تطور جديد يبعد وريثا لعرش تايلاند من وراثة العرش إلى الأبد
في حين أن الأنظمة الملكية حول العالم تجمعها العديد من أوجه التشابه (مثل حقيقة أن أفرادها غالبا ما يحملون ألقاب أمراء ويعيشون في القصور الملكية ويمثلون بلدانهم في المناسبات الرسمية) إلا أنها تتضمن أيضا الكثير من أوجه الاختلاف وأبرزها قوانين ولاية العرش والتي يتم من خلالها اختيار وريث العرش المستقبلي، على سبيل المثال، بعض البلدان الملكية تختار ورثة العرش من الذكور فقط من أبناء الملك الحالي وفقا لترتيب ولادتهم بإعطاء أولوية ولاية العرش للأبناء الذكور الأكبر سنا، وفي حالة عدم وجود ورثة للعرش من الذكور من أبناء الملك فإن وراثة العرش تنتقل لأشقائه الذكور ثم لأبنائهم، ثم لأصحاب الترتيب التالي في وراثة العرش من أقارب الملك من الذكور، وأحد أفضل الأمثلة على ذلك هي النظام الإمبراطوري الحاكم في دولة اليابان والذي لا يسمح سوى لورثة العرش الذكور بالوصول إلى عرش اليابان، لذلك فإن وريث عرش إمبراطور اليابان الحالي، وهو الإمبراطور ناروهيتو Naruhito, Emperor of Japan، سيكون شقيقه الأصغر الأمير فوميهيتو Fumihito, Crown Prince of Japan، وليس الأميرة أيكو Aiko, Princess Toshi، ابنة الإمبراطور ناروهيتو، ولنفس الأسباب فإن وريث عرش اليابان من بعد الأمير فوميهيتو، سيكون ابنه الأصغر الأمير هيساهيتو Prince Hisahito of Akishino وليس ابنتيه الأكبر سنا.
هناك أيضا بعض البلدان الملكية الأخرى التي تعطي ورثة العرش الذكور أولوية ولاية العرش، ولا تستبعد تماما ورثة العرش من النساء، من ولاية العرش، وأحد أفضل الأمثلة على ذلك إمارة موناكو ولذلك فإن وريث عرش الأمير ألبير الثاني Albert II, Prince of Monaco، أمير موناكو الحالي، هو الأمير جاك Jacques, Hereditary Prince of Monaco، بالرغم من حقيقة أن الأمير جاك ولد بعد شقيقته التوأم الأميرة غابرييلا Princess Gabriella, Countess of Carladès، بعدة دقائق، مما يجعله الشقيق الأصغر، أما غالبية البلدان الأوروبية الأخرى، فهي تعطي أولوية ولاية العرش لورثة العرش من أبناء وأقارب الملك الحالي، وفقا لترتيب ميلادهم، وبصرف النظر عن جنسهم، وأشهر الأمثلة على ذلك السويد، والنرويج.
كيف يتم اختيار وريث العرش التايلاندي
هناك دول أخرى تتضمن قواعد أكثر تعقيدا عندما يتعلق الأمر بوراثة العرش، وأحد أفضل الأمثلة على ذلك دولة تايلاند، فوريث العرش التايلاندي غالبا ما يقوم ملك تايلاند باختيار من بين أبنائه، وفقا لشروط محددة، لا علاقة لها بالضرورة بترتيب ولادته، وأهمها أن يكون ابن شرعي لملك تايلاند من زوجة معترف بها رسميا، وأن يكون في حالة صحية جيدة تسمح له بحكم البلاد وألا يكون قد قام بارتكاب مخالفات أو محاذير من النوع الذي يتسبب في الحرمان من خلافة العرش مثل ارتكاب مخالفة قانونية أو الزواج من أجنبية، ولذلك فإن اختيار وريث للملك فاجيرالونغكورن Vajiralongkorn، ملك تايلاند الحالي، ستكون أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
تطور جديد يزيد من صعوبة اختيار وريث لعرش تايلاند
وفقا للتعديلات الأخيرة لقانون ولاية العرش التايلاندي، فإن الملك فاجيرالونغكورن، والمعروف باسم الملك راما العاشر King Rama X، يمكنه اختيار أي من أبنائه ليكون وريث لعرشه، بشرط ألا يكون أي منهم قد قام بمخالفة قانونية أو ارتكب أحد المحاذير أو لديه أي سبب آخر يمنعه من تولي العرش، بأن يكون مثلا، مصاب بمرض أو مشكلة صحية مقلقة، ولسنوات طويلة، بدا وكأن الملك فاجيرالونغكورن قد وقع اختياره على ابنته الكبرى الأميرة باجراكيتيابها Princess Bajrakitiyabha، لتكون وريثة عرشه، وذلك لأسباب عديدة أهمها حقيقة أنها قضت الجزء الأكبر من حياتها في تايلاند، على العكس من غالبية أبنائه الآخرين، إلى جانب حقيقة أنها تم إعدادها منذ الصغر، لتكون وريثة لعرش ولادها إلا أن الأميرة باجراكيتيابها والتي تبلغ من العمر 44 عام، عانت من أزمة صحية مفاجئة وخطيرة، عندما سقطت فاقدة الوعي أثناء تنزهها بصحبة كلبها الأليف في ديسمبر 2022، وتبين لاحقا أنها تعاني من مرض القلب، منذ ذلك الحين لا تزال الأميرة فاقدة للوعي وفي غيوبة، وهي حاليا في المستشفى، ومتصلة بأجهزة الإعاشة، ووفقا لتقديرات أطبائها فإن فرصة استعادتها للوعي وتماثلها للشفاء، ضعيفة.
بعدها بدا وكأن الملك فاجيرالونغكورن قد اختار أصغر أبنائه، وهو الأمير ديبانجكورن راسميجوتي Prince Dipangkorn Rasmijoti، والذي يبلغ من العمر 18 عام، ليكون وريث لعرش تايلاند، ولكن تبين مؤخرا أن الأمير ديبانجكورن راسميجوتي والذي قضى الجزء الأكبر من حياته في ألمانيا، يعاني من اضطراب في النمو وهو ما قد يقلل من فرص توليه العرش.
ملك تايلاند يقرر إعادة أحد أبنائه المنفيين لحل أزمة وراثة العرش التايلاندي
بعد أن تم استبعاد تقريبا أكثر أبناء الملك فاجيرالونغكورن حظوظا وفرصا في ولاية العرش التايلاندي، بسبب مشكلات صحية غير متوقعة، بدا من الواضح أن الملك فاجيرالونغكورن لم يعد أمامه سوى البحث عن وريث ملائم للعرش من بين أبنائه المنفيين خارج تايلاند، وهم أبنائه الأربعة من زوجته الثانية سوجاريني فيفاتشاراوونجسي والتي هربت من تايلاند إلى الولايات المتحدة بصحبة أطفالهما في عام 1996، بعد طلاقها من الملك فاجيرالونغكورن (والذي كان لا يزال وقتها ولي لعهد تايلاند)، ويقال إنها قامت بذلك خوفا من قيام الملك فاجيرالونغكورن بوضعها تحت الإقامة الجبرية وحرمانها من حضانة أطفالهما، وترتب على ذلك إصدار الملك فاجيرالونغكورن قرار بنفي سوجاريني فيفاتشاراوونجسي Sujarinee Vivacharawongse وأطفالهما من تايلاند وحرمانهم جميعا من ألقابهم وامتيازاتهم الملكية، باستثناء ابنتهما الأميرة سيريفانافاري Princess Sirivannavari والتي قام الملك فاجيرالونغكورن بإعادتها إلى تايلاند ونشأت هناك في القصر الملكي إلى جانب اختها الكبرى غير الشقيقة الأميرة باجراكيتيابها وأخيها غير الشقيق الأمير ديبانجكورن راسميجوتي.
أما عن وريث العرش الملائم الذي يعتقد أن ملك تايلاند قد اختاره من بين أبنائه المنفيين، فهو فاخاريسورن فيفاتشاراوونجسي Vacharaesorn Vivacharawongse، الطفل الثالث لملك تايلاند، وثاني أبنائه الذكور والذي يبلغ من العمر 42 عام، فاخاريسورن فيفاتشاراوونجسي لم يحصل على لقب أمير بعد، ولكنه عاد إلى تايلاند بعد غياب 27 عام، قضاها في الولايات المتحدة والتي استقرت فيها والدته بعد طلاقها من والده الملك فاجيرالونغكورن، ومؤخرا شوهد فاخاريسورن فيفاتشاراوونجسي وهو يقف بجوار والده الملك فاجيرالونغكورن في عدة مناسبات رسمية، وهو ما بدا للكثيرين أنه أكثر من مجرد مصالحة بين الملك وابنه، بل واعتقد البعض أيضا أن ذلك ربما يكون تمهيدا لاختيار فاخاريسورن فيفاتشاراوونجسي لاحقا كوريث لعرش تايلاند إلا أن تقارير جديدة كشفت عن أن فاخاريسورن فيفاتشاراوونجسي يواجه عقبة كبيرة في طريق اختياره وريث لعرش تايلاند، وهي زواجه من أجنبية.
عقبة كبيرة قد تحول بين فاخاريسورن فيفاتشاراوونجسي وعرش تايلاند
وفقا للمراسل الصحفي المتخصص في شؤون العائلة المالكة التايلاندية، أندرو ماكجريجور مارشال Andrew MacGregor Marshall، فإن فاخاريسورن، لديه زوجة أجنبية غير تايلاندية، وطفل في الولايات المتحدة، مما يجعله غير مؤهل لوراثة العرش التايلاندي حسب قوانين وراثة العرش الحالية، إلا أن ذلك قد يتغير إذا ما تم إدخال تعديلات على قوانين وراثة العرش الحالية في تايلاند، وهو أمر غير مستبعد إذا ما استمرت أزمة العثور على وريث ملائم للعرش التايلاندي.