القولون العصبي مشكلةٌ شائعة.. وهكذا ينصحكِ الخبراء لعلاجه
لكل عضو أو جهاز في الجسم البشري، وظائف معينة ومحددة؛ وفي حال اضطراب هذه الوظائف، فإن ذلك الجهاز أو العضو قد يتعرض للعديد من المتاعب الصحية والأمراض.
منها الجهاز الهضمي، الذي يُعدَ من الأجهزة المهمة والحيوية في جسم الإنسان؛ فهو قناةٌ طويلة تمتد من الفم وحتى فتحة الشرج، وبينهما مجموعةٌ من الأعضاء المختلفة. وظيفة الجهاز الهضمي الأساسية هي عملية الهضم، لتزويد خلايا الجسم بالمواد الغذائية كالبروتينات، والدهون، والكربوهيدرات، والفيتامينات، والماء التي يحتاجها الجسم للنمو وإنتاج الطاقة ولأداء العمليات الحيوية الأخرى المتنوعة.
يبدأ عمل الجهاز الهضمي من الفم، الذي يتلقى الطعام ويمضغه؛ ثم يبتلعه عبر المريء ليصل إلى المعدة. ومن هناك، تبدأ عملية هضم العناصر الغذائية المختلفة التي نجدها في الطعام، وتحويلها لمادة أشبه بعصارة؛ ومن ثم تفريغها في الأمعاء الدقيقة لتنتقل للمرحلة الثانية من عملية الهضم والامتصاص. والأمعاء الدقيقة هي العضو الرئيسي في الجهاز الهضمي وأطول جزء فيه؛ وتتمثل وظيفتها الأساسية بخلط ونقل محتويات المعدة عبرها، وإنتاج الأنزيمات الضروريَّة للقيام بعملية الهضم وامتصاص العناصر الغذائيَّة من الطعام.
من الأمعاء الدقيقة، ينتقل الطعام الذي تمَ هضمه إلى الأمعاء الغليظة أو القولون؛وهو عضوٌ متخصص في إعادة امتصاص المواد الغذائيَّة المتبقية في الأطعمة إضافة إلى الماء، بعد انتهاء عملية الهضم والامتصاص في الأمعاء الدقيقة، لتبقى فيه الفضلات على شكل مادة تُسمى البراز.وتستمر الأمعاء الغليظة بإعادة امتصاص الماء من البراز ليصبح في الحالة الصلبة، ليتم تجميعه في نهاية الجهاز الهضمي في منطقة تُسمى المستقيم، ليتم التخلص منه خارج الجسم في عملية الإخراج.
لماذا هذا الشرح المستفيض في عملية هضم الطعام والتخلص منه على شكل بُراز؟ الحقيقة أن الهدف الرئيسي لهذا الشرح، هو تسليط الضوء على أهمية القولون في التخلص من البقايا أو الفضلات التي لا يحتاجها الجسم، بعدما حصل على كافة المغذَيات في عملية دقيقة تمت من خلال الأمعاء الدقيقة. وفي حال عانى القولون من أية مشاكل صحية، فإن هذه العملية لن تتم بشكل طبيعي؛ ما يترتب عليه متاعب كبيرة في الجهاز الهضمي. وتختلف مدة عبور الطعام من شخص لآخر وفقًا لبعض العوامل، مثلصحة الجهاز الهضمي، والنظام الغذائي المُتبَع، ومقدار النشاط البدني؛ وفي حالة تأخر هذا العبور لأكثر من 72 ساعة، فهذا يؤشر بوجود اضطراب في الأمعاء.
أمراض القولون
كما الحال مع غيره من أعضاء الجسم، فإن القولون عرضةً للإصابة بأمراض متفاوتة؛ بعضها يمكن التعايش معه، والبعض الآخر يعيق الحياة الطبيعية، وقد يصل بالإنسان إلى معاناة شديدة مع المرض.
أبرز أمراض القولون هي التهاب القولون التقرحي، سلائل القولون، سرطان القولون، والقولون العصبي؛ الذي يُطلعنا الدكتور عبد الحكيم الجنايني، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي والقولون من مستشفى برايم بدبي، على أبرز أسبابه وأعراضه وطرق علاجه في مقالة اليوم.
ما هو القولون العصبي
هناك الكثير من التساؤلات حولأمراض الجهاز الهضمي بشكل عام، والمرتبطه بالقولون أو الامعاء الغليظة بشكل خاص؛واكثرها شيوعًا هو متلازمة القولون العصبي.
وبحسب الدكتور الجنايني، فالقولون العصبي هو خللٌ وظيفي وليس مرضًا عضويًا؛يرتبط بأنسجة القولون، وبالتالي يمكن تعريفه علىأنه حالةٌ صحية مُزمنة وشائعة، تصيب الأمعاء الغليظة (القولون)، وتُسبَب تقلصات وانتفاخًا في البطن، بالإضافة إلى تغيُّر في نمط حركة التجويف المعوي.
يمكن أن يؤثر القولون العصبي على أي شخص في أي عمر، كما تختلف أعراضه بين الأشخاص المصابين به. ويُصنَّف ضمن اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية، كونهيُسبَب هذا الخلل في نمط حركة التجويف المعوي دون سبب أو أثر واضح لوجوده.
أسباب الإصابة بالقولون العصبي
أو متلازمة الأمعاء الهيوجة كما يُطلق عليها، يشير الدكتور الجنايني إلى أنه ليس ثمة سبب واضح لهذه الحالة؛ لكن العديد من العوامل يمكن أن تؤدي إلى هذا الخلل من أهمها:
- حدوث اضطرابات بين الإشارات العصبيه للمخ والجهاز الهضمي.
- بعض المشاكل النفسية والاضطرابات العصبية.
- حساسية الأمعاء والطعام.
- حدوث عدوىأو وجود لميكروبات المعدة.
أعراض القولون العصبي
وفقًا لأخصائي أمراض الجهاز الهضمي والقولون من مستشفى برايم، فإن أبرز أعراض الإصابة بالقولون العصبي تتمثل في الآتي:
- تقلصات وآلام في البطن.
- فقدان الشهية للأكل.
- غازات البطن المزعجة.
- الإسهال أو الإمساك وأحيانًا كليهما.
ماذا يحصل في حال عدم علاج القولون العصبي؟
يشير الدكتور الجنايني إلى أن ترك مشكلة القولون العصبي دون علاج، قد يترتب عنها بعض المضاعفات البسيطة إنما شائعة الحدوث.
وهي على النحو التالي:
- الإصابة بالبواسير.
- انخفاض مستوى وجودة الحياة.
- سوء الهضم والتغذية وامتصاص المغذيات المختلفة من الطعام.
تشخيص وعلاج القولون العصبي
في تشخيصه للمشكلة بغية تحديد العلاجات المناسبة، يعتمد الدكتور المختص على استبعاد جميع الأسباب العضوية واتباع بعض الإجراءات كما أفادنا الدكتور الجنايني؛ وهي:
- الفحص السريري وتحديد التاريخ المرضي.
- عمل تحاليل للبُراز والدم إضافة لاختبار تحسس الطعام.
- إخضاع المريض للأشعة السينية والمقطعية، فضلً عن المنظام القولوني المعدي.
وعند استبعاد جميع المشاكل العضوية، لا يتبقى للطبيبسوى تشخيص الإصابةبمتلازمة القولون العصبي؛ وعندها تبدأ الخطة العلاجية.
وتتمثل هذه الخطة بعدة نواحي معظمها حياتي ينصحكِ بها الدكتور الجنايني كالآتي:
- مضغ الطعام جيدًا؛ إذ يؤثر عدم المضغ الكامل للأكل على عملية الهضم، مايُقلَل من عمل الإنزيمات الهاضمة.
- الاكثار من شرب الماء، على الاقل 2 لتر ماء يوميًا في غير مواعيد الطعام؛ لضمان انتظام حركة الأمعاء والقولون وعدم التاثير على هضم الطعام.
- يُفضل تقسيم الوجبات من 3 إلى 4 وجبات متوسطة الحجم، تجنبًا لحدوث أي تلبكات معوية.
- أهمية انتقاء المشروبات، وعدم تناول المشروبات الغازية والعصائر الصناعية واستبدالها بمشروبات مهدئة مثل النعناع، الكراوية، اليانسون، الشُمر، الميرمية، البابونج، الزنجبيل والشاي الأخضر.
- وضع فاصل زمني 3 ساعات على الأقل، بين النوم وآخر وجبة تتناولينها.
- النوم بشكل منتظم بين 6- 8 ساعات يوميًا وضمن مواقيت النوم الطبيعية.
- الإستمرار في ممارسة التمارين الرياضية أو على الأقل المشي الخفيف؛ لتجنب التخمة وتحسين كفاءة الجهاز الهضمي.
- ضرورة إدخال البكتيريا النافعة في النظام الغذائي، حيث تساعد البروبيوتيكProbiotics في تحقيق توازن البكتيريا المفيدة والضارة الموجودة في الجهاز الهضمي. ويتواجد البروبيوتيك بشكل طبيعي في العديد من المصادر الغذائية كاللبن والزبادي وبعض أنواع الأجبان.
- يُنصح بعدم الاستلقاء الكامل، بعد العشاء بشكل مباشر؛ لتجنب حدوث الارتجاع في المري والحرقة الهضمية.
ماذا نأكل في حال الإصابة بالقولون العصبي؟
بما أن الغذاء حاجةٌ ملحة في حياتنا اليومية، سألنا الدكتور الجنايني عن الأطعمة التي ينبغي على مرضى القولون العصبي تجنبها لتفادي مضاعفات وأعراض هذه المشكلة. إضافةً بالطبع لنصائحه بخصوص الأطعمة المفيدة لصحة القولون.
فيم ايخص قائمة المأكولات التي يجب أن تبتعد عنها مريضة القولون العصبي،يعطي الدكتور الجناينيمثالًاعلى اللاكتوز الموجود في الحليب، والأغذية الغنية بالدسمكالمقالي والحلويات الجاهزة، الثوم، البصل، البقوليات والحبوب التي تحتوي على الغلوتين، القرنبيط والملفوف أو الكرنب. كما أكدَ على أهمية تقليل التوابل الحارة والحمضيات.
أما الأطعمة التي لا غنى عنها لصحة القولون، فهي الأطعمة الغنية بالألياف والحبوب الكاملة والفاكهة التي تساعد في التخلص من الإمساك المصاحب للقولون العصبي؛ إضافةً إلى منتجات الألبان كالزبادي.
خلاصة القول، أن مشكلة القولون العصبي وعلى الرغم من شيوعها بين العديد من الناس؛ إلا أنها ليست مشكلةً خطيرة، ويمكن تجنبها بالتركيز على بعض الأطعمة ومراعاة الهضم الجيد والحركة والنوم لساعات كافية. كي يستطيع الجهاز الهضمي، ومعه القولون، القيام بكافة مهامه الوظيفية الضرورية كي تضمني حصولكِ على كافة المغذيات من الطعام.