا يولد العديد من التساؤلات لدى الآباء، من أهمها، ما هو الوقت المناسب لبدء إعطاء صلاحيات المراهقين للأطفال، مثل فتح حساب على مواقع التواصل الاجتماعي والخوض فيها، أو أي وسائل أخرى مستخدمة من قبل المراهقين، فكيف يمكننا مراقبتهم بحذر من دون المبالغة أو جعلهم يشعرون أنهم تحت المجهر.
ولذلك ورغم صعوبة الأمر يبقى التواصل الصريح بين الآباء والمراهقين الطريقة الأفضل في احتواء المراهقين، فما إن يرغب أحد الوالدين في بدء المحادثة مع أبنائهم، إلا ويغلق الأبناء هذا المجال ويفضلون البقاء في عزلتهم، وهي المرحلة التي يكتشفون فيها هويتهم الفردية والخصوصية.
ولذلك تتلخص استراتيجيتي كأخصائية نفسية حول تربية المراهقين والتعامل معهم في ما يلي:
تقديم الدعم للمراهقين من خلال إرشادهم بأن الأهل دائماً متاحين لهم عند الحاجة و لكن دون الضغط عليهم، حتى لا يقابلو ذلك بالمقاومة والتمرد، وأذكر الأهل بأن التمرد يعد سمة من سمات مرحلة المراهقة وكذلك حب الخصوصية. فمن المهم احترام خصوصية المراهقين مع السماح للأهل بالتواجد والمراقبة و التعليم و التوجيه و التدخل إذا لزم الأمر.
كما ويجب أن يعلم الآباء والأمهات أن فترة المراهقة ليست فترة سهلة، وأن طرق التعامل التي كانت تصلح مع المراهقين في الماضي قد لا تجدي نفعاً في الوقت الحاضر، لأنهم بحاجة إلى من يستمع إليهم، ويفهمهم، ويشجعهم على التواصل أكثر في جميع الأوقات.
تعد مرحلة المراهقة مرحلة دقيقة وحساسة، كونها مليئة بالعديد من التحديات التي تواجه الأبوين في تربية أبنائهم المراهقين، فما هي الطريقة المناسبة في التعامل معهم وفقاً للتغيرات العديدة التي تطرأ عليهم سواء جسمانية أو نفسية؟
من وجهة نظري، يعد احترام الخصوصية والحدود التي يضعها المراهقون ضرورة إذ أنه أولاً وقبل كل شيء، يجب تقبل حقيقة أن المراهق يفضل أن يكون وحيداً، لذ يجب اخباره بأنكم معه لدعمه ومساندته، وأنكم سترحبون بأي موضوع يطرحه ويجعله يشعر بأن المنزل والأهل هم مصدر الأمان الخاص به.
كما أن تذكر أن الأخطاء ستحدث في هذه المرحلة، لذا يجب تجنب القسوة في التعامل مع المراهق، لذا ويجب يجب التدرب على اليقظة الذهنية و داوم على ممارسة الرياضة واتباع روتين العناية بالنفس، لأنك بحاجة إليها. لا يجب أن تتمحور حياتك حول ابنك المراهق. فأنت كزوج أو زوجة، أخت أو أخ، صديق أو زميل، أنت كيان منفرد ولست فقط والد. أدرك أن مشاعرك قد تكون صعبة و مرتبكة للغاية خلال هذه الفترة، لكنها ستمر بالتأكيد.
يعد الاكتئاب والقلق والاضطرابات السلوكية من المشاكل النفسية التي تهاجم المراهقين في هذه الفترة فكيف يمكن علاجها والتغلب عليهما حفاظاً على صحتهم النفسية؟
بصرف النظر عن التغيرات الجسدية، نحن جميعاً عرضة للصراعات العاطفية والنفسية وتعد فترة المراهقة هي الأصعب، لذا يجب الالتزام تطبيق ما يلي:
التواصل الصريح
يعد التواصل الصريح هو المفتاح الذي يحافظ على الصحة النفسية للمراهق، لذا يجب ترك المراهق يعلم بأن هناك من يسمعه ويعترف بمشاعره ويفهم تقلباتها، والحقيقة أنني كخبيرة نفسية أعلم أن هذا الأمر قد يشكل صعوبة على الوالدين لأن كل ما يسعون حوله هو الحفاظ على سلامة أطفالهم، وبالتالي فإن رغبة الحماية التي يكونوا فيها الآباء قد تظهر بشكل غضب أو فرض طرق عقابية. ويحدث هذا لأنه من الصعب على الآباء رؤية أطفالهم يكافحون.
احترام المساحة الخاصة
بمجرد اعتراف المراهق بمشاعره ووجهة نظره والتحقق من صحتها، يجب أن نحاول تفهم لماذا يحتاجوا المراهقون إلى مساحة، أو خصوصية زائدة، فهذا لا يعني أنهم لا يثقون بأهلهم، بل قد يعني ذلك أنهم لا يريدون أن يعتقد والديهم بأنهم عاجزون أو ضعفاء أو يخيبون ظن والديهم. أخبروا أبنائكم المراهقون أنه هناك مستشارون نفسيون في المدرسة وأخصائيون نفسيون خارج المدرسة يمكنهم التحدث إليهم إذا لم يرغبوا في المشاركة مع والديهم.
ما هي العلامات التي تدل على وجود اعتلالات نفسية عند المراهق، وما هي المخاطر التي تترتب على إهمال معالجتها؟
يعاني معظم المراهقين من القلق والاكتئاب لكنهم قد يخفون الأعراض، ولذلك يجب مراقبة عادات نومهم وعادات أكلهم، وانفجاراتهم العاطفية، و قلة مشاركتهم، وانخفاض درجاتهم المدرسية، ونقص طاقتهم و حماسهم للأمور، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، و الميول لسلوكيات المخاطرة أو العزلة. قد تشير هذه العلامات إلى عنصر عاطفي أساسي مهم لمعالجته بينما يؤدي تجاهل هذه العلامات إلى زيادة هذه الأعراض والمعاناة من صراع نفسي في كثير من الأحيان يؤدي إلى تغيرات سلوكية وقلق واكتئاب وقد يولد أفكار انتحارية.
كيف يمكن للأبوين التعامل مع الاضطرابات العاطفية التي يعاني منها المراهقين؟
يجب على الوالدين الالتزام بتطبيق النصائح التالية للتعامل مع الاضطرابات العاطفية مع المراهقين، وهذه النصائح هي:
- مراقبة المراهق عن قرب ودون ملاحظته لذلك لكي لا يشعر بالقيد.
- فهم مشاعره والتحقق منها والانصات إليه بدقة.
- احترام حقه في الخصوصية.
- تشجيعه على مناقشة الموضوعات الحساسة بالنسبه له بصراحة ووضوح.
- إذا أصبح الأمر أكثر صعوبة، استشر طبيباً نفسياً يمكنه دعمك للتعامل مع هذه الفترة الصعبة.
هل يمكن للأبوين تكوين علاقة صداقة مع المراهق .. كيف وما هي المقومات التي تعزز من نجاح الصداقة معهم؟
يمكن للآباء أن يكونوا على علاقة ودية مع أبنائهم المراهقين. عندما يكون الآباء أذناً صاغية لأبنائهم، إذ أنه ومن المحتمل أن يبادلهم المراهقين مشاعرهم أكثر و يستمتعون أيضًا بالأحاديث لأن هناك حوارات و نقاشات يرغب المراهقون في إقناع والديهم، لذا يجب على الآباء والأمهات فتح باب باب التواصل لهم حتى يشجعوهم على المشاركة، إضافة إلى فهم وجهات نظرهم و خصوصيتهم مع المحافظة على مساحتهم الشخصية، والتأكد من عدم دفعهم أو صدهم بعيداً.
المراهقين والصيف والفراغ، برأيك كيف يمكن حماية المراهقين من مخاطر الفراغ، وكيف يمكن توجيههم بطريقة تحقق استمتاعهم بالصيف و تكفل حمايتهم في نفس الوقت؟
ثمة أمور عديدة لها أن تحفظ المراهقين من مخاطر الفراغ وهي:
- يجب سؤال الأبناء عن المكان الذي يفضلون الذهاب إليه لقضاء العطلة الصيفية، وإذا كان السفر صعباً، اسألوهم عما يرغبون في القيام به في المدينة.
- يجب الحرص على قضاء وقت عائلي معهم مرةً واحدة على الأقل في الأسبوع.
- يجب تقدير الوقت المستغرق معهم والاستمتاع بمشاركتهم الأنشطة المسلية المحببة إليهم.
- تدعيمهم عن اختيار أصدقائهم وابداء الرأي فيهم بطريقة يتقبلونها.
- السماح لهم باختيار المكان الذي سيتم فيه تناول الغداء أو العشاء معاً.
- تشجعيهم على القراءة من أجل المتعة.
- لعب ألعاب ورقية أو حتى ألعاب الطاولة.
- السماح لهم بقضاء الوقت بمفردهم و فهم أنهم بحاجة إلى هذه الخصوصية.
- تحقيق شعورهم بالأمان من خلال التواجد من أجلهم.
والآن .. يُسعدنا عزيزتي الأم العصرية أن تشاركينا الرأي حول هذا الموضوع، وإفادتنا بأي استفسار عن مرحلة المراهقة ليتسنى لنا مراجعة المختصين، وإفادتك بالإجابة.