في اليوم العالمي للعمود الفقري.. أبرز النصائح للحفاظ على صحته وتقويته
سبحان الله الذي خلق فأبدع.. وخلق الإنسان في أحسن تكوين وصورة، ما هو إلا تأكيد على روعة الخالق في تشكيل بنية أجسامنا وتكاملها في ديناميكية متواترة، لا تعرف الكلل ولا الملل. فكل عضو وجهاز في الجسم، له وظيفته المهمة؛ وهي تتكامل مع بعضها، لتُشكَل جسدًا صحيحً وصحيًا، قادرٌ على القيام بالعديد من الوظائف والمهام في وقت واحد.
من هذه الأعضاء، العمود الفقري؛ الذي يُحتفل اليوم 16 أكتوبر بيومه العالمي، بغية التعريف بأهمية وظائفه وكيفية الحفاظ عليه بصحة وسلامة.
وبحسب الدكتور محمد العقل من مجموعة برايم الطبية، فإن العمود الفقري هو أحد أعضاء الجسم، المكون من سلسلة من العظام غير منتظمة الحجم؛ يُطلق عليها إسم فقرات، ويبلغ عددها 33 فقرة، تمتد من منتصف أسفل قاعدة الجمجمة إلى منطقة العصعص، بهدف حفظ النخاع الشوكي. ويُعدَ هذا الجزء من أهم أجزاء جسم الإنسان، أو الكائنات الحية بصفة عامة؛ لكونه نقطة ارتكاز رئيسية في التحكم في القدرة على الجلوس، والوقوف، والمشي وذلك بفضل مكوناته الخلقية.
وتتمثل أهمية العمود الفقري في التالي:
- منح جسم الإنسان القدرة على الحركة بشكل مرن.
- المحافظة عىل النخاع الشوكي الموجود بداخله.
- الحفاظ على الأعصاب الموجودة بداخله.
- الحفاظ على استقامة الجزء العلوي من جسم الإنسان، وهو ما يمنح القدرة عىل الحركة بسهولة ومرونة.
- كذلك يحافظ على القلب والرئتين، داخل القفص الصدري المتصل بالعمود الفقري من الخلف.
- يعمل على توزيع أثقال الجسم على الأطراف السفلية.
- الحفاظ على قوام جسم الإنسان.
يبلغ عدد فقرات العمود الفقري بجسم الإنسان 33 فقرة، وهي كالتالي من أعلى لأسفل:
- الفقرات العنقية: عددها 7 فقرات موجودة بالرقبة بهدف ارتكاز الرأس عليها، والتحكم في حركتها.
- الفقرات الصدرية: عددها 12 فقرة موجودة بمنطقة الصدر، ويرتكز عليها القفص الصدري من الخلف.
- الفقرات القطنية: عددها 5 فقرات موجودة بمنطقة البطن وأسفل الظهر.
- الفقرات الجذعية: أو فقرات العجز، عددها 5 فقرات وتكون ملتحمة مع بعضها البعض، على شكل مثلث وموجودة في منطقة الجذع.
- فقرات العصعص: عددها 4 فقرات ملتحمة مع بعض، وهي آخر فقرات العمود الفقري وتكون صغيرة الحجم.
يخطئ البعض عندما يظن أن العمود الفقري هو على شكل مستقيم، ولكن وعند رؤيته من منظور جانبي؛ يكتشف انه غير مستقيم، حيث يتواجد به 4 انحناءات مختلفة، هي العنقي والصدري والقطني والحوضي.
ويضيف الدكتور العقل أن الانحناءات الأربعة للعمود الفقري، هي الشكل الطبيعي له؛ ومن الممكن رؤيته منحنيًا جهة اليسار أو اليمين. ولكن ذلك قد يكون ناتجًا إما عن سبب مرضي أو تشوه خُلقي.
عوامل تؤثر على صحة العمود الفقري
هناك بعض الأخطاء الحركية التي يقع فيها العديد من الناس، والتي تؤثر بشكل كبير على صحة العمود الفقري.
ومن هذه الأخطاء ما يذكره الدكتور العقل بالآتي:
- السُمنة التي تؤثر بالضغط الشديد على فقرات العمود الفقري.
- الجلوس الخاطئ وفي أوضاع مُتعبة للعضلات والفقرات.
- المشي الخاطئ عن طريق تحدب الظهر.
- النوم الخاطئ، خاصةً على البطن والظهر.
- ارتفاع ضغط الدم، ما يحول دون وصول الدم بشكل جيد إلى عضلات الرقبة والدماغ.
مشاكل وأمراض العمود الفقري
للإضاءة أكثر على المشاكل الصحية والأمراض التي تُحدق بالعمود الفقري، حدَثنا الدكتور العقل بالآتي:
تُعتبر مشاكل العمود الفقري من المشكلات الصحية التي تؤثر بشكل كبير على حياة الإنسان، خاصةً وأن هذه المشاكل ينتج عنها الألم وعدم القدرة على الحركة بحرية. كما يمكن أن تكون مشاكل العمود الفقري مُدمَرة للغاية؛ لأن علاجها يستغرق وقتًا طويلًا، وقد يتفاقم بعضها مع مرور الوقت. لذلك، فالعناية بصحة العمود الفقري مهمةٌ جدً، للحفاظ على صحة وظائف الجسم الأخرى أيضًا.
ومن أهم الأمراض والمشاكل التي تصيب العمود الفقري:
- الانزلاق الغضروفي: وهو ما يُعرف أيضًا ب"فتق القرص بين الفقرات"؛ ويحدث نتيجة زيادة الأحمال الثقيلة على الفقرات، والذي يتسبب في زيادة الضغط على جذر العصب، مُسبَبًا خشونة شديدة في مفاصل الفقرات العظمية.
ويُعدَ القرص الغضروفي أكثر شيوعًا باتجاه أسفل الظهر، ولكنه يمكن أن يحدث في الجزء العلوي من الظهر أيضًا. أما الأعراض الأكثر شيوعًا للقرص المنفتق؛ فهي ألم في الظهر، خدرٌ وألم في الذراعين والساقين، الإحساس بالوخز، وضعف العضلات.
وبالرغم من صعوبة هذه الحالة وشدة الآلام المصاحبة لها، إلا أن علاجها يتم بشكل تلقائي بعد تناول جرعات دوائية من مضادات الالتهاب، إلى جانب الحصول على قسط كافٍ من الراحة. في حين قد تكون هناك حالاتٌ شديدة الصعوبة، والتي قد تحتاج للتدخل الجراحي؛ وذلك عقب إخضاع الشخص المصاب لبعض الفحوصات الطبية، مثل إجراء أشعة الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية.
- هشاشة عظام الفقرات: واحدةٌ من أكثر المشكلات المرضية انتشارًا، بسبب سهولة الإصابة به؛ والتي تحدث جراء فقدان قدرة العظام على تحمل الصدمات، أو الضغط الناتج عن زيادة الوزن، ما قد يُسبَب آلامًا شديدة في فقرات الظهر.
وتتمثل أسباب هذا المرض عادةً، في عدة عوامل أبرزها العامل الوراثي؛ إلى جانب ضعف النظام الغذائي أو التقدم في العمر. ويُنصح في علاج مثل هذه الحالات، بتناول الكثير من الأطعمة التي تحتوي على فيتامين د والكالسيوم، إلى جانب تناول بعض الأدوية الهرمونية تحت إشراف طبي.
- ضيق القناة الفقارية: وهي حالةٌ مرضية تنتج غالبًا مع التقدم بالسن، وتتسبب في شعور المريض بآلام شديدة في الساق عند الوقوف أو المشي؛ بينما تختفي هذه الآلام عند الاستلقاء أو الجلوس.
ويحتاج علاج الحالات البسيطة من هذا المرض، لاستخدام بعض الأدوية المضادة للالتهاب؛ مع يعض جلسات العلاج اطبيعي. في حين تحتاج الحالات الحادة من المرض، وهي نادرة الحدوث، إلى التدخل الجراحي من قبل الطبيب بهدف توسيع القناة العصبية والتخلص من الضغط المُسبب بتضيق القناة الفقارية.
- الانحناء: وتشير هذه الحالة إلى مشكلة الانحناء أثناء الطفولة أو المراهقة المبكرة؛ وقد يبقى الانحناء مدى الحياة، في حال لم يتم الاستفادة من العلاج المناسب في بداية مشكلة العمود الفقري.
قد تحدث مجموعةٌ من الأعراض أثناء الانحناء؛ تشمل الأكتاف غير المستوية، ارتفاعات مختلفة في القفص الصدري، ميلان الجسم نحو جانب واحد، وضعية الرأس غير المتناسقة مع الحوض، ارتفاع أحد الوركين أو كليهما أعلى من المعتاد. وقد تؤدي هذه الحالة إلى الإصابة بانضغاظ العصب، في حال لم يتم تحديد العلاج المناسب. علمًا أن العلاج يختلف حسب كل مريض وحالته، لكن الحل الأكثر شيوعًا لمشكلة العمود الفقري هي العلاج الطبيعي أو الجراحة.
- الانزلاق الفقاري: مشكلة العمود الفقري هذه شائعة جدًا، ويمكن أن تؤثر على أي شخص تقريبًأ ومن أي فئة عمرية.
ويحدث الانزلاق الفقاري عندما تتحرك الفقرة الموجودة في العمود الفقري من موضعها وتتقدم قليلًأ إلى الأمام؛ ما يؤدي لألم في المنطقة خاصةً في الرقبة، عندما يحاول المصاب الضغط أو تحريك رأسه في اتجاه معين، وينتج عن هذه الحالة، ألمٌ رهيب يمكن أن يؤثر على وظائف الجسم الأخرى أيضًا.
بالإضافة إلى أن الانزلاق الفقاري قد يؤدي إلى فقدان الأطراف والتحكم في المثانة، أو قد يجعل من الصعب على الشخص المصاب المشي بشكل صحيح. ويمكن علاج هذه المشكلة عن طريق إنقاص الوزن، والأدوية، وتمارين تقوية عضلات القلب، والعلاج الطبيعي .
أهمية المحافظة على صحة العمود الفقري
أذن، ومع تبيان أهمية العمود الفقري ودوره المؤثر في حياة الإنسان؛ يحب الحفاظ على صحته من خلال اتباع البرنامج الوقائي التالي الذي أفادنا به الدكتور العقل، والالتزام به قدر الإمكان، لتجنب حدوث أية مشاكل أو أمراض فيه .
ويشتمل البرنامج الوقائي على النقاط الآتية:
- تجنب الجلوس أو المشي الخاطئ.
- الحرص على ممارسة الأنشطة الرياضية الخفيفة، لتقوية عضلات الظهر.
- توخي الحذر عند ممارسة الرياضة والتمارين التي قد تؤثر سلبًا على فقرات الظهر.
- استخدام الوضع المثالي عند رفع الأثقال، من خلال التركيز على عضلات الطرفين السفليين.
- تجنب ثني الرقبة أثناء القراءة أو تناول الطعام أو العمل.
- الحرص على إبقاء الرأس بوضع أفقي.
- النوم على أحد الجانبي، وتجنب النوم على الأرض.
- تجنب زيادة الوزن والبدانة.
- تناول الأطعمة الصحية، الغنية بشكل خاص بالكالسيوم وأحماض أوميغا 3 والعناصر الغذائية الأخرى، من أهم طرق الحفاظ على صحة العمود الفقري وتقويته.
كما يجب استشارة الطبيب عند حدوث إصابة أو وجود ألم في العمود الفقري.
كيفية المحافظة على حركة العمود الفقري
بدوره، تحدث إلينا الدكتور محمد أبوقوطة، استشاري جراحة العظام والعمود الفقري من مستشفى "إن أم سي رويال" الشارقة حول صحة العمود الفقري وأهمية المحافظة عليه.
وأشار إلى أن اليوم العالمي للعمود الفقري هذا العام، يأتي تحت شعار "حافظ على حركة العمود الفقري"؛ فما اهمية التمارين والرياضة للعمود الفقري؟
وفقًا للدكتور أبو قوطة، غالبًا ما يكون سبب آلام الظهر في العضلات أو الأوتار أو اللفافة؛ وفي كثير من الحالات، يؤدي التمدد وتمارين بناء العضلات إلى توفير الراحة. مضيفًا أن مشاكل الظهر هي مرضٌ منتشر على نطاق واسع؛ إذ يعاني منه اثنان من كل ثلاثة أشخاص في العالم. ولا يكون السبب عادةً في العظام، بل في الأنسجة الرخوة؛ أي قصر العضلات واللفافة اللزجة - أو في المفاصل شديدة الحركة. وكلاهما يمكن أن يؤدي إلى الألم في مناطق أخرى من الجسم، في حين يمكن للتدريب الرياضي أن يساعد في العلاج.
القاعدة الأساسية بالنسبة لاستشاري جراحة العظام والعمود الفقري هي الآتية:
ستظلين خاليةً من الألم إذا كان هناك توازن بين التقوية والتمدد..
لكن الأشخاص المتأثرين، غالبًا ما يتدربون بشكل غريزي على الشيء الخطأ تمامًا: حيث يستمر الأشخاص ذوو العضلات في بناء العضلات، فيما يحب الأشخاص المرنون بشكل خاص تمارين التمدد في استوديو اليوغا أو أثناء ممارسة التمارين. والعكس قد يكون مفيدًا: فالأشخاص الذين يتمتعون بالمرونة يحتاجون إلى تقوية العضلات بدلاً من المزيد من التمدد، وإلا فإن مفاصلهم ستكون غير محمية. ومن ناحية أخرى، لا يحتاج الأشخاص ذوو العضلات إلى المزيد من العضلات، بل إلى المزيد من الحركة، أي التمدد. وبمجرد تحقيق التوازن، يختفي الألم.
تمارين لتقوية عضلات الظهر
فمثلًا، يمكنكِ أن تجربي تمرين القرفصاء بساق واحدة: إذا انحنت الركبة نحو الداخل كحرف إكس؛ إذًا أنتِ مرنة، لكن عضلاتكِ ضعيفة جدًا وتحتاج إلى التدريب.
في حال لم تتمكني من أداء تمرين القرفصاء بساق واحدة، قفي على ساق واحدة أمام المرآة. انتبهي إلى ما إذا كان حوضكِ ينخفض وتقفين ملتوية. إذا كان الأمر كذلك، فإن عضلاتكِ ضعيفةٌ جدًا، ويمكن أن تُسبَب ألمًا في الظهر والوركين والركبتين.
كذلك الأرداف لها أهميةٌ خاصة: فالمركز هو عضلة المؤخرة (العضلة الألوية الكبرى). وباعتبارها نقطة تحوَل وعضلة منتصبة، فهي مسؤولةٌ عن استقرار الحوض والعمود الفقري؛ وهو أمرٌ بالغ الأهمية لثبات الجسم المتوازن وشرطٌ أساسي للنجاح الرياضي. ولكن في كثير من الأحيان، تصبح هذه العضلة ضعيفةً للغاية بسبب كثرة الجلوس وفقدان العضلات مع تقدم العمر وقلة التدريب. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاعل متسلسل إلى الأعلى، مع التحميل الزائد على المفاصل في العمود الفقري وحتى الانزلاق الغضروفي، وإلى الأسفل إلى الألم في الوركين والركبتين. إذا كانت العضلة الألوية ضعيفة للغاية، فإنها تدير الساق في الاتجاه الخاطئ.
آما التمدد أو الاطالة، فيدور حول توسيع نطاق حركة الجسم. وبدون تمديد أو تمدَد منتظم، يمكن أن تقصر العضلات وتشتد اللفافة المحيطة بالعضلات مثل الشبكة. يحدث هذا غالبًا بشكل خاص مع الأشخاص الذين يجلسون كثيرًا على المكتب؛ فإذا التصقت العضلات واللفافة معًا، فإن هذا يحدَ بشدة من نطاق حركتنا. وبما أن اللفافة تمتد مثل سلسلة عبر الجسم بأكمله، فإن سبب آلام الظهر يمكن أن يكون تقصيرًا في جزء مختلف تمامًا من الجسم.
يمكن تحرير المفاصل من هذه المشكلة، عن طريق تمارين الاطالة. ويؤدي التمدد إلى توسيع فجوات المفاصل، مما يُخفف الألم؛ وعندما ترتخي المفاصل، فإنها تُنتج المزيد من السائل الزلالي ويمكن أن تعمل بشكل أفضل فيصبح الجسم أكثر قدرةً على الحركة.
ويضيف الدكتور أبو قوطة: "إذا كان من الضروري التغلب على الألم أثناء ممارسة التمارين الرياضية، فيجب أن يتم ذلك في البداية تحت إشراف أخصائي العلاج الطبيعي. وهذا يضمن تنفيذ جميع التمارين بشكل صحيح وبطريقة مستهدفة، لا تُسبَب مشاكل إضافية."
وأخيرًا وللوقاية من مشاكل الظهر والمفاصل، يمكن أن تكون التمارين الصغيرة في الحياة اليومية مفيدة؛ إذ يجب أن تكون سهلة الأداء ومستمرة على الدوام.