فقدان الجد أو الجدة صدمة قوية للطفل .. خبيرة نفسية تقدم نصائح لاخباره بحقيقة الموت دون الاضرار بصحته النفسية
فقدان الجد أو الجدة من أصعب الأحداث التي قد يمر بها الأطفال، وخصوصاً إذا كانت العلاقة وطيدة معهم، وكان الأطفال يتواجدون معهم بشكل دائم، وعلى اتصال مستمر بهم، كما أن وجود الجد والجدة في حياة الطفل يجعل حياتهما أكثر جمالاً، فهم يأنسون بهما أثناء انشغال الأبوين في رحلة العمل والمسؤوليات الأخرى.
ومع مرور السنين يكبر الأطفال على حب الجد والجدة، ويعتادون على وجودهم في الحياة، ولذلك يصبحون ذات قيمة عالية جداً وأهمية كبيرة في حياتهم، وهذا ما يزيد الأمر صعوبة عند فقدان أحدهما أو كلاهما في فترات متقاربة.
فقدان الجد أو الجدة
ومع كل هذا الحب والتعلق والمشاعر الدافئة والارتباط القوي، كيف يتسنى للأبوين اخبار الطفل بوفاة الجد أو الجدة؟
تقول الدكتورة ميرنا شوبح أخصائية في علم النفس العيادي والتحليل النفسي في مركز ثرايف للصحة النفسية، أن الأطفال يميلون في وقت مبكر جداً إلى سؤال الأبوين عن الموت، وليس من السهل أبدا الإجابة على أسئلتهم، ومن هذه الأسئلة، هل ستموتين/ستموت أيضا؟ إنه سؤال مرعب بعض الشيء يسأله تقريباً كل طفل لوالديه، وعندما يكبر الطفل ويفهم دورة الحياة بشكل أفضل، لا يصبح الحديث عن الموت أمراً سهلاً، لأنه يعني فقدان الأعزاء للأبد.
وتشير ميرنا إلى أنه من الأهمية التطرق لبعض النقاط الهامة للتعمق أكثر في هذا الموضوع، وهذه النقاط تتمثل في ما يلي:
- كيف يمكن تهدئة حزن الطفل على وفاة الجد أو الجدة؟
- هل حزن البالغين معدي للصغار؟
- كيف تضع الكلمات على الحداد عند الفقد؟
- كيف تعلن لهم الموت؟
- هل يجب أن نمنعهم من المجيء إلى الجنازة؟
تقول ميرنا، أنه وقبل وقوع حدث مأساوي، من الممكن إعداد الأطفال من خلال معالجة موضوع الموت والإجابة على أسئلتهم والتعبير عن مشاعرهم بشكل عام، لأن المسألة ليست فقط إعداد الطفل بشكل فعال، ولكنه أيضا إعداد الكبار، ووضع كلمات حول الموت وحول أشياء كثيرة، وحول عواطف الطفل، لأنها مسؤولية الوالدين عندما يواجهون لحظة معقدة قوية للغاية، على سبيل المثال وفاة أحد أفراد أسرتهم، الجد أو الجدة، إذ يجب أن يملكان القدرة على التحدث عن المشاعر والأحاسيس، واتاحة الفرصة للمشاركة بالحزن والحداد اذا رغب الطفل بذلك.
حتى لو لم تكن هناك إجابة جاهزة في مسألة الموت، يجب تذكير الأطفال بهذا الجانب من الحدودية في الحياة البشرية، لأن مهمتنا كراشدين ليست قمع الأحزان لأنه ستكون هناك أحزان في الحياة، ويجب أن ينشأ الطفل على معرفته بها، ومع ذلك، ما نريد القيام به هو تجهيز الأطفال حتى يتمكنوا من تجاوز الصعوبات لاكتساب مناعة نفسية لمواجهة مشاعر الفقد والاحباط والفراق.
هل يوجد عمر معين ليفهم الطفل المشاعر؟
بحسب دكتورة ميرنا، لا يوجد عمر للتحدث والتعبير عن المشاعر مع الأطفال، لأن يبدأ من سن مبكرة جدا، منذ الولادة لأن الأطفال يفهمون أكثر بكثير مما قد يتخيله المرء، ولذلك يجب أن يشعر الأطفال بأنهم مشمولون ضمن الأسرة في حالة وفاة الجدّ او الجدّة، لأن عزلهم عن معرفة الأمر والمشاركة فيه يجعلهم يعتقدون أنهم ربما ارتكبوا شيئاً خاطئاً وقد يشعرون بالذنب، ما يزيد عليهم ما يشعرون به من ألم، ولذلك فمن الأفضل محاولة إشراكهم في الحدث لأنهم جزء من العائلة ويحتاجون إلى هذا الدفء، والتعبير الكلمات والعناق في مثل هذه الحالات، بل أنه يمكن للطفل حضور الجنازة إذا رغب في ذلك، ولكن يجب إعطاؤه الفرصة لتغيير رأيه حتى اللحظة الأخيرة.
كيف يمكن للأهل الكلام عن موت الجدّ او الجدّة مع الطفل؟
يمكن للأهل الحديث عن الموت مع الطفل الصغير بالتحدث عن دورة الحياة في الطبيعة. على سبيل المثال، في وقت مبكر من عمر 2 أو 3 سنوات، يمكن الإشارة إلى أن البراعم تحصد في الربيع، وأن الأوراق تنمو خلال فصل الصيف، وأنها تذبل وتموت وتسقط في الخريف. يمكن إعطائه أمثلة أخرى لن تقلقه (مثل الحشرات والزهور والطيور والأسماك) لنظهر له أن لكل كائن حي له دورة حياة معينة. وأن نفس الشيء يحدث مع البشر.
كما يمكن إخباره أنه في بعض الأحيان تصاب الكائنات الحية بمرض خطير أو أنها قد تعاني كثيراً لدرجة أنها لا تستطيع البقاء على قيد الحياة. ومع ذلك، يمكن القول إنه في كثير من الأحيان يمكن للناس والحيوانات التعافي من مرضهم والعيش طويلاً.
ولمساعدة الطفل على فهم دوام الموت، يمكن اخباره ببساطة أنه عندما يموت شخص ما، يكون ذلك إلى الأبد ولن يعود، وذلك لطمأنتهم، مع شرح أنه يمكن تذكر المتوفي بالذكريات الحلوة مع، كما أن هناك فرصة لزيارته في حالة الفقد، ووضع الزهور له.
ويجب على الأهل أن يكونوا منفتحين وصريحين قدر الإمكان، وأن يتركون الطفل يقود المحادثة، كما يجب تشجيعه على التحدث وطرح الأسئلة أيضاً. فقط يجيب الأهل عليه بأفضل ما يمكنهم، ومن الجيد ألا يخفي الأهل على الطفل أنهم لا يعرفون كل شيء وأن بعض الأشياء يصعب فهمها، حتى بالنسبة للبالغين.
كلمات يجب تجنبها عند الحديث عن وفاة الجدّ او الجدّة
لا يجب إخفاء حقيقة الموت عن الطفل، كما يجب تجنب استخدام عبارات مثل "النوم" أو "المغادرة" لشرح الموت. إذا أخبرت طفلك أن الجد قد "نام"، فقد يخاف طفلك من الذهاب إلى الفراش خوفاً من الموت. نفس الشيء إذا أخبرته أن الجدة "غادرت" لرحلة طويلة أو أنها "مسافرة" أو أنها "في السماء". سينتظر الطفل عودتها، وسيكون قلقاً عندما يذهب أحد أفراد أسرته في رحلة أو سوف يستمتع بالأمل في رؤية جدته في السماء أثناء رحلة بالطائرة.
وبالمثل، إذا كان المرض هو سبب الوفاة، يجب اخبار الطفل بكلمات بسيطة أن الجدة مصابة بالسرطان، واخباره بأنه مرض خطير للغاية، وأنه من الممكن أن يتم الشفاء منه، ولكن ذلك لا يحدث دائماً، لذا لا يجب اخباره فقط أن جدته ماتت لأنها كانت مريضة جداً، لأنه قد يعتقد أنها مصابة بنزلات البرد، وقد يخشى بعد ذلك من حدوث نفس الأمر له في حالة المرض أي مرض حتى لو كان نزلة برد، كما أنه قد يخاف أيضاً من أن تموت الأم أو الأب عند المرض، ولذلك يجب طمأنته بتوضيح أن الموت ليس معدياً.
أفكار فعالة للاجابة على أسئلة الطفل عن الموت
فيما يلي بعض الأفكار للحصول على إجابات لتقديمها عندما يسألك طفلك عن الموت.
لماذا نموت؟
يجب اخبار الطفل بأن الموت يحدث لأننا نكبر، وبمرور الوقت، يكون الجسم متعبا لدرجة أنه لم يعد قادراً على العمل. هذه هي دورة الحياة: نولد، نكبر، نصبح بالغين، نكبر سناً، ونموت. في بعض الأحيان نموت قبل أن نكبر لأن لدينا مرضاً لا يمكن علاجه أو عند التعرض لحادث خطير.
ماذا يحدث عندما تموت / تموتين؟
"يتوقف قلبنا عن النبض ولم يعد جسمنا يعمل. لم يعد هناك حياة في أجسامنا. هذا يعني أننا لم نعد نتنفس، وأن دمنا لم يعد يدور، وأن دماغنا لم يعد يعمل. لم تعد تشعر بأي شيء بعد الآن.»
أين نذهب عندما نموت؟
" يمكنك مشاركة معتقداتك الدينية عن طريق السماح للطفل بمعرفة أنه ليس كل شخص يؤمن بنفس الشيء"
هل ستموت /تموتين؟
نعم، سأموت يوما ما، يموت الجميع، لأن هذا الحدث يعد جزءاً هاماً من الحياة، آمل أن يكون ذلك في وقت طويل. في الوقت الحالي، أنا هنا، بصحة وسلامة.
وأخيراً، يجب أن يتم ذلك باحتضان الطفل والتقرب منه أكثر، واختيار الكلمات بعناية فائقة، وتجنب ما ذكر أعلاه لكي لا تتأثر نفسية الطفل بالفقد ووفاة الجد أو الجدة.