لسلامتهم جميعاً التوازن أمر ضروري .. علاقة الأخوة الأشقاء بطفل طيف التوحد
من الطبيعي أن يحتاج طفل طيف التوحد إلى رعاية أدق وأكبر من تلك التي يحتاج إليها الطفل السليم، ولكن وفي بعض الأحيان يقع الآباء والأمهات في أخطاء جسيمة بميلهم كل الميل إلى طفل طيف التوحد، لمنحه كل العطف والاهتمام باعتباره طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ومن حقه رعاية أدق وحب أكبر، والنتيجة طفل سليم مهمل ونفسية محطمة بسب افتقاره إلى الاهتمام والحب والعطف والحنان، وهذا ما يجب أن يلتفت إليه الآباء والأمهات الذين قُدر لهم أن يكون لهم طفلاً مصاباً بطيف التوحد ضمن أخوة أصحاء وطبيعين ليسوا من ذوي الاحتياجات الخاصة، فكيف تكون علاقة الأخوة الأشقاء بطفل طيف التوحد، ولماذا يصبح الطفل السليم أكبر داعم لأخيه طفل التوحد؟
تجيب عن هذه الأسئلة في مقالنا هذا الدكتورة صوفيا ستيجكا طبيبة نفسية معتمدة من CDA، بمركزثرايف للصحة النفسية وحاصلة على درجة الماجستير في علم النفس للأطفال والمراهقين من جامعة ليدن في هولندا، بالإضافة إلى شهادة الدراسات العليا في علم النفس التطبيقي من جامعة يورك.
تحديات ومخاوف
بحسب الدكتورة صوفيا، تمثل الروابط بين الأخوة أهمية بالغة، إذ أنه وعلى الرغم من اختلاف الأطفال عن بعضهم البعض يبقى لهذه الرابطة تأثير خاص، إذ يكون للأشقاء في المنزل تأثيراً مباشراً على تجارب العائلة و مهاراتهم الاجتماعية المكتسبة وهويتهم الذاتية، حيث يتشارك الأخوة نفس الآباء والظروف والذكريات العائلية بحلوها و مرها، ولذلك وعلى الرغم من وجود اختلافات عصبية أحياناً بين الأشقاء، مثل إصابة أحدهم بطيف التوحد، إلا أن هذه الاختلافات شائعة و تؤثر على الروابط الأسرية والروتين اليومي و حياة العائلة، ولذلك يكون هناك تحديات ومخاوف في بعض الأحيان، ولكن يمكن تجاوزها بالتواصل والتفاهم بين الأخوة وأفراد العائلة.
أخطاء غير مقصودة
عادةً ما يكون تشخيص اضطراب طيف التوحد لدى أحد أفراد الأسرة هو بداية رحلة البحث عن الأطباء و الأخصائين الذين يمكنهم توفير الدعم العملي والاجتماعي والعاطفي لمساعدة الطفل و تطوير شخصيته. و بالرغم من توفر كل هذه الرعاية إلا أن احتياجات الطفل الآخر السليم يتم تجاهلها عن غير قصد من الأبوين نظراً لتركيز الدعم و الرعاية على الطفل المصاب بطيف التوحد، ولأن الطفل السليم ذو الاحتياجات الأقل، يتوقع منه أن يكبر بسرعة أكبر من نواح عديدة، ولذلك يُظلم، ولا يمكنه التعبير عن مشاعره و عواطفه الكبيرة.
علاقة الأشقاء بطفل طيف التوحد
في بعض الأحيان ، يمكن للأطفال الذين لديهم أشقاء يعانون من طيف التوحد أن يشعروا بالوحدة. لذلك من المهم التواصل معهم و ربطهم مع خبراء و أشخاص يفهمونهم، ومن خلال مجموعات الدعم النفسي للأشخاص الذين يتشاركون في تجارب مماثلة، حيث يمكنهم معالجة مشاعرهم الصعبة والطبيعية مثل الغضب والاستياء والحزن والإحباط، والنتيجة عندما يتشاركوا الشباب في مثل هذه المجموعات فإنهم غالباً ما يجدون طرقاً جديدة للتعامل مع المواقف الصعبة. لأنهم يشعرون بأنهم مسموعون وليسوا بمفردهم.
وفي المقال نجد الأشقاء يتعلمون عبر طرق مختلفة للتواصل، إنهم يتعلمون منذ صغرهم على تلك السلوكيات التي قد يصنفها الآخرون على أنها سلوكيات غير نمطية الطيات الصوتية (الحبال الصوتية ) و هي طرق يعبر عنها طفل المصاب بطيف التوحد عن عواطفه واحتياجاته، ويمكن للأشقاء أن يكونوا مثالاً حياً للتنوع في المجتمع، ويمكنهم مساعدة الآخرين على فهم أن الأفراد المصابين بطيف التوحد يحتاجون إلى دعم وتفهم وليس تعديل لسلوكياتهم، وهذا هو أهم ما في الأمر
كما يقوم الأشقاء بمجموعة معينة من المهارات من أجل التفاعل والتواصل بفعالية أكثر مع أشقائهم المصابون بطيف التوحد. ويتعلمون احترام الروتين اليومي لهم، ويحرصون على استخدام لغة معينة و دقيقة للتواصل، ولا يأخذون الانفعالات بشكل شخصي، كما أنهم يتكيفون مع الواقع والتوقعات، ويضطرون إلى التعاون مع والديهم لمساندة الأسرة و هم لا يزالون بعمر الطفولة.
منذ صغره يصبح الطفل السليم بمثابة مقدم رعاية لشقيقه المصاب بطيف التوحد و الداعم الرئيسي في مساعدة الأسرة، و يصبح الملجأ الآمن لشقيقه و صديق جدير بالثقة ، يقف بجانبه في الأوقات الجيدة والسيئة. هؤلاء الأطفال هم حتمًا أكثر نضجًا من الأطفال الآخرين في سنهم ؛ فهم أكثر قبولاً لاختلافات الآخرين وتحملهم للصعوبات. سيكون من الصعب القول ما إذا كانت هذه الديناميكية عادلة أم لا بنسبة لهم ، و لكنها رحلة طويلة بدون نتائج واضحة.
وأخيراً، وبحسب توصيات دكتورة صوفيا، يجب على أشقاء طفل طيف التوحد طلب المساعدة من المختصين للتغلب على المواقف الصعبة التي يتخللها التعامل مع الطفل طيب التوحد، وخصوصاً مع معاناة الأسرة من القلق والتوتر المرافقين لانعدام قدرتهم على إدارة الموضوع، كما يجب على الآباء والأمهات تحقيق التوازن، وتجنب اهمال الطفل السليم لكي لا يتعرض لنوبات نفسية صعبة، وخصوصاً مع افتقاره للأمان والعطف والحنان.
والآن .. يُسعدنا أن تشاركونا الرأي، ما هي أهمية تحقيق التوازن بين طفل طيف التوحد والطفل السليم، وإلى أي مدى تمتد العلاقة بين الأشقاء، وما هي الطرق المثلى لدعم الطفل السليم في مساعدة أخيه طفل طيف التوحد؟