الصّمت لغة العظماء وفن لا يُتقنه إلا العُقلاء... إليكِ أهميته وأبرز مفاتيحه لتطوير ذاتك
هو حالة من تهدئة العقل، والبحث في الداخل؛ يوصفه علماء النفس بأنه لغة القائد الناجح والقوة الكبيرة المُعززة للثقة بالنفس؛ هكذا يبدو لنا المفهوم العام للصّمت.
ولكن تفاصيله قد تحمل لنا العديد من المفاهيم التي ربما ستقودنا إلى الحل المثالي لموجة الغضب التي نعيشها في عصرنا الحالي.
فهو يُقربنا من ذاتنا، ورسالتنا، ويُدعمنا ويُثبت خُطانا في الحياة؛ وليس ذلك فحسب، فهو مخزن الإلهامات والإبداعات، ويمنحنا القدرة الرائعة على التحكم في مشاعرنا وإنفعالاتنا.
إذ تخضع المشاعر إلى فلتر الصّمت الذي يسمح لنا رؤية ما وراء الأمور، وتقييم حياتنا بشكل أفضل، ومراقبة سلوكّياتنا وتصرّفاتنا بمعايير أعمق في التحليل والتفسير.
وبما أن الصّمت يفتح لنا آفاقًا جديدة في عقولنا، ويُصقل شغفنا بالطريقة المُناسبة لنا، والأقرب إلى أرواحنا؛ فلا يوجد معه الصراعاتالمجتمعية أو المجاملات أو الأفكار المُبعثرة، بل هو التواصل بين أنفسنا وحقيقتنا فقط.
لذا دعينا نطلعك عبر موقع " هي " على أهمية الصّمت لتطوير ذاتك في جميع أمور حياتك، وذلك بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرية الدكتور مصطفى الباشا من القاهرة.
الصّمت لغة العظماء
وبحسب دكتور مصطفى، على الرغم من أن عالم الأعمال مليء بقصص الرؤساء التنفيذيين الناجحين مثل: "هنري فورد، وستيف جوبز" الذين يديرون شركاتهم بحكمة وصرامة لجني النجاح المطلوب، ولكن في بعض الأحيان، يكون الصّمت هو سيد الموقف؛ حيث أن تأثيره أقوى من الكلام؛ في هذا الشأن، قال المخترع والفنان دافينشي "لا شيء يُقوي السلطة بقدر الصمت".
الصّمت فن لا يُتقنه إلا العقلاء
وأضاف دكتو مصطفى، بما أن الصّمت هو حالة من تهدئة العقل، والبحث في الداخل، فكل الأجوبة التي نريدها في حياتنا موجودة في داخلنا؛ ولكننا لن نستكشفها إلافي حال جلوسنا مع ذاتنا واعتزالنا الآخرين لفترة من الزمن.
فضلًا عن ذلك، فهو فن لا يُتقنه إلا العقلاء الذين يدركون فوائده لتعزيز النفس والروح بعيدًا عن أشخاص مُتحولين إلى آلات ناطقة لا تُعطي للكلمات والمشاعر والمواقف حقها.
الصّمت يتسّلق جبال التحدي للوصول إلى قمة النجاح
من ناحية أخرى، أكد دكتور مصطفى، أن النفس بحاجة لقليلًا من السلام؛ كأن نقول لها: " أنا معكِ وأشعر بما ينتابكِ من مشاعر قاسية، ولكن هوّني عليكِ، دعينا نعود إلى التركيز على أهدافنا ورسالتنا في الحياة".
وبالتالي هذا سيجعلنا نسعى دومًا إلى تخطى المعوقات التي تواجهنا، فنحن نحيا في عالم السرعة، والتغيرات، والمسؤوليات الكبيرة، والتعدد الكبير والمُخيف في الشخصيات، والزخم الكبير في الأفكار والاقتراحات والآراء، حتى بات من المحتمل جدًا وصولنا إلى مرحلة التشتت والضياع.
الصّمت فوائده مُذهلة للمرأة في تطوير ذاتها
وفي هذا الشأن، أوضح دكتور مصطفى أن الصّمت حلًا مثاليًا لتطوير المرأة لذاتها، وذلك من خلال فوائده التالية:
- يمنحّها فرصة لإعادة التركيز على أهدافها وغايتها في الحياة؛ فعندما تجلس مع ذاتها، تبدأ في البحث عن الإجابة للاسئلة الأكثر أهمية في حياتها.
- يبقى الصمت هو الحل الأمثل الذي قد يُساعدها على تجميع الأفكار واتخاذ القرار بطريقة صائبة، الأمر الذي يُساعدها على التخلص من الندم جزاء القيام بتصرفات مُتسرعة وغير محسوبة.
- يُكّسبها هدوءًا وسلامًا داخليًا كبيرًا أثناء تعاملها مع الأشخاص السلبيين.
- يمنحّها الحديث بإتزان ومعرفة قيمة الكلمات والمشاعر.
- يُعطيها فرصة ذهبية من أجل تحفيز الجانب الإبداعي لديها؛ ما يجعلها أكثر استعدادًا لتقبل الإلهامات وأكثر قوة لاتخاذ القرارات المفصلية في حياتها.
- يُضفي عليها صفاءً فكريًا، وعمقًا داخليًا، وسلامًا نفسيًا، بحيث تُدرك أن الغاية من الحياة أعمق من مجرد تجميع الماديات، وأن العطاء هو القيمة الأكثر أهمية في الحياة، وأن إغناء رصيدها الداخلي أهم بكثير من إغناء رصيدها البنكي.
- تُصبح أكثر تواضعًا وقربًا من الناس؛ إذ تنتصر على الأنانية وتتحرر من الصورة الزائفة للنفس وتقترب من حقيقتها وجوهرها.
- إدارة حياتها بالشكل الأمثل؛ بحيث يكون لديها الوقت الكافي للتفكير في أولوياتها والدفاع عنها.
الصّمت له مفاتيح اغّتنميها لتحقيق ذاتك
وأخيرًا، إذا كنتِ ترغبين في اكتساب مهارة الصمت، فعليكِ باستخدام هذه المفاتيح ؛ التي اختارها لكِ دكتور مصطفى للاستفادة من فوائد الصّمت في جميع أمور حياتك، وذلك على النحو التالي:
المفتاح الأول: الاستماع
إذا كنتِ ترغبين في اكتساب مهارة الصّمت لبناء علاقات صادقة في حياتك، يجب أن تبني الثقة أولاً، ولبناء الثقة عليك بالاستماع! إن أهم عناصر إقامة علاقة ناجحة في أي مجال من مجالات الحياة، هو أن لا تتكلمي عن نفسكِ كثيرًا، وافتحي المجال للطرف الآخر بالكلام، إلى أن يحين دورك، فعندما يدرك الطرف الآخر أنكِ كنتِ مستمعة جيداة، سيستمع إليكِ دون تردد.
المفتاح الثاني: التركيز على فكرة مُحددة
إذا كنتِ تناقشين موضوعًا ما، يجب أن تنتبهي إلى أن تناقشيه بطريقة مُختصرة وبسيطة، قد لا يكون ذلك صمتًا، ولكن استخدام الكثير من الكلمات قد يضيع الفكرة أو المفهوم الذي تناقشينه.
المفتاح الثالث: لعبة التفاوض
الصّمت هو أقوى أداة يُمكنك استخدامها كي لا يعلم الآخرين ما بداخلك؛ وتأكدي أن الشخص الصامت عند التفاوض يجعل الطرف الآخر في حيرة مما يفكر به.
المفتاح الرابع: الذكاء العاطفي
إذا كنتِ تريدين أن تُصبحي قائدة؛ فقط اتبعي نهج القادة الناجحين باستخدام الذكاء العاطفي، فالقائد الناجح لا يخبرك بما عليكِ فعله كي تُحققي الأهداف التي حققها والنجاح الذي وصل به إلى ما هو عليه الآن، بل يجعلكِ بصمته ترسمي لنفسك خريطة النجاح بنفسك.كما أن القيادة الصامتة الحقيقية تتطلب قدرًا كبيرًا من الذكاء العاطفي، أكثر مما تتطلب من أساليب القيادة الأخرى.
المفتاح الخامس: الأجوبة الصادقة
عند طرحك لسؤال ما، يجب أن يكون مختصرًا، وواضحًا، ويُركز على نقطة معينة، وكل ما عليكِ فعله هو الصّمت وانتظار الإجابة، فأنتِ بذلك لا تُعطي فرصة للطرف الآخر حتى للتفكير فيها، وبالتالي ستُحصلين على الإجابة الصادقة.
وأخيرًا، لا تسمحي للآخرين أبدًا باستنزاف طاقة الصّمت منكِ؛ لذا ابتعدي عنهم وابقي صامته، فإن ذلك يحفظ لكِ المزيد من الطاقة للقيام بالكثير من الأمور الأخرى، والتركيز على نفسك؛ وتأكدي أن هناك بعض الأوقات التي يكون فيها للصّمت صوت أعلى من الكلام؛ لذا تعلمي متى يُمكن للصّمت أن يخدمك في أن تكونيناجحة في جميع أمور حياتك.