باربي وسينما السعادة.. أميرات اللون الوردي من أودري هيبورن وسعاد حسني حتى مارجو روبي!
لا توجد إمرأة تُقاوم اللون الوردي؛ إنه لون أحلام الطفولة والمراهقة وسنوات النضج والأنوثة. في فيلم Funny Face"" "وجه مرح" 1957 بطولة "أودري هيبورن" و"فريد إستير" رفضت ماجي بريسكوت "ماي طومسون"، رئيسة تحرير مجلة الموضة ""Quality كل الأفكار المعروضة لتصميمات الأزياء الجديدة، ورفضت كل الألوان المعروضة عليها لتكون الموضة الجديدة. كان عليها البحث عن لون الموضة القادمة، وتقديمه في عدد مجلتها المرموقة، وهي مجلة تعتمد عليها النساء في تحديد تصميمات أزيائهن القادمة، الجميع في المجلة إنهمك في البحث عن إجابة السؤال الصعب، ما هو اللون الأكثر جاذبية للنساء؟ الإجابة هي اللون الوردي؛ لون السعادة الذي يُؤطر جمال المرأة.
موضة الخمسينيات!
جذب اللون الوردي في فيلم "Barbie" "باربي" جمهور السينما في 2023، وشجع الملايين على العودة إلى قاعات السينما، بعد أن ظن البعض أن دور السينما تنقرض، وأن زمن العروض الجماهيرية الضخمة أصبح من ذكريات الماضي، وبعد سنوات العزل والإغلاق والوباء صرخت هوليوود على طريقة "ماجي بريسكوت"؛ الإجابة هي اللون الوردي؛ لون "باربي" وصديقاتها، وقد حقق الفيلم إيرادات تجاوزت المليار دولار حتى الآن، ورغم الكثير من المآخذ على الفيلم نفسه، لكن حُمى اللون الوردي صبغت كل شيء: دور العرض والسوشيال وصفحات البحث على جوجل، وغنت الجماهير ببهجة صوت "سعاد حسني" الحالم في فيلم "أميرة حبي أنا": "الحياة بقى لونها بمبي، وأنا جنبك وإنت جنبي".
تفتقد هوليوود الرومانسية الحقيقية، وقد حولت المخرجة "جريتا جيرويج" حياة الدمية باربي إلى منشور نسوي لا يخلو من العبث، لكن الجمهور المُشتاق لدور العرض خرج من كهوف المنازل، وترك - مؤقتًا- منصات البث المنزلي، وسعى مبهورًا إلى الصالات الوردية التي تعرض أطياف من لقاء عالم باربي الحالم بالعالم الحقيقي.
لم يكن فيلم "Funny Face" الأول في تقديم تيمة اللون الوردي في السينما، وتخليدها في إستعراضي كلاسيكي يحمل روح الخمسينات؛ فقد إستخدمت أفلام أخرى اللون الوردي، وكأنه تميمة سحرية لعالم أُنثوي خيالي جذاب، والحقيقة أن دمية باربي نفسها إنتاج حقبة الخمسينيات؛ إذ بدأت شركة ماتيل إنتاج دمية باربي في ربيع عام 1959، وكانت أول دمية على شكل إمرأة وليس طفل/طفلة كما هو مُعتاد في عالم صناعة دُمى الأطفال، وأصبحت عارضة الأزياء المراهقة باربي وملابسها الوردية جزء من الثقافة الشعبية العالمية.
الحياة الوردية!
الوردي كان اللون الأيقوني في إستعراض "مارلين مونرو" بعنوان "الماس أفضل صديق للفتاة" من فيلم "Gentlemen prefere blondes" "الرجال يُفضلون الشقراوات" 1953، وهو أيضًا ملمح لوني بارز في بعض إستعراضات فيلم Singin’ in the Rain "الغناء تحت المطر" 1952. تدور أغلب أحداث الفيلم الأمريكي Funny Face في باريس، عاصمة الموضة، والبلد التي تغنت مُطربتها الشهيرة "إديث بياف" للون الوردي في أغنية ""La Vie en rose "الحياة وردية"، والأغنية تربط بين السعادة وتتخذ من اللون الوردي شعارًا لها.
هذه الأفلام وغيرها من حقبة الخمسينيات كانت الإلهام لشركة ماتيل وهي تُصمم دمية باربي، وأصبحت لاحقًا مُلهمة لأفلام وأُغاني وأعمال إستعراضية عديدة، وأصبح مُصطلح الفتاة الباربي رمزًا للفتاة ذات المقاييس الجمالية الزاهية، ولكن من ناحية سلبية أصبح رمزًا للفتاة السطحية التي تهتم بجمالها ومظهرها فقط؛ وحاولت الشركة تصميم عدد من الدُمى بأزياء تصور باربي في مهن مُختلفة، فلا يعني أن تكون باربي جميلة ومهووسة بالموضة أنها عاطلة وبلا عقل أو مهنة.
جسدت "ريز ويذرسبون" نموذج باربي؛ الفتاة التافهة المشغولة بالمظاهر والموضة والإكسسوارات اللامعة، وذلك من خلال شخصية "إل وودز" التي يهجرها صديقها من أجل دراسة القانون في جامعة هارفارد؛ لأنه لا يجدها ملائمة له في المرحلة الجديدة من حياته، وذلك ضمن أحداث فيلم Legally Blonde 2001، ويكون رد فعلها هو التحدي، تلتحق هى الأخرى بنفس الجامعة لدراسة القانون، ولكنها لا تتخلى عن أسلوبها في التفكير وملابسها الوردية المُلفتة، وهذا التناقض الصارخ بين "إل وودز" الشقراء العفوية وعالم دراسة القانون الجدي يصنع الكثير من المواقف الهزلية.
لا تنهزم "إل وودز" أمام عالم الجامعة الجاد وقوانينه الصلبة؛ بل تقتحمه بكل ثقة ومرح مُتسلحة بأزيائها المميزة وباللون الوردي الذي يُمثل البصمة الأنثوية المميزة لها وسط عالم رمادي لا يعبأ بالألوان.
الفيلم من الأعمال الهوليوودية التي بدأت تُعيد مناقشة القضايا النسوية وتطرح جدل حقوق المرأة في حقبة بداية الألفية الثالثة، وهذا الفيلم وغيره من الأعمال المُغرقة في الإحتفاء باللون الوردي كانت علامات سينمائية وصلت في صيف 2023 إلى فيلم "باربي".
العنف يطغى على اللون الوردي!
أجواء اللون الوردي ليس بالضرورة رمزًا لعالم الأنثى الجميلة المُبتهجة في السينما، بل يظهر أحيانًا كشعار تتخذه بضعة فتيات مُتغطرسات كما في فيلم Mean Girls "فتيات لئيمات"، وفي الفيلم تُحاول فتاة ساذجة تُحاول التكيف مع أجواء التنافس والتنمر في مدرسة ثانوية، وتتخذ مجموعة من الفتيات اللائي ترتدين ملابس وردية إسم "بلاستيك"، وهن أشبه بعصابة من الصديقات لديهن القدرة على تدمير سمعة أي شخص سواء كان طالبًا أو مُعلمًا بنشر الشائعات حوله.
يُمثل اللون الوردي ذلك العالم الوديع الآمن للفتيات والنساء، وقد إستخدم المخرج الإيطالي "داريو أرجنتو" كفخ لوني للمُشاهد من خلال تصوير أحداث مليئة بالعنف والدم، في مشاهد متناقضة تحتفي خلفياتها باللون الوردي، وذلك في فيلمه ""Suspiria 1971، والفيلم عن راقصة أمريكية شابة تُدعى سوزي "جيسيكا هاربر" تصل أكاديمية ألمانية شهيرة لتعلم الباليه، ويتعرض عالمها الوردي الحالم لهجمات شديدة العنف من خلال شخصيات غامضة ووقائع مُخيفة عن جماعة تستخدم البشر كقربان بشري.
لا شك أن تأثر "أرجنتو" بالفيلم الأمريكي Funny Face كان عميقًا، ولكنه قدم عملًا متناقضًا تمامًا، وإستخدم اللون الوردي في سرد حكايته المُخيفة التي تكسر حاجز الأمان في مفهوم الحياة التي تُزينها الألوان الوردية؛ فالشر والعنف الحاد قد يصبغ الحياة الوردية بألوان الدماء الحمراء أيضًا.
الصور من حساب فيلم باربي الرسمي على تويتر