مع اقتراب نهاية العام الحالي .. كيف تتخلصين من التوتر والضغوطات
كل عام ينتهي، يرحل معه الكثير من الذكريات والتجارب التي تحمل الطابعين، الإيجابي والسلبي. بعضنا لا يقوى على توديع السنة الحالية، فيما غيره ينتظر بشغف ولهفة انتهاؤه، كي ينتهي من المعاناة والشدة التي مرَ بها خلال هذه السنة.
وما بين هذا وذاك؛ تمر السنوات علينا بين جيدة وسيئة، إيجابية وسلبية، سنة تحقيق الأحلام وسنة الإخفاقات، إلى ما هنالك. لكن القاسم المشترك بين معظم الناس، هو ذلك التوتر الزائد الذي يضغط على الناس في نهاية العام؛ خاصةً من لديهم عائلات والتزامات تجاهها، وكذلك ضغوطات الاحتفالات والهدايا في الأعياد وغيرها.
البعض الآخر، قد يكون لديه التزاماتٌ في الدراسة والعمل ومواعيد تسليم المشاريع وغيرها من الأمور المهنية العالقة؛ التي قد تتراكم مع الأشهر لأسباب عدة، لتتحول ضغطًا كبيرًا في نهاية العام لإنجازها وتسليمها. وهو ما يُولَد الدرجة العالية من التوتر الذي نستعرض وإياكِ عزيزتي القارئة اليوم، سبل التخفيف منه في هذه المقالة مع أمارة أشرف، أخصائية علم النفس السريري من Nabta Health Clinic.
تحدياتٌ كثيرة تُسبب التوتر والضغوط في نهاية العام
كما أسلفنا، من المتوقع بشكل عام أن تكون الأسابيع الأخيرة التي تسبق العام الجديد، مثيرةً وممتعة. ومع ذلك، يمكن أن يكون الأمر مرهقًا ويجعل الناس يشعرون بالإرهاق بسهولة. في حين أن ضغوط نهاية العام المتزايدة، والمواعيد النهائية الصارمة وأعباء العمل الثقيلة تزيد من ضغوط العمل، فقد نجد أنه لدينا أيضًا تقويم اجتماعي مزدحم باحتفالات نهاية العام، وأعمال العطلات، وزيادة الأكل والسهر حتى وقت متأخر من الليل، وهو ما يُولَد حالةً من الإرهاق الجسدي والنفسية.
وتُعرّف منظمة الصحة العالمية الإرهاق بأنه ظاهرةٌ مهنية، وحالةٌ من الإنهاك الجسدي والعقلي والعاطفي. ويمكن للفرد أن يعاني من الإرهاق عندما يتعرض للتوتر على مدى فترة طويلة، ويشعر أنه لا يملك الموارد الكافية (سواء داخليًا أو خارجيًا) للتعامل معه.
من المفهوم أننا نرغب في ملء نهاية عامنا بالعديد من التوقعات لتجربة العمل الجماعي والاستمتاع؛ ومع ذلك، فهو يعني أيضًا أنه علينا التوفيق بين أشياء متعددة، ويمكن أن يتطلب التعامل معه أكثر من اللازم في نقاط معينة وخلال وقت واحد.
قد تكون هناك عوامل أخرى تساهم أيضًا في تجربة المشاعر الصعبة خلال هذا الوقت. مع اقتراب العام من نهايته، من المعتاد أن نفكر في أهدافنا وقراراتنا التي نعتزم تحقيقها في وقت سابق من العام. إن اجترار الأهداف والمعالم التي ربما فاتتكِ، يمكن أن يثير مشاعر مثل الندم والتعاسة واليأس. وعلاوةً على ذلك، قد تُثار مشاعر القلق عند توقع العام المقبل، خاصةً إذا ما شعرنا أننا سنحمل بعض الأهداف التي لم تتحقق في العام المنصرم.
كما يمكن أن تكون نهاية العام صعبةً من حيث الضغوط المالية؛ مع الالتزامات المالية والدفعات المختلفة، وهو ما قديجلب شعورًا بالوحدة لأولئك الذين يعيشون بمفردهم أو الذين يعانون من صراعات مع أحبائهم. إن تجربة مثل هذه المشاعر الصعبة في وقت مرهق بشكل خاص وبموارد محدودة في نهاية العام، يمكن أن يكون أمرًا مربكًا بالنسبة للبعض منا.
كيفية التخلص من التوتر والضغوط في نهاية العام
مع التأكيد على أنه من الطبيعي تمامًا أن نتعرض للتوتر في حياتنا اليومية خلال نهاية العام؛ خاصةً وأن التوتر يعمل كآلية تساعد على تعزيز الأداء الوظيفي للأفراد وأدائهم، فمن المهم بنفس القدر أن نفهم أن بعض السلوكيات والتجارب المحددة يجب تحديدها كعلامات تحذيرية. وتشمل هذه العلامات، الشعور بالإرهاق الجسدي أو العقلي المستمر؛ تجربة أفكار سلبية؛ الشعور بالإثارة و/أو الإحباط بشأن الأشياء الصغيرة؛ فقدان الحافز للمشاركة في العمل أو الأنشطة المهمة الأخرى؛ العزلة؛ صعوبة النوم؛ فقدان/أو زيادة الشهية بشكل مفاجئ؛ و/أو تأثيرٌ كبير على أدائنا في المهام الهامة.
يمكن أن يساعد تحديد هذه العلامات التحذيرية الأفراد، على فهم أنهم بحاجة للعمل على الضغوطات ذات الصلة، لمنع أنفسهم من التعرض للإرهاق الشديد الذي يمكن أن يكون مُنهكًا؛ خاصة في الوقت الذي يتطلب منهم أن يكونوا فعالين ومُتاحين.
وبما أننا فهمنا سبب وتأثير التوتر والإرهاق في نهاية العام، فمن الضروري أن نستكشف طرقًا لإدارة التوتر خلال هذه الفترة؛ يلخصها بالنقاط الثمانية التالية:
- التخطيط وتحديد الأولويات: قد يكون هناك العديد من المهام والأحداث التي يُتوقع منكِ تنفيذها والمشاركة فيها. إن تخصيص بعض الوقت لسرد مهامكِ/أحداثكِ، سيساعدكِ على تحديد أولوياتها والتخطيط ليومكِ. كما سيساعدك هذا أن تكوني على دراية بما تتطلعين إليه والاستعداد وفقًا لذلك.
- تحديد أهدافٍ واقعية: أعيدي تقييم الأهداف التي حددتها لنفسكِ في نهاية العام، وتأكدي من إمكانية تحقيقها خلال العام الجديد.
- إدارة الوقت: لم يخطئ المثل القائل: الوقت كالسيف، إن تقطعه قطعك.. إن إدارة الوقت بحكمة أمرٌ بالغ الأهمية، خاصةًفي حالكان لديكِ وقتٌ محدد لإكمال مهام متعددة.
- مشاركة المهام: تذكري أنه ليس عليك القيام بكل شيء بمفردكِ، لذا لا تتردي في طلب المساعدة من أصدقائكِ أو عائلتكِ أو زملائكِ، عندما تحتاجين إلى ذلك.
- وضع الحدود: لا ضير منقول "لا" لطلبات معينة؛ إذا كنتِ تشعرين أن الأمر أكثر من اللازم بالنسبة لكِ للقيام به، خصوصًأ مع وجود العديد من المهام أو الأحداث المخطط لها بالفعل في أجندتكِ.
- إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية: قد يكون وجود مهام متعددة للقيام بها أمرًا مرهقًا. لذا تأكدي من تخصيص بعض الوقت لنفسكِ؛ أعطي الأولوية لحصولكِ على نوم جيد، وممارسة النشاط البدني، وتناول الطعام الصحي، وتخصيص الوقت للقيام بشيء تستمتعين به.
- البقاء على اتصال: حاولي الإبقاء على شبكة الدعم الخاصة بكِ، مثل أصدقائكِ وعائلتكِ، مفتوحةً لمشاركة المشاعر والتجارب وأخذ النصائح واستلهام الراحة.
- المساعدة المهنية: إذا كان التوتر يؤثر عليكِ بشكل كبير، لا ضير من التواصل مع معالجين مختصين، للحصول على دعم متخصص في مجال الصحة العقلية.
خلاصة القول.. يمكن أن تكون نهاية وبداية العام تجربةً مثيرة ومليئة بالتحديات. لذا تذكري أنه لا بأس أن لا تكوني بخير بين الحين والآخر. نريد منك فقط أن تعلمي،أنه بإمكانكِ اتخاذ الخطوات اللازمة للعناية بنفسكِ وخاصة التواصل، للحصول على الدعم المهني والمعنوي إذا لزم الأمر.