الوقاية ضروريةٌ للغاية.. حذاري من موسم حالات الصداع العنقودي

الوقاية ضروريةٌ للغاية.. حذاري من موسم حالات الصداع العنقودي

جمانة الصباغ

شئنا أم أبينا، فالجميع عرضةٌ للإصابة بالصداع في مراحل مختلفة من الحياة، وبدرجات متفاوتة. بعضنا قد يُصاب بالصداع العادي، الذي يمكن لبعض مسكنات الألم أو الراحة، أن تساعد في علاجه؛ فيما البعض الآخر، وأنا منهم، يقع فريسة أنواع شرسة من الصداع مثل الصداع النصفي أو الشقيقة، التي تتطلب رعاية ووقاية كبيرتين.

والحقيقة أن الصداع أنواعٌ وأشكالٌ مختلفة؛ بعضها مرتبطٌ بنمط الحياة، وبعضها بالحالة العامة مثل تغير المواسم، كما هو الحال مع الصداع العنقودي الذي نتطرق إليه اليوم.

كاري روبرتسون طبيبة الأعصاب لدى مايو كلينك
كاري روبرتسون طبيبة الأعصاب لدى مايو كلينك

أنواع متعددة للصداع

يشير الدكتور سافدار زابيث ممارس عام من مراكز ومستشفيات ميدكير الطبية، إلى أن الصداع هو أي ألمِ مصدره الرأس أو أعلى العنق من الجسم. وبسبب أن الدماغ لا يحتوي على أعصاب خاصة به للإشارة إلى الإحساس بالألم، فإنه يأتي من الأنسجة المحيطة بالجمجمة أو بالعضو.

يوجد هناك أكثر من 150 نوعًا مختلفًا من الصداع ؛ يمكن تصنيفها إلى نوعين: الأولية والثانوية. الفرق بينهما، هو أن الأخير يحدث نتيجة مضاعفات لحالة طبية أخرى، في حين أن الأولي لا يرتبط بحالة مرضية موجودة، بل يكون نتيجة الإجهاد البدني والعقلي. ويمكن أن يكون الصداع الأولي وراثيًا أيضًا.

أنواع الصداع الأولي هي:

  • صداع التوتر.
  • الصداع النصفي.
  • الصداع العنقودي.
  • صداع يومي جديد ومستمر.

في حين أن بعض أنواع الصداع الثانوي تحدث نتيجة:

  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الورم.
  • العدوى.
  • الأوعية الدموية المريضة في الدماغ.
  • جرعة زائدة من الدواء.
  • إصابة بالرأس.
  • صدمة.
  • احتقان الجيوب الأنفية .

موسم حالات الصداع العنقودي

الصداع العنقودي موسمي وقد يسبب ألمًا شديدًا
الصداع العنقودي موسمي وقد يسبب ألمًا شديدًا

حالات الصداع العنقودي ليست على قدر كبير من الانتشار، لكنها تُسبَب ألمًا شديدًا للغاية. وغالبًا ما تحدث عند تغير فصول العام.

ويُعدَ الصداع العنقودي من حالات اضطرابات الصداع التي تختلف عن حالات الشقيقة (الصداع النصفي) أو الصداع الكلي. يُصاب أقل من 1% من السكان بحالات الصداع العنقودي، ولكن هذه التجربة تًعدَ من التجارب شديدة التأثير على هؤلاء الأشخاص؛ لأن حالات الصداع تأتي سريعًا وتؤلم بقوة.

تخيلي أن تستيقظي من النوم بشكل مفاجئ، بسبب ألم مبرَح في الرأس يصل إلى ذروة شدته خلال ثوانٍ معدودة. "ثم يستمر هذا الألم لمدة 15 إلى 20 دقيقة، تكون شديدةً للغاية لدرجة أن المرضى لا يستطيعون الجلوس ساكنين في كثير من الأحيان. فيضطرون إلى الوقوف والسير ذهابًا وإيابًا وقد يضغطون على رؤوسهم أو يضربون رؤوسهم بالأشياء. وبعد ذلك، يتوقف الألم مجددًا مثل إغلاق مفتاح الإضاءة،" هذا ما أوضحته كاري روبرتسون، دكتورة الطب، وطبيبة الأعصاب لدى مايو كلينك في مدينة روتشستر، ولاية مينيسوتا في وصف هجوم الصداع العنقودي.

وتوضح الدكتورة روبرتسون قائلةً: "بالنسبة للمرضى الذين يعانون من هذا الألم، قد يشعرون بألم الصداع عدة مرات في اليوم – قد تتراوح من مرة إلى ثمان مرات في اليوم الواحد خلال مدة ستة أسابيع إلى 12 أسبوعًا. وبعد ذلك، مثلما تبدأ الدورة بشكل مفاجئ، تتوقف أيضًا بشكل مفاجئ. وقد لا يتعرضون لأي صداع لأشهر أو ربما حتى لعام قبل أن تبدأ دورة أخرى."

أسباب الصداع العنقودي

قد يحدث هذا النوع من الصداع وفي أحيان كثيرة بدون سابق إنذار . ومع ذلك، يميل الصداع العنقودي إلى أن يكون من الأمراض الموسمية.

لا يعرف الخبراء أسباب الصداع العنقودي، وفق ما جاء على موقع "مايو كلينك"؛ فيما تشير أنماط الصداع العنقودي إلى وجود صلة بينه وبين منطقة الدماغ التي تساعد على تشغيل الساعة البيولوجية للجسم، المعروفة بإسم الوطاء.

توجد أسبابٌ عديدة تؤدي إلى الإصابة بالصداع العنقودي. وأكثرها شيوعًا شرب الكحوليات. قد تتضمن المسببات الأخرى تغيرات الطقس وتناول بعض الأدوية. فضلًا عن بعض عوامل الخطر مثل:

  • الجنس: فالرجال أكثر عُرضةً للإصابة بالصداع العنقودي من النساء.
  • العمر: تتراوح أعمار معظم الأشخاص الذين يُصابون بالصداع العنقودي ما بين 20 و 50 عامًا. ولكن الإصابة قد تحدث في أي عمر.
  • التدخين: كثيرٌ من المصابين بالصداع العنقودي مدخنون؛ ولكن الإقلاع عن التدخين عادةً لا يُوقف الصداع.
  • تعاطي المشروبات الكحولية: خاصةً عند الإصابة بنوبة الصداع العنقودي.
  • السيرة المَرَضية العائلية: قد يؤدي وجود أحد الوالدين أو أخ أو أخت مصاب بالصداع العنقودي، إلى زيادة احتمال الإصابة.

أعراض الصداع العنقودي

قد تتساءلين الآن عن العلامات أو الأعراض التي تُنبأ بإصابتكِ بهذا النوع من الصداع دون غيره؛ وهو ما يشرحه خبراء "مايو كلينك" في الآتي:

  • ألمٌ شديد حاد أو طاعن، عادةً داخل عين واحدة أو خلفها أو حولها. ويمكن أن ينتشر الألم إلى مناطق أخرى من الوجه والرأس والرقبة.
  • ألمٌ في جانب واحد من الرأس في عنقود واحد، يمكن أن ينتقل إلى الجانب الآخر في عنقود آخر.
  • التململ.
  • الكثير من الدموع.
  • احمرار العين في الجانب المؤلم.
  • احتقان الأنف أو سيلانه في الجانب المؤلم.
  • تعرَق الجبهة أو الوجه.
  • تغيرات في لون الجلد في الجانب المؤلم من الوجه.
  • تورم في المنطقة المحيطة بالعين في الجانب المؤلم.
  • تدلي الجفن في الجانب المؤلم.

ونظرًا إلى أن ألم الصداع العنقودي يمكن أن يكون بالغ الشدة، فكثيرًا ما يتحرك الأشخاص المصابون به جيئة وذهابًا؛ أو يجلسون ويتحركون إلى الأمام والخلف.

النوبات العنقودية

تستمر النوبة العنقودية عادةً من عدة أسابيع إلى شهور كما ذكرنا في بداية المقالة. وقد تبدأ كل نوبة عنقودية في ذات الوقت من العام تقريبًا كل مرة، وتستمر مدةً مماثلة تقريبًا. على سبيل المثال، يمكن أن تحدث النوبات العنقودية خلال فصول معينة، مثل كل ربيع أو كل خريف.

تستمر النوبة العنقودية لدى معظم الأشخاص المصابين بالصداع العنقودي من أسبوع واحد إلى عام كامل. ثم تتبعها فترة خالية من الألم، تُعرف باسم الهدأة، تستمر لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر قبل حدوث نوبة الصداع العنقودي التالي. ويُعرف ذلك بالصداع العنقودي العرضي.

كما قد تستمر النوبات العنقودية لأكثر من عام، أو تقل الفترات الخالية من الألم عن شهر واحد. وفي حال استمرت النوبة العنقودية لمدة عام دون توقف، فإنها تُسمى الصداع العنقودي المزمن.

هذا ما قد تعانيه أثناء النوبة العنقودية:

  • يحدث الصداع عادةً كل يوم، وغالبًا عدة مرات في اليوم.
  • يمكن أن تستمر النوبة الواحدة من 15 دقيقة إلى ثلاث ساعات، ولكنها تستمر في أغلب الأحيان من 30 إلى 45 دقيقة.
  • تحدث النوبات غالبًا في الوقت نفسه كل يوم.
  • تحدث معظم النوبات ليلاً، وعادةً بعد أن تخلدي إلى النوم بساعة إلى ساعتين.

مع الإشارة إلى أن الألم ينتهي في العادة فجأة مثلما بدأ فجأة. وبعد حدوث النوبات، لا يشعر معظم الأشخاص بأي ألم، لكنهم يصابون بالإنهاك.

علاج الصداع العنقودي

بعض العلاجات تخفف حدة الألم ومدته
بعض العلاجات تخفف حدة الألم ومدته

توضح الدكتورة روبرتسون أنه لا يوجد علاج لحالات الصداع العنقودي، ولكن تتوفر علاجاتٌ لخفض شدة الألم وتقليل زمن وجود الصداع ومنع هجماته. وتضيف: "لقد حقَقنا كثيرًا من الإنجاز خلال الأعوام العشرة الماضية، لكننا لا نزال نسعى جاهدين إلى العثور على المزيد من العلاجات باستمرار."

ويدرس الباحثون بعض الطرق لعلاج الصداع العنقودي؛ منها عددٌ من الإجراءات التي تُحفَز الأعصاب. وتتضمن هذه الإجراءات تنبيه العقدة الوتدية الحنكية، وتنبيه العصب القذالي، والتنبيه الدماغي العميق. من هذه الإجراءات أيضًا، وضع جهاز في مناطق معينة من الدماغ يمكنه إرسال إشارة كهربائية إلى المنطقة لمنع الألم. وقد أظهرت هذه الإجراءات نتائج واعدة في علاج الصداع العنقودي. ولكنها ما زالت تحتاج إلى مزيد من الدراسة.

كيفية الوقاية من الصداع العنقودي

لتجنب هجمة الصداع العنقودي خلال الفترة العنقودية، ينصحكِ خبراء "مايو كلينك" بتجربة الأمور التالية:

  • الالتزام بمواعيد نوم منتظمة: حاولي أثناء الفترة العنقودية، عدم تغيير مواعيد نومكِ ومدته. إذ يمكن أن تؤدي تغيرات النوم إلى بدء هجمة الصداع العنقودي.
  • تجنُب تناول المشروبات الكحولية: ويُفضَل الإمتناع عنها كليًا.
  • الطب البديل: قد يساعد هرمون الميلاتونين الذي يؤثر في الساعة البيولوجية على تخفيف نوبات الصداع العنقودي. كما قد يُقلَل استخدام مادة الكابسيسين الكيميائية المستخرجة من فلفل التشيلي داخل الأنف عدد مرات، حدوث نوبات الصداع العنقودي ومدى شدتها. لكن من الضروري استشارة الطبيب قبل استخدام أي علاجات بديلة.

ويبقى التأقلم والدعم هما أفضل الوسائل للتقليل من تداعيات الصداع العنقودي، وإن كان التعيش مع النوبات عند حدوثها مرٌ صعب بعض الشيء؛ خاصةً وأنها تؤثر في العلاقات والعمل وجودة الحياة. قد يفيدكِ في تلك الحالة، التحدث إلى استشاري أو اختصاصي معالجة.