تغيرات سن اليأس المزعجة.. إليكِ أهم النصائح لكيفية التعامل معها
المرأةٌ مخلوق مميَز بكل تفاصيله؛ منذ الولادة وحتى سن متأخرة، يمرَ جسم المرأة وعقلها ومزاجها وعواطفها بالعديد من التغيرات، بعضها يمكن التحكم فيه والبعض الآخر ناتجٌ عن طبيعة الأنثى التي تتأثر بكل ما يمرَ بها أكثر من الرجل.
كل هذه الأمور، تجعل من المرأة كائنًا فريدًا؛ يحتاج لمعاملة خاصة وعناية مُتقنة، سواء على الصعيد الجسدي أو النفسي.
وأكثر ما يؤثر على تغيرات المرأة المستمرة طوال حياتها، هي الهرمونات التي تلعب دورًا مؤثرَا وبشدة في جسم المرأة؛ بما في ذلك شكلها الخارجي، ومشاعرها، وكذلك مزاجها. لذا فإن فهم كيفية تأثر المرأة بهذه الأمور، يُحسن طريقة التعامل مع التغيرات الهرمونية التي قد تتعرض لها النساء خلال فترات من حياتهنَ.
كما هو معلوم، فإن الكثير من التغيرات الهرمونية تحدث أثناء الحمل، وخلال سن اليأس (انقطاع الطمث)، وعند البلوغ، وأثناء نزول الدورة الشهرية. ولكل من هذه المراحل، خاصيتها ومزاياها التي تتطلب عنايةً خاصة، في ضوء المتغيرات التي تصاحبها وتجعل النساء يعانينَ بدرجات متفاوتة.
تُركَز المرأة كثيرًا على فترة سن اليأس، أو سن الأمل كما يحلو للبعض تسميته؛ فهي فترةٌ حساسة، تنتقل خلالها المرأة من مرحلة النضوج والصحة والرشاقة المتناهية، إلى مرحلة المعاناة من بعض الآثار الجانبية لانخفاض الهرمونات في الجسم وتوقف المبيضين عن إنتاج البويضات التي تتيح الحمل والإنجاب.
للتعرف أكثر على تغيرات الصحة التي تمرَ بها المرأة خلال مرحلة سن اليأس وكيفية التعامل معها، تحدثنا إلى تينا شاغوري؛ اختصاصية التغذية والتثقيف الصحي والمحاضرة الجامعية في الامارات، فأفادتنا بالآتي..
تغيرات صحة المرأة خلال سنوات اليأس
بحسب شاغوري، هناك العديد من التغيرات التي تمرَ بها المرأة قبل مرحلة انقطاع الطمث، وليس فقط خلالها؛ تبدأ عادةً عند بلوغ المرأة سن الأربعين وصولًا إلى سن الخمسين وهي مرحلة سن اليأس.
من أهم الأعراض التي تشتكي منها النساء والتي تلجأ بسببها إلى اختصاصية التغذية أو الطبيب؛ اضطرابات المزاج، وحدوث تغيرات جسيمة في الحالة النفسية التي تُترجم بحالاتٍ من العصبية والتوتر والاكتئاب، فضلًا عن اضطراب النوم وقلة ساعات النوم يوميًا، والهبات الساخنة والتعرق الليلي، وعدم القدرة على تقبل بعض الأطعمة والمشروبات مثلما كانت في السابق؛ وهو ما يؤثر على عملية الهضم وجودة النوم وتعكر المزاج. كل ذلك نتيجة التغيرات الهرمونية التي تعصف بجسمها في هذه المرحلة والتي تتسبب كذلك بألم في الثدي، وتضخم غدد الثدي، وكلها أمورٌ طبيعية ناجمة عن تلك التغيرات.
واحدةٌ من أهم الأعراض الملحوظة عند المرأة في مرحلة ما قبل وخلال انقطاع الطمث، هي تغيَر البكتيريا في الأمعاء؛ ما يُسبَب أعراضًا لم تكن ملحوظةً من قبل، مثل النفخة المزمنة والحرقة ووجع البطن، ووجع الظهر في بعض الأحيان بسبب حدوث التهابات في الأمعاءGut Dysbiosis.
ونتيجة لانخفاض هرمون الاسترجين الأنثوي بشكل كبير، تعاني معظم النساء خلال هذه المراحل من جفاف في البشرة والشعر، ما يؤدي إلى تساقط الشعر بكثرة بسبب جفافه. كما تُصاب المرأة بالحكة في الجلد له علاقة بما يُعرف بإسم Stamin Intolerance حيث تقل قدرتها على تحمَل الهستامين في الجسم. وهذه المشكلة لها حميةٌ خاصة وإجراءات معينة ينبغي التعرف عليها من قبل المختصين.
المزيد من الحالات الجلدية يمكن أن ترافق هذه المرحلة عدا المذكورة اعلاه، منها الأكزيما وجفاف الجلد وهو سببٌ رئيسي وراء ظهور التجاعيد الزائد في مرحلة سن اليأس. كل هذا سببه انخفاض مستوى الاستروجين، وهو هرمونٌ معروف بخاصية الترطيب التي يمنحها للجلد والمفاصل؛ ولا ننسى تراجع قدرة الجسم على إنتاج الكولاجين في هذه المرحلة، ما يتطلب الحاجة للحصول على الكولاجين من مصادر أخرى سواء للبشرة أو لحركة المفاصل.
مقاومة الأنسولين وسن اليأس
تضيف شاغوري أن مقاومة الأنسولين، هي مشكلةٌ أخرى سائدة عند النساء عند الاقتراب من هذا العمر؛ خاصةً للنساء اللاتي يدخلنَ سن اليأس وهنَ يعانينَ من وزن غير صحي (زيادة الوزن عن الحد الطبيعي) أو لديها زيادة كبيرة في الوزن خصوصًا في منطقة البطن. وبسبب ذلك، فإنها تدخل دوامة مقاومة الأنسولين التي تظهر في هذه المرحلة، ليزيد معها الوزن والذي عادةً ما يترافق مع قلة الحركة وعدم اتباع نظام غذائي صحي. وهو ما قد يجعل المرأة أكثر عرضةً للإصابة بداء السكري، ومشاكل في القلب، أكثر من غيرها من النساء.
سن اليأس ومشكلة البدانة
زيادة الوزن هي أكثر المشاكل أو الأعراض شيوعًا في مرحلة سن اليأس، وتعاني منها غالبية النساء بصورة عامة. حيث يشهد معدل الأيض (أو معدل الحرق في الجسم) انخفاضًا كبيرًا خلال هذه المرحلة، بسبب خسارة المرأة للعضلات بشكل أسرع.
لهذا ننصح السيدات قبل الدخول في مرحلة سن اليأس وخلالها، بوجوب ممارسة رياضة رفع الأثقال (من سن الثلاثين فما فوق) للمحافظة على الكتلة العضلية لديها. كما ينبغي عليها التقليل من كميات الطعام، والتركيز أكثر على الأطعمة المُغذية مع وجوب تجنب تناول الطعام كنوع من الوجبات الخفيفة طوال النهار وتحديد الوجبات ضمن 3 فقط. وفي حال كان جسمها يساعدها، بإمكانها القيام بالصيام المتقطع Intermittent Fasting، تقليل استهلاك النشويات بنسبة كبيرة، وزيادة تناول البروتينات والألياف خاصةً تلك التي تُغذّي البكتيريا الجيدة والصحية التي تحافظ على الأمعاء.
ينبغي على المرأة أيضًا، تجنب زيادة الوزن قدر الإمكان خلال مرحلة سن اليأس بدرجة كبيرة؛ والأهم، عدم ممارسة الرياضة أو النشاط البدني الكثيف والعنيف الذي قد يُشكَل ضغطًا كبيرًا على المفاصل التي تشهد في هذا العمر حساسية مفرطة بسبب قلة الترطيب مع غياب الاستروجين.
هناك الكثير من المتغيرات المتعلقة بالصحة الإنجابية في سن اليأس؛ فيما يتعلق بانخفاض الرغبة الجنسية، تغير الوظائف الجنسية، الشعور بوجع أثناء الجماع، زيادة الإصابة بالأورام الليفية والتهاب بطانة الرحم في حال كان لديها استعدادٌ سابق لهذه المشكلات؛ فإنها تزداد سوءًا أثناء سن اليأس.
نصائح للتعامل مع تغيرات الصحة خلال سنوات اليأس
للوقوف على الحلول الواجب اتباعها في جميع الحالات المذكورة أعلاه، تشرح تينا شاغوري أنها تضع السيدة التي تستشيرها، ضمن نظام حمية مضادة للالتهابات للمساعدة في حل هذه المشكلات والمتغيرات التي تحدث داخل جسمها. إضافةً إلى التركيز على النظام الغذائي العالي البروتينات والألياف والدهون الصحية، والأخيرة مهمةٌ للغاية لتعويض المرأة عن فقدان الترطيب الذي كانت تحصل عليه من هرمون الاستروجين؛ لذا نزيد من استهلاكها لأحماض أوميغا 3 وزيوت السمك التي تحتوي على فيتامين إي.
كما نُركَز كثيرًا على تعزيز صحة الأمعاء، فننصح المرأة بتناول مرقة العظام Bone Broth والبروبيوتيكس في الأطعمة. إضافةً لتعويض النواقص في الفيتامينات بجسم المرأة، ومنها فيتامين د المهم، وفيتامينات ب؛ بعد إخضاع المرأة لفحوصات معينة. ونتيجة لنتائج الفحوصات، تُعطى المرأة النظام الصحيح والمناسب لحالتها.
من المهم جدًا في هذه المرحلة من العمر، أن لا تخضع السيدة لحميات عشوائية وغير مدروسة؛ كونها تجعلها تخسر المعادن بسهولة كبيرة، وتؤثر على صحة المعدة والأمعاء ما يجعلها غير قادرةٍ على امتصاص المغذيات من الطعام كما يجب. وهو ما قد ينتج عنه فقدان الكثير من العناصر المهمة وزيادة التعرض للأمراض خاصة الأمراض المناعية، بطريقة سريعة في حال لم تلتزم بإرشادات المختصين.
في الختام، نضم صوتنا لصوت اختصاصية التغذية تينا شاغوري؛ وندعوكِ عزيزتي للالتزام بالتحدث مع طبيبتكِ الخاصة أو اختصاصية التغذية التي ستقوم بتزويدكِ بالنظام والحمية الناسبة لكِ وحسب احتياجاتكِ في مرحلة سن اليأس.